رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تداعيات كثيرة تلقي بظلالها الكئيبة على الاقتصاد نتيجة لاستمرار الحوادث المتفرقة التي تتعرض لها السفن والشاحنات أثناء مرورها من باب المندب إلى البحر الأحمر تحت مسميات وأسباب وأهداف متباينة منها المعلن وغير المعلن، ومنها استهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من إسرائيل أو إليها، تضامنا مع قطاع غزة، وذلك في إطار التوترات الجيوسياسية في أماكن جغرافية مختلفة على خريطة العالم منها الطرق البحرية ولعل أهمها في المنطقة العربية مضيق باب المندب مدخل البحر الأحمر إلى قناة السويس، وتهديد التجارة العالمية، والسؤال الحائر هو حول مقصد ودوافع جماعة الحوثي الحقيقية من هذه الهجمات وهل هي تساعد في القضية الفلسطينية فعلا وعلى أرض الواقع وتضُر بإسرائيل أم أن لها دوافع وضغوطا اقتصادية على بعض الدول ؟ وبإيعاز من أطراف إقليمية ودولية تستثمرها في تحقيق مصالحها الخاصة وتسهم في تركيز التواجد العسكري للقوات الأجنبية في المنطقة تحت شعار « حارس الازدهار»، التي أغفلت أو تغافلت عن تقليم أظافر جماعة الحوثي – وهى قادرة على ذلك - باستثناء بعض الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية لم تؤثر على القدرات العسكرية للحوثيين.
وقد واكبت الهجمات المتصاعدة على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 تفاقم الاضطرابات الموجودة بالفعل في البحر الأسود بسبب الحرب في أوكرانيا، وتحويل المفوضية الأوروبية 1.5 مليار يورو من الأرباح من استثمار الأصول الروسية المجمدة لشراء الأسلحة لأوكرانيا لمحاربة الدولة صاحبة هذه الأموال ما يعني المساهمة والمساعدة في تأجيج الصراع في تلك المنطقة الذي يؤثر على سلاسل إمداد المواد الغذائية الرئيسية ومكونات الصناعات التحويلية وزيادة أسعار الشحن التي قفزت بنحو 200 % وتكاليف التأمين، وترجمة ذلك مباشرة في زيادة الأعباء المالية على ميزانيات الدول والأفراد والمعاناة من عشوائية الأسعار التي تبدو جلية في ظاهرة الغلاء خاصة في الدول التي تعمد على الاستيراد من الخارج
تضطر الحكومات والشركات إلى نقل التكاليف إلى العملاء، الذي يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع التضخم بشكل تصاعدي، في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الدولية تُكبد اقتصاد مصر- أكبر المتضررين - خسائر بسبب تهديد الملاحة في البحر الأحمر بنحو 508 ملايين دولار من إيرادات قناة السويس بسبب التهديدات المستمرة لحركة الملاحة من قبل الحوثيين وتراجع العائدات بنسبة 44% في شهر يناير الماضي بعد أن قامت أكبر شركات الشحن العالمية بتحول مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح وهو المسار الأبعد حول القارة الأفريقية، لتجنب هجمات الحوثيين المتكررة وغير المتوقعة، وتحمل رفع تكلفة الوقود وعدد أيام المرور.
ومن هنا فإن الاقتصاد المصري في موقف لا يحسد عليه بعد أن أصيب بضربات متتالية بعضها من نيران صديقة وبعضها من تأثيرات خارجية ألقت بظلالها السلبية، على مختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية والسياحية، التي من المتوقع أن تتراجع إيراداتها بشكل كبير، خاصة إذا ظلت مخرجات النظام الاقتصادي غير قادرة على معالجة انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، في ظل رهن بعض مؤسسات التمويل الدولية تقديم القروض الجديدة لمصر مقابل إصلاحات سياسية واقتصادية تعتبرها ضرورية.
وبعد أن أصبح الوضع الراهن في منطقة البحر الأحمر معقدًا للغاية ويفرض مزيدًا من المخاوف الأمنية حول سلامة الطواقم والبحارة والسفن العابرة في ظل تعرض بعض السفن للهجوم خلال مرورها من بحر العرب وخليج عدن إلى باب المندب.
لذلك توقعت شركة الشحن العالمية «ميرسك»، بأن تحويل مسار سفنها بعيدا عن مضيق باب المندب يمكن أن يستمر حتى نهاية العام الحالي، فيما أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة «إم إس سي»، استعداد المجموعة للعودة مرة أخرى للعبور من قناة السويس فور استقرار الأوضاع الأمنية في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، بعد تعليق جميع عملياتها في البحر الأحمر منذ 26 يناير الماضي، لذلك فرضت الأزمة الراهنة مزيدًا من التحديات على سلاسل الإمداد العالمية وحركة التجارة العابرة لقناة السويس وعلى موانئ البحر الأحمر بما فيها ميناء إيلات الإسرائيلي وميناء الحديدة اول المتضررين والذي نتجت عنه تأثرات سلبية على الاقتصاد والمواطن اليمني أيضا، وما يزيد من التوتر العالمي هي المخاوف القائمة من توسع دائرة الصراع على الجبهة السورية اللبنانية كما لم تسلم اقتصادات الدول الأوروبية من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، حيث أدت ارتفاعات أسعار الشحن إلى نقص بعض المنتجات في عدد من بلدان أوروبا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3138
| 23 أكتوبر 2025