رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ماجدة الجاسم

مساحة إعلانية

مقالات

267

ماجدة الجاسم

الطيف الرمادي

02 مايو 2025 , 02:00ص

وجدت يارا نفسها في خضم فوضى عاطفية بعد اكتشاف خيانة زوجها إبراهيم، الذي كان قبل تلك اللحظة البطولية يمثّل لها كل شيء. كانت سنوات زواجهما، رغم ما بدا عليها من سعادة، تحمل في طياتها مشاعر متناقضة، إذ تعاني يارا من صراعات متجذرة بين واجباتها كأم مخلصة ورغبتها العميقة في التحرر. كانت تحاول التمسك بالاستقرار الذي قدمه لها الزواج، ولكن في أعماقها كانت تدرك أنه لم يكن كافيًا. عند وقوع الخيانة، حين انزلق العالم من تحت قدميها، شعرت بأن معاناتها قد وجدت مخرجًا، فبدأت كل أوجاعها تتحول إلى طاقة دفع هائلة نحو التغيير. كانت الخيانة، رغم قسوتها، بمثابة نقطة انطلاق لرحلة تحوّل عميقة، إذ اكتشفت فيه قوتها الداخلية الهائلة وقدرتها على بناء مستقبل مشرق، وقد أدركت في تلك اللحظة أنها لم تكن بحاجة إلى الشجاعة فقط، بل إلى الإيمان بقدرتها على مواجهة المجهول.

مع مرور الأيام، بدأت يارا تعيد بناء ثقتها بنفسها، خطوة خطوة، كما لو كانت تتسلق جبلاً شاقًا لكنها تشعر بالقبض على القمة. تلك المرأة التي كانت مأخوذة بمسؤولياتها، عادت إلى الأنشطة التي كانت تحبها، مثل الرسم الذي كان ينقل مشاعرها على القماش، وكأن كل لمسة فرشاة كانت تعكس ألوان حياتها الجديدة. بدأت في كتابة مذكرات تعكس تطلعاتها وآمالها، واستقيت إلهامها من تجاربها الشخصية، حيث سارعت لتدوين أفكارها حول الحرية والمصالحة مع الذات. كان قرار الطلاق خطوة جريئة نحو التحرر من قيود الماضي، وشعرت باندفاع جديد من القوة، وكأنها ولدت من جديد. أصبحت مصدر إلهام لأطفالها، لم تعد تمثل لهم مجرد أم، بل أصبحت تجسيدًا للصمود والتحدي، وتحدت الصعوبات بأمل وثقة تتأجج في أعماقها، مما جعلها تدرك أهمية احترام الذات والسعي لتحقيق الأهداف. بعد أن تجاوزت الأوقات الصعبة، انطلقت يارا نحو فضاءات جديدة، حيث انخرطت في مجتمعات دعم النساء، حيث لم تكن كل جلسة مجرد لقاء، بل كانت تجارب حقيقية تتشاركها مع نساء أخريات مررن بتجارب مشابهة. كانت تلك اللقاءات بمثابة منبر لها، تبادل فيه التجارب والنصائح، مما ساعدها على إعادة بناء صورتها الذاتية واستعادة شغفها بالحياة. وعندما كانت تتحدث عن قصتها، كانت عيناها تتلألآن بشغف، كما لو كانت تجلب الأمل لكل من كان يواجه الظلام، مؤمنة بأن لكل شيء مقصدا، حتى لو كان في بدايته مؤلمًا.

استعادت يارا شغفها من خلال الانغماس في هوايات كانت قد أهملتها، مثل الرسم والكتابة، التي كانت تعبر من خلالها عن مشاعرها وأفكارها. كل لوحة كانت تمثل جزءًا من روحها، تتحدث بلغة الألوان، بينما كانت الكلمات المكتوبة تشكل جسرًا نحو التعافي. وفي هذه الأثناء، كان أبناؤها معلميها؛ فقد علموها قيمة الحب غير المشروط، وكيف أن الدعم المتبادل يمكن أن يعيد بناء العلاقات بطريقة صحية ومستدامة. كانت ضحكاتهم تعبيرًا عن الحياة، وعيونهم مليئة بالبراءة تذكّرها بأن العائلة هي أغلى ما يمكن أن تمتلكه.

الآن، تعيش يارا حياة مليئة بالأمل والشغف، مؤمنة بأن كل امرأة تستحق مستقبلًا مشرقًا. إنها لا ترى نفسها فقط كامرأة ناجية، بل كقوة دافعة نحو التغيير الإيجابي. إيمانها القوي بقدرتها على تجاوز الصعوبات دفعها للتحدث في الفعاليات المجتمعية، حيث تشارك قصتها، مقدمةً نفسها كمصدر إلهام للنساء الأخريات. بين كل كلمة تنطق بها، تزرع تشجيعًا ودافعًا في قلوب الحاضرات، مؤكدةً أن كل تجربة مريرة تحمل في طياتها إمكانية تحويلها إلى قصة نجاح. فكل امرأة هي بطلة قصتها الخاصة، وتستحق أن تكون في صدارة الأحداث.

مساحة إعلانية