تقارير وحوارات

787

ملهي: الحوثيون واجهة لنظام علي صالح في اليمن

قال عبدالحميد ملهي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية اليمني، إن جماعة الحوثي هي الواجهة للنظام القديم بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وإنها قد حصلت على دعم من إيران والإمارت وبتخطيط من النظام السابق.

وكشف ملهي في حوار لـ الشرق أن جماعة الحوثي تعدادها يبلغ 20 ألف فرد فقط، وهم ما كانوا يستطيعون فعل ما فعلوه لولا دعم النظام القديم وقوى إقليمية نكاية في جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة في التجمع اليمني للإصلاح.

وأبدى ملهي تخوفه من استمرار الوضع على ما هو عليه وعدم انصياع الحوثيين لمخرجات الحوار اليمني، وهو ما سيترتب عليه تفكك الدولة وتقسيمها.

كما شدد على أهمية وجود الرئيس عبدربه منصور هادي، باعتباره الرئيس الشرعي للبلاد وباعتراف جميع الدول الغربية والإقليمية، وقال إن هذه الدول مقتنعة بأهمية وجوده؛ لأنه في حال غيابه ستدخل البلاد في حالة فوضى لا يريدها أحد.

►نود معرفة الوضع الميداني في اليمن الآن بعد دخول جماعة الحوثي صنعاء والاستيلاء على مؤسسات الدولة هناك؟

◄الوضع في اليمن الآن ملتبس ومرتبك، وخاصة أن مليشيات الحوثي التي دخلت صنعاء لايزالون موجودين من خلال اللجان الشعبية التابعة لهم، وكذلك أفرادهم المسلحون بجوار القوات العسكرية التابعة للدولة، والتي تتداخل مهماتها مع مهمات هذه المليشيات، ما يحدث نوعا من الإرباك لدى حركة الشارع اليمني.

مليشيا صغيرة

►معروف أن جماعة الحوثي قليلة العدد، مقارنة بالشعب اليمني، فالسؤال هنا كيف لجماعة قليلة مثل جماعة الحوثي أن تستطيع الاستيلاء على عاصمة الدولة اليمنية صنعاء بهذه السهولة، هل لكم أن توضحوا لنا؟

◄أولا جماعة الحوثي هي في الأصل مليشيا وجماعة صغيرة وتعددادهم لا يتجاوز الـ 20 ألفا، سواءً الموجودين في صعدة أو عمران أو محافظة البيضاء، وفي الحقيقة إن جماعة الحوثي هي واجهة النظام القديم بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولولا تحالفهم لما استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوا ولما استطاعوا أن يدخلوا إلى صنعاء.

►إذا الحوثيون واجهة لنظام علي عبدالله صالح القديم؟

◄هذه هي الحقيقة، ولولا تحالفهم مع بعضهم البعض لما استطاع الحوثيون أن يدخلوا صنعاء.

مبادرة شكلية

►وكيف استطاع النظام القديم أن يمكن الحوثيين من دخول صنعاء والاستيلاء على المؤسسات، وما هي أهدافه؟

◄نحن نعلم أن المبادرة الخليجية كانت عبارة عن تسليم السلطة بصورة شكلية فقط للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي، وبقي الرئيس السابق يحتفظ بالنفوذ داخل المؤسستين العسكرية الأمنية وأيضا الجهاز المدني والمنظومة القبلية المدنية وكذلك جميع العلاقات المتشابكة الموجودة في كل أنحاء اليمن ولم يحدث أي تغير في البلاد، وهذا الأمر جعل النظام القديم يستغل هذه الأمور ويحرض جماعة الحوثي للقيام بهذه الأفعال.

►إذا ثورة الشعب اليمني لم تؤثر على الوضع في اليمن ولم تستطع إقصاء النظام القديم بشكل جذري؟

◄بالطبع لأن النظام القديم ظل يتربص بالمرحلة الانتقالية إلى أن أتيحت له الفرصة فعاد، لكن بشكل آخر وصورة أخرى.

مناورات هوليوودية

►لكن من المعروف أن هناك صراعا بين جماعة الحوثي والنظام القديم نتج عنه حروب سابقة، فهل تم التصالح بينهما أم ماذا؟

◄كانت هناك حروب بين الحوثيين ونظام علي عبدالله صالح وقد خاضوا فيما بينهما 6 حروب ابتداء من 2004 إلى 2010، ولكن اتضح فيما بعد أنها مجرد حرب مناورات أشبه بأفلام هوليوود التي تصنعها أمريكا.

►وما هو دافع النظام السابق لكي يحول هذه الحروب إلى أفلام هوليوود؟

◄لأنه كان يدفع بالوحدات والقيادات العسكرية التي يريد أن يتخلص منها إلى المواجهة، وخاصة رفيقه وزميله علي محسن الأحمر، باعتبار الأخير كان معارضا لتولية أحمد ابن علي عبدالله صالح لقيادة الحرس الجمهوري.

