رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما أن رحل شهر رمضان المبارك عن السوريين وهو جد حزين من فرط القمع الوحشي الذي رآه في كل بؤرة من سورية وعلى كل شريحة في المجتمع دون أي اعتبار لقدسية أيام الصيام وليالي القيام حتى ليلة القدر أصبحت ليلة الدماء والأشلاء، حتى أتى شهر شوال الذي هو أول أشهر الحج، حيث ينتقل المسلمون من عبادة إلى عبادة أخرى حالين مرتحلين، فإذا بلهيب الظلم الطاغي الباغي على المتظاهرين العزل وعلى بقية الشعب يشتد قتلا وتعذيبا واعتقالا لم يسلم منه حتى الشيوخ والنساء والأطفال وحتى الشجر والحجر والدواب، وها نحن نشهد من بدء شهر ذي القعدة امتداد هذه النيران واحتدادها في كل موقع وموضع حتى طالت مدارس الأطفال بجنسيهم وهوجم الطلاب والطالبات بل الأساتذة والمعلمات بآلة القمع الذي لا يعرف أسودها إلا الشقاوة والقساوة والتعاطي البربري الدموي مع الشعب، حتى ظن البعض أن المحتجين ومن معهم سيتراجعون عن مظاهراتهم وأن صوت هدير المدافع بل والطائرات والراجمات والرشاشات سوف يسكتهم، وكم راهن النظام الأسدي منذ البداية على ذلك، ولكنه خاب ظنه فالشعب قال كلمته ألا عودة عن مناصرة الحق، والثوار مازالوا يهتفون: نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت وكم ألهبت حادثة قتل الشهيدة زينب الحصني في عاصمة الثورة السورية حمص صدور الجماهير فازدادت التظاهرات في طول سورية وعرضها كماً ونوعاً. ولكن مع قراءة الواقع المر الذي يضغط على الناس أمنياً واقتصادياً ومع استفحال الجرائم ضد المدنيين بكل أشكالها الرعيبة جدا فقد لاحظنا مؤخرا عشرات اللافتات في المظاهرات تناشد المجتمع الدولي ضرورة الحماية للمدنيين وممتلكاتهم، إذ بات الخطب جللا، يتعمد النظام إنزاله بالمنتفضين السلميين وذويهم ومن يلوذ بهم قريبا أو بعيدا مقتلا معتقلا مشردا سارقا راسما الحسم الأمني بالقمع الشديد خريطة طريق له بهدف تغيير موازين القوى السياسية بين نظامه الفاشي وثورة الحرية والعدل لترجيح كفته على كفة المظلومين، وإذ هو السلطة اللاإنسانية التي تحكم شعبها فلا يخطر على باله أن الله تعالى كرم بني آدم أيا كان (ولقد كرمنا بني آدم....)، "الإسراء: 70"، وبعلاقة الشريعة الإسلامية بالقانون الدولي الإنساني نجد الآخر موافقا لحماية المدنيين، مؤكداً على حرمة الآدمي ضد أي جريمة تهدد السلم والأمن وتثير قلق المجتمع الدولي معتبرا أن الاهتمام بهؤلاء المدنيين من أولى الأولويات، مؤكدا حق النظر في احترام الذات الإنسانية وما تملك ولذا كان نابليون – ومع كونه محتلا – قد وجه رسالة إلى الملك فرانسيس كما أشار هنري دونان يقول له: أطلب من جلالتكم الاستماع إلى صوت الإنسانية! ونحن في زمن السلطة السورية التي لا تعرف إلا صوت النار والدمار وتقتل الأبرياء بمعظم جيشها وأمنها الخائن العميل، مدعية أنها تسير على درب التقدم والمقاومة والممانعة ناسية أن أوروبا اليوم التي أراد وزير خارجيتنا المعلم أن يمحوها من الخريطة إنما حققت أهدافها في الرقي والازدهار لما طبقت قانون الإنسانية على شعوبها مؤخراً بالرغم مما كانت قد شهدت من الحروب قبل ذلك مستلهمة وصية جان جاك روسو: إن قانون الأمم لا يجيز امتداد الحرب والغزو إلى المواطنين العزل المسالمين.
