رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

2163

رصد لتفاعل المثقف العربي مع الحدث..

كُتاب ونقاد لـ الشرق:"وردة الصحراء" رسالة في الاعتراف والتعايش وواجهة مشرّفة للثقافة العربية

28 مارس 2019 , 07:00ص
alsharq
متحف قطر الوطني في أبهى حلة
هاجر بوغانمي:

أثار خبر افتتاح متحف قطر الوطني الجديد (وردة الصحراء) إعجاب النخب المثقفة في الوطن العربي، وبات الحدث حديث هذه النخب في المشرق والمغرب لما يتميز به المتحف من تصميم فريد استوحاه المصمم الفرنسي جان نوفيل من الطبيعة القطرية، فكانت وردة الصحراء ذلك المكون الصخري المنبثق عن بلورات مسطحة من الكثبان الرملية ملهمة المصمم العالمي، والمدخل الى نشأة قطر جيولوجيا منذ أكثر من 700 مليون عام، أما المحتوى فتراثٌ وإرث حضاري وثقافي يعبر عن ماضي قطر وحاضرها، ويستشرف مستقبلها.

"الشرق" رصدت انطباعات كوكبة من الكتاب والنقاد والفنانين العرب فكان التالي:

د. قويعة: ضخُّ نفس متجدّد للمتحف

 هو تأكيدٌ على احترام الدّولة لتاريخ المجتمع

قال الفنان والناقد التونسي الدكتور خليل قويعة، أستاذ علوم ونظريّات الفنون: تقوم هذه التّحفة المعماريّة على أقراص خرسانيّة بلون الرّمال هي متداخلة، ويخترق بعضها البعض استلهاما من زهرة الرّمال الصّحراويّة الصّامدة والمقاومة والصّلبة، والتي تشهد على آلاف السّنين من التّكوّن والتّراكب الجيولوجي، وتاريخ العمارة المعاصرة حافل بهذا الحضور المضمر للطّبيعة كما في مشاريع المعماري الألماني فرانك لويدرايت، وبهذا الحضور الرّمزي كما في أعمال البرازيلي أوسكار نيماير.

وأضاف د. قويعة قائلا: لئن قال مهندس هذا المتحف الدّكتور جون نوفال إنّ عمله هذا يجسّد فكرة مستقبليّة (وهو الحائز به على جائزة أفضل مشروع مستقبلي بفرنسا) فليؤكّد على قيم ما بعد الحداثة التي تقوم على التّنوّع والوحدة في الاختلاف/ الوصل والفصل في ذات الوقت. ورسالة جون نوفال من هذا التّصميم هو أنّ اختلاف الأسلوب والخامات لا يلغي التّعايش والتّواصل ما بين قديم وجديد، حيث نشاهد متحف قطر الوطني يحيط بالقصر الملكي القديم ويعانقه ويسنده، وهو القصر الذي بني سنة 1901 ليصبح أواسط السّبعينات مقرّا لهذا المتحف قبل هذا التّصميم الجديد.

ولا ريب، إنّ ضخّ نفس متجدّد للمتحف هو في حدّ ذاته تأكيد على الإيمان بتراث البلاد واحترام الدّولة لتاريخ المجتمع. ومن ذلك رسالة المتحف نفسها. وهذه الرّسالة الحضاريّة أكثر من أعمال فنيّة ومقتنيات نادرة ومواد ثقافيّة وبيداغوجيّة... إنّها رسالة في الاعتزاز وكذلك في الاعتراف والتّعايش. إذ نأمل أن تكون مستندات للتّأسيس المستقبلي أيضا حتى تتضاعف قيمتها وتكون شغالة على المستوى الإنساني. وذلك بناءً على حوار ثقافيّ خصب ومتبادل مع مختلف حضارات الإنسانيّة ومدّ جسور التّواصل في إطار التثاقف الخلاّق للقيم والمعارف في مواجهة العولمة الثقافيّة التي تتخبّط فيها شعوبنا العربيّة والتي تسعى إلى حجب الخصوصيّات التّراثيّة للمجتمعات. هنا يأتي دور المتحف كمرجع للرّؤى وسند لورقة عمل مستقبليّة، إذ قيمة المتحف في دعم التّأسيس الحضاري وإهداء فتوح ملهمة لصناعة المستقبل.

