رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شهدت أسعار الذهب والمعادن النادرة وغيرها من السلع ارتفاعًا حادًا في ظل تزايد الديون الحكومية وتراجع القيمة طويلة الأمد للعملات الورقية. لذا، يثير ثبات أسعار النفط العالمية وعدم ارتفاعها بالمستوى نفسه تساؤلات تستحق التوقف عندها.
وقبل شهر أكتوبر، تَراوح سعر خام برنت بين 60 و75 دولارًا للبرميل في معظم فترات العام. غير أن الأسعار شهدت ارتفاعًا حادًا بعد 22 أكتوبر عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض عقوبات على شركتي النفط الروسيتين العملاقتين «روسنفت» و»لوك أويل»، إلى جانب 34 شركة تابعة لهما، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على نظام الرئيس فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا. وقد دُعمت هذه العقوبات بإجراءات ثانوية إضافية، علمًا أن الشركتين تنتجان مجتمعتين نحو 5 ملايين برميل يوميًا، أي ما يقارب نصف إنتاج روسيا من النفط.
ومنذ شهر أبريل، بدأت مجموعة «أوبك+»، التي تضم منظمة الدول المصدّرة للنفط وحلفاءها ومن بينهم روسيا، في زيادة مستويات الإنتاج. وفي شهر أغسطس، أكدت الوكالة الدولية للطاقة أن فائض الطاقة الإنتاجية لمجموعة «أوبك+» بلغ حوالي 4.1 مليون برميل يوميًا، وأن السعودية والإمارات تمتلكان الجزء الأكبر منه. وبعد وقت قصير من إعلان العقوبات على شركتي «روسنفت» و»لوك أويل»، توقّعت الوكالة حدوث فائض في المعروض يصل إلى 3.2 مليون برميل يوميًا بين أكتوبر 2025 ويونيو 2026.
ومنذ منتصف عام 2025، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهند إلى خفض وارداتها من النفط الروسي في مسعى منه لممارسة الضغط على الرئيس بوتين خلال محادثات السلام. وفي أغسطس، رفع ترامب الرسوم الجمركية المفروضة على الهند إلى 50%. ومن المرجح أن تؤثر العقوبات الثانوية التي أعقبت إعلانه في 22 أكتوبر بشكل كبير على الهند والصين، إذ تواجه أي بنوك تجري مدفوعات للشركتين الروسيتين خطر الانفصال عن النظام المالي الأمريكي. كما تواجه شركات النفط الكبرى خطر فقدان إمكانية الوصول إلى خدمات التأمين والشحن الغربية.
وهناك طرق للالتفاف على العقوبات، حيث تستورد بعض المصافي في الهند والصين النفط الروسي عبر وسطاء من أطراف ثالثة أو رابعة، وبالتالي لا تتأثر مباشرةً بالعقوبات. كما يصعب كشف الإمدادات عبر خطوط الأنابيب مقارنةً بشحنات السفن.
لذا، يُتوقع أن يشهد سعر النفط ارتفاعًا معتدلًا في الوقت الحالي، مع مستقبل غامض. فقد يؤدي تشديد تطبيق العقوبات إلى ارتفاع الأسعار، لكن قد يصعب على الدول الغربية الاستمرار في سياسة صارمة بهذا الشكل، نظرًا لتأثيرها على التضخم المحلي.
ويبلغ الطلب العالمي على النفط حوالي 83 مليون برميل يوميًا، مرتفعًا من نحو 81 مليون برميل قبل عامين. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يصل الطلب على النفط إلى ذروته بحلول نهاية هذا العقد مع تزايد حصة مصادر الطاقة المتجددة في السوق. إلا أن هذه التوقعات قد تتأثر بشكل كبير بتغيرات طفيفة نسبيًا في عوامل مثل النمو الاقتصادي العالمي ومعدل اعتماد السيارات الكهربائية.
وقد شهد الاستثمار في استخراج النفط وتكريره تراجعًا خلال السنوات الأخيرة، وقد يكون الطلب أقل تقديرًا مما هو عليه فعليًا. وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى ضرورة زيادة الاستثمارات في القطاع، إذ أصبح الإنتاج أكثر اعتمادًا على النفط الصخري الذي يتطلب حفر آبار جديدة باستمرار للحفاظ على مستويات الإمداد.
ومن المرجح أن يظل الطلب على الطاقة مرتفعًا لسنوات عديدة قادمة. ويُعدُّ تزايد استهلاك الطاقة نتيجة الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي أحد العوامل الرئيسية لحدوث ذلك، حيث تستثمر شركات التكنولوجيا الكبرى في زيادة هائلة لسعة مراكز البيانات.
لهذا، استقرار أسعار النفط في عالمٍ ترتفع فيه الأسعار ليس دليلاً على الاستقرار، بل علامة على السيطرة. فبينما ارتفع الذهب والمعادن الأخرى خوفاً من تراجع قيمة العملات الورقية، ظل النفط مقيّداً بعوامل سياسية. واشنطن تريد أسعاراً منخفضة للحد من التضخم، والرياض تسعى للحفاظ على حصتها السوقية، وموسكو تحتاج إلى تدفّق نقدي أكثر من حاجتها إلى مواجهة. والنتيجة توازن هشّ حلّت فيه السياسات محلّ قوى السوق الحقيقية. لكن هذا الهدوء لن يدوم طويلاً؛ فإذا تشددت العقوبات أو استمر تراجع الاستثمارات، قد يكون عام 2026 هو اللحظة التي تعود فيها العوامل الاقتصادية الحقيقية لقيادة المشهد، ويستعيد النفط مكانته كأهم سلعة إستراتيجية في العالم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @Fahadbadar
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12600
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2463
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1770
| 21 نوفمبر 2025