رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

مساحة إعلانية

مقالات

399

إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم

صدق من قال

07 أغسطس 2025 , 12:32ص

نعم.. لقد أحسن وأجاد وأتى على الواقع الذي نعايشه وهو «من راقب الناس مات هماً»، فما أكثرهم في زماننا رجالاً ونساءً، ليس همهم سوى متابعة أخبار الآخرين، وتتبع عثراتهم، والتلصص عليهم، ومراقبة تحركاتهم، وكأنهم آلة تصوير و-كاميرا هاتف جوال أو كاميرا بيت- تتصيد وترصد ماذا شربوا وماذا أكلوا؟ وماذا اشتروا؟ ولماذا بيتهم هكذا؟ ومن دخل وخرج من عندهم؟ ولماذا تجمع سيارات هنا في هذا المكان وذاك المكان؟ ولماذا لم يسافروا هذا الصيف؟ وأين سافروا ومع من؟ ولماذا غيّر عمله وذهب إلى جهة عمل أخرى؟ ومن أين جاء، ومتى كان مجيئه؟. ومتى دخل هاتفه الجوال؟. ولماذا حضرت هذا الاجتماع ومن كان فيه؟ وما هي نتائج هذا اللقاء؟. إنها أسئلة «من راقب الناس مات هماً» التي لا تكاد تنقطع. وأعظم الخذلان أن يكلك الله تعالى إلى مراقبة أحوال الناس وتتبع ما يأتونه من أعمال. «كلُّ الناسِ يغدو، فبايعٌ نفسه فمُعتقُها، أو مُوبقها».

 لقد كثرت آلات التصوير في مشاهد حياتنا بأيدي غيرنا. أيها المراقب المتصيد... لن تجني من هذا كله سوى الهم وزيادة الفوضى في حياتك وانتكاسة أخلاقية بهذه المراقبة. وكل هذا وغيره دليل واضح على أن هذا القول كان في محله وعين الصواب، في أن الذي يراقب ويهتم بشؤون الناس سوف يصاب بالغم وزيادة في الحزن. إنها فوضى حياة البطالين وتقلبات أمزجتهم! فـــــ «من حُسن إسلام المرءِ تركه ما لا يعنيه». ألا نعي هذا التوجيه النبوي الحكيم ونأتي عليه في مساحات حياتنا ففيه راحة وخير وتوفيق!.

جميل أن نراعي ونحترم حرمات الآخرين، ونلجم تصرفاتنا عن تتبع أخبار من حولنا، وأن نربي أنفسنا عن الدخول في أمور لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد، ولا ترتقي بنا إلى معالي القيم في متابعة أحوال الناس وما يأتونه من أعمال وتصرفات. ولو كان فيه من الفوائد والخير لسبقونا من قبلنا وسارعوا إليه، ولكنهم رحمهم الله عرفوا أنه لا طائلة منه فتركوا وشغلوا أنفسهم بما ينفع، فقد جاء عن عبدالجبار بن النصر السُلمي رحمه الله قال «مَرَّ حسَّان بن أبي سِنان بغُرْفَةٍ، فقال: متى بُنِيَت هذه؟ ثمَّ أَقبل على نفسه، فقال: تَسأَلِينَ عمَّا لا يَعنيكِ، لأُعاقبنَّكِ...».وصدق بشار بن بُرد حين قال «من راقب الناس لم يظفر بحاجته». فـــــ»احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ» فهذا خير لك ولراحة من حولك.

«ومضة»

«من راقب الناس مات هماً». إنها من عجائب وغرائب أهل هذا الزمان!.

مساحة إعلانية