رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

436

هل يصبح السبسي "مهندس الجمهورية الثانية" في تونس؟

23 ديسمبر 2014 , 01:43م
alsharq
تونس - وكالات

ملفات حارقة تلك التي يتعيّن على الباجي قائد السبسي، مرشّح حزب "نداء تونس" الفائز بالجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي جرت، أول أمس الأحد، بكامل مناطق البلاد، إيجاد حلول جذرية لها، أهمّها النهوض بالقطاعات الاقتصادية، وتبديد شبح الإرهاب، واستعادة ثقة 44% من التونسيين الذين قاطعوا صناديق الاقتراع.. فهل يصبح السبسي "مهندس الجمهورية الثانية" في تونس؟ هذا ما سنعرفه من خلال السطور التالية التي حملت إجابات محللين تونسيين.

الجمهورية الأولى

أطاح مرشّح حزب "نداء تونس" الفائز بالانتخابات التشريعية التي جرت بتونس أواخر أكتوبر الماضي، بخصمه الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، المرشّح بصفة مستقلّ، وذلك خلال الجولة الثانية والحاسمة للرئاسية التونسية التي أعلن عن نتائجها الرسمية، أمس الإثنين.

وتضع هذه النتائج المتمخّضة عن أوّل انتخابات رئاسية حرّة بالاقتراع المباشر تشهدها البلاد حدّا لفترة انتقالية امتدّت لأكثر من 3 سنوات، عرفت خلالها البلاد تقلّبات واضطرابات على كافة الأصعدة، إثر الحراك الشعبي أو الثورة التي هزّت أوصال البلاد في يناير 2011، ورسمت جدارا فاصلا بين حقبة حكم الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وهي حقبة أضحت تعرف الآن بـ"الجمهورية الأولى" كونها اتّسمت بغياب التعدّدية السياسية الحقيقية.

وغيرت تسونامي من الأحداث إحداثيات المشهد السياسي التونسي بنسبة 180 درجة، من الأحادية الحزبية إلى التعدّدية ومن الدكتاتورية إلى الديمقراطية، خطى حثيثة تخطوها تونس نحو بناء الدولة الجديدة، بناء تونس الديمقراطية، غير أنّ الطريق لمن سيتكفّل بهذه المهمّة الشائكة لن تكون محفوفة بالورود، وإنّما تنتصب على جوانبها أشواك وتحدّيات بالجملة تجعل مهمّة الزعيم الجديد غير يسيرة بالمرّة.

تحديات تواجه السبسي

فبالنسبة للسبسي، وإلى جانب الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، يجد نفسه أمام إلزامية العمل على جوانب أخرى قد لا يكون لها تشكّل مادي واضح، إلاّ أنّها محورية ومصيرية بالنسبة لمن يتأهّب لدخول قصر قرطاج. أوّلها إعادة الاعتبار أو الهيبة لمنصب رئيس الجمهورية، ومحاولة الحصول على ثقة جميع التونسيين، وخصوصا الشباب منهم، فهذه الأهداف تعدّ من الأولويات في السياق الحارق الذي تعيشه البلاد.

وعقَّبَ الباحث بمعهد البحوث حول المغرب العربي المعاصر، جيروم هيرتو، على الجزئية الأخيرة، قائلا، "على الباجي قائد السبسي الإيفاء بوعوده واتخاذ القرارات المناسبة لطمأنة الشعب التونسي".

وأضاف، جيروم، "ما كشفته انتخابات الأحد، هو أنّ الجزء الأوّل من التونسيين يشكّلون الفئة المقاطعة للتصويت "44% من التونسيين لم يدلوا بأصواتهم في الدور الثاني للرئاسة". فالتعبئة لم تكن بالأهمّية التي تدفع بالجميع نحو صناديق الاقتراع، والكثير من التونسيين اختاروا "الأقلّ سوءا"، موضحا، أنّ "الشباب كان أبرز الغائبين عن هذه الانتخابات، ولذلك، فإنّ السبسي لا يسعه ادّعاء الاستناد إلى فوز ساحق أو دعم شعبي مضمون، بل عليه العمل بجدّ من أجل إقناع التونسيين، خصوصا فئة الشباب المحبط".

