محليات

2558

نور موسى: شرب المياه بكميات زائدة لا يمنع العطش

يتزامن شهر رمضان مع موسم الصيف مما يزيد الشعور بالعطش لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف خاصة الأيام التي نمر بها الآن ومع ازدياد عدد ساعات الصيام هذه العام لتصل إلى حوالي 15 ساعة إلا أن الأجر بالتأكيد أكبر وأعظم أجر. وقال رسول الله — صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنب".

ويشتد شعور الصائم نتيجة فقد الجسم للماء على مدار تلك الساعات ليصل إلى الإفطار وهو في حاجة ماسة لتعويض فوري وكاف لما فقدته الأنسجة من سوائل.

والعطش من أبرز ما يواجه الصائم خاصةً في فصل الصيف، لذا يعتقد الكثيرون أن شرب كميات كبيرة من الماء عند السحور تحمي من الشعور بالعطش أثناء الصيام، وهذا اعتقاد خاطئ.

والماء مفيد لكل أجهزة الجسم ولذا يحتاج الشخص العادي إلى تناول ما بين 2 إلى 3 لترات ماء أو سوائل يومياً، وتزيد هذه الكمية في حالة الحمل والرضاعة والطقس الحار.

فنجد البشرة مثلاً تحتاج إلى تناول الماء بانتظام لأن نقص الماء يؤدي إلى جفافها وتشققها وظهور التجاعيد المبكرة وتشقق الشفاه، كما أن الماء يعطي العين البريق، أما نقص الماء فيؤثر على العين ويؤدي إلى جفافها، أما القلب فالماء مفيد جداً لعدة أسباب، حيث إنه يقلل من لزوجة الدم مما يقلل من المجهود في ضخ الدم بصورة جيدة إلى أجزاء الجسم، كما أنه يساعد في منع حدوث الجلطات والأزمات القلبية.

فضلا عن أن تناول الماء يزيد من كفاءة عمل الجهاز الهضمي الغذائي، ويزيد من إنتاج الطاقة في الجسم ما يؤدي إلى حرق السعرات الزائدة ويساعد على الاستفادة من الرجيم وإنقاص الوزن.

ويساعد شرب الماء أيضاً بانتظام على التخلص من الأملاح المتراكمة التي تؤدي إلى حصوات الكلى وارتفاع ضغط الدم، حيث وجد أن بعض الأشخاص الذين يعانون منه قد يكون بسبب تراكم الأملاح في أجسامهم. والماء مهم أيضاً للحفاظ على الأسنان لما تحتويه من أملاح معدنية وكلوريد وفلوريد ويساعد الماء أيضاً على إفراز اللعاب لتسهيل عملية مضغ الطعام والهضم.

هذا غيض من فيض فوائد الماء الذي قال فيه الله عز وجل (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، ولكن كيف يمكننا أن نساعد أجسامنا في الحفاظ على الماء والتقليل من الشعور بالعطش؟

وللإجابة عن هذا التساؤل أسدت نور موسى — أخصائية التغذية بمستشفى الوكرة، عددا من النصائح والوسائل التي تمكن الصائم من تخفيف الشعور بالعطش في نهار رمضان وكذلك بعض الإرشادات عن ما يجب تناوله.

ولفتت إلى أهمية احتواء الوجبات الغذائية على طبق السلطة، مبينة أنه يحتوي على عناصر غذائية مرطبة ومفيدة، ناصحة في السياق ذاته بوجودها بشكل يومي على مائدة الإفطار.

وتابعت قائلة "وأوصي بأن يتكون طبق السلطة من مجموعة من الخضراوات غير المطبوخة مثل: الخيار والجزر والطماطم والخس والبقدونس والكزبرة الخضراء والكرفس والملفوف وأنواع أخرى لا تحصى، ويفضل تناول السّلطات قليلة السعرات الحرارية نسبياً، حيث تكون قليلة بالدهون والنشويات، لكنها غنية بالألياف والمعادن والفيتامينات التي تمد الجسم بالحيوية والنشاط والماء اللازم للجسم، كما أنها تسد حاجاتك من الماء طوال النهار لما تحتويه من عناصر مرطبة".

وحول كميات الماء التي يمكن تناولها خلال الليلة، نوهت بأهمية تناول كميات كافية من الماء بهدف تعويض احتياجات الجسم حيث لا يمكن الاستعاضة بمشروب آخر عن الماء، ناصحة بتناول كميات معقولة من الماء في فترات متقطعة من الليل؛ في الفترة بين الفطور والسحور، مضيفة في السياق ذاته "ويمكن إضافة بعض النكهات الطبيعية الصحية لكوب الماء مثل شرائح الليمون، الزنجبيل، ماء الزهر، ورق النعناع".

