رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
منذ ثورة 14 يناير 2011، ظلت تونس تبحث عن قوة سياسية قادرة على أن تكون رافعة لمطالب أجيال من التونسيين، في الحريات والديمقراطية، وحماية القرار الوطني السيادي..
جرّب رموز النظام القديم بعيد أيام من هروب الرئيس المخلوع، وعقد التونسيون الأمل في الإسلاميين الذين قادوا ائتلافا حاكما لمدة عامين أو تزيد في أعقاب أول انتخابات ديمقراطية وشفافة في التاريخ السياسي للبلاد، وامتحنوا المعارضات بكافة أطيافها، ولكن هذه المكونات جميعها، لم تنجح في تقديم أجوبة جديدة لمشكلات قديمة، ناجمة عن فشل "دولة الاستقلال"، فشلا ذريعا..
نخبة تجترّ القديم
لم يعرف المناخ السياسي التونسي طيلة السنوات الأربع الماضية، بروز فكر سياسي جديد، أو مقاربات مختلفة للقضايا والمشكلات الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية.. ظلت الأحزاب والتيارات وقادة الفكر والمشتغلون على السياسة، يعيدون إنتاج الطروحات القديمة التي كانوا يستخدمونها في معارضة النظام المخلوع.. هذا فضلا عن استعادة معارك أيديولوجية وثقافية، موروثة من المرحلة الطلابية، ومن فترة بواكير العمل السياسي التعددي في تونس خلال ثمانينيات القرن المنقضي..
ظلت النخب التونسية، سجينة رؤاها التاريخية، وحبيسة النموذج الفرنسي، فكرا وأفقا سياسيا، فيما المشهد السياسي العالمي، يعيش تجارب ومسارات ومخاضات ثرية ومغرية، في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية تحديدا، تجارب باتت عناوين نجاح في السياسة والتنظيم الحزبي والخيارات التنموية وغيرها..
لم تقدر هذه النخب على تجاوز فكرها "السلفي"، أكان إسلاميا أو ماركسيا أو عروبيا ـ قوميا، فيما الأحزاب والنخب من حولها استطاعت أن تضع أقدامها على أرض جديدة، مستفيدة من هذه “الطفرات” أو “الفتوحات” كما يصفها البعض، على مستوى الفكر والثقافة السياسية وتجارب الحكم والمعارضة..
الإبداع الوحيد الذي استطاعت هذه النخب تقديمه، بل “فرضه” على التونسيين، هو فكرة التسوية مع النظام القديم، التي تكاد تعصف بمنجز الثورة، ومكسب الحريات.. وبات المشهد السياسي مرتهنا لأحد أمرين: إما التسوية، وإما الجحيم، كما يريد البعض إقناع التونسيين.. وتدحرج الخطاب السياسي للنخب بهذا الاتجاه، من مداخل مختلفة، هي في النهاية، أشبه بالمجاري التي تصبّ في واد واحد..
أصوات مختلفة.. لكن قليلة.
في هذا الخضم، كانت بعض الأطراف القليلة والمحدودة، تشير إلى ما تصفه بـ “الانحراف” عن مسار الثورة واستحقاقاتها، وإلى خطورة “التطبيع” مع النظام القديم..
أبرز هذه الأصوات وأعلاها وأكثرها وضوحا، من حيث الطرح والمضمون، الرئيس السابق، الدكتور المنصف المرزوقي، الذي كان يحذّر، وهو على رأس السلطة، من عودة “السيستام” القديم، كما يسميه..
ذات الرجل، يبعث اليوم ببصيص أمل في مشهد تونسي أشدّ غموضا والتباسا وضيق أفق، من كل المراحل التي أعقبت الثورة..
"حراك شعب المواطنين"، هو هذا العنوان / البصيص الذي بات قسم من النخبة ينظر إليه بكثير من التفاؤل لتدشين مكوّن جديد قادر على استثمار حالة “الترهل السياسي”، وإنبات بذرة فكر جديد، تبدو البلاد في أمسّ الحاجة إليه..