ومن هذا المنطلق، فإنّ مهمة السبسي لا تبدو يسيرة، على الأقلّ فيما يتعلّق بإقناع الشباب التونسي، وخصوصا جميع أولئك الذين يخشون العودة التدريجية للنظام السابق والدكتاتورية، وفقا للعديد من المراقبين للشأن التونسي.

تحدي إنعاش الاقتصاد

ويقول المختصّ التونسي في الشؤون الاقتصادية، فتحي النوري، الحصول على ثقة الشعب التونسي تمرّ وجوبا عبر بوابة إنعاش الاقتصاد الذي جنحت مؤشراته نحو التراجع، فـ"أوّل إنجاز ينتظره التونسيون هو النهوض باقتصاد ناهزت فيه معدّلات التضخم الـ5.3%، وبلغت فيه البطالة الـ15.2%".

وأوضح النوري، أنّ "السبسي يريد إرساء دولة قوية من الناحية الاقتصادية، ولذلك يتحتّم عليه أن يكون خياره الحكومي إستراتيجيا بأتم ما تعنيه الكلمة من معنى، عليه أن يختار وزراءه الذين سيحصلون على الحقائب الوزارية الهامة بدقّة متناهية، والتفكير في تحالف لمصلحة البلاد".

وعن سبل تحقيق هذه الأهداف، تساءل المحلّل الاقتصادي التونسي، قائلا، "هل سيقوم بدعوة المسؤولين القدامى الذين عملوا مع بن علي؟ أم أنّه سيستدعي تكنوقراط "كوادر مستقلة" من الخارج؟ أم هل سيمنح ثقته للشباب التونسي؟ الإجابة مرتبطة، بلا شكّ، برؤيته للتركيبة المستقبلية للحكومة التونسية".

وأوضح النوري أنّ حزب الرئيس التونسي الجديد كان وعد بتخصيص 10 مليارات دينار سنويا لبعث المشاريع الحكومية، إلى جانب تشكيل صناديق استثمار على مستوى المحافظات، بما يمكّن من تمويل البرامج الطموحة في مجال البنية التحتية، اعتمادا على تدفّق رؤوس الأموال الأجنبية على البلاد.

السبسي والملف الأمني

ولفت فتحي النوري إلى أنّ الجانب الذي لايزال يطبق بثقله على التونسيين هو الأمن، فمخاوفهم المنبثقة عن تواتر الاغتيالات "المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي" وسلسلة الأحداث الإرهابية التي هزّت مناطق مختلفة من البلاد، لاتزال سارية، واحتواء هذه المخاوف لن يكون إلا عبر تجسيد وعود السبسي الذي أكّد أنّ الملف الأمني سيكون ضمن أولوياته الملحة، والجميع في انتظار مروره من الوعود إلى التنفيذ.

لائحة طويلة من المهام في انتظار الرئيس التونسي الجديد، قائد السبسي، وقد لا تنتهي أبدا. عليه تجسيد وعود كثيرة، بينها وعده بعدم احتكار الحكم، خصوصا أنّ حزبه هو الفائز أيضا بالانتخابات التشريعية، وهو، تبعا لذلك، صاحب الأغلبية البرلمانية. عليه تفعيل ما صرّح به، مساء أول أمس الأحد، أمام عدد من أنصاره، حين قال، "سنقوم بالعمل معا دون إقصاء أيّ كان".. وعود تنتظر القفز من حيّزها النظري لتنزل على أرضية منزلقة قد لا تتيح الكثير من الامتيازات لمن يودّ اختبار منعطفاتها، أو لمن سيحمل لقب "مهندس الجمهورية الثانية" في تونس.

مساحة إعلانية