ولكننا – وفي هذا الصدد – نريد أن نؤكد على حرص الإسلام في تشريعه حماية المدنيين وأن له السبق في ذلك قبل خمسة عشر قرنا، فقد قال جمهور فقهاء المسلمين بذلك مستندين إلى الروايات الصحيحة عن أبي بكر وعمر بن الخطاب وابن عباس ومجاهد وعمر بن عبدالعزيز ممثلين لهؤلاء المدنيين بالنساء والرسل والرهبان والسوقة كالتجار والأجراء والفلاحين – وكذلك الصبيان والشيوخ والزمنى – المرضى بعلل مزمنة – وحجة الجمهور عدة أدلة أولها القرآن الكريم بقوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، "البقرة: 190".
فالآية تنهى عن الاعتداء على غير المقاتلين كالنساء والصبيان والشيوخ وشبههم، وثانيها الحديث الشريف ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي خرجه أبوداود كما في عون المعبود 7/274 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله للجيش "انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة"، وثالثها: إجماع الصحابة فقد نقل القرطبي المفسر في الجامع لأحكام القرآن 2/349 ذلك معتمدا على وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهم وفيها: إني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا نخلا ولا تحرقها ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكلة ولاتجبن ولا تغلل" رواه الإمام أحمد في المسند وانظر في الوسيط في القانون الدولي العام ص 234 د. عبدالكريم علوان.
وتأمل أن كل ما جاء النهي عنه اقترفته السلطة السورية في حق شعبها تماماً حتى قتلت الحمير، أقول: وهذا ما فعله القرامطة منذ أكثر من ألف سنة، حيث قتلوا الدواب في حماة ومعرة النعمان والسَلَمية كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية.
أما رابع الأدلة فهو المعقول فالعقل أصل الشرع ولا يمكن للعقل أن يؤدي إلى إفساد العالم بقتل وإيذاء المدنيين وأعيانهم وإنما هو يسعى إلى الإصلاح ونفع الناس كما جاء في حاشية رد المحتار 3/225 لابن عابدين وانظر كذلك كتاب الجهاد وأوضاعنا المعاصرة للأستاذ حسان عبدالمنان المقدسي من ص 237 ففيه زيادة تفصيل ولكنني أقول بعد ذلك إن مشروعية حماية المدنيين وقبولها حتى من غير المسلم، إذا دعت الحاجة إلى ذلك وهي اليوم داعية لأنها غير قضية التدخل العسكري جائزة سواء كان المجير من أهل الكتاب كحماية النجاشي ملك الحبشة للمهاجرين من الصحابة وقد كان نصرانيا وقتها قبل أن يسلم أو كان المجير مشركا كأولئك الذين عاد المسلمون إلى مكة بحمايتهم عندما رجعوا من الحبشة التي كان ملكها لا يظلم عنده أحد، أو كأبي طالب عم الرسول، حيث حمى ابن أخيه محمدا فاستفاد من دفاعه بل منع من اعتداء العشيرة عليه، وكذلك دخل الرسول صلى الله عليه وسلم في حماية المطعم بن عدي المشرك لما رجع إلى مكة عائدا من هجرة الطائف حين ردته قبيلة ثقيف، انظر الهجرة في القرآن لأحزمي سامعون ص 290 والسيرة النبوية د. علي الصلابي ص 202 وعلى هذا فإن طلب المتظاهرين والشعب في سورية الحماية الدولية للمدنيين من قبل الأمم المتحدة أمر مطلوب ومشروع لأنه قضية إنسانية عامة لا علاقة له بطلب تدخل عسكري لنصر طرف على آخر وليس من مهمة المراقبين الدوليين العمل على إسقاط النظام بل حماية المدنيين وهو حق تقره جميع الشرائع، فكيف لا يلجأ إليه لمواجهة نظام يستخدم بشكل لا قانوني ولا إنساني كل وسائل القمع ويقترف الجرائم المروعة ضد الإنسانية بما فيها انتهاك الحرمات واغتيال الأساتذة الأكاديميين كما جرى في مدينة حمص إن هذا النظام إن لم تقم الحماية للمدنيين سوف يعزز إجرامه السلطوي كما ذكر غسان مفلح في مقاله في السياسة الكويتية 8 سبتمبر 2011 ولذلك فإنه يمنع الحماية والغوث ولجان التقصي للحقوق كما يمنع الإعلام الحر.
