رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

375

مزارعون لبنانيون على حدود سوريا يهجرون أراضيهم قسرا

31 يناير 2014 , 04:05م
alsharq
الدبابية

تعيش القرى الحدودية شمال لبنان، ومنذ أكثر من عامين ونصف على وقع الأحداث السورية، فلا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض لعمليات قصف تسببت بمقتل عدد كبير من المواطنين كما بتعطيل أعمال عشرات المزارعين الذين لم يعودوا قادرين على استثمار أراضيهم في ظل عدم اكتراث الدولة لأمورهم.

منطقة قاحلة

وترد قوات النظام السوري، سبب استهدافها الدائم لمناطق حدودية لبنانية وبالتحديد في الشمال، لتحولها "بؤرة لتسلل الإرهابيين أو لاحتضانهم".

وقد انعكست هذه الأوضاع مباشرة على أحوال المزارعين المحليين، وأصحاب الأراضي الذين لم يعودوا قادرين على الوصول إليها لسببين، الأول أن المنطقة الحدودية زرعت بالألغام، وثانيا لأن كل مزارع يتجرأ ويخاطر بالوصول إلى أرضه معرض للقتل.

هذا الواقع حوّل هذه المنطقة إلى جرداء قاحلة وجعل أهاليها أسرى منازلهم مهددين بفقدان مصدر رزقهم الوحيد.

مختار بلدة الدبابية الحدودية في منطقة عكار، نور الدين كوجا، اختصر معاناة العشرات من أهالي المنطقة، فقال:"أملاكنا كلها أملاك زراعية وأراضينا تقع بمحاذاة النهر الكبير الجنوبي، ومنذ 3 سنوات، نعاني من الاعتداءات اليومية المتكررة".

أعمال قصف

وأوضح كوجا، أنّه ومنذ سنة حاول المزارعون زراعة أراضيهم بالقمح وغيرها من المزروعات ولكن لم يستطع أيا منهم جني موسمه خوفا من أعمال القصف.

وشدّد كوجا، على أن الدولة أمام "خيارين لا ثالث لهما، فإما تعوّض عن خسائرنا أو تؤمن دخولنا بسلامة إلى أراضينا"، وأضاف:"وحاولنا أن نوصل صوتنا إلى المسؤولين لكن أحدا لم يلتفت إلينا".

وكأن خسارتهم لمصدر رزقهم الوحيد لم يكن كافيا، فالقصف المتكرر حوّلهم لأسرى داخل منازلهم، الأغلبية منهم لم تعد تجرؤ على التجول بعد الساعة السادسة من مساء كل يوم.

وقال كوجا: "نعيش في حالة من الرعب والخوف خصوصا أطفالنا"، مشيرا إلى مرارة أكبر حين يتم استدعاء الأهالي إلى فرع مخابرات الجيش للتحقيق "بحجة أننا نحن من يقوم بالاعتداء على الجانب السوري على الرغم من أن غالبية الأهالي هم في عداد الجيش اللبناني".

وقد قتل حوالي 12 لبنانيا وأصيب 20 آخرون برصاص قوات النظام السورية المرابضة على الحدود مع منطقة عكار التي تضم 22 قرية يناصر أغلبية سكانها الثورة السورية.

وطالب كوجا بأن تقوم الأمم المتحدة بحماية الأهالي وقراهم في حال عجزت الدولة عن ذلك، وقال:"من المؤسف انه عندما تقصف منطقة الهرمل (معقل حزب الله شرق لبنان) نرى الجميع يتحركون فلماذا نبقى متروكين ولا احد يتحرك عندما تقصف قرانا؟"

وتتعرض منطقتي الهرمل وبعلبك شرق لبنان، وهما معقلين لحزب الله لعمليات قصف من مواقع تسيطر عليها قوات المعارضة السورية من داخل سوريا وعلى سلسلة جبال لبنان الشرقية، ردا على قتال عناصر حزب الله إلى جانب النظام السوري.

تحدي الواقع

ومن تجرأ على تحدي هذا الواقع، تعرض لإطلاق نار من الجانب السوري، وقال حسن خضر مصطفى:"أنا فلاح منذ 40 سنة وممنوع علي اليوم الاقتراب من أرضي...أنا أشتاق إليها حاولت مرات عديدة الوصول إليها فأطلقوا النار علينا". وتابع بحسرة:" اذهبوا وانظروا إلى ما أصبحت عليه حالة أراضينا".

واستهجن خضر عدم اكتراث السلطات أو الجيش، وقال:"كأن ما يحدث لا يعنيهم على الإطلاق"؟

وتتشابه أحوال المزارعين الذين باتوا يتجمعون في وسط البلدة بما أنّه لم يعد لديهم أي عمل يزاولونه.

بدر كوجا، صاحب مزرعة تقع على ضفاف النهر الكبير الذي يفصل الأراضي اللبنانية والسورية، لم يعد يتمكن من الوصول إليها منذ فترة.

واختصر كوجا معضلة تواجدهم على الحدود مع سوريا، وهي التي نعمت بالهدوء لعقود غير متأثرة بكل جولات الحروب اللبنانية، قائلا:"عندما نحاول الاطمئنان على مصدر عيشنا تطلق علينا النيران، وحين نشتكي للدولة تدعونا للصبر!"

ولعل أكثر ما يفتقده سكان هذه المناطق كما جيرانهم السوريين سهولة التنقل عبر الحدود، بحيث كانوا في مرحلة ما قبل الأزمة السورية يقطعون النهر الفاصل ما بينهم لزيارة أقربائهم على المقلب الآخر.

ولم تقتصر زيارات اللبنانيين على الشق الاجتماعي، فكانوا يقصدون المناطق السورية القريبة لشراء حاجياتهم وحتى لتلقي التعليم في المدارس هناك.

مساحة إعلانية