رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"إني لا أعلم شجرة أطول عمراً ولا أطيب ثمراً ولا أقرب مجتنى من كتاب". لم يكن قول الأديب العربي الجاحظ مجرد إطناب، بل جاء يحاكي واقعاً عايشه بين كتب لازمها وأعلام أخذ العلم عنهم في زمانه. يأتي كتاب "خزانة الكتب الجميلة: كيف نقرأ ولماذا؟" القصير يترجم شيئاً من ذاك المعنى، وهو يضم بين دفتيه مجموعة من المقالات تتناول بالبحث والتحليل عدد من الأدباء العالميين، فتعرض جانباً من سيرهم الذاتية بما فيها من أخبار عن أشهر مؤلفاتهم، عاداتهم اليومية، أساليبهم الأدبية، طقوس كتاباتهم، ظروف إبداعاتهم، الكتّاب الذين تأثّروا بهم، الكتّاب الذين أثّروا فيهم، الأثر الذي أحدثوه على الساحة الأدبية، النقد الذي لحق بإصداراتهم، وغيرها الكثير من أمور، إضافة إلى ما توصي به من كتب وروايات متنوعة تم تصنيفها ضمن الأعمال العالمية الخالدة.
وعن مراجعة الكتاب، فتعتمد على الطبعة الأولى الصادرة منه عام 2018 عن (دار كلمات للنشر والتوزيع)، والذي قام باختيار مقالاته وعني بترجمتها (أحمد الزناتي)، وهو مترجم مصري عمل على ترجمة عدد من الأعمال الإنجليزية والألمانية إلى اللغة العربية، إضافة إلى إصداراته الروائية، وقد حصل على عدد من الجوائز الأدبية. ومن جميل ما حملت خزانة الكتب الجميلة، أعرض ما يلي وبما يخدم النص من اقتباسات (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
يختار المترجم ابتداءً الحديث عن الكاتب الأرجنتيني الأصل الكندي الجنسية (ألبرتو مانغويل)، الشغوف أبداً بعالم الأدب والمأخوذ بسحر الكتب.. يجمعها، يقرؤها، يحدّث عنها. فبينما يتأثر في طفولته بقصة (أليس في بلاد العجائب)، يرافقه في شبابه كتاب (التخيلات) لأستاذه لويس بورخيس، حتى يعترف وهو على مشارف السبعين أن (الكوميديا الإلهية) لدانتي هو "الكتاب الجامع" الذي لا يضاهي "عمقه واتساعه وحذاقة مبناه" أي إنتاج أدبي آخر. وهو إذ يتوّج كوميديا دانتي على رأس كل ما قرأ، يخصص المترجم لكتابه (الفضول) نصيب الأسد في مقالة (آلبرتو مانجويل: قراءة في فصول الفضول)، إذ أن مانغويل في تأثره بالكوميديا، أعاد قراءتها بغية فهمها من منظور آخر يعينه على فهم العالم بدرجة أكثر عمقاً، الإعادة التي شكّلت وعياً جديداً بداخله.. فبينما يرحل دانتي نحو الفردوس مستهّلاً بالجحيم متبوعاً بالمطهر، يرحل مانغويل نحو ذاته.. حياته، ذكرياته، فلسفته، وأسئلته الفضولية التي لا تقف عند حد! يختم المترجم المقالة بتحليل شامل يلخّص مسيرة الأديب وعصارة خبرته، في عبارات يسيرة، فيقول: "ترسو مراكب مانجويل بعد رحلته الطويلة على ميناء أخير هو الأدب، فالأدب هو الإجابة النهائية عن كل شيء، ولكنه في الوقت ذاته، الإجابة التي لا تقول الكلمة الأخيرة، بل الإجابة التي تفتح بوابات الأسئلة من جديد في دائرة مغلقة لا تنتهي، فالعالم يمنحنا القرائن التي تسمح لنا بإدراكه، فنرتبها في متوالية سردية تبدو بالنسبة إلينا حقيقية أكثر من الأصل، ونواصل طريقنا مدفوعين بمزيد من الفضول والشغف للحقيقة في رحلة لا تنتهي". ومع فيض الشغف والفضول والحقيقة، يتبلور العالم في نظره إلى تدفق مستمر وعطاء لا ينضب، يقول المترجم فيه: "إنّ العالم موجود من كتاب، وإننا عبارات أو كلمات من حروف كتاب سحري، وإن ذلك الكتاب اللانهائي هو الموجود بحق في هذا العالم، بل هو العالم".
إن القوة تضاهي الموهبة في صنع كاتب رائد! هكذا كان يعتقد الروائي الأمريكي (جون شتاينبك) الحاصل على جائزة نوبل للأدب. لم تكن القوة التي قصدها سوى: الكتابة العظيمة.. الصعود والهبوط.. الجرأة في كتابة الكلمة الأولى.. الرموز المعبّرة بدل الكلمات.. الصلاة عند امتناع الكتابة! لذا، يجد المترجم نفسه مدفوعاً للاقتباس من كتابه (مذكرات رواية)، الذي عرض فيه مجموعة رسائل خطّها لصديقه الناقد والمحرر في دار فايكنج للنشر، وهو يبثّه يوميات عكوفه على تسويد روايته (شرق عدن)، والتي على ما يبدو لم تكن بالأمر الهيّن، حيث انتابته أوقات شعر فيها بقلة الحيلة، وتمنى لو صلى الناس من أجله ومن أجل إتمامها. ينقل المترجم طرفاً من تلك الرسائل في (سجلات عدن: يوميات جون شتاينبك)، وهو يطري الكتابة رغم غموض عالمها: "لا أنكر أنني أعاني دائماً من خوف كتابة السطر الأول من الرواية، لكن أتعلَم شيئاً؟ كم هو رائع ذلك الخوف والسحر والبريق الذي يمس روح الكاتب حيث يضع السطر الأول فوق الورقة، آه.. الكتابة ذلك العمل الغريب الغامض". وعن المهارات التي يجب أن يتقنها كل روائي يطمح للريادة، يقول: "مهمة الروائي أن يصعد ويهبط، أن يوسّع رئة أفكاره، أن يشجع نفسه على الاستمرار في الكتابة". وعن سر اللحظة التي يتدفق فيها الإلهام، يقول: "في اللحظة التي تخترق فيها روح الكتاب عظامك، ستكون قادراً على مواصلة الكتابة، وعندها ستأتي الحبكة وحدها دونما عناء".
وبدوري أقول: إن القراءة فعل خشوع، والكتابة عمل إلهامي.. فبعمق ما يستنشق القارئ روح كل كتاب بعد آخر، تأتي الزفرات عبقة بكل ما ضخّت تلك الكتب في روحه من حياة!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1578
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1509
| 25 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1269
| 25 نوفمبر 2025