رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1667

عبد الله النعمة في جامع الشيوخ: تكاليف الزواج الباهظة أبرز أسباب العنوسة والعزوبية

24 يوليو 2021 , 07:00ص
alsharq
الدوحة- الشرق

أكد فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد النعمة أن الإسلام دعا إلى الزواج وتحصين النفس من الشهوات، ودعا في الوقت ذاته إلى تيسير أمور الزواج، وتسهيل سبله، ويسر الشرع في المهر والصداق، حتى لا يتكلف الشاب في زواجه ويُثقل كاهله في جمع المهر، ولقد حرص الإسلام على تيسير سبل الزواج، وتقليل تكاليفه، حتى لا تقع المشكلات، ويُعزف عن الزواج، بل إن من أعظم أسباب ظاهرة العنوسة والعزوبية في المجتمعات ما أحيطت به بعض الزيجات من تكاليف باهظة، ونفقات مرهقة، وعادات وتقاليد مخالفة.

وقال الشيخ عبدالله النعمة في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ: الزواج في الإسلام عقد مبارك شريف، شرعه الله تبارك وتعالى لمصالح عباده ومنافعهم ليظفروا منه بالمقاصد الحسنة والغايات الشريفة، وهو ضروري للإنسان لأن الله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى وركب في كيان كل واحد منهما الميل إلى الآخر "فطرة الله التي فطر الناس عليها"، والغاية منه تحصيل الذرية الصالحة التي تعبد الله وحده لا شريك له وبالوالدين إحسانا، وإلى هذه الغاية النبيلة أشار قول الحق سبحانه "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "، روى أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".

التعفف عن الحرام

وبين الخطيب أن من أبرز مقاصد الزواج التعفف عن الحرام، والبعد عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإن أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".

وأضاف: كما دعا الإسلام إلى الزواج وتحصين النفس من الشهوات، دعا في الوقت ذاته إلى تيسير أمور الزواج، وتسهيل سبله، ومن أهم ما جاءت به الشريعة الداعية إلى التيسير والرفق في اختيار الزوج والزوجة، التذكير على جانب الدين والخلق، بعيدا عن حظوظ الدنيا وزينتها ومطامع النفس وشهواتها، جاء في الحديث المتفق عليه، قال عليه الصلاة والسلام: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وقال صلى الله عليه وسلم في شأن الرجل: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي وابن ماجه.

وأوضح الشيخ عبدالله النعمة أن بعض الأولياء يمنعون البنات من الزواج من الأكفاء دينا وخلقا وأمانة، يماطلون ويعتذرون بأعذار واهية، نظروا إلى أمور شكلية، وجوانب ثانوية، وأخذوا يسألون عن ماله ووظيفته، ووجاهته ومكانته، وأغفلوا أمر دينه وخلقه، فأين هؤلاء من سلف الأمة؟ والتيسير هنا عباد الله في عدم تقديم حظوظ الدنيا على الخلق والدين.

الديون الباهظة

وأردف الخطيب: يسر الشرع في المهر والصداق، حتى لا يتكلف الشاب في زواجه ويُثقل كاهله في جمع المهر، وقد يتحمل بعضهم الديون الباهظة التي قد تكون سببا في كرهه للزوجة وأهلها، وأنّى لبيت أُسّس على مثل ذلك أن تدوم فيه العشرة الزوجية، أخرج أبو داود عن أبي العجفاء السُّلمي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ألا لا تغالوا بصُدُق النساء (أي لا تبالغوا في مهورهن) فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصْدَقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أُصدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية.

ولفت الشيخ عبدالله النعمة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد زوّج صحابيا وكان من أفقر الصحابة من إحدى بنات الأنصار، وزوّج عليَّاً فاطمة رضي الله عنهما، وكان لا يملك إلا درعه التي قدمها لها مهرا، وفي صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن طلب الزواج: "التمس ولو خاتما من حديد"، أي مهرا لزواجه، فلما علم من حاله، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما معك من القرآن؟ قال: سورة كذا وكذا، لسور عددها، قال: قد ملكتكها بما معك من القرآن".

عباد الله.. هذا نصوص ودلائل وصور وردت في بيان التسهيل والتيسير في المهر والصداق.

تقليل التكاليف

وذكر الخطيب أن الإسلام قد حرص على تيسير سبل الزواج، وتقليل تكاليفه، حتى لا تقع المشكلات، ويُعزف عن الزواج، بل إن من أعظم أسباب ظاهرة العنوسة والعزوبة في المجتمعات ما أحيطت به بعض الزيجات من تكاليف باهظة، ونفقات مرهقة، وعادات وتقاليد مخالفة، فرضها كثير من الناس على أنفسهم تقليدا وتبعية، ومفاخرة ومجاراة للآخرين، يستدينون ويقترضون ويتحملون ما لا يطيقون، ويبذّرون أموالهم، من أجل مجاراة الناس وإرضائهم.

عباد الله.. ما كان السلف في القرون المفضلة يعرفون هذه المبالغات في التكاليف، والإسراف في الصرف التي أحدثها الناس تقليدا ومفاخرة، وزادوا فيها وأغربوا، وهي مخالفة لهدي الإسلام في الزواج.

ونوه الشيخ إلى ما جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بحُدّين من شعير، ولما تزوج ابن عوف - كما جاء في صحيح مسلم - قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة"، وفي هذا دلالة شرعية على بيان التيسير ورفع الحرج عن المسلم في زواجه دون التكلُف والإسراف، كيف لا؟ وقد أوجب الله سبحانه على نفسه عونهم، وتيسير أمورهم، وتوفيقهم لذلك، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة حقٌ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف".

مساحة إعلانية