كل شيء متوقع

►وهل الوضع الحالي في اليمن قابل للتصاعد؟

◄كل شيء متوقع وجميع السيناريوهات مفتوحة ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيحدث، ومن الممكن أن تحدث موجهات أكثر دموية من الفرقاء الموجودين في اليمن سواءً الذين كانوا حلفاء في الدخول إلى العاصمة أو بين المليشيات الحوثية والدولة.

►لنفترض أن هناك اتفاقا بين النظام القديم والحوثيين، فهل أيضا هناك اتفاق بينهم وبين السعودية التي ترفض سيطرة أي كيان شيعي على أي دولة عربية، سيما دولة مجاورة هي اليمن؟

# السعودية لم تكن أبدا على وفاق مع جماعة الحوثي إلى عام 2009، حيث حدثت مواجهات بينهما أثناء غياب الأمير سلطان ولي العهد السابق، ونظرا لأن الحوثيين لديهم خبرات قتالية جيدة استطاعوا الصمود في مواجهة السعودية إلى أن أتى ولي العهد وقام بتوقيع اتفاق معهم هذا الاتفاق تم على أساس تداول المصلحة، حيث يقوم الحوثيون بالحفاظ على الحدود السعودية المجاورة لليمن، وهذا الاتفاق قائم إلى الآن ولم يتغير .

أولاد الأحمر

►هل لك أن تعرفنا من الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن؟

◄الذي يمثل جماعة الإخوان في اليمن هو التجمع اليمني للإصلاح، فأولاد الشيخ عبدالله حسين الأحمر الجناح القبلي والشعبي للإصلاح والجنرال علي محسن الأحمر يمثل الجناح العسكري للإصلاح والشيخ عبدالمجيد الزنداني جزء مهم من الحركة وحزب الإصلاح، وللعلم حزب الإصلاح هو حزب مدني.

►لكن تجمع الإصلاح اليمني كان على توافق مع السعودية، والشيخ عبدالله الأحمر كانت تربطه علاقات قوية بالسعودية، فما الذي جرى؟

◄هذا صحيح إلى أن جاءت ثورات الربيع العربي وبدأ الإصلاح ينادي بالديمقراطية، ما أوجد نوعا من القلق، وخاصة أن اليمن دولة مجاورة وتربطها حدود كبيرة مع السعودية، وهناك نوع من التقارب النوعي بين الشعبين.

مواجهة القاعدة

►يقال أيضا إن صعود الحوثيين في مواجهة تنظيم القاعدة الموجود بقوة على الأراضي اليمنية؟

◄هذا غير صحيح فالتأييد للحوثيين من أجل مواجهة الإخوان فقط وامتدادهم القبلي والشعبي في اليمن.

►وما هو دور إيران، وخاصة أن جماعة الحوثي هي في الأصل جماعة شيعية؟

◄إيران هي الممول الرئيسي للحوثيين، وقد سبق أن قامت بتدريب عناصر منهم عسكريا وقاموا بتسليحهم عن طريق اتفاق بين الحوثيين وجماعة حزب الله اللبنانية والإيرانيون الآن يتكلمون بأن الحوثيين ذراع عسكري يمني للحرس الثوري الإيراني.

تحالف نفعي

►إذا استثنينا المذهب الشيعي، هل هناك تقاطعات أخرى تربط الحوثيين بإيران؟

◄تحالف الإيرانيين مع الحوثيين هو تحالف نفعي مصلحي لا أكثر ولا أقل، وليس بسبب المذهب، بدليل أن جماعة الحوثي تحصل على تمويل من إيران الشيعية ومن دول أخرى، كما أن لديهم تواصل أيضا مع الأمريكان ويخدّمون على مصالحهم، كما يقومون بضرب القاعدة في اليمن بالوكالة عن الأمريكان.

تواطؤ قيادات

►قلت إن هناك اتفاقا بين جماعة الحوثي والنظام القديم، إذا لماذا لم تتصد الدولة متمثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي لهم؟

◄لقد ذكرت أنه لولا تواطؤ بعض القيادات العسكرية الموالية للنظام القديم لما استطاعت مليشيا الحوثي الوصول إلى صنعاء، أما موقف الرئيس عبدربه منصور هادي، فهو قد التزم الصمت وأعطى تعليماته للجيش بعدم المقاومة وعدم التصادم مع هذه المليشيات بالقوة، خوفا من الخسائر التي سيحدثها هذا الاصطدام بين مؤسسات الدولة والحوثيين، وخوفا من الفوضى التي يريدها الرئيس السابق ويسعى إليها.

►إذا الرئيس عبدربه منصور هادي قد جنّب البلاد حالة الفوضى؟

◄نعم، الرئيس جنب البلاد ما كان يخطط له الرئيس السابق ويسعى إليه بإحداث فوضى في البلاد، ثم يعود هو بدور المنقذ.

