رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

3323

23 مليار دولار أموال تونس المنهوبة

25 مارس 2021 , 07:00ص
alsharq
قصر صخر الماطري صهر بن علي
هاجر العرفاوي

بعد مرور أكثر من 10 سنوات على الثورة التونسية، التي أطاحت بالنظام الحاكم، لا تزال السلطات التونسية تلاحق أموال الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي والمقربين منه، التي قدرتها منظمة الشفافية التونسية بنحو 23 مليار دولار موزعة على حسابات سرية في عدد من الدول حول العالم.

ولم تعلن تونس بشكل رسمي، قيمة الأموال التي هربها بن علي ومقربون منه إلى بنوك أجنبية، لكن البنك المركزي التونسي أعلن أنه توصل إلى تحديد ممتلكات وأموال منهوبة في 10 بلدان، منها سويسرا، وفرنسا، وكندا، وبلجيكا، ولبنان، ولوكسمبورغ.

وتواجه السلطات التونسية تحديات وعقبات كبيرة لاسترداد هذه الأموال، بعضها قانونية وأخرى سياسية، وهي تسابق الزمن في محاولة لتجاوز العقبات التي تعترض سبيل استعادة هذه الأموال.

ويوم الثلاثاء، أعلنت وزيرة العدل التونسية بالنيابة حسناء بن سليمان تمديد قرار تجميد أموال بن علي في كندا لمدة 5 سنوات جديدة، وهو التمديد الأول من نوعه، وأضافت خلال جلسة عامة في البرلمان التونسي، خصصت للحوار مع عدد من أعضاء الحكومة، إنه سيتم التمديد في قرار تجميد الأموال الموجودة في كندا والتابعة لعائلة بن علي ومقربين منه لمدة 5 سنوات جديدة بداية من 23 مارس الجاري".

إنابات قضائية

وقالت وزيرة العدل التونسية بالنيابة: إن الجهود متواصلة لاستغلال فترة التجميد لاسترجاع الأموال المهربة دون ذكر قيمتها، وفي إطار التعاون القضائي الدولي، أكدت الوزيرة، أنه تمّ تحديد الأموال والعقارات الموجودة ببعض البلدان، والحصول على معلومات أفضت إلى تسليم أوراق وملفات وتقديم وسائل إثبات بما مكّن من الكشف عن العديد من الأصول. وتابعت، "بفضل الإنابات القضائية الموجّهة للدول المعنية، تمكّنت تونس من استرجاع بعض الأموال، آخرها التي تمّ الإعلان عنها مؤخرا، وهو مبلغ قدره 3.5 مليون دينار (1.27 مليون دولار)". ولفتت إلى أن مجموع الإنابات القضائية الدولية لاسترجاع الأموال المنهوبة بلغ 108 إنابات موزّعة على عدد من البلدان الأوروبية والأمريكية والعربية والأفريقية. وأفادت بـ"إصدار قرارات بالتجميد من طرف الاتحاد الأوروبي في الفترات السابقة، وتمّ تجديدها تباعا لمدّة سنة، وآخر تجديد هو إلى يناير 2022".

فرصة ضائعة

وفي يناير الماضي، أعلن المجلس الاتحادي السويسري عن انتهاء تجميد الأموال المهربة من تونس إلى جنيف، إذ وصلت مدة التجميد إلى الحد الأقصى أي 10 سنوات حسب القانون السويسري دون أن تكمل السلطات التونسية الإجراءات القانونية لاستعادتها، ما يتيح الفرصة أمام المقربين من بن علي لاستغلال هذه الأموال التي أودعوها في البنوك السويسرية خلال فترة حكمه.

وقالت صحيفة "لوتان" السويسرية في يناير الماضي، إن السباق مع الزمن قد بدأ قبل أن تضيع من تونس فرصة استرجاع 200 مليون فرنك (نحو 225 مليون دولار)، اختلسها بن علي ومقربون منه، مشيرة إلى أن هناك أصواتا عديدة تطالب المجلس الاتحادي بالتحرك.

وذكّرت الصحيفة بأن المجلس الاتحادي السويسري كان قد أصدر أمرا بتجميد أصول بن علي مع 36 من أقاربه في 19 يناير 2011، بعد 5 أيام من هروبه، حيث كانوا سيتصرفون بـ320 مليون دولار، حسب جمعية "آي" العامة، غير أن للأشخاص المدرجين في الأمر حق استرداد الجزء الأكبر من هذا المبلغ عندما ينتهي التجميد الإداري، بعد فترة قانونية مدتها 10 سنوات. علما أن هناك جزءا من الأموال بقيمة 60 مليون فرنك (نحو 66 مليون دولار) تم تجميده بأمر قضائي وسيظل آمنا مهما حدث، وقد استعادت منها الدولة التونسية حتى الآن 4.27 مليون.

وبحسب الصحيفة السويسرية، فإن وزارة الخارجية السويسرية، أعطت تونس الوقت اللازم لإقامة تعاون قانوني مع سويسرا، وأنه جرى تنبيه السلطات التونسية العام المنصرم عدة مرات بخصوص اقتراب انتهاء التجميد الإداري.