وإذا كان شرع الإسلام يدعو إلى حماية الذميين تحت حكمه، أفليس المسلمون وغيرهم في سورية بأمس الحاجة إلى هذه الحماية من غير المسلمين إذ كدنا نيأس من أن تفعل البلاد العربية وجامعتها والبلاد الإسلامية شيئا إن ذلك لابد منه للناس والمدن على غرار ما حدث مؤخرا وللأسف من حماية بعد حرب التطهير العرقي في البوسنة والهرسك وفي الشيشان وغيرها بعد المقابر الجماعية التي اكتشفت وكم من المقابر الجماعية في سوريا في القرن السالف وهذا القرن، ولا ننسى ذلك عند القذافي، أفتنتظر الأمم المتحدة حتى يصير المدنيون إلى هذا المصير، انظر القضايا الدولية د. حسن أبوغدة ص 226 إذا انشق ضباط وجنود شرفاء من الجيش ليحموا المدنيين ولا يظلوا مع المجرمين لدك المدن على أهلها كما حدث في الرستن حيث قتل المئات من المدنيين وهدم أكثر من مائتي منزل وأحرقت حتى مقبرة الموتى وتم تجويع الناس حتى عن الخبز والدواء بل نهبوا المنازل ولا تنس مثل ذلك في تلبيسة والحولة وسرمين وقبلها في حماة المجاهدة، حيث فر منها بداية رمضان أكثر من ثلاثمائة ألف مدني، ناهيك عن القتلى وعن اغتصاب واختطاف النساء وخاصة في حمص، حيث قالت المتزوجة الحصان أم عبدالله اقتحم خمسة من الشبيحة البيت وسألوها ما اسم ابنك الصغير هذا قالت عبدالله قالوا: هذا عبد بشار وماهر، ثم تناولوها بالاغتصاب متحسرة إنها ليست الأولى وقد لا تكون الأخيرة ونحن نعرف أن القانون الدولي بقواعده واتفاقيات جنيف عام 1949 والمضاف إليها عام 1977 تؤكد أن العنف الجنسي محظور والاغتصاب والدعارة جريمة حرب وكذلك الأطفال، ففي الرستن أعدم أول أمس السبت عشرون طفلا، فأين المادة الرابعة من اتفاقيات جنيف التي تنص على عدم إعدام الأطفال بل حمايتهم من كل أذى، وماذا نقول عن انتهاكات الأعيان المدنية، خاصة دور العبادة التي قصفوها وشربوا السجائر فيها ومزقوا المصاحف وألصقوا الصور العارية في المحراب وماذا نقول عن العبث بالجثث والأشلاء التي نص القانون في المادة 17 عليها وكذلك إسعاف الجرحى في المادة 30 وهم يقتلونهم أما عن المعتقلين فحدث ولا حرج عن قتل بسبب التعذيب أقول وإذا كان القانون الدولي يجيز الدفاع كذلك عن النفس فلا علينا إلا أن نفعل ونحن نرى العالم يقف مع الجلاد ضد الضحية!.
