رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ليس بمقدور هذا المقال وحده أن يجيب بالتفصيل على هذا السؤال؛ نظرًا لتعقيدات العوامل والبيئات والفواعل وغيرها من المتغيرات والتي لعبت أدوارًا مختلفة أسهمت في تشكيل الحالة الراهنة، ولاعتبارات التفاصيل المُزدحمة حول الموضوع، سيتم تناوله من خلال سلسلة مقالات تُغطي أبرز المحطات التاريخية والأحداث السياسيّة، والتي إلى حد ما أفقدت القضية الفلسطينية زخم الاهتمام. لذا ستكون مهمة المقالات جمع بعض من الأفكار والأحداث وعوامل التمكين والتقويض، ووضعها في سياقات؛ علّها تقدم مُساهمات تساعد في فهم أفضل للحالة، وبالتالي قدرة وثقة أكبر في تبني إجابات صالحة، أو مقبولة بشكل واسع، على الأقل.
هذا المقال سيشير بشكل سريع إلى أبرز المحطات في المراحل الأولى لبروز القضية الفلسطينية في الاهتمام الدولي، وحتى عام 1974 تاريخ اعتماد منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، فيما سيتناول المقال الثاني المستجدات بعد اتفاقية كامب ديفيد 1979 وحتى مبادرة السلام العربية 2002، ثُم لاحقًا، سيتم التركيز في المقال الثالث على مرحلة غزو العراق وأفغانستان في 2003 وحتى التغيير اللافت لبعض الحُكّام والأنظمة العربية 2014 نتيجة الربيع العربي. وفي المقال الأخير سنختم هذه السلسلة من خلال استعراض عودة الجمهوريين للسلطة في الولايات المتحدة 2017 وحتى الأحداث المُستمرة للهجوم البربري الصهيوني على غزة من حيث أدوار الدبلوماسية العربية وخصوصًا القطرية، والانقسام الفلسطيني، والمنظمات الدولية، والإقليمية كالجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي.
لقد اكتسبت القضية الفلسطينية زخمًا كبيرًا عندما بدأت كقضية دينية أيدولوجية بين السلطان عبدالحميد الثاني والوفد اليهودي بقيادة ثيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، والذي عرض على السلطان سداد ديون الدولة العثمانية 1901، ومحاولة رشوته بخمسة ملايين ليرة ذهبية، من أجل تمكين اليهود والسماح لهم بالهجرة والتملك بفلسطين، ولقد كان الرد حازمًا من السلطان بطرده، وإعلان مقولته الشهيرة «لليهود قوة في أوروبا أكثر من قوتهم في الشرق… لذلك علينا أن نقف في وجه فكرة توطين المهاجرين في فلسطين» ولقد صدرت قرارات سلطانية بوقت مبكر لتهجير اليهود الذين قدموا لفلسطين وبقوا فيها إلى الولايات المتحدة.
كانت اتفاقية سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور1917 تعبيرًا حقيقيًا عن توجهات السياسة البريطانية نحو دعم إنشاء كيان سياسي لليهود، وذلك لتحقيق جملة أهداف منها: الحاجة إلى المال اليهودي للمساهمة في الجهد العسكري البريطاني في الحرب، وتشجيع اليهود على القتال إلى جانب بريطانيا، والرغبة بأن يؤثر اللوبي الصهيوني على الحكومة الروسية الجديدة بدخول الحرب لجانب بريطانيا بعد الثورة البلشفية 1917، ولعّل أهمها هو التخلص من اليهود في أوروبا، على الرغم من مراسلات الحسين – مكماهون ضمن سياقات الثورة العربية الكبرى 1916 ذات الاتصال بإقامة دولة عربية موحدة تكون فلسطين جزءًا منها نظير وقوف الشريف الحسين بن علي إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى. بعد نهاية الحرب، وخسارة الدولة العثمانية للكثير من الأراضي، وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني. وهذه كانت مرحلة مفصلية في تاريخ فلسطين الحديث: فمن جهة سهّلت بريطانيا الوجود اليهودي وكاثرته في ظل معاناة باقي الأمصار العربية الظرف ذاته بين الاستعمار والوصاية قبل أن تقوم لاحقًا بأدوار متفاوتة في حفظ الحق العربي والإسلامي الفلسطيني. لقد أخذت هذه الفترة منحًى خطيرًا في تنامي الخطر الصهيوني على الأرض الفلسطينية، والذي بدأ بإعداد الظروف الملائمة لتأطير البعد العقائدي ببُعدٍ سياسيًّ من خلال تشكيل كيان سياسي صهيوني. يُمكن ملاحظة أن هذه التراكمات أنتجت بيئة خصبة لنمو العصابات الصهيونية: كالهاغانا و شترن والأرجون والبلماخ وغيرها، والتي شكلت لاحقًا جيش الدفاع الصهيوني. في هذه الأثناء كان الوعي العربي والفلسطيني بشكل خاص ينضج بشكل يتناسب مع التحديات الجديدة، فكانت الثورة الفلسطينية الكُبرى 1936 إحدى وأهم محطات النضال الفلسطيني المُبكر بشكل جماعي ومؤثر.