رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

العزب الطيب الطاهر

العزب الطيب الطاهر

مساحة إعلانية

مقالات

497

العزب الطيب الطاهر

الأمن القومي العربي

03 نوفمبر 2014 , 12:40ص

ذلك كان عنوان ندوة نظمها البرلمان العربي واستمرت ثلاثة أيام بالقاهرة بمشاركة لفيف من السياسيين والخبراء والمفكرين من أقطار عربية شتى. ولاشك أن توقيتها كان من الأهمية بمكان في ظل حالة اضطراب غير مسبوقة يتعرض لها النظام الإقليمي العربي، منذ تبلوره بشكل واضح في أربعينيات القرن الفائت وأظن أن هذا الأمن بات مستباحا في المرحلة الراهنة على نحو ينطوي على مخاطر تهدد الدولة الوطنية العربية. فضلا عن تهديد الوجود العربي ذاته مع تمدد حالة السيولة السياسية التي تشهدها المنطقة، والتي من ملامحها ذلك الفيضان الإرهابي – إن جاز لي الوصف - وصعود الجماعات المتطرفة من كل اتجاه، وهو ما يقود إلى تلاشي الدولة، إن لم يكن انهيارها بالكامل في بعض الحالات. بيد أن أخطر هذه الملامح في تقديري ما زال يتمثل في الكيان الصهيوني الذتي تتصاعد نزعته العدوانية باتجاه محو الهوية الوطنية الفلسطينية، متمثلا ذلك بصورة سافرة في تعاطيه مع قدس أقداس فلسطين المسجد الأقصى، والذي تعرض خلال الأيام الأخيرة لأشد الانتهاكات والاختراقات بلغت ذروتها بإغلاقه بالكامل أمام المصلين نهار الخميس الماضي ومنع الصلاة فيه إلا لمن تعدى الستين، فضلا عن منع الأذان من مآذنه التي ما زالت شامخة، خاصة عبر استخدام مكبرات الصوت، وهو تطور يحدث للمرة الأولى منذ احتلاله في يونيو من العام 1967، ناهيك عن العدوان المفرط في قوته وقسوته على غزة خلال شهر يوليو الماضي والذي استمر زهاء الخمسين يوما ولم تتوقف تداعياته السلبية بعد.

غير أن ما لفت انتباهي في توصيات هذه الندوة المهمة، غياب البعد الصهيوني عنها في حين تركز جلها على التطورات الأخيرة في المنطقة والمتعلقة بالإرهاب وصعود الجماعات المتطرفة، وهو ما كان واضحا في الدعوة إلى ضرورة تفعيل تنفيذ القرارات العربية الصادرة عن القمم العربية حول الأمن القومي العربي ومستجداته الطارئة والتوصل لتوصيات ومقترحات عملية وقابلة للتنفيذ بشأنها، والإشارة إلى أن الأمن القومي العربي ومخاطره، وتحدياته تحتاج إلى رؤية عربية جديدة والتعامل معها بآليات ورؤى تراعي ما تم التوافق عليه في آليات واتفاقيات عربية، فلم يذكر الكيان الصهيوني بحسبانه المصدر الرئيسي للخطر والإرهاب في المنطقة العربية، بل يمكن القول باطمئنان إن وجوده غير الشرعي في المنطقة يمثل المقدمة، التي أفرزت كل هذه النتائج التي تتجلى بتداعياتها السلبية في الأركان المختلفة، فمع غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية على نحو يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي يكابد الاحتلال الأشد سوءا وبشاعة في التاريخ المعاصر تهيأت البيئة لبروز التطرف ثم انقلب الأمر إلى إرهاب، غير أن اللافت أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تمدد في المنطقة العربية حاليا رأسيا وأفقيا، لا تعير الكيان أي اهتمام ولا تخوض ضده أي معارك وتبدو حريصة على تجنب الاشتباك معه أو إيذائه رغم اقترابها من حدوده في غير موقع. وقد فسر ذلك الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية رئيس الوحدة الإسرائيلية الإستراتيجية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بقوله: "إن إسرائيل "الكيان" أعدت إستراتيجية مواجهة مع هذا التنظيم وداعش لن يقترب من إسرائيل في هذا التوقيت، والخلايا التي يتم كشفها في الأراضي المحتلة.. إسرائيل تتعامل معها فورا، أشعر أن هناك اتفاقا بين الطرفين بعدم الصدام، لن ندخل ولن نقترب منكم وانتم لا تتعرضون لنا".

ومع ذلك فإن الندوة قدمت منظورا شاملا للتعامل مع الأمن القومي من خلال الدعوة إلى ضرورة مراجعة وتحديث ما تم التوصل إليه من آليات واتفاقات ورؤى لحماية الأمن القومي العربي في ضوء المستجدات الطارئة عليه، وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب، والعمل على تطبيق وتفعيل الاتفاقات العربية بشأنها، فضلا عن المطالبة بمراجعة العلاقات العربية العربية، والارتقاء بها وبما يخدم العلاقات البينية بما يعزز الاندماج العربي وصولا إلى تحقيق الوحدة العربية كقوة في مواجهة العالم الخارجي مع تكثيف تعاون الدول العربية لمواجهة وحل مشاكلها الداخلية والتي نتجت عن تدخلات خارجية.