عولمة قطر اللغوية
حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا للاحتفاء، بل إعلانًا للسيادة. لا تتحدث من باب العاطفة، بل... اقرأ المزيد
291
| 24 ديسمبر 2025
حفل جمع الأُمة والأئمة
تابعت بكل شغف حفل اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية والذي عُرض فيه فيلم عن البوابة الإلكترونية الجديدة... اقرأ المزيد
114
| 24 ديسمبر 2025
في مراهقتي كنت أراها في المجلات ، أقص صورها وألصقها في دفتر خاص، وأكاد أجزم أنه يستحيل أن... اقرأ المزيد
144
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1134
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1062
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ها قد عاد اليوم الذي نفتخر به كمواطنين ليس كتاريخ الذي فيه تأسست قطر على يد مؤسسها في عام 1878 فحسب، بل بإنجازات تواصلت عبر أكثر من 150 عاماً بمختلف ظروفها لبنة لبنة، حتى أصبح البناء صلبا شامخا بوصولنا إلى هذا اليوم الذي سبقه 365 يوما من العمل الدؤوب قيادة وحكومة وشعبا، ليلا ونهارا صبحا ومساء ليس على أرض الوطن فحسب بل اتسعت دائرة العمل والعطاء لتشمل دائرة أكثر اتساعا من جغرافية الوطن، الحركة التي لم تتوقف ولم يتوقف رجالها ونساؤها يوما ويستسلموا وإن كان بعض منهم قد أوقفتهم الحياة ولكن سرعان ما استبدلوا بخلفهم من يؤمن بحب الوطن كما الحاليون، فقد نقل إليهم أجدادهم وغرسوا فيهم حب هذه الأرض المعطاء، فكلهم أسياد في خدمة الوطن العزيز في مجالات الحياة المختلفة. خلال السنة التي بدأنا في طي صفحاتها الأخيرة، يمكنني أن أسجل بكل فخر، جوانب من إنجازات للوطن تستحق الإشادة والاحتفال: ففي الجانب السياسي محليا، أيد غالبية المواطنين عند استفتائهم توجهات سمو الأمير بعودة أداة تعيين أعضاء مجلس الشورى، بعد التجربة التي خاضتها الدولة قبل أربع سنوات بانتخاب ثلثيهم، حيث رأى حكماء البلد وعلى رأسهم سمو الأمير أن التجربة لم تكن إلا لتزيد من التأثير على اللحمة الوطنية العامة والخاصة، والتي بنيت وثبتت بين مواطنين منذ الاستقلال وقبله والأجيال التي تعاقبت واجتهدت في البناء، ولم يتخلف منهم أحد، وكان ملبيا الواجب في البناء والتطور. وقطر بقيادتها وشعبها مؤمنون وهم يدعون في سياساتهم بالحفاظ على الهوية والتي تنطلق من خلالها لرسم حاضرها ومستقبلها على إرث غني تركه من سجلوا تاريخا كدولة عربية إسلامية، لا تتزعزع عنها، وبذلك لا يخاف عليها من رياح عوامل الخارج والتي مرت خلال تاريخنا حاولت النَّيْل منها، إلا أن صمودها كان بترابط المنتمين المخلصين. وخارجيا، تابعت قطر دورها المشهود لها عربيا ودوليا بماء من ذهب، في إنكار واضح دون تردد تلك الممارسات التي قامت بها إسرائيل في غزة، ومتابعتها من على شتى المنابر في لوم الدولة المعتدية في التسبب، فالحقوق إن ضاعت سيكون حتما وراءها مطالبون. وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ومطالب قطر كانت مستمدة عليها، والتي عرفها أحرار العالم كذلك، مطالبة كبريات القوى العالمية بالضغط للاعتراف بحل الدولتين. وعلى موقفها