►لكن في المقابل، هناك من يرى أن أفعال جماعة الحوثي حاليا هي من تهدد بقاء الرئيس منصور هادي؟

◄لا أعتقد ذلك، فالجميع متفق على أن الرئيس عبدربه منصور هادي هو الممثل الوحيد للشرعية في البلاد، وعدم وجوده سيحدث حربا أهلية كبيرة في اليمن، خاصة بوجود كم هائل من الأسلحة مع المواطنين.

►ماذا ينتظر الشعب اليمني من القمة الخليجية القادمة؟

◄بصراحة الشعب اليمني لا يأمل في القمة الخليجية المقبلة أي شيء أبداً.

داعش

►هل في الإمكان أن يصل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إلى اليمن؟

◄لا أعتقد ذلك؛ نظرا لوجود مسافات وحواجز بيننا وبين التنظيم، ثم إن أهداف التنظيم لا تتوافق مع طبيعة الشعب اليمني.

►لكن المعروف أن اليمن به وجود لتنظيم القاعدة؟

◄هذا صحيح، لكن هناك فارق بين مطالب القاعدة ومطالب تنظيم الدولة.

►في أثناء دخول الحوثيين إلى صنعاء كانوا يرفعون شعارات ومطالب اجتماعية واقتصادية، فماذا كان غرضهم من ذلك؟

◄سبق أن ذكرت أن الحوثيين لديهم هدف استراتيجي بتحالفهم مع رموز النظام السابق، وهذه الرموز لديها خبرة في كيفية خداع الشعب وكيفية التحشيد، لذا هم من رسموا للحوثيين أن يرفعوا هذه الشعارات كي يحصلوا على التأييد الشعبي، رغم أن هذه الشعارات التي رفعوها مثل الفساد وغلاء الأسعار لو نظرنا إلى الحقيقة سنجد أن من تسبب فيها هو النظام السابق وليس الحالي، وقد تجد أيضا الحوثيون شعارات مثل الموت لأمريكا وإسرائيل وهم أبعد كليا عن محاربة أمريكا وإسرائيل، بل هم من يقومون بالتنسيق مع أمريكا في مواجهة تنظيم القاعدة.

►بخصوص شعارات الحوثيين، فقد جرت مفاوضات بين الدولة وبينهم، فما هي أهم مطالبهم؟

◄لديهم مطالب سياسية خاصة بجماعتهم وليست مطالب شعبية واقتصادية كما يرفعونها في فاعلياتهم.

لامذهبية ولا حزبية ولا جهوية

►لو استمر الوضع على ما هو عليه، فهل تستطيع جماعة الحوثي أن تحكم اليمن؟

◄لا يمكن لجماعة أيا كانت أن تستطيع حكم اليمن سواء أكانت مذهبية أو حزبية أو جهوية، فهذه الأمور لا وجود لها الآن بعد ثورات الربيع العربي، وأنا أرى أننا إذا أردنا الاستقرار لليمن، فلا بد من نظام تشاركي اتحادي وغير مركزي وفقا لمخرجات الحوار الوطني، وقد أدرك ذلك اليمنيون وجميع من يترتبط بعلاقة جيدة باليمن.

►وما هي مخرجات الحوار الوطني؟

◄الحوار الوطني تكلم عن دولة مدنية ذات حكم تشاركي واحترام للمواثيق وحقوق الإنسان، بما تقتضيه الأمم المتحدة وأن يكون الحكم تداوليا بدون إقصاء أو تهميش أي كيان أو استئثار للسلطة من أي الفئات والشعب اليمن من الممكن أن يقبل بأدنى هذه المطالب، لكن بشرط عدم الإقصاء وأنا أرى أنه بدون هذه الأمور ستدخل اليمن في دوامة عنف متواصلة.

ثورة مضادة

►وهل تعتبرون ما يحدث الآن في اليمن ثورة مضادة مثلما هو الحال في دول أخرى؟

◄بالطبع هي ثورة مضاده بكل المقاييس يقودها النظام السابق.

►ما هي الاحتمالات المتعلقة بمستقبل اليمن إذا ما استمر الوضع الحالي؟

◄جميع الاحتمالات مفتوحة وربما الأقرب هو التقسيم والتفتت إلى دويلات، والاحتمال الموازي لهذا الأمر هو حدوث حرب أهلية يعيش اليمنيون في وضع اللادولة مثلما هو الحال في الصومال.

►كانت هناك تفاوضات تمت بين المعارضة والنظام، فماذا أسفرت؟

◄أسفرت عن أن يتم الاتفاق على النسخة الجديدة من الدستور ويتم الاستفتاء عليه مع استمرار العملية السياسية في مسارها ويأخذ كل فصيل سياسي وضعه ويقبل بالشراكة بعد التخلي عن محاولات الاستيلاء على الحكم والاستئثار بالنظام، وأن تكون هناك قطيعة مع النظام السابق، وخاصة أن هناك من يريد عودته.