كان المرزوقي أطلق هذا “الحراك”، فجر الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية، مستثمرا لحظة التفاف شعبي واسع من حوله، قدر بنحو مليون و300 ألف ناخب، وووجهت دعوته في تلك الفترة بانتقادات شديدة، وبنوع من “التتفيه”، فاختار الرجل العمل في صمت طيلة الأشهر الماضية، ولم يظهر في المشهد السياسي إلا نهاية الأسبوع المنقضي في اجتماع ضخم بالعاصمة، ضم مؤيديه والباحثين عن عنوان جديد في الوضع التونسي الراهن..
مفاتيح “الحراك”..
انتقد المرزوقي مرحلة حكمه، واعتذر عن بعض الأخطاء وسوء الخيارات، وأعرب عن ندمه لعدم استقالته من رئاسة الجمهورية في فترة ما، في نوع من "الأخلاقية السياسة" المفقودة تماما في أوساط الطبقة السياسية التونسية..
لكنه في مقابل ذلك، تمسك بمواقفه المتعلقة بالقطيعة الدبلوماسية مع النظام السوري، الذي وصفه بـ "السفاح"، وطالب مجددا بإطلاق سراح الرئيس المصري، محمد مرسي، وأشار إلى القضية الفلسطينية المنسية في الخطاب السياسي التونسي الراهن، واعتبرها قلب الرحى في قضايا التحرر في الوطن العربي، وحيا غزة التي وصفها بـ “الصامدة والمجاهدة”..
واعتبر أن تونس تحتاج إلى "وحدة وطنية حقيقية"، و "استقلال قرارها السيادي"، مشددا على ضرورة "صيانة الحقوق والحريات" و "التصدي لعودة الاستبداد" الذي اعتبره بوابة الإرهاب ومصدر تفريخه..
صحيح أن المرزوقي نفى أن يكون الحراك "مجرد حزب بالمعنى المتعارف عليه"، وأنه يتجاوز ذلك أفقيا نحو الاجتماعي (استلهاما لفكر اليسار الاجتماعي)، والثقافي الهووي (التحاما بجموع الإسلاميين الغاضبين من مواقف حركة النهضة)، أو العروبيين وحتى المستقيلين ممن ضاقت بهم الأحزاب بما رحبت.. لكن ذلك لا يلغي جملة الاستفهامات التي يطرحها المتابعون للحراك وأهله، أبرزها:
هل يكون “حراك شعب المواطنين” رقما مهما في معادلة المشهد السياسي الجديد؟ وهل يظهر في شكل جبهة سياسية بعنوان ثقافي جمعياتي؟ أم يتجه إلى بناء حزب كبير على شاكلة الأحزاب في أمريكا اللاتينية التي تمثل مصدر إلهام للمرزوقي وثلة من “المثقفين الجدد” المنبهرين بالرئيس الفنزويلي الراحل، هوغو شافيز، وحزبه الذي استطاع التوليف بين المسيحية والاشتراكية والديمقراطية، وبات أنموذجا بين التجارب السياسية العالمية؟.
لا أحد بإمكانه الإجابة على هذه الأسئلة في الوقت الراهن، بما في ذلك الذين هم صلب الحراك، لكن يحسب للمرزوقي أنه بدأ مسارا جديدا، ربما كان مختلفا عن مكونات المشهد السياسي برمته، وربما كان تكرارا مملا لها..
المهم أن هذا “الحراك” بدأ يقض مضاجع الكثيرين، في الحكم كما في المعارضة، وهذا معناه أن الخطوة في التوقيت الصحيح ـ على الأقل ـ أما ضخ دماء جديدة في شرايين المشهد السياسي، فيبقى رهن مبادرات المرزوقي ورفاقه الجدد..
أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، القانون رقم (22) لسنة 2025... اقرأ المزيد
75
| 08 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة التنمية، بل كان دائماً هو الأصل والجوهر، فهو الخليفة في... اقرأ المزيد
123
| 08 أكتوبر 2025
بعد عامين تنفست غزة فيها الصعداء مع الاعلان الأمريكي عن اتفاق بين حماس واسرائيل، ليكسر دوامة الحرب التي... اقرأ المزيد
96
| 08 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5298
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
3789
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
3381
| 05 أكتوبر 2025