الثابت هذا، تعرضت قطر لهجومين شديدين لم تألفهما، ولكنها صمدت وعززت بالحادثتين موقفها دوليا، ولم تتزعزع وتثنِها عن قول الحق، واستطاعت فعلا بخبرتها الدبلوماسية أن تجمع حولها دول العالم بتأييد منقطع النظر. أما اقتصاديا، يؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي القطري المحلي، أن قطر تسير سيرا حسنا في تطوير إمكانياتها الاقتصادية سنة بعد سنة، ولم تقف متفرجة، بل يشهد الجميع بتنوع مبادراتها الاقتصادية بشكل ناجح، فقطاع الغاز على سبيل المثال، على وشك أن يسدل الستار خلال أشهر على مرحلة كبيرة للتوسع في إنتاج الغاز المسال بقيادة قطر للطاقة، والذي كما تقول التقارير الدولية المختصة بأنه سيؤدي إلى معدلات نمو في الناتج المحلي بشكل كبير، قد يرتقي إلى أكثر من 5 % خلال السنوات حتى 2030، مما يعزز المكانة المالية. وفي مجال الاقتصاد السياحي ارتقت السياسات والمبادرات والممارسات المنفذة، بناء على الإستراتيجيات التي أقرت منذ أكثر من عقد من الزمان، ولامستها أيدي المطورين أن أصبح القطاع السياحي المحلي بالدرجة الأولى، تتطور خريطته بحرا وبرا، بل أصبح القطاع يحقق نموا كبيرا لم يكن متوقعا في تنميته. وعالميا، توسعت جغرافية الاستثمارات القطرية الخارجية خلال السنة الماضية بأكثر من 10 % حسب مراقبتي للإحصائيات الدولية، بل تشهد تنوعا في القطاعات لتشمل التكنولوجيات المتقدمة ذات التأثير الكبير في المستقبل، وفي نفس الوقت ازدادت دخول الاستثمارات الخارجية في قطاعات كثيرة من صناعية وزراعية وطبية وتعليمية أثرت في إثراء الواقع الاقتصادي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، لقد زخرت مسارح الوطن على اختلافها خلال العام، بالحيوية منقطعة النظير، بما هيأتها الدولة من بنية تحتية متكاملة وأنظمة مساندة وتقنيات، في الساحات سواء كانت علمية أو تعليمية واجتماعية أو ثقافية ورياضية، حقق كلها لقطر مكانة ومحطة متميزة يشهد لها الجميع، وستدعم التوجه العالمي لقطر وتحقيق أهدافها التنموية. وأخيرا وليس آخرا، تشهد التنمية البشرية التي تؤمن بها قطر في كل سياساتها منذ عقود بأنها آتت أكلها، والتي تحقق آمال وتطلعات القيادة عندما تشير في كل مناسبة بأن «الإنسان القطري هو الركيزة الأساسية للتنمية المنشودة»، ولم تخل صفحات المؤلفات العالمية والتقارير الدولية، من ذكر جوانب من إنجازاتها وتأثيرها محليا وعالميا. فأبناء الوطن رجالا ونساء يمتلكون أعلى المؤهلات ومن مختلف جامعات العالم الرائدة، والجامعات المحلية وعلى رأسها جامعة قطر المتفوقة على نفسها، بدأوا يساهمون في النهضة التي ترتضيها قطر، كماً ونوعاً، فليبارك الله مساعيهم. فكم هي حلوة تلك الصور التي تجمع القيادة بأبناء الوطن المتميزين والمنابر العالمية بهم. وختاما، فالاحتفال باليوم الوطني، وقد أنجز الكثير مما يتطلع له المواطنون والمقيمون ومحبو قطر، من العرب والمسلمين في نهضة تحققها واجب وحق، فإلى الأمام أيتها اللؤلؤة، دائما وأبدا، والله يرعاك ويحفظك يا قطر يا من تطلعين كما شعار يومك الوطني «بكم تعلو ومنكم تنتظر».
690
| 18 ديسمبر 2025