رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عادل الحواتمة

أستاذ العلاقات الدولية، جامعة لوسيل

مساحة إعلانية

مقالات

621

د. عادل الحواتمة

من حوّل القضية الفلسطينية إلى حملة للتعاطف مع غزّة؟ (1/4)

06 يناير 2025 , 02:00ص

ليس بمقدور هذا المقال وحده أن يجيب بالتفصيل على هذا السؤال؛ نظرًا لتعقيدات العوامل والبيئات والفواعل وغيرها من المتغيرات والتي لعبت أدوارًا مختلفة أسهمت في تشكيل الحالة الراهنة، ولاعتبارات التفاصيل المُزدحمة حول الموضوع، سيتم تناوله من خلال سلسلة مقالات تُغطي أبرز المحطات التاريخية والأحداث السياسيّة، والتي إلى حد ما أفقدت القضية الفلسطينية زخم الاهتمام. لذا ستكون مهمة المقالات جمع بعض من الأفكار والأحداث وعوامل التمكين والتقويض، ووضعها في سياقات؛ علّها تقدم مُساهمات تساعد في فهم أفضل للحالة، وبالتالي قدرة وثقة أكبر في تبني إجابات صالحة، أو مقبولة بشكل واسع، على الأقل.

هذا المقال سيشير بشكل سريع إلى أبرز المحطات في المراحل الأولى لبروز القضية الفلسطينية في الاهتمام الدولي، وحتى عام 1974 تاريخ اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، فيما سيتناول المقال الثاني المستجدات بعد اتفاقية كامب ديفيد 1979 وحتى مبادرة السلام العربية 2002، ثُم لاحقًا، سيتم التركيز في المقال الثالث على مرحلة غزو العراق وأفغانستان في 2003 وحتى التغيير اللافت لبعض الحُكّام والأنظمة العربية 2014 نتيجة الربيع العربي. وفي المقال الأخير سنختم هذه السلسلة من خلال استعراض عودة الجمهوريين للسلطة في الولايات المتحدة 2017 وحتى الأحداث المُستمرة للهجوم البربري الصهيوني على غزة من حيث أدوار الدبلوماسية العربية وخصوصًا القطرية، والانقسام الفلسطيني، والمنظمات الدولية، والإقليمية كالجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي.

لقد اكتسبت القضية الفلسطينية زخمًا كبيرًا عندما بدأت كقضية دينية أيدولوجية بين السلطان عبدالحميد الثاني والوفد اليهودي بقيادة ثيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، والذي عرض على السلطان سداد ديون الدولة العثمانية 1901، ومحاولة رشوته بخمسة ملايين ليرة ذهبية، من أجل تمكين اليهود والسماح لهم بالهجرة والتملك بفلسطين، ولقد كان الرد حازمًا من السلطان بطرده، وإعلان مقولته الشهيرة «لليهود قوة في أوروبا أكثر من قوتهم في الشرق… لذلك علينا أن نقف في وجه فكرة توطين المهاجرين في فلسطين» ولقد صدرت قرارات سلطانية بوقت مبكر لتهجير اليهود الذين قدموا لفلسطين وبقوا فيها إلى الولايات المتحدة.

