رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رمضان 1436

1580

القمريون يستعدون للشهر الفضيل بتزيين المساجد وإعمارها

23 يونيو 2015 , 02:35م
alsharq
موروني - الشرق

يستقبل العالم الإسلامي اليوم شهر رمضان المبارك كل حسب عاداته وتقاليده وإن بقي تزيين المساجد والعناية بها مما يميز الشهرالفضيل في كافة البلدان الإسلامية بل وبين الأقليات المسلمة .

جمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية، أرخبيل من الجزر تقع بين قارة إفريقيا ومدغشقر، أطلق العرب تسمية جُزُر القمر على هذه الجزر في أوائل القرن الثاني الهجري، وأرجع البعض سبب التسمية إلى أن الرحَّالة العرب العائدة أصولهم إلى مسقط وعدن وحضرموت هبطوا على ساحل الجزر وكان القمر بدرًا، فأسمَوها جزر القمر، ويقول آخرون: إن سبب التسمية يعود إلى أن هذه الجزر تشبه القمر في شكلها.

عدد سكانها حوالي 800 ألف نسمة، 86 % منهم مسلمون، و14 % مسيحيون ويتخذ رمضان في جزر القمر طابعاً خاصاً، حيث تبدأ الأجواء الرمضانية عند أهل هذا البلد منذ حلول شعبان، فيكثر الناس من الصيام والصلاة في المساجد استعداداً لاستقبال شهر رمضان، وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان يتحرى أهل جزر القمر هلال رمضان، وفور إعلان ثبوته يؤدون صلاة التراويح في المساجد.

ومن عادات سكان جزر القمر وتحديدا في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان وقبيل غروب الشمس تتوجه الأنظار نحو السماء غربا أملا في أي يرى أحدهم الهلال، ويظفر بلقب أول من يبلغ عن حلول الشهر الفضيل.

وحينما يتأكد ظهور الهلال يصيح الناس بلهجة المحلية "ظهر هلال رمضان" ويكرر الأطفال تلك العبارة وهو يجوبون الشوارع والأزقة، وبعضهم يتوجه بالبشرى إلى البيوت ليخبروا من فيها عن قدوم الشهر الكريم.

أما في القرى البعيدة التي تصعب على سكانها رؤية الهلال لظروف معينة أحيانا مثل الغيوم الكثيفة تجد من فيها يجتمعون في بيت من يملك تلفازا أو راديو للاستماع إلى بيان دار القضاة حول أي جديد، يقول سعادة السفير حامد كرهيلا في جزر القمر يعنى القمريون – كغيرهم من المسلمين في كل مكان- عناية خاصة متميزة في كل عام بشهر رمضان المبارك، الذي أنزل فيه القرآن، والذي أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. وتتجلى مظاهر احتفاء المجتمع القمري بهذا الشهر الفضيل من شهر رجب الخير، حيث تأخذ الاستعدادات والتحضيرات ترتسم وتتبلور، وتقوم على قدم وساق، وذلك بحصاد البقول والحبوب والأطعمة الاستهلاكية وتشميسها وتخزينها، وتزيين بيوت الله والمنازل السكنية وتشطيبها استعدادا لحسن الاستقبال لهذا الشهر العظيم بكل ترحاب وابتهاج، وصوم أيامه وقضاء لياليه في عبادة الله تعالى والتقرب إليه بالصلاة والقيام وتلاوة القرآن، والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وهذه التقاليد العريقة والعادات المتأصلة التي يستقبل بها القمريون في مجتمعهم شهر رمضان، تنم وتكشف عن حبهم العميق لما تضفيه أيامه المباركة وتبعثه لياليه العظيمة على نفوسهم من مشاعر روحانية جياشة للتعبد والتقرب إلى المولى جل وعلا، ومن مظاهر احتفاء القمريين بهذا الشهر أنه منذ الإعلان عن ثبوت رؤية الهلال من قبل الجهة الإسلامية المعنية في البلاد، وهي دار الإفتاء التي يتولاها سماحة مفتي الجمهورية، يزداد بشكل ملحوظ عدد رواد المساجد وقاصديها لتلاوة القرآن الكريم، وأداء الصلوات الخمس، وصلاة التراويح جماعة.

ويبدو أن أبرز المظاهر الاحتفائية بهذ الشهر، التي يمتاز بها المجتمع القمري عن غيره هي الدروس الرمضانية والحلقات العلمية في تفسير القرآن الكريم، التي جرت العادة على إقامتها في المساجد والجوامع، بعد صلاة العصر من كل يوم من أيام رمضان المبارك. وقد أصبحت هذه الحلقات والدروس، من الماضي العريق إلى الحاضر المشاهد، يؤمها المواطنون من كل أطيافهم ومستوياتهم، بمن فيهم رئيس الجمهورية وكبار الشخصيات الاجتماعية والسياسية.

وتوجد أيضا في المجتمع القمري عادة رمضانية قديمة حديثة لم تزل قائمة وماثلة في بعض القرى القمرية حتى الآن، وهي ما يعرف في العالم العربي بالمسحراتي، حيث يقوم أحد رجالات القرية قبل حلول موعد الإمساك بمدة كافية بإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين، مناديا بأعلى صوته الشجي وبنغمة غنائية هانية قائلا:

« أيها النوام قوموا للصلاة اذكروا الله الذي أجرى الرياح »

إلى أن يقول:

« تسحروا، تسحروا، فإن في السحور بركة »

ومن الواضح جدا أن هذه العادة الرمضانية تهدف إلى إيقاظ الناس ودعوتهم إلى التهجد وقيام الليل بل أداء ما يعرف بصلاة "الوتر"، وتناول السحور في الوقت المناسب قبل وقت الإمساك وحلول وقت صلاة الفجر. وكان القمريون في الماضي يحرصون كل الحرص على هذه العادة الميمونة المتوارثة، لاعتقادهم بأنها مفتاح للخير وجالب للأجر والمثوبة في الثلث الأخير من الليل، الذي تتجلى فيه البركات والنفحات، والإكثار بالدعوات، وينزل فيه رب جميع الكائنات، القاضي للحاجات والمستجيب للدعوات. بيد أن هذه العادة أخذت طريقها إلى الزوال والانقراض في بعض المدن بسبب مخرجات الحياة الحديثة الناتجة عن السهر على شاشات الفضائية ومشاهدة المسلسلات.

وتحفل المائدة القمرية في رمضان وتتشكل وتتنوع بكل ما لذ وطاب من المشرب والمأكل، مثل الموز والقلقاس والبطاطس والقمح المصنوع منه السمبوسة، وكذلك أنواع اللحوم والأسماك. ويكثر عند الإفطار تناول شراب "النارجيل"، وعصائر طازجة من فواكه المانجو والأناناس والبرتقال والليمون، بينما يكثر في السحور تناول الخضراوات والأرز.

ومن نفحات هذا الشهر الكريم أن الجهات الحكومية المختصة في جزر القمر تحاول ،خلال هذا الشهر، القيام بمراقبة أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، كما تخصص الحكومة مبلغا ماليا خاصا لدعم الشركة الوطنية للكهرباء والمياه لكي توفر للمواطنين في مدنهم وقراهم خدمة الكهرباء التي لم تعد بالنسبة لهم ضرورة من ضرورات الحياة اليومية بل من كمالياتها.

وتستمر مظاهر العناية بشهر رمضان طوال أيامه ولياليه، وتتكشف الكثير من العادات الطيبة التي يتحلى بها الإنسان القمري، وتتجسد في واقع المجتمع أواصر الأخوة ووشائج التلاحم والتكافل والترابط الاجتماعي.

مساحة إعلانية