رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اعتاد الناس في مدنهم وقراهم خلال أيّام عيديّ الفطر والأضحى المباركين على الاجتماع بالأهل والأقرباء والأصدقاء لتقديم التهاني، وتناسي هموم الحياة ومنغصاتها ولو لأيّام، أو ربّما لساعات، معدودة!
والعيد موسم دينيّ وإنسانيّ مُتجدّد، وفرصة راقية لنشر معاني الحبّ والصفاء والبهجة بين الناس.
والابتهاج والاحتفال بالعيد مناسبة يفترض أن تكون بابا واسعا وخيمة كبيرة لتوحيد الأسرة الأكبر (الوطن)، ولقاء الأسرة الأصغر (الأهل)،
ولعلّ أكثر ما يُغري الناس في العيد هو تصفية القلوب وتجميع الأحبّة، ولهذا نجد أنّ من أبرز العادات التي لم تتغيّر رغم كلّ الحوادث الجسام في العراق التجمّع في بيت (الجدّ أو الأب) أو رئيس العشيرة، وقد تكون هذه فرصة للقاء القاصي والداني بمكان واحد وبمناسبة طيّبة.
ومن مظاهر عيد العراقيّين صنع حلوى العيد المعروفة باللّهجة المحلّيّة (بالكليجة)، وهي معجنات محشوّة بالتمر والسمسم والجوز، وتقدّم (الكليجة)، وهي من ضروريات الضيافة في الأعياد، مع الشاي الثقيل والعصائر.
وصور العيد الورديّة في العراق تنقلب إلى مشاهد قاتمة في الغربة ذلك لأنّ السبب الأهم للسعادة الدنيويّة مفقود في المهجر، وهو معانقة الوطن والأهل.
وهذه هي النقطة الإنسانيّة الأصعب بالنسبة للمهجرين، حيث يُجبر الإنسان على التأقلم مع واقعه الجديد شاء أم أبى، وهنا تكون مرحلة الاستسلام للحياة الجافّة الخالية من الأحباب والمفتقرة لعوامل السعادة والسرور.
إنّ لوعة المُغتربين تتجدّد في حياتهم تماما مثلما يتجدّد العيد، وهذه ملحمة إنسانيّة بحاجة إلى حلول عاجلة تُغذّي بساتين الحنان بنسائم الوصل واللقاء.
وما من عراقيّ في الغربة إلا وتهزّه ذكريات الوطن والاجتماع بالأهل والأصدقاء وجميع التفاصيل الدقيقة الرقيقة والطيبة الجميلة.
وأمنيّات الغربة بسيطة وصغيرة ولكنّها بعيدة وغير مُمكنة التحقيق بالنسبة لكثير من المُهجرين والمُغتربين، وهنالك في أعماق نفوس المغتربين وأرواحهم ذكريات وصرخات تتشظّى وترسم لوحات يقطر منها الحنين، وانكسار القلوب وضياع معاني الحياة، لأنّ أيّ الإنسان لا يمكن أن يعيش بلا جذوره تماما مثل الشجرة التي تموت بفصلها عن جذورها.
في الغربة تتجمّد المشاعر، وتتراخى الآمال، وكلماتنا هي كلمات غريب للغرباء، حيث إنّ الغرباء والمهجرين وحدهم يعرفون مرارة الغربة، مثلما المرضى وحدهم يعرفون مرارة الدواء.
ومن أشدّ أنواع الغربة غربة الأرواح والقلوب والعيون، وليس غربة العقول التي لا يمكن حجرها بأيّ مكان، ولهذا فإنّ غربتنا غربة أرواح هائمة، وقلوب متعطّشة، وعيون متشوّقة إلى أرض العراق، كيف يمكن أن تُقنع فكر مَن يمشي هائما في طرقات المدن البعيدة وتتلفّت عيونه في كلّ صوب وهو يبحث عن ذكريات العراق؟، وكيف تُقنع روحه وقلبه بالسكون والهدوء وهو يأبى نسيان التفاصيل الجميلة وحتّى اللحظات القاسية؟.
إنّ الأرق يلفّ ليالي الغُرباء، والوجد يغطّي نهارهم، لأنّهم باختصار يعيشون تماما مثل البنايات المهجورة من ساكنيها، فأجسادهم خارج العراق وقلوبهم تسبح في نهر دجلة، وتقف على شواطئ نهر الفرات،
فعلا ما أضيق العيش بعيدا عن الوطن ولو كنت في أفخم القصور، وأجمل المدن.
ليتكم يا أصدقاء تعرفون معنى هذه الكلمات، وليتكم تشعرون بذات المشاعر التي تهزّ قلوبنا وأرواحنا في طرقات الغرباء.
وبعيدا عن هموم الغربة نأمل أن يكون العيد القادم على أرض العراق، وأن تنتهي حالة التنافر السلبيّ من أجل غد أجمل لكلّ المواطنين، نأمل في عيد العراقيّين أن تُنثر أنواع الورود والزهور، وأن تحلّق العصافير والطيور، وأن يعمّ الأمن والسرور.
إنّ عيد الغرباء الحقيقي يوم عودتهم لوطنهم الحبيب، ولقاء أصفياء الروح والقلب والفكر... هناك حيث وطننا القريب البعيد: العراق.
وهدأت غزة، وهذا ما كان مهما لدى الملايين من شعوب وربما حكومات العالم الذين عاشوا عامين من الدمار... اقرأ المزيد
183
| 15 أكتوبر 2025
من نواحي المسؤولية القانونية عمن يتحمل إعمار غزة هو من تسبب بدمارها مباشرة ومن عاونه في ذلك وقدم... اقرأ المزيد
147
| 15 أكتوبر 2025
مشاهد العائدين إلى الشمال وإلى أحياء غزة القديمة تحمل مزيجًا مُربكًا من الفرح الحذر، والحِداد، والخوف، والذهول أمام... اقرأ المزيد
165
| 15 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8859
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5616
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
5199
| 13 أكتوبر 2025