رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لسنوات طويلة كانت فئة كبيرة من المجتمع تطالب بإقامة الفعاليات الترفيهية والفنية وتنشيط السياحة أسوة ببعض الدول، وكان الكثير يتذمر لعدم وجود فعاليات ولا أماكن ترفيهية في الدوحة لقضاء العطلة الأسبوعية أو حتى العطل المدرسية وكانت المنتديات الإلكترونية تضج بالمطالبة بالفعاليات الجاذبة للسياحة، ومع التقّدم الملموس الذي حققته قطر خلال سنوات من العمل والاجتهاد على جميع الأصعدة سواء بُنية تحتية أو مرافق عامة ومراكز التسوق والمنتجعات والاماكن الترفيهية والسياحية والفعاليات الرياضية العالمية أصبحت قبلة للسياحة، ونحمدالله على هذا التطور والانفتاح الثقافي الذي تعيشه البلاد، وكم أشعر بالفخر عندما أتردد على أحد الأماكن السياحية في الدوحة وأجد زحمة السّياح الخليجيين والعرب والأجانب وتظهر ملامح الارتياح وهم في قطر وإذا ما دار حديث بينك وبين أحدهم عَبّر عن مشاعره تجاه قطر والأمان والراحة التي يشعر بها ولطف الشعب القطري، ولا يتردد في إبداء رغبته في العيش فيها، وبالتأكيد أن وجود السّياح يعود بالنفع إقتصادياً على البلد ناهيك عن ارتفاع قيمتها السياحية عالمياً مما يعود بالفائدة عليها في جميع القطاعات خاصة الاستثمارية، ولتنشيط السياحة وجذب السّياح لابد من من تَنّوع في إقامة الفعاليات لتغطي كل المجالات الثقافية، الفنية، الرياضية، التكنولوجية، التجارية، وغيرها من المجالات التي لها اهتمامات من الجمهور سواء المحلي أو الخارجي، ونجد نشاطاً ملحوظاً من قطر للسياحة تزامن مع كأس العالم 2022 واستمر إلى وقتنا الحالي بأجندة للفعاليات المتنوعة والتي تُلبي جميع الأذواق والاهتمامات والمُطّلع على فعاليات شهر يناير وفبراير من هذا العام يشعر بالفخر لكثرة وتنوع الفعاليات خاصة وأنها تتزامن من بطولة كأس آسيا 2023 والتي وصلت لأيامها الأخيرة، وعندما تنظم السياحة في قطر أو تُشرف على إقامة الفعاليات فهي بالتأكيد تُراعي التنوع الديموغرافي في البلد وتَضع في الحسبان أهواء الجماهير خاصة السّياح الخليجيين أو العرب، وكلنا يعلم بأن الشعب القطري متنوع الثقافات ويتكون من جنسيات عديدة تعيش على هذه الأرض الطيبة ولها احتياجاتها الترفيهية التي ليست بالضرورة تلبي احتياجات المواطن، ولكن التنوع لابد منه لإرضاء الجميع، كما أن جميع الفعاليات المُقامة هي إختيارية الحضور، ومن أراد أن يحضر يمكنه حجز مقعده أو تذكرته ويحضر ومن لا تناسبه الفعالية ولا تناسب ثقافته لم يَجبره أحد على الحضور وبإمكانه منع أبنائه أو أهل بيته من الحضور، ومن غير العدل المناداة بعدم إقامة تلك الفعالية أو غيرها بحجة العادات والتقاليد، فالفعاليات الفنية وغيرها من متطلبات الإنفتاح السياحي ولها جمهورها سواء خليجي أو عربي أو أجنبي، وأستغرب من إطلاق بعض الوسوم في منصة x تنادي بعدم إقامة الفعاليات الفنية وانتقاد من يذهب لها وكأنه قام بجريمة، ومن يقول إنها دخيلة على البلد والعادات القطرية في حين أن الحفلات الفنية كانت تُقام منذ الثمانينات في البلد وفي الألفينيات كان يُقام مهرجان الأغنية بشكل سنوي ناهيك عن مهرجان سوق واقف وغيره من الحفلات في الفنادق لفنانين عرب وأجانب، إذاً هي ليست ثقافة دخيلة ولكن حُب الانتقاد الذي أتاحته منصات التواصل الاجتماعي، فأصبح الانتقاد سمة لفئة كبيرة في المجتمع القطري وأصبحت المطالبات بإلغاء الفعاليات أو بالرفض من أجل الرفض لكثير من الأمور العادية، والمشكلة أن البعض من الرافضين والمنتقدين يقوم بأفعال متناقضة ولا تتماشى والعادات والتقاليد، وقد يحضر نفس الفعاليات ولكن خارج قطر ويسافر لقضاء رأس السنة خارج البلد وينتقد الألعاب النارية في الدوحة!
عندما تدخل إلى محل تجاري تتوقع أن تجد أحدث الموديلات وكل المنتجات الغذائية متوفرة وأن تكون كل انواع الخضار والفواكه والمستلزمات متوفرة وأنت تختار ما تريد ولا احد يجبرك على شراء كل المنتجات، الوضع نفسه بالنسبة لإقامة الفعاليات لابد من جدولتها وإقامتها لمن يرغب في الحضور وهي ليست إلزامية ومن لم يرغب فليتجاهلها وبإمكانه التحكم في أفراد عائلته ولكن التحكم في أهواء مجتمع متنوع بأكمله والمطالبة بوقف الفعاليات الترفيهية أعتقد أنه إجحاف وظلم لباقي أفراد المجتمع وقمع لآرائهم ورغباتهم!
• عندما نسافر نتقّبل كل الثقافات الغربية والتي لا تتوافق مع الدين والعادات والتقاليد ونتجنب الفعاليات التي لا تناسبنا، كما أننا نطالب الغرب بتّقبل ثقافتنا الإسلامية ولباسنا واحترام أعيادنا الدينية وغيره فيفترض بنا في المقابل تَقّبل أهواء وثقافة واهتمامات الآخرين وليس بالضرورة تأييدها أو رفضها!
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
[email protected]
@amalabdulmalik
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2325
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1227
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
795
| 10 ديسمبر 2025