رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منى الجهني

[email protected] 

مساحة إعلانية

مقالات

234

منى الجهني

بيت العمر بين الهوية والجدران

03 سبتمبر 2025 , 01:05ص

منذ بدء الخليقة ويسعى الانسان الى الاستقرار، وأن يجد له مأوى يسكن فيه ويحميه من التقلبات سواء الجوية أو الاجتماعية أو غيرها. يسعى جاهدا طيلة عمره أن يوفر له مسكنا يحميه. قد يختلف بناء البيت من جيل لجيل، وتتغير مواد البناء، ولكن يظل البيت أوّل حدود الإنسان مع العالم الخارجي. ويظل الجوهر واحدا بيت يحتضن ذاكرة المكان بتفاصيلهم حتى الصغيرة وملامحهم التي لا تنسى.

فيه يتربى الأبناء على العادات والتقاليد، وتعزز فيه الروابط الاجتماعية لتشمل دائرة المجتمع الأوسع.

غير ان بيت العمر يعتبر بالنسبة له خلاصة الأيام ورمز للاستقرار. فالكثير يقضي سنوات عمره في الادخار من أجل بيت العمر. ليصبح بعد ذلك تعبيرا عن هويته وذاته. فهو ليس مجرد جدران وغرف فقط. انما امتداد لإنسانيته وهويته، ومن خلاله تبنى المجتمعات. ان من أهم الدوافع لبناء بيت العمر هو البحث عن الأمان والاستقرار. فكل باب فيه هو باب أمل، وكل نافذة فيه من النوافذ تبعث في قلب أصحاب البيت النور والحياة من أجل مستقبل أفضل.

بيت العمر هو بيت الأمان لأهله فهو أمان للأبناء بعد عمر طويل. كما أنه امتداد للأسرة وجذورها في بيت العمر.

بيت العمر يحمل في طياته بعدًا عاطفيًا؛ فهو موطن تتشكل العلاقات الإنسانية فيه، ومسرح كل الذكريات، حيث تنسج الاحلام وذكريات الطفولة. 

وهنا يتجاوز معناه المادي كونه مأوى، أو ليسجل اسمه على صك ملكية. إنه أكبر من ذلك بكثير. انه قيمة انتماء ومعنى للاستمرار والبقاء. والمكان الأول الذي يكتسب به الأبناء القيم والهوية والمشاركة في بناء الأوطان. 

ولكن من جانب آخر قد يتحول بيت العمر الى عبء ويفقد معناه وقيمته المعنوية، إذا كان مرتبطا بقروض طويلة أو ساحة خلافات أسرية لا تنتهي ولأتفه الأسباب فيغدو مكانا يحرم أهله من الاستقرار الاسري.

إنه مرآة من نوع خاص يعكس من خلاله صورة أهله فالعبرة ليست بالمساحة ولا الأثاث الفاخر انما تكمن بروح أهله. وبكل زاوية من زواياه فيها بناء مستمر كالزرع. بيت العمر هو الوطن يعيش بنا كما نعيش فيه. وحين يرحل أصحابه يبقى شاهدا البيت شاهدًا على قصصهم وسيرتهم. 

 في هذا العالم المتغير يظل بيت العائلة هوية اجتماعية ذات بصمة مختلفة، وجذورا ممتدة عبر الأجيال. فشعور ان تكون بلا بيت ولا مأوى ذلك يعني أن تعيش في خوف وبلا أمان ولا اطمئنان. شعور بالفراغ الداخلي وأنك على الهامش في هذه الحياة.

الدراسات النفسية تؤكد أن البيت المستقر يُغرس في الفرد إحساسًا بالطمأنينة والثقة، بينما غياب الاستقرار السكني يولّد القلق والاضطراب. لذا، بيت العمر ليس مجرد حلم اقتصادي، بل حاجة نفسية تعادل الطعام والهواء، لأنه يترجم احتياجات الإنسان إلى الأمان، والهوية، والخصوصية. وهو ذاكرة حية لأجيال.

ليس البيت حيث نعيش، بل حيث نحب. بيت العمر بيت الروح قبل الجدران. بل ان بيت العمر هو العمر نفسه حين تنعكس روح أهله عليه، وتحيطه الطمأنينة والحب. إننا لا نسكن البيوت فقط، بل تسكننا هي أيضًا، لتصير جزءًا من سيرتنا التي نتركها من بعدنا.

في النهاية، يبقى بيت العمر استثمارا طويل الأمد فهو العمر نفسه الى الجنة حيث لا خوف ولا رحيل.

ويظل بيت العمر الحقيقي هو البيت الذي يجمع الأرواح قبل الأجساد، ويصنع من جدرانه حياة نابضة لا تُقاس بمساحة ولا بترف، بل بما يتركه فينا من أثر خالد. كل هذا وبيني وبينكم...

اقرأ المزيد

alsharq قطر والسعودية.. تكامل لخير البلدين والمنطقة

تولي القيادة في دولة قطر وفي المملكة العربية السعودية أولوية استثنائية للعلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين، إذ... اقرأ المزيد

63

| 05 ديسمبر 2025

alsharq كأس العرب 2025 روعة التنظيم وعمق الرسالة وتميز قطري جديد

شهدت بطولة كأس العرب 2025 التي تقام في قطر هذا العام مستوى غير مسبوق من التميّز، بدءًا من... اقرأ المزيد

87

| 05 ديسمبر 2025

alsharq الرقمنة والتحول الرقمي في قطر.. إنجازات وتحديات

تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في أواسط تلك العشرية أشتغل خبيرا إعلاميا لدى سعادة الدكتور جمعة... اقرأ المزيد

81

| 05 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية