رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1975

القطاع الصحي في لبنان.. كفاحٌ من أجل البقاء! 

25 يوليو 2020 , 07:00ص
alsharq
اماني جحا

ينذر القطاع الطبي في لبنان في الوضع الحالي بكارثتين ضخمتين، الأولى بدأت بوادرها عبر صرف أحد أكبر وأعرق المستشفيات في لبنان، وهو مستشفى الجامعة الأمريكية، 650 موظفاً وكادراً من جسمها الطبي بسبب "التحديات المالية الصعبة والوضع الاقتصادي المتدهور". و"لم يبق لدينا خيارات أخرى سوى تخفيض حجم القوة العاملة لتأمين الاستقرار المالي"، كما جاء في بلاغ قسم الموارد البشرية في المستشفى للموظفين المصروفين تعسفّاً.

وفي هذا المجال، كشف نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ عدد "الموظفين المسرّحين من عملهم في مستشفيات لبنان الخاصة وصل إلى 2500 موظف، أي 10% من عدد العاملين في القطاع".

والكارثة الثانية هي تلويح المستشفيات الخاصة (85 في المائة من المشافي العاملة في لبنان) بالإضراب العام بسبب عدم حصولها على مستحقاتها الضخمة المترتبّة على الدولة.

هذه الحالة المأساوية كانت قد حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من خطورتها قبل أشهر في تقرير لها، أفاد أنّ "العاملين في القطاع الطبي والمسؤولين الحكوميين يحذرون من أن المستشفيات قد تصبح قريباً عاجزة عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى جرّاء الأزمة المالية".

وتنبع هذه الأزمة من عدم سداد الحكومة مستحقات المستشفيات العامة والخاصة، بما فيها المستحقات المتوجبة على "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" والصناديق الصحية العسكرية، ما "يعرقل قدرة المستشفيات على دفع أجور عامليها وشراء اللوازم الطبية، كما تسبب النقص في الدولار في تقييد استيراد السلع الحيوية ودَفَع المصارف إلى تقليص خطوط ائتمانها".

وقال نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ"هيومن رايتس ووتش" إن "وزارة المالية لم تدفع منذ عام 2011 مستحقات تُقدّر بـ1.3 مليار دولار، وهذا يقوّض قدرة المستشفيات على شراء الأدوية والمستلزمات الطبية ودفع رواتب موظفيها".

المستشفيات الخاصة نفذت إضرابات تحذيرية عديدة منذ شهور "لدق ناقوس الخطر حول النقص الذي تواجهه".

كذلك أفاد مستوردو الإمدادات الطبية عن مواجهتهم صعوبات في استيراد المعدات جرّاء النقص في الدولار ما دفع حينها الناطقة باسم مستوردي الأجهزة الطبية سلمى عاصي للتصريح لـ"هيومن رايتس ووتش" بأنه "إذا لم تُحل الأزمة سيدخل الناس إلى المستشفيات وسيموتون داخلها... يحصل من يتلقون غسيل الكلى الآن على دورتي غسيل بدل ثلاث، هل تعرفون ماذا يعني هذا؟ يعني تسمم أجسامهم ببطء. هل تعرفون ماذا يعني نقص أكياس الدم؟... ماذا سنفعل؟ نضع الدم في زجاجات المياه؟".

عملياً، هذا الكلام بدأ بالظهور فعلياً كما حدث مع الطفلين وليد وريحانة، وهو يدل على حجم الأزمة التي تضرب الجسم الطبي والتمريضي وقضية المخصصات للمستشفيات وإهمال الدولة.

نقيب المستشفيات الخاصة عاد ليدق ناقوس الخطر مجدداً، قبل أسبوعين، بإعلانه في مؤتمر صحفي "اقتصار العمل في المستشفيات على استقبال الحالات الحرجة والطارئة فقط"، لأنها "تعاني انهياراً مالياً ونقصاً حاداً في المستلزمات الطبية"، وأن النقابة "تُمهل المسؤولين في الدولة 3 أسابيع للتوصل إلى حلول جذرية لتدارك الوضع الذي أصبحت معه المستشفيات عاجزة عن الاستمرار في العمل وتقديم الخدمات الطبية."

وأوضح أن المستشفيات الخاصة بصدد الإغلاق الكامل في غضون أسابيع قليلة، لافتاً إلى أن "للمستشفيات مستحقات لدى الدولة والارتفاع في سعر صرف الدولار أصبح يحول دون توفير مواد ومستلزمات طبية أساسية وقطع غيار الصيانة للأجهزة والمعدات الطبية، فضلاً عن ارتفاع التكلفة التشغيلية وانخفاض نسب الإشغال بما أدى إلى تدني الإيرادات".

سريعاً ومع سريان المهلة التحذيرية للنقابة، أعلنت وزارة المالية البدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لصرف مستحقات المستشفيات الخاصة. الوزارة ذكرت في بيان لها أن وزير المالية غازي وزني "أصدر تعليمات بإصدار الحوالات المالية اللازمة في سبيل صرف مستحقات المستشفيات الخاصة عن العام الماضي 2019 بقيمة 96 مليار ليرة لبنانية".

ورغم هذه البادرة الإيجابية تجاه المستشفيات فإن دائرة الصعوبات امتدت لتطال أزمة الكهرباء عمل القطاع الطبي في ظل انقطاع التيار الكهربائي طويلاً ما دفع ميزانية المستشفيات نحو ضخ الأموال لشراء وقود للمولدات، كما اضطرت بعض المستشفيات إلى رفض استقبال بعض الحالات للحفاظ على الموارد.

أمام هذا الواقع، صرّح مدير عام مستشفى رفيق الحريري الجامعي، فراس أبيض، لوكالة "أسوشييتد برس" قبل يومين أنه "لا يمكننا محاربة كورونا وفي الوقت نفسه نضطر للتساؤل بشكل دائم لمعرفة ما إذا كنا نمتلك ما يكفي من الموارد المالية والمادية."

ويسعى مدير المستشفى العام الذي يقود جهود مكافحة فيروس كورونا في لبنان للعمل بأقل قدر من التكلفة فعندما دق ناقوس الخطر بشأن نضوب وقود المستشفى تدفقت سلسلة من التبرعات الخاصة، وتعهدت الحكومة بتوفير الوقود.

وأضاف: "لا أعتقد أن أي شخص يتملك إستراتيجية طويلة المدى. نحن نعيش اليوم بيوم، ونكافح من أجل البقاء".

مساحة إعلانية