رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2346

نازح يحوّل كهفاً منسياً إلى متحف تراثي في إدلب

26 مايو 2021 , 07:00ص
alsharq
إدلب - سونيا العلي

حوّل مهندس سوري نازح مغارة منسية في إحدى مناطق إدلب الى تحفة فنية بطراز معماري فريد، تحكي عن ملايين السنين، وتروي قصة الإنسان عبر الحضارات المتعاقبة، واستطاع خلال شهرين من العمل المتواصل أن يجتذب الكثيرين لزيارة الكهف الذي أصبح قبلة للزوار ومتنفساً للأهالي الذين يهتمون باستطلاع ما يحويه من منحوتات، تعكس ذوقاً في التصميم والتنفيذ، وحساً مرهفاً في الابتكار.

المهندس ومصمم الديكور عبد المعطي السعيد (53 عاماً) نزح من بلدة كفرتعال بريف حلب الغربي إلى قرية عقربات شمال محافظة إدلب، بالقرب من الحدود التركية، وعمل في مجال التصميم والديكور الإسمنتي والجص لسنوات عديدة، وعن عمله قال لـ"الشرق": "من صميم المعاناة يولد الإبداع، حيث قمت مؤخراً بتصميم مغارة تبين مراحل تطور الحضارات الإنسانية بهدف نشر الفرح والجمال وسط الحرب والدمار، ولفت الأنظار إلى الكهوف والمغارات التي باتت ملاذ أهالي إدلب للاحتماء من القصف المتواصل من قبل نظام الأسد وحلفائه، إلى جانب إظهار تطور العصور الجيولوجية القديمة وتعاقب الحضارات التي نشأت على الأراضي السورية."

ويشير السعيد إلى أن المنحوتات داخل الكهف تتنوع بين المنحوتات الجدارية والأعمدة الرومانية والبوابات والنوازل السقفية والصواعد والشجيرات المتحجرة، إلى جانب الركن الملكي وألواح الكتابة المسمارية التي تعتبر أول أبجدية عرفها التاريخ، وقد استخدم في نحتها أدوات يدوية وكهربائية، بحيث تحاكي كل قطعة زمنا افتراضيا، مع حرصه على إبراز الشقوق والكسور التي تعكس القدم وتشير لآلاف السنين.

كما يهتم السعيد بهواية شغف بها منذ ما يقارب 30 عاماً، وهي جمع القطع الأثرية والتحف الفنية والشرقيات والنحاسيات، وشرائها من الأسواق نظراً لأهميتها الأثرية والتراثية، وعن ذلك يضيف للشرق: "شغفي الكبير بجمع المقتنيات دفعني لفكرة إنشاء متحف أثري مصغر، يضم العديد من المقتنيات الأثرية المتنوعة."

ويؤكد السعيد بأنه حين اضطر للنزوح من بلدته إلى المناطق الحدودية برفقة عائلته، حمل معه القطع الأثرية، التي جمعها على مدى سنوات عديدة، والتي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من 500 عام، منها السيوف والخناجر والرماح والصواني ومصبات القهوة العربية والثريات والرحى اليدوية القديمة وغيرها، إلى جانب قيامه بتصميم مقاعد مصنوعة من الخشب بطريقة حرفية يدوية.

جميل العبود (40 عاماً) من مدينة سرمدا، مهتم بالآثار، زار المغارة مع أولاده، وأعجب بما شاهده من فن وعن ذلك يقول: "أردت التعرف على هذا العمل الفني المميز، وعند دخولي إلى المغارة شعرت بأنني أقف أمام صرح أثري يعود إلى حقب تاريخية قديمة، حيث يمكن لزائر المغارة أن يلتمس الجمال ويشتم عبق التاريخ في كل زاوية من زوايا المغارة من خلال مشاهدة النقوش والأعمدة والزخارف الهندسية والأقواس المزخرفة، والأرضيات الصخرية، مبيناً بأنه اطلع أيضاً على التحف الفنية الموجودة، وتعرف على أهمية كل قطعة وقيمتها.

أراد المهندس عبد المعطي السعيد أن يوصل رسالة الإنسان السوري المبدع القادر على تحويل ظلمة الحياة إلى نور وفن وإبداع، حيث يفصح عمله عن تحدي الواقع المرير، وإضفاء لمسات فنية على الحجر، لجعله ينطق بالحياة.

مساحة إعلانية