وقالت "يفضل شرب الماء في درجة الحرارة العادية أو متوسطة البرودة، حيث ان شرب الماء المثلج عند بداية الإفطار يؤثر على المعدة مما يقلل كفاءة الهضم؛ مما يؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية، وبالتالي يُحدث بعض الاضطرابات الهضمية".

وأشارت إلى ضرورة تناول الفاكهة الطازجة عند السحور، لما تحتويه هذه الأغذية من كميات جيدة من الماء والألياف التي تمكث فترة طويلة في الأمعاء وتستغرق وقتاً أطول في المضغ عند تناولها، ويساعد عدم القدرة على هضمها على الشعور بالشبع، وعدم الشعور بالجوع لمدة أطول.

ولفتت إلى تجنب تناول الأكلات والأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل، وأيضاً الأغذية المالحة والمخللات خاصة عند وجبة السحور، لأنها تزيد من حاجة الجسم لكميات كبيرة من الماء بعد تناولها.

وتابعت قائلة "مع ضرورة الابتعاد عن تناول العصائر المحتوية على مواد مصنعة وملونة اصطناعياً والتي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، حيث ان السوائل عالية التركيز من السكر تحث الجسم على إدرار البول وزيادة الشعور بالعطش؛ لذا ينصح الصائم بالاعتدال في تناول الحلويات والمشروبات الرمضانية عالية التركيز من السكر وينصح باستبدالها بالعصائر الطازجة والفواكه".

ونوهت بأن البطيخ من الفاكهة الصيفية المفيدة في أيام الصيام، لما له من أثر ملطف على المعدة، إضافة إلى غناه بالعديد من العناصر التي تكفي حاجة الإنسان من الماء والفيتامينات والمعادن طوال اليوم خاصة في أيام الصيف الحارة.

وحذرت من الإفراط في تناول المنبهات التي تحتوي نسبا عالية من الكافيين مثل القهوة والشاي، خاصة على وجبة السحور، مضيفة "ان الكافيين يعمل على إدرار البول مما يجعل الجسم بحاجة لسوائل أكثر ويزيد الشعور بالعطش، ومن الممكن استبدال هذه المشروبات بالأعشاب الطبيعية مثل: اليانسون والشاي الأخضر وغيرها".

وأوضحت فوائد تناول الزبادي أو اللبن الرائب قليل الدسم، مشيرة إلى احتوائه على بكتيريا نافعة تساعدك على الهضم فتمنع الإحساس بالعطش والانتفاخ والحموضة، مؤكدة أهمية وضرورة أن تحتوي مائدة الإفطار والسحور على الزبادي أو كوب من اللبن الرائب.

وحذرت من التعرض لأشعة شمس الصيف الحارقة بشكل مباشر مما يتسبب بإفراز كميات كبيرة من العرق وهو ما يساهم في الشعور بالعطش، موضحة أهمية تجنب الأنشطة والتمارين الرياضية التي تتطلب الكثير من الجهد وتسبب التعرّق مما يزيد الإحساس بالعطش.

وحول المعتقدات الخاطئة عن العطش في رمضان، أوضحت أن من بين المعتقدات الخاطئة أن تناول السمك في رمضان يزيد العطش، مضيفة "الحقيقة هي أن التوابل المضافة بكثرة للسمك هي السبب في ذلك لما تقوم به من امتصاص للسوائل من الجسم في فترة الصيام".

وتابعت قائلة "أما السمك فهو من الأغذية التي ينصح بتناولها لأنه سريع الهضم ويحتوي على نسبة من الأملاح المعدنية ومادة أوميجا 3 التي تمنع ترسب الكولسترول".

وأردفت قائلة "كما يعتقد بعض الأشخاص أن تناول كميات كبيرة من الماء عند السحور يحميهم من الشعور بالعطش أثناء الصيام، وهذا اعتقاد خاطئ لان معظم هذه المياه الزائدة عن حاجة الجسم تقوم الكلية بإفرازها بعد ساعات قليلة من تناولها".

وبينت أن أفضل طريقة لحماية نفسك من العطش خلال الصوم تتمثل في كوب من المياه كل نصف ساعة بعد الإفطار حتى الساعة الثانية عشرة ومن بعدها شرب كوب من المياه قبل السحور ونصف كوب بعد الانتهاء من السحور وبهذه الطريقة تعطي جسمك المياه التي يحتاجها والتغلب على العطش أثناء الصيام".

وذكرت في الختام قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (إن لك من الأجر على قدر نصبك) فلابد من احتساب الأجر على الجوع والعطش والمشقة، مضيفة "نسأل الله أن يأجرنا على صيامنا ويجعلنا ممن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ببركة الشهر الكريم".