رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1066

المعارك المذهبية صراع تاريخي مستمر باليمن

30 أكتوبر 2014 , 02:41م
alsharq
صنعاء - وكالات

تخوض مليشيا جماعة أنصار الله "الحوثيون"، التي أسقطت العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، العديد من المواجهات المسلحة مع قوى قبلية ودينية في المحافظات اليمنية، التي تمد إليها نفوذها الآن، وهي بذلك تعيد إلى الأذهان تاريخا من الصراع المذهبي الجغرافي في البلاد.

صراع تاريخي

وخريطة المواجهات العسكرية الراهنة بين الحوثيين والقبائل في محافظتي إب والبيضاء، وكذلك مع الحراك التهامي في محافظة الحديدة، هي ذاتها خارطة الصراع التاريخي بين أسلاف الحوثي "الأئمة الزيود الشيعة"، وبين أسلاف من يقاومون تمدده الآن في تلك المناطق.

فمنطقة "يريم" التي تدور فيها المعارك بين الحوثيين والقبائل في محافظة إب، هي ذاتها كانت تشهد معارك تاريخية بين أسلاف الطرفين، آخرها في القرن الـ19 عقب خروج الأتراك الأول من البلاد "الذين كانوا حكموا كل اليمن الشمالي" بين أحد الأئمة الشيعة الذي نصب نفسه حاكما في صنعاء، هو المتوكل على الله إسماعيل، وبين "الفقيه سعيد" وهو أحد الفقهاء الشافعية السنة، الذي قاد حركة شعبية ونصب نفسه حاكما في إب، والمناطق السنية المحيطة بها، والذي خسر تلك المعركة، وتمكن خصمه المتوكل من أسره وقتله بعد ذلك، ومد نفوذ حكمه إلى المنطقة، وقام أيضا بتوطين عدد من القبائل الزيود التي قاتلت معه وأقطعهم أهم الأراضي الزراعية الخصبة هناك، حيث إن محافظة إب من أخصب المناطق، فيما المناطق التي قدمت منها تلك القبائل هي من أفقر وأجدب مناطق اليمن.

وتدور المعارك الراهنة بين الحوثيين والقبائل اليمنية التي تقاوم توسعهم في تلك المناطق، كحركة شيعية تسعى لاستعادة الإرث الزيدي الذي كان حاكما قبل قيام النظام الجمهوري في العام 1962.

المحافظات الحوثية

وربما لم تجد الحركة الحوثية صعوبة في السيطرة على تلك المحافظات ذات الانتماء التاريخي للمذهب الزيدي الشيعي وهي المحافظات الممتدة على الهضبة الداخلية لليمن وسط البلاد، من صعدة، حتى ذمار مرورا بعمران وصنعاء وبعض المناطق الداخلية لمحافظتي المحويت وحجة، إلا أن هذا التمدد يثير حساسية المحافظات ذات الانتماء التاريخي للمذهب الشافعي السني، ويعيد إلى مشاعر الناس هناك تاريخا من الصراع بين أسلافهم وأسلاف الحوثي، وهي المحافظات التي تطوق الهضبة الداخلية "الزيدية" من الغرب والجنوب والشرق، مما كان يعرف باليمن الشمالي، وهي الأجزاء الغربية لمحافظات حجة، المحويت، ذمار، ومحافظتي ريمة والحديدة إلى الغرب على البحر الأحمر، ومحافظات تعز، وإب، والبيضاء جنوبا، ومحافظتا مأرب والجوف إلى الشرق.

عودة الصراع التاريخي

وبعد نصف قرن من قيام النظام الجمهوري في العام 1962 الذي قضى على حكم الأئمة الذين كانوا يستندون إلى الإرث المذهبي الهادوي "الشيعي"، في دعوى أحقيتهم بالحكم، قطع اليمنيون أشواطا كبيرة في تجاوز تلك الصراعات التاريخية الناتجة عن التوسع العسكري والسياسي للمذهب، إلا أن الحركة الحوثية، كحركة تسعى لاستعادة ذلك الإرث المذهبي ودعاويه بالحق الديني في الحكم، والتي هي أيضا تتوسع الآن في المحافظات وتسقطها بقوة السلاح، قد تعيد بذلك الصراع التاريخي المذهبي إلى الواجهة، وقد بدت بعض ملامحه تظهر على السطح.

الخطير في الأمر هذه المرة، هو أن الخارطة الجغرافية المذهبية لم تعد على حالها بعد نصف قرن من النظام الجمهوري، ففي المناطق الزيدية التاريخية الكثير ممن تحولوا عن المذهب، كالسلفيين والإخوان وبعض قادة القبائل ورجالها، وممن تلقوا تعليميا متفوقا، وفي المناطق السنية التاريخية أيضا بعض المتعاطفين مع الحركة الحوثية، كالأسر الهاشمية.

وإنتاج دورة أخرى من الصراع التاريخي المذهبي والجغرافي قد تكون الأسوأ على الإطلاق، وقد لا يستطيع اليمن التعافي منها بسهولة، هذا إن احتفظ بوجوده السياسي كما نعرفه الآن.

مساحة إعلانية