د. الحجري: تأسيس المتحف بتقنياته المتطورة

 يشكل ربحاً للعرب والمسلمين كافة

قال الكاتب والناقد المغربي الدكتور إبراهيم الحجري: لقد عوّدتنا قطر من خلال مشاريعها التنموية المطردة والمتوازنة على توسيع دائرة اهتمامها بكافة المجالات اقتصادية واجتماعية وعمرانية ومعمارية وثقافية وفنية، وتقنية، بما يتلاءم مع خصوصية عصر سريع التحولات، ويبدو واضحا اهتمام الدولة بالثقافة كخيار استراتيجي مؤسس وواعد لا يمكن النهوض في غنى عنه، وفي الآن نفسه، إعطاء مجال كاف لتحصين الموروث الرمزي، والتراث الثقافي، ليس على مستوى قطر جغرافيا، بل كل التراث العربي والإسلامي، وهنا، وضمن هاته الفلسفة في التدبير الموسع، يأتي اهتمام الدولة بتشييد المتاحف، والفضاءات الذاكرية المتنوعة، والأرشيفات المتعددة، لما لها من أبعاد هوياتية استراتيجية، فالأمة التي لا تهتم بإرثها الرمزي لا ذاكرة لها، وبالتالي لا حاضر ولا مستقبل لها. فتأسيس هذا المتحف الضخم بتقنياته المتطورة، وفضاءاته العملاقة، المجهزة بأحدث الأدوات اللوجستية يشكل ربحا للعرب والمسلمين كافة، ويعتبر في الوقت نفسه، معلمة ذاكرية يحق لنا بوصفنا مثقفين وكتابا ومبدعين وفنانين الافتخار بها، وتثمين الجهود المبذولة في سبيل أرشفة موروثنا الرمزي الذي سنجني ثماره في المستقبل القريب، ويعلي شأننا بين الأمم، ودعم السياسة الثقافية والتدبيرية التي ترسيها قطر في سبيل خدمة مطامح الأمة العربية الإسلامية.

سامي: هذا المشروع العملاق سوف يجعل من قطر

 عاصمة من عواصم الإبداع في العالم

قال الروائي والشاعر التونسي نصر سامي: تبدو وردة الصّحراء للناظر من بعيد ساحرة وشديدة الغموض، بتشكيلاتها البلورية الجيولوجية المكونة من الجبس والبرنت وحبيبات الرمل، التّي تشكّلت في شكل وردة نحتها الزّمان بأنامله. وهي وردة تنبت في الصحراء، وتتّخذ منها جميع صفاتها. هذه الوردة أعادت قطر تشكيلها على أرض الواقع وجسّمتها الهندسة في تصميم فريد بديع غير مسبوق، تبدو فيه بتلات الوردة مورقة ظليلة وارفة تحاكي الأصل.

والحقّ أنّ الوردة صارت بستانا مزدانا بتراث معرفيّ وثقافيّ، قلّ وندر أن جمع في مكان واحد، ووردة الصّحراء هي قبل كلّ هذا جمع بين ثقافة أصيلة تقوم على الإبداع والابتكار، مستدعية ماضيها في شكل احتفائيّ واضح، وبين حاضر يتغيّر ويتطوّر باستمرار مستشرفا المستقبل، وهذا المشروع العملاق سوف يجعل من قطر عاصمة من أهمّ عواصم الإبداع في العالم.

 يلخّص المعرض فصول نشأة قطر، ويروي قصّة تاريخها، ليس الحديث فقط، بل التاريخ الجيولوجي، وسوف يعرض التراث القطري بعرض شواهد وآثار من حياة الأسلاف، وسوف يعرض طريقتهم في إنشاء المدن، ملقية الضّوء على عمليات تحديث المجتمع القطري التّي شهدتها قطر في تاريخها الحديث. مشروع بلا شبيه، يعدّ واجهة مشرّفة للثّقافة العربيّة، وسوف يكون له أثر، ليس فقط في مجال المتاحف، بل في مختلف مجالات الحياة.

حكيم: المتحف لؤلؤة وسط العقد الفريد

قال الشاعر الجزائري ميلود حكيم: إن المتحف الوطني "وردة الصحراء" يعتبر إنجازاً رائعًا يضاف لما قدمته وتقدمه هذه الإمارة في مسارها الحافل بالتحديات والرهانات.. واختيار رمز وردة الصحراء كتعبير جمالي ومعماري عن هذا الصرح، يؤكد الأبعاد الرمزية التي تحملها هذه الوردة التي تنبت في أعماق الرمل وتتكون عبر سنين طويلة، لتقول عراقة الجذور، وصلابة المعدن والأصل، والصبر على عاديات الزمن.. ولعل المهندس الفرنسي جون نوفيل كان واعيا بذلك عندما أبدع شكلا هندسيا مدهشا وحداثيًّا لكنه لا يقطع مع التاريخ والأصالة.. وهذا المتحف هو انتصار أيضا للثقافة والتراث باعتبارهما المعبرين الأهمين عن شخصية الإنسان القطر، وعن تشبثه بأرضه وتاريخه وجذوره التي تتجلى في مواصلة عمل حضاري يضع هذا البلد في أفق الحداثة المفتوح.

 كما سيضاف إلى الصروح الهامة التي تم تشييدها في السنوات الأخيرة، ليكون لؤلؤة وسط العقد الفريد، الذي يجعل من دولة قطر تشمخ بالتحديات وتعلو بين الأمم بالتميز والفرادة، ولا ريب أنه سيحتفي من خلال موجوداته المتحفية، ووثائقه النادرة، والخبرات التي ستسيره، بتاريخ هذا البلد الشقيق الذي يدهشنا كل يوم بما يرفعه من أحلام تتجسد واقعا مختلفا وغنيا، وتتسطّر حروفا خالدة، ومعالم شامخة، ورؤى فاتحة، لا يمكن إلا أن نضع لها اسم التميز والتفوق والفرادة.           

مساحة إعلانية