آجال طويلة

وفي سياق متصل بانتهاء تجميد الأموال التونسية المهربة إلى سويسرا، قال مبروك كرشيد وزير أملاك الدولة السابق في حديث لموقع "سبوتنيك"، إن تونس لم تتأخر في استرجاع الأموال المنهوبة من الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأقاربه، وأضاف "كل دول العالم التي لديها أموال مجمدة في الخارج لم تسترجع أموالها في 10سنوات، وكل الآجال المرتبطة باسترجاع الأموال هي آجال طويلة وطويلة جدا، ومثال ذلك نيجيريا التي لم تسترجع الأموال التي حولها الرئيس الأسبق ساني أباشا من الخزانة العامة إلى حساباته الخاصة في سويسرا، إلا بعد 30 سنة كاملة من تاريخ التحويل، فضلا عن الأموال العراقية والمصرية والليبية التي ما تزال مجمدة إلى اليوم". واستخلص كرشيد أن طول الآجال المتعلقة باسترجاع الأموال المنهوبة ظاهرة عامة وليست خاصة بتونس فقط. وشدد على أن المسار هو قضائي بالأساس وليس دبلوماسيا أو سياسيا، وأرجع بطء استرجاع الأموال إلى سببين، أولهما غياب أحكام قضائية نهائية وباتة تسمح للبنوك الأجنبية التي بحوزتها الأموال بإرجاعها إلى البلد الأصلي. وقال "الأحكام التي أصدرها القضاء التونسي ضد بن علي وزوجته وأصهاره صخر المطري وبالحسن الطرابلسي هي أحكام غيابية على اعتبار أنهم في حالة فرار، ويمكن الاعتراض عليها بمقتضى القانون في أجل قدره 20 عاما من صدور الحكم، وبالتالي لا يمكن للبنوك السويسرية أو الأوروبية تنفيذها. والسبب الثاني، "اكتشاف الأموال المنهوبة ليست عملية سهلة، نظرا لوجود جزء مهم منها في دول تمثل جنات ضريبية، وهي دول لا تعطي أموالا ولا معلومات". وأشار إلى أن سقوط حقوق المطالبة بعد 10 سنوات هي معلومة غير ثابتة، قائلا إن الإجراء الذي اعتادت الدولة التونسية اتباعه منذ 2011 هو إرسال مذكرة للمطالبة بتمديد آجال رفع التجميد من الدول التي تحوز الأموال المنهوبة.

مبالغ زهيدة

وحتى الآن فشلت تونس في استعادة الجزء الأكبر من المبالغ المهربة من قبل الرئيس السابق بن علي وجماعته المقربة، بسبب تعقيدات قانونية وعدم صدور أحكام نهائية من المحاكم ضد مهربي الأموال، باستثناء بعض المبالغ الزهيدة. واسترجعت تونس أول دفعة من الأموال التي تم تهريبها في عهد بن علي، في عام 2013. وأكدت وكالة الأنباء التونسية، أن المحامي الخاص لدى الأمم المتحدة المكلف باسترداد الأموال المنهوبة من دول الربيع العربي السيد علي بن فطيس المري، سلم الرئيس التونسي السابق في تلك الفترة، المنصف المرزوقي، شيكا بقيمة 28.8 مليون دينار هو رصيد ليلى الطرابلسي في بنوك لبنانية. ونقلت الوكالة عن علي بن فطيس المري المحامي الخاص لدى الأمم المتحدة المكلف باسترداد الأموال المنهوبة من دول الربيع العربي، قوله، "إن متابعة الأموال المنهوبة أشبه بمتابعة السراب لما يطرأ عليها من تحويلات مستمرة وتنقل مستمر من حساب لآخر ومن شركة لأخرى".

وكانت السلطات التونسية أعلنت في 2017 عن تحويل مبالغ مجمدة بقيمة 3.5 مليون يورو (1.4 مليون دولار) من حسابات صهر بن علي، سليم شيوب بعد عقده اتفاق صلح مع الحكومة التونسية.

وفي 11 من مارس الجاري، أعلنت الرئاسة التونسية، أن سويسرا حولت 3.5 مليون دينار من أصول بن علي إلى حساب الدولة بالبنك المركزي التونسي.

وفي سياق متصل، قال أنور غربي الأمين العام لمجلس جنيف للشؤون الدولية والتنمية، في مقال بصحيفة "لوتان السويسرية، في فبراير الماضي، إن تونس تمكنت من استعادة طائرتين قيمتهما 3.750 مليون فرنك سويسري (4.185 مليون دولار) من سويسرا، لكن طلبها المقدم في أوائل عام 2015 لتصبح طرفا مدعيا في الإجراءات التي بدأها المدعي العام في جنيف ضد بنك إتش إس بي سي في سويسرا، لم يحالفه النجاح. وتحصلت تونس، حسب أنور غربي، على 114.5 مليون فرنك (127.78 مليون دولار)، بالإضافة إلى الفوائد من البنك المذكور، لاستضافته ثروة بلحسن الطرابلسي، وفي يونيو 2015، دفع البنك نفسه غرامة قدرها 40 مليون فرنك سويسري (44.64 مليون دولار) إلى الدولة السويسرية عن قضايا غسل الأموال ضد جميع عملائه، وأفلت من المحاكمة، وقد أدى ذلك إلى حرمان تونس من أي تعويضات.

منذ انتهاء عهدة اللجنة الوطنية لاسترجاع الأموال المنهوبة التي نقلت ملفاتها وقضاياها إلى مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة، في مارس 2015، لم يشهد الملف تطوّرا يذكر، حتى إنشاء لجنة جديدة العام الماضي. ومن المؤكد أن ملف استرجاع الأموال، يحتاج دفعاً دبلوماسياً قوياً قادراً على الضغط على الدول والمؤسسات المالية الكبرى للتعاون دون شرط، من خلال ترحيل مهربي الأموال وتقديمهم لمحاكمة عادلة داخل الجمهورية التونسية وإصدار أحكام قضائية باتّة يمكن تنفيذها. وطالما لم يتحقق ذلك فإن خسارة عشرات ملايين الدولارات، بانتهاء الآجال القانونية لرفع التجميد عنها واردة للغاية.

مساحة إعلانية