رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

453

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

سياسة الأبواب المغلقة

01 يونيو 2025 , 02:00ص

ارتبطت وظيفة حجاب الملوك منذ قديم الأزمان بالأبواب المغلقة، بغض النظر عن طبيعة وتسمية الوظيفة. والتي تقتصر على منع الأفراد من الدخول دون إذن الى مكان السلطة عبر التاريخ. حيث بدأ اشتهار المسمى عربياً في عهود خلفاء بني امية. وهي السياسة التي تعرف بعدم سهولة وصول العاملين والمراجعين إلى المسؤولين عن الأمر. وفي المقابل فإن سياسة الأبواب المفتوحة هي على النقيض من ذلك، فهي تتيح إمكانية التواصل بين الموظفين والجمهور، أو مع القيادات أو أي شكل آخر لأصحاب السلطة، وذلك لمناقشة مخاوفهم أو أسئلتهم أو قضاياهم دون خوف من عواقب الردود السلبية أو العواقب. وهي ممارسة مصممة لتعزيز التواصل المفتوح والشفاف والسهل لترسيخ الثقة بين السلطة والجمهور. كما أن من المشاهد الدولية لسياسات الأبواب المغلقة؛ والتي حدثت عندما اتخذت الولايات المتحدة تلك السياسة، عند اعلان كوبا أنها ستسمح لأي شخص مهما كانت صفة حسن سيرته وسلوكه بالمغادرة إذا رغب في ذلك إلى الولايات المتحدة. حيث رفضت الولايات المتحدة حينها السماح للأشخاص من دول أخرى بالسفر او الدخول او الانتقال إليها، وذلك إما لأسباب سياسية او أمنية او مجتمعية ارتبطت بهذا الحدث، وذلك خوفًا من مواجهة ضغط التعامل مع عدد المهاجرين الكبير.

إن في مقولة «الزبون دائماً على حق» عبرة وعظة لمن يغلق بابه دون سبب وجيه لقضاء حاجة الناس، فما بالك أن تكون هي من صميم صلب عمل هذا المسؤول! فعندما يكون منصب المسؤول استقبال معاملات الناس، كيف يستوي تطبيقه لسياسة الأبواب المغلقة؟ بل إذا كانت صفة الإدارة أو المؤسسة هي القيام بحق مصالحهم. فمن تجاربي في هذا السياق طلبي لموعد مقابلة مع أحد المسؤولين في إحدى الجهات العامة، وبعد انتظار لمدة منسية للموعد استغرقت شهورا، راجعت هذه الجهة لنفس المعاملة، ليطلب مني أخذ موعد آخر وذلك لنقص سلطة الموظفين لإنجاز المعاملة المطلوبة من قبلهم. ليتم شرح أسباب ذلك بضبابية لا يمكن فهم الداعي لها! ليتفاجأ سكرتير الإدارة بوجود طلب موعد سابق لم يتم تنسيق تحديده منذ تسعة أشهر، فهل التمس له العذر بأن «الغائب عذره معه»؟ وهل لم يكن له نائب يأخذ بزمام أمر المسؤولية على عاتقه؟ ولم يتم لقاء المسؤول حتى اليوم؟.

بل يجب أيها السيدات والسادة أن تقتصر هذه السياسة في نطاق تنظيم صفوف استقبال المراجعين والجمهور وترتيب الأمور الإدارية للتنفيذ، والتي لم يتم حصرها من قبل المؤسسة، وفي نطاق اختصاص الإدارة المعنية بذلك. ويجب على المؤسسات أن تتبع سياسات الأبواب المفتوحة بالتعامل خصوصاً ذات الطابع الجماهري. فليست كل سياسة لغلق الأبواب في محلها ولا كل سياسة لفتح الأبواب مطلوبة. إن من الناس من تُعَطّل المصالح والمعاملات عن قصد، ومن خلال سياسة غلق الأبواب لتفتح قناة فرعية فاسدة خارج إطار العمل لتسترزق على عاتق تلك الحوائج. لتكون مدعاة للرشوة والاختلاس، والعياذ بالله من ذلك.

قد يُتَّفَهم سياسة الأبواب المغلقة في التعاملات الدولية، حيث تتم الاتصالات بين الدول عن طريق الإدارات الدبلوماسية لبناء العلاقات ومذكرات التفاهم والاتفاقيات الدولية وذلك لأسباب سياسية بناء على غايات وتوجهات الدول فيما بينها. ولكن هل من الممكن تعميم هذه السياسة في كل الأفاق يا ترى؟ الأكيد أخي العزيز أن تصور ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال. بل إن أهداف الدول على العموم هي الصالح العام المنجز لمصالح الناس. لذلك وجب العلم أن على المسؤول في منصبه وفق صفته الوظيفية، أن يقدم أقصى ما بوسعه من خدمة لتخليص أمور الناس في نطاق الأمانة التي على عاتقه، بل أن يعمل على تحسين وتجويد عمله لخدمة الناس بإتقان. واتباع سياسة الأبواب المفتوحة على العموم، وأن يخصص سياسة الأبواب المغلقة في إطار ضيق وفق الحاجة فقط.

مساحة إعلانية