كما شددت على أهمية توسيع الاهتمام بالتنمية المستدامة الشاملة في الدول العربية، لاسيَّما التنمية البشرية وتطوير المنظومة التعليمية، والعدالة الاجتماعية، والحفاظ على البيئة في سياق التأكيد على المنظور الشامل لتحقيق الأمن القومي العربي بمحاوره المتعددة والتي تبناها البرلمان العربي. والعمل في هذا السياق على تفعيل مشروعات التكامل الاقتصادي العربي كطرف آخر لتحقيق التكامل العربي الشامل، وتحقيق الأمن القومي العربي إلى جانب إدراك المخاطر التي تواجه الأمن الغذائي والمائي العربي وسبل مواجهتها، وضرورة إيلاء الأهمية القصوى للتناول الإعلامي السليم لكافة الموضوعات التي تمس مقدرات الأمة العربية دون مؤثرات أو ضغوط خارجية.

وتعكس هذه المضامين التي طرحتها الندوة شعورا بأهمية الحلول غير الأمنية للمهددات التي تواجه الأمن القومي العربي، خاصة في الشق المتصل بالإرهاب والتطرف. فهذه الحلول بطبيعتها آنية وقد ينتج عنها- إذا ما انطوت على مبالغة - المزيد من إفراز مسببات التطرف والإرهاب وبالتالي فإن الجهات النافذة والنخب السياسية مطالبة بالإسراع في وضع إستراتيجيات المواجهة على الصعيد الاقتصادي والفكري والثقافي والإعلامي والاجتماعي وثمة دراسات ضخمة وضعتها المؤسسات البحثية وهي في حاجة فقط إلى نفض الغبار المتراكم عليها لوضعها موضع التطبيق.

ومن داخل نقاشات الندوة خرجت التحذيرات قوية من مخاطر تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات جديدة، وفق طروحات تروج للفيدرالية والكونفيدرالية، وتحت دواعٍ طائفية ومذهبية ومنح حقوق الأقليات وهو ما نلمسه ونراه بأعيننا وأيدينا في ضوء ما يجري في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والتي يتداخل فيها البعد المذهبي بالطائفي بالجهوي، فضلا عن البعد المتعلق بالتطرف المتصاعد بقوة في المنطقة نتيجة سنوات الاستبداد والإقصاء والتهميش لجماعات مهمة ضمن الشعوب العربية. وهو ما بدا واضحا فيما عبر عنه عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، من وجود مخطط لسايكس بيكو جديدة تستهدف تقسيم المنطقة إلى دويلات وبناء نظام إقليمي جديد يخدم مصالح خارجية وهو ما يستوجب -وفق رؤيته - البحث المعمق في ذلك.

على نحو يجعل الدول العربية تساهم بفعالية في بلورة مسار المنطقة المستقبلي وقال: "لو تركنا الآخرين يرسمون حدود النظام الإقليمي العربي، فإن ذلك سيكون جريمة كبرى في ظل القرن الواحد والعشرين الزاخر بالوسائل والتكنولوجيات الحديثة، فضلا عن امتلاكنا الكوادر القادرة على المساهمة بذلك".

مؤكداً في الوقت ذاته أن ما شهدته الدول العربية يكشف رفض الشعوب العربية للعيش في العصور الظلامية وأنها عازمة على العيش في الدولة المدنية الديمقراطية.

كما جسدت الرؤية التي أوضحها أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي نفس الشعور بالخطر، من محاولات التقسيم والتفتيت من المشرق إلى المغرب العربي والتي تجب مواجهتها - كما يقول - من خلال تعزيز القدرات الدفاعية والاقتصادية، ومواكبة المفاهيم الفكرية والثقافية والمجتمعية المعتدلة، التي تتناسب مع المجتمعات العربية والتي تعزز من وضع المواطن العربي وقدرته على مواجهة تلك المتغيرات.

إن الأمن القومي العربي لم يعد مسألة تتعلق بحماية الحدود الخارجية للأمة، لكنه يتقاطع مع محددات وأبعاد متعددة ولا يتحمل مسؤولية حمايته المؤسسات العسكرية والأمنية فحسب، وإنما تتشارك فيها كل شرائح المجتمعات العربية والأمر مرهون بإطلاق العنان لمنظومة الدولة الوطنية القائمة على المواطنة والمساواة والعدالة وفق معادلة الحكم الرشيد الذي ينهض على الديمقراطية وتداول السلطة والعدالة الاجتماعية والانحياز للشعب وليس للأقلية، سواء النخب السياسية أو رجال أعمال.

اقرأ المزيد

alsharq القيادة الإدارية في ضوء السيرة النبوية

تعددت نماذج القيادة عبر الأزمان ولكن لسنا بحاجة للرجوع إلى النماذج الغربية للقيادة، فلدينا أعظم مرجع للقيادة يحتذى... اقرأ المزيد

174

| 03 أكتوبر 2025

alsharq استشهدوا وما زالت والدتهم تنتظر قدومهم

ليس واحدا أو اثنين أو ثلاثة، بل أربعة دفعة واحدة استشهدوا مع أبناء عمومتهم والجيران، قُصف المنزل على... اقرأ المزيد

117

| 03 أكتوبر 2025

alsharq الثراء اللغوي.. عودة تحمل الإبداع والتميز

في مشهد تربوي يؤكد حضور اللغة العربية كهوية وانتماء، دشّنت مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات يوم الخميس 25 سبتمبر... اقرأ المزيد

189

| 03 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية