رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في إطار سعي القيادة الرشيدة الدائم لدعم البيئة الاستثمارية بالدولة، وإيمانا من المشرع القطري بأهمية القضاء المتخصص كأحد أهم عوامل تحفيز الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال إلى الدولة، لاسيما بعد نجاح تجربة محكمة قطر الدولية في تعزيز مناخ الاستثمار في مركز قطر للمال، فقد أصدر المشرّع القانون رقم 21 لسنة 2021 بإصدار قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة بتاريخ 19 أكتوبر 2021، والذي يتم بموجبه إنشاء محكمة جديدة تُدعى محكمة الاستثمار والتجارة، والتي تختصُّ بالنظر والفصل في دعاوى الاستثمار والتجارة. ووفقا لما نص عليه القانون، سيتم العمل به بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. بيد أن القانون لم يتم نشره حتى تاريخه في الجريدة الرسمية. لذا فإنه من المنتظر أن يتم نشر القانون في الجريدة الرسمية قريبا جدا، ليتم البدء باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والاستعدادات الفنية لإنشاء المحكمة بحيث تكون جاهزة لبدء عملها بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
وبمقتضى أحكام القانون، فسوف تُشكّل محكمة الاستثمار والتجارة الجديدة من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية، كما أنه سوف يكون للمحكمة الجديدة مقر مستقل وموازنة خاصة تلحق بموازنة المجلس الأعلى للقضاء.
وبموجب نص المادة (7) من القانون الجديد، تختص الدائرة الابتدائية بمحكمة الاستثمار والتجارة بالنظر والفصل في كافة المنازعات المتعلقة بالعقود التجارية والدعاوى الناشئة بين التجار، والمنازعات بين الشركاء أو المساهمين بعضهم البعض، أو التي تقع فيما بينهم والشركة بحسب الأحوال، والمنازعات المتعلقة بالأصول التجارية، والمنازعات المتعلقة باستثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي، والمنازعات المتعلقة بالبيوع البحرية، والمنازعات المتعلقة بعمليات البنوك والأوراق التجارية وشركات التأمين وشركات التمويل والاستثمار، والمنازعات المتعلقة بالإفلاس والصلح الواقي منه، والمنازعات المتعلقة ببراءات الاختراع، والعلامات التجارية، والنماذج الصناعية، والأسرار التجارية، وغيرها من حقوق الملكية الفكرية، والمنازعات المتعلقة بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ومكافحة الممارسات الضارة بالمنتجات الوطنية في التجارة الدولية، والمنازعات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، والمنازعات المتعلقة بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقد حرص المشرع القطري في القانون الجديد على إنشاء نظام إلكتروني خاص بالمحكمة، لمواكبة آخر المستجدات الإلكترونية وتسخيرها لخدمة عملية التقاضي اختصارا لأمد التقاضي وتيسيرا لإجراءات الدعوى، حيث ستتمكن المحكمة بواسطة النظام الجديد من إرسال الإخطارات المختلفة المتعلقة بالدعوى إلى الأطراف إلكترونيا. كما سوف يكون بإمكان أطراف الدعوى إيداع وتبادل المذكرات والمستندات وتقارير الخبرة فيما بينهم إلكترونيا ودون الحاجة إلى الإيداع الورقي لتلك المذكرات والمستندات والتقارير في قلم المحكمة.
كما حرص المشرع في القانون الجديد على إنشاء مكتب لإدارة الدعوى، حيث سوف يعمل هذا المكتب على التحقق من استيفاء كافة المستندات اللازمة من المدعي عند إيداع صحيفة الدعوى إلكترونيا، والتحقق من انتهاء تبادل كافة مذكّرات الرد والتعقيب بين الخصوم، بحيث يتم إحالة ملف الدعوى إلكترونيا إلى الدائرة المختصة كاملا ومشتملا على ردود الخصوم وكافة مستندات الدعوى، ليتم الفصل فيها من قبل الدائرة المعنية خلال فترة لا تتجاوز (90) يوما.
ويلاحظ أن القانون الجديد قد اختصر مواعيد الطعن بالاستئناف أمام الدوائر الاستئنافية بالمحكمة بالمقارنة مع مواعيد الطعن بالاستئناف المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1990، حيث قصّر المشرع القطري ميعاد الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الجديدة وجعلها (15) يومًا من تاريخ إعلان ذوي الشأن في الدعاوى العادية، بدلا من (30) كما هو الحال المعمول به أمام محكمة الاستئناف وفقا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية. كذلك جعل المشرع القطري ميعاد الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الجديدة المتعلقة بالمسائل المستعجلة (7) أيام بدلا من (20) كما هو الحال المعمول به أمام محكمة الاستئناف وفقا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وقد نص القانون الجديد كذلك على إنشاء دائرة بمحكمة التمييز تسمى دائرة المنازعات الاستثمارية والتجارية تختص بالفصل في الطعون في الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف بخصوص المنازعات محل اختصاص المحكمة الجديدة، كذلك فقد قصّر المشرع القطري مواعيد الطعن بالتمييز وجعلها (30) يومًا بدلا من (60) كما هو الحال المعمول به أمام دوائر التمييز الأخرى. كذلك فقد أجاز المشرع القطري لدائرة المنازعات الاستثمارية والتجارية بمحكمة التمييز إذا قضت بتمييز الحكم المطعون فيه أن تحكم في موضوع الدعوى تجنبًا لإطالة أمد التقاضي وإحالة الدعوى مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف.
ويلاحظ أن أهم ما يميز القانون الجديد هو حرص المشرع القطري على إنشاء مكتب إدارة الدعوى وهو ما يعرف اصطلاحا بنظام إدارة الدعوى، والنظام الإلكتروني بالمحكمة، لاسيما بعد أن أثبت النظام الإلكتروني لإدارة الدعوى المعمول به في محكمة قطر الدولية نجاعته وفاعليته في محكمة قطر الدولية في كيفية التعامل مع الدعاوى والمنازعات على نحو يحقق العدالة الناجزة وتسريع وصول الحقوق لأصحابها.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع القطري قد أصدر مؤخرا القانون رقم 15 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون المناطق الحرة، ضمن حزمة التشريعات الداعمة للاستثمار في دولة قطر، وذلك لإدراج كافة المنازعات والمسائل التي تقع في المناطق الحرة بالدولة ضمن الاختصاص القضائي لمحكمة قطر الدولية، وذلك دعما للبيئة الاستثمارية في المناطق الحرة واستقطاب المزيد من الشركات الدولية للتأسيس فيها.
وفي الختام، نرى بأن التوجه لإنشاء المحاكم المتخصصة في الدولة مثل محكمة الاستثمار والتجارة، ومحكمة قطر الدولية، ما هو إلا دليل على الرغبة القوية لدى المشرع القطري في أن تلعب تلك المحاكم دورا رئيسيا في المساهمة في دعم وتحفيز مناخ الاستثمار في دولة قطر.
ولنجاح هذه الخطوة في تفعيل القضاء المتخصص، كان لابد من استحداث آليات قضائية إجرائية حديثة، تتناسب مع الطبيعة الخاصة للمنازعات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية التي تختص بنظرها تلك المحاكم.
تحولت الطائرات المُسيرة بالريموت كنترول من لعبة صغيرة بريئة يلهو بها الأطفال ويستمتعون بها وهي تطير من مكان... اقرأ المزيد
156
| 07 أكتوبر 2025
من أسمى الإدراكات التي يمكن أن يبلغها امرؤ في يوم ما، أن يُدرك أن الاستغناء سيادةٌ تتجلّى حين... اقرأ المزيد
270
| 07 أكتوبر 2025
تقول مرآة السيارة: الأجسام المرئية على المرآة ليست على المسافات أو من الأبعاد الحقيقية.. كما هو الحال مع... اقرأ المزيد
147
| 07 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5253
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
2487
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
2067
| 05 أكتوبر 2025