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهبوب رياح التحرر للدول المستعمرَة، بدأت الكيانات العربية بالظهور، في هذه الاثناء تعاظمت القوة الصهيونية سواءً من ناحية القوة المُسلّحة أو انتشار «المشروم الديموغرافي» نتيجة تشجيع الهجرة اليهودية بغطاء دولي بريطاني. وفي المقابل، برز نَفسٌ قوميٌ يطالب بإخراج اليهود من فلسطين أوادماجهم تحت الحكم الفلسطيني من خلال تمكين قيام دولة فلسطينية مستقلة بعد رغبة بريطانيا في مغادرة فلسطين. كان تأسيس الجامعة العربية 1945 والأمم المتحدة بالعام ذاته، وصدور قرار تقسيم فلسطين 1947، وإعلان دولة الكيان، وحرب عام 1948، احداثًا فاصلة في بداية عهد جديد للقضية الفلسطينية اتسم بمأسسة معاناة فلسطين بين دعم غربي لا محدود للكيان الجديد، ودعم عربي محدود للمصير الفلسطيني بسبب شُح الموارد والسلاح، وأحيانًا قليلة بسبب فقدان شهية القتال.
لقد كان لوحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية مع الأردن 1950 دورٌ في زيادة الاهتمام بالقضية، ومحاولة المحافظة على ما تبقى من فلسطين بعد احتلال إسرائيل للكثير من الأراضي 1948؛ العدوان الثلاثي على مصر 1956، كان أيضًا مرتبطًا بمواقف جمال عبد الناصر تجاه فلسطين، والذي سبقه إغلاق مضيق تيران بوجه الملاحة الإسرائيلية 1955، إلا أن نكسة عام 1967 ونتائجها كان لها وقع أليم؛ ضاعف من تعقيد القضية نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية ونشر فيروس الاستيطان على الرغم من القرار الدولي 242 ؛ كما أن نشوء منظمة التحرير الفلسطينية 1964 والصدامات مع النظام الأردني لاحقًا؛ وانعقاد قمة «اللاءات الثلاث» 1967، وحرب أكتوبر 1973، واستخدام العقوبات الاقتصادية ضد الدول الغربية من خلال حظر النفط العربي 1973 كلها نتاجات لزرع هذا الكيان السّام في خاصرة المنطقة العربية وتعبيرًا عن عمق الارتباط العربي بالقضية.
يُمكن القول إن العام 1974 – اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية كمُمثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني – شكّل منعطفًا حادًا في اتجاه القضية الفلسطينية، فمن ناحية أبرزَ الشخصية الوطنية الفلسطينية، وهذا جيد، إلا أنه من ناحية أخرى، أفقدها حواضنها الكبرى العربية والإسلامية، لتتراجع قليلًا ويكون دعمها محدودًا وبشكل غير مُباشر؛ لصعوبة التمثيل في ظل الوجود الفلسطيني وهذا للأسف قد يكون أحد أسباب كامب ديفيد 1979، والتي تراجع الاهتمام بفلسطين في أجندتها بعد أن كانت قضية مركزية لبعض الأنظمة العربية. وعلى الرغم من ذلك، ففي هذه المرحلة كان الدفاع عن القضية الفلسطينية في أوجه حيث كانت همًا عربيًا وإسلاميًا، وكان الحديث بالمجمل عن فلسطين ككيان وكلمة جامعة للتراب والشعب الفلسطيني... يتبع في المقال اللاحق (2/4).
قمة «وايز».. الإنسان أولا
جاء افتتاح النسخة الثانية عشرة من مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم «وايز»، بحضور صاحبة السمو الشيخة موزا... اقرأ المزيد
150
| 25 نوفمبر 2025
اتساقات الحياة!
ثمّة لحظات يقف فيها الإنسان أمام مرآة روحه الداخلية، يزن فيها ما يليق بها وما ينبغي أن تبعده... اقرأ المزيد
165
| 25 نوفمبر 2025
شيء من الخوف!
الخوف؟ ما أدراك ما الخوف؟ على مدى عقود طويلة بعد الحرب العالمية الثانية ظل تعبير «سباق التسلح» يُقلق... اقرأ المزيد
210
| 25 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13608
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1797
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1173
| 20 نوفمبر 2025