رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التدبير الإلهي عجيب وحكيم ودقيق، وحين يشاء الله أمراً ما، فإنما يدبره بآلية معينة لا نفهمها نحن البشر، أو أن المنطق البشري لا يمكن أن يتصوره فضلاً عن أن يقبله، فهكذا هو التدبير الإلهي.
قصة معركة بدر واحدة من أمثلة هذا التدبير الإلهي العجيب، فالمسلمون خرجوا في ثلاثمائة وبضع رجال مع قليل من الأسلحة بهدف اعتراض قافلة تجارية لقريش، ومن جانب آخر يصل خبر خروج المسلمين لاعتراض قافلتهم وشريان حياتهم، فيهب أبوجهل ومن معه من صناديد قريش لحماية تجارتهم واقتصادهم، فيتم تجهيز حوالي ألف رجل ما بين فارس وراجل، وأسلحة وعتاد، ومتطلبات أي حرب، لا يدرون عن عدد المسلمين وتجهيزاتهم.
يتجه المسلمون نحو الموقع الذي ستكون القافلة عليه، ويتجه جيش قريش نحو الموقع الذي قيل إن القافلة بقربه، وفي الحقيقة كان كلا الجيشين يتجه نحو موقع ليس هو المبتغى والهدف، والقافلة في موقع أو احداثيات مختلفة تماماً، ليجد الطرفان أنفسهما وجهاً لوجه، الأول وهم المسلمون لم يحصلوا على مبتغاهم، لكنهم بدلاً عن ذلك، صاروا أمام واقع جديد لم يتم الترتيب له، والطرف الآخر، وهم قريش تحقق لهم مرادهم دون أي عناء عسكري، ونجت تجارتهم، وبالتالي نجد أن المنطق السليم هاهنا يرى أن الهدف طالما تحقق، فليس من الحكمة خوض مغامرات غير محسوبة العواقب، لكن هنا تتجلى حكمة الله وتدبيره لأمر خارج الحسابات البشرية، لا في حسابات معسكر الإيمان، ولا حسابات معسكر الشرك.
تتضح الأمور أكثر في قوله تعالى (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً).
إنه أمر الحرب التي يريد الله بها أن يفرق بين الحق والباطل، ويعز الله رسوله ومن معه من المؤمنين، ويذل الله الشرك والمشركين. ولو تواعدتم وأهل مكة على موعد تلتقون فيه للقتال، لتخلفتم عن الميعاد المضروب بينكم – كما في جاء في تفسير الوسيط للطنطاوي - لأن كل فريق منكم كان سيتهيب الإقدام على صاحبه، ولكن الله تعالى بتدبيره الخفي، شاء أن يجمعكم للقتال على غير ميعاد، ليقضي سبحانه أمراً كان مفعولا، أي ثابتاً في علمه وحكمته، وهو إعزاز الإسلام وأهله، وخذلان الشرك وحزبه.
موسى ونهاية الطغيان
ظهر التدبير الإلهي من ذي قبل مع النبي الكريم موسى - عليه السلام – حيث كان هناك فرعون، وقد تفنن في إهانة بني إسرائيل وسامهم سوء العذاب، يقتّل أبناءهم ويستحي نساءهم، لكن الله دبر أمراً خارج المنطق البشري، يقوم فرعون بنفسه برعاية أحد أبناء بني إسرائيل في قصره، وهو الذي أمر بقتل كل مولود ذكر في بني إسرائيل، تحسباً لوقوع نبوءة انتشرت في ذاك الزمان، مفادها أن نهاية فرعون على يد رجل من بني إسرائيل.
التدبير الإلهي قضى أن يولد موسى عليه السلام فتقذفه أمه في اليم، لتلتقطه زوجة فرعون وتشفق عليه وتقرر أن تتخذه ولداً، ثم تذهب به إلى القصر وتستأذن فرعون في ذلك، فيوافق! سبحان ربي ما أعظمك!.
وهكذا يعيش موسى – عليه السلام – في بيت عدوه، ليشتد عوده بعد حين من الدهر، وتقع المشاهد المعروفة بينه وبين فرعون، ليكون مشهد هلاك الطاغية على يد هذا الصغير الذي رباه ورعاه بيده وماله!.
قطز وحضارة الهدم
يتكرر التدبير الإلهي بعد ذلك مع السلطان المملوكي قطز – رحمه الله - فهناك التتار يخسفون بكل شيء أمامهم، يقتلون ويحرقون وينهبون ويأسرون، يصلون إلى دولة خوارزم، فيقتلون رجالها ويسبون نساءها ويأسرون أطفالها، لا شفقة ولا رحمة ولا أخلاق أو نبل محاربين وفرسان تضبط أعمالهم وتصرفاتهم، حضارة همجية، أو حضارة هدم - إن صح التعبير - انطلقت من أعماق الصين لتنطلق نحو الخارج، تنشر ثقافة الموت والهدم والخراب، وتعاند البناء، والصناعة، والحياة والعمران.
يشاء الله ويبدأ التدبير الإلهي بأسر طفل من أطفال ملوك خوارزم، ولكن لا يتم قتله كبقية الأطفال، بل بقدرة قادر، يتم بيعه في دمشق وأكل ثمنه، ولم يدر بخلد أولئك المتوحشين أن هذا الذي باعوه في سوق الرقيق وأكلوا ثمنه اليوم، سيكون هو من يوقفهم عند حدهم في قادم الأيام، وينهي حضارة الموت والهدم التي لازمتهم منذ بزوغ نجمهم.
بعد أن تهدأ الأوضاع ويتنفس العالم الإسلامي الصعداء بزوال المغول، يموت محمود بن ممدود الخوارزمي، أو سيف الدين قطز، بعد أن أمضى عاماً واحداً في الحكم فقط، ما يعادل عشرات الأعوام عند ملوك آخرين. عام واحد فقط، حصد قطز والمسلمون معه، أعظم نتيجة يمكن تصورها، وهي فناء وهلاك التتار، الذين لم يكن يتصور أحد يومها أنهم سيهلكون، أو كيف سيكون هلاكهم وفناؤهم. حتى قال كثيرون بأن قطز إنما حياته كانت مراحل متنوعة من التربية والإعداد الرباني لصناعة قائد يحقق هدفا واحدا محددا مطلوبا منه، وما إن يتحقق الهدف حتى يختفي من المشهد فوراً وبخاتمة لا تتناسب مع رجل عظيم مثل سيف الدين قطز، حيث مات مقتولاً رحمه الله على يد المماليك أنفسهم، لكن هكذا الأقدار وهكذا هي المشيئة والحكمة الإلهية.
نخلص من هذا الحديث:
أن الله ناصر عباده ولو كره الكارهون، وأن هذا الدين "يبلغ ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر".
والتدبير الإلهي باق إلى ما يشاء الله أن يبقى، يقلب الله به الموازين المادية، سواء استوعبه منطقنا البشري أم لم يستوعبه، وقصص بدر وموسى وقطز، غيض من فيض. والله غالب على أمره ولو كره الكافرون.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
111
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
198
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
282
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
د. عـبــدالله العـمـادي
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4173
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1605
| 02 ديسمبر 2025