كانت اتفاقية سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور1917 تعبيرًا حقيقيًا عن توجهات السياسة البريطانية نحو دعم إنشاء كيان سياسي لليهود، وذلك لتحقيق جملة أهداف منها: الحاجة إلى المال اليهودي للمساهمة في الجهد العسكري البريطاني في الحرب، وتشجيع اليهود على القتال إلى جانب بريطانيا، والرغبة بأن يؤثر اللوبي الصهيوني على الحكومة الروسية الجديدة بدخول الحرب لجانب بريطانيا بعد الثورة البلشفية 1917، ولعّل أهمها هو التخلص من اليهود في أوروبا، على الرغم من مراسلات الحسين – مكماهون ضمن سياقات الثورة العربية الكبرى 1916 ذات الاتصال بإقامة دولة عربية موحدة تكون فلسطين جزءًا منها نظير وقوف الشريف الحسين بن علي إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى.  بعد نهاية الحرب، وخسارة الدولة العثمانية للكثير من الأراضي، وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني. وهذه كانت مرحلة مفصلية في تاريخ فلسطين الحديث: فمن جهة سهّلت بريطانيا الوجود اليهودي وكاثرته في ظل معاناة باقي الأمصار العربية الظرف ذاته بين الاستعمار والوصاية قبل أن تقوم لاحقًا بأدوار متفاوتة في حفظ الحق العربي والإسلامي الفلسطيني. لقد أخذت هذه الفترة منحًى خطيرًا في تنامي الخطر الصهيوني على الأرض الفلسطينية، والذي بدأ بإعداد الظروف الملائمة لتأطير البعد العقائدي ببُعدٍ سياسيًّ من خلال تشكيل كيان سياسي صهيوني. يُمكن ملاحظة أن هذه التراكمات أنتجت بيئة خصبة لنمو العصابات الصهيونية: كالهاغانا و شترن والأرجون والبلماخ وغيرها، والتي شكلت لاحقًا جيش الدفاع الصهيوني. في هذه الأثناء كان الوعي العربي والفلسطيني بشكل خاص ينضج بشكل يتناسب مع التحديات الجديدة، فكانت الثورة الفلسطينية الكُبرى 1936 إحدى وأهم محطات النضال الفلسطيني المُبكر بشكل جماعي ومؤثر.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهبوب رياح التحرر للدول المستعمرَة، بدأت الكيانات العربية بالظهور، في هذه الاثناء تعاظمت القوة الصهيونية سواءً من ناحية القوة المُسلّحة أو انتشار «المشروم الديموغرافي» نتيجة تشجيع الهجرة اليهودية بغطاء دولي بريطاني. وفي المقابل، برز نَفسٌ قوميٌ يطالب بإخراج اليهود من فلسطين أوادماجهم تحت الحكم الفلسطيني من خلال تمكين قيام دولة فلسطينية مستقلة بعد رغبة بريطانيا في مغادرة فلسطين. كان تأسيس الجامعة العربية 1945 والأمم المتحدة بالعام ذاته، وصدور قرار تقسيم فلسطين 1947، وإعلان دولة الكيان، وحرب عام 1948، احداثًا فاصلة في بداية عهد جديد للقضية الفلسطينية اتسم بمأسسة معاناة فلسطين بين دعم غربي لا محدود للكيان الجديد، ودعم عربي محدود للمصير الفلسطيني بسبب شُح الموارد والسلاح، وأحيانًا قليلة بسبب فقدان شهية القتال.

 لقد كان لوحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية مع الأردن 1950 دورٌ في زيادة الاهتمام بالقضية، ومحاولة المحافظة على ما تبقى من فلسطين بعد احتلال إسرائيل للكثير من الأراضي 1948؛ العدوان الثلاثي على مصر 1956، كان أيضًا مرتبطًا بمواقف جمال عبد الناصر تجاه فلسطين، والذي سبقه إغلاق مضيق تيران بوجه الملاحة الإسرائيلية 1955، إلا أن نكسة عام 1967 ونتائجها كان لها وقع أليم؛ ضاعف من تعقيد القضية نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية ونشر فيروس الاستيطان على الرغم من القرار الدولي 242 ؛ كما أن نشوء منظمة التحرير الفلسطينية 1964 والصدامات مع النظام الأردني لاحقًا؛ وانعقاد قمة «اللاءات الثلاث» 1967، وحرب أكتوبر 1973، واستخدام العقوبات الاقتصادية ضد الدول الغربية من خلال حظر النفط العربي 1973 كلها نتاجات لزرع هذا الكيان السّام في خاصرة المنطقة العربية وتعبيرًا عن عمق الارتباط العربي بالقضية.

يُمكن القول إن العام 1974 – اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية كمُمثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني – شكّل منعطفًا حادًا في اتجاه القضية الفلسطينية، فمن ناحية أبرزَ الشخصية الوطنية الفلسطينية، وهذا جيد، إلا أنه من ناحية أخرى، أفقدها حواضنها الكبرى العربية والإسلامية، لتتراجع قليلًا ويكون دعمها محدودًا وبشكل غير مُباشر؛ لصعوبة التمثيل في ظل الوجود الفلسطيني وهذا للأسف قد يكون أحد أسباب كامب ديفيد 1979، والتي تراجع الاهتمام بفلسطين في أجندتها بعد أن كانت قضية مركزية لبعض الأنظمة العربية. وعلى الرغم من ذلك، ففي هذه المرحلة كان الدفاع عن القضية الفلسطينية في أوجه حيث كانت همًا عربيًا وإسلاميًا، وكان الحديث بالمجمل عن فلسطين ككيان وكلمة جامعة للتراب والشعب الفلسطيني... يتبع في المقال اللاحق (2/4).

 

اقرأ المزيد

alsharq قمة «وايز».. الإنسان أولا

جاء افتتاح النسخة الثانية عشرة من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز»، بحضور صاحبة السمو الشيخة موزا... اقرأ المزيد

150

| 25 نوفمبر 2025

alsharq اتساقات الحياة!

ثمّة لحظات يقف فيها الإنسان أمام مرآة روحه الداخلية، يزن فيها ما يليق بها وما ينبغي أن تبعده... اقرأ المزيد

165

| 25 نوفمبر 2025

alsharq شيء من الخوف!

الخوف؟ ما أدراك ما الخوف؟ على مدى عقود طويلة بعد الحرب العالمية الثانية ظل تعبير «سباق التسلح» يُقلق... اقرأ المزيد

210

| 25 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية