رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1142

نداء إلى المجتمع الدولي لإنقاذ الأطفال وحماية حقهم في التعليم (مقال لصاحبة السمو)

23 مايو 2017 , 08:06ص
alsharq

في مقال نشر في مجلة التايم الأمريكية.. صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر:

التعليم النوعي يعزز الاقتصادات ويحسن نتائج الصحة ويسهم في منع الصراعات

قلقة للغاية من المستويات التي بلغتها الصراعات والأزمات في العالم

الأزمات الإنسانية تهدد الأهداف الإنمائية الكونية وتشكك في مصداقية النظام الدولي

مجلس الأمن يقف عاجزاً عن محاسبة الذين يرتكبون فظائع جماعية وينتهكون القانون الدولي

حقيقة محزنة أنْ يعجز ملايين الأطفال عن تحقيق طموحاتهم بسبب الحروب

لا نرى استخداماً عادلاً لحق النقض (الفيتو) من قبل مجلس الأمن

462 مليون طفل يعيشون في بلدان تفتك بها الصراعات

الاعتداءات على المدارس لن تتوقف إذا لم تُحاسب الجماعات المسلحة الحكومية والمليشيات

ندعو الأمم العظمى لترمي أوراقها على الطاولة وتنهي لعبتها المميتة

ليس بمقدور العدالة والأمن توفير التعليم لملايين الأطفال ما لم تتوافر الإرادات

كتبت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع مقالاً مهماً؛ في مجلة التايم الأمريكية، موجهاً إلى المجتمع الدولي وصناع القرار حول الأزمات التي تعصف بالعالم وتهدد بحرمان مئات آلاف الأطفال من التعليم.. "الشرق" تنفرد بنشر الترجمة العربية للمقال وهذا نصه:

موزا بنت ناصر

رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع

لقد حالفني الحظ في شهر مارس من هذا العام ، بأن التقي بفتىً متميزاً يُدعى صلاح، وذلك خلال زيارتي لمركز التعليم البديل في إحدى ضواحي مدينة الخرطوم بالسودان. وهو مركز لتعليم التلاميذ الذين فاتتهم سنوات الدراسة بسبب ظروف الحروب والصراعات، حيث يحصل المركز على الدعم من مؤسسة "التعليم فوق الجميع" ومن منظمة اليونيسيف.

استطاع صلاح، وهو في سنته الحادية عشرة، أن يبتكر محركات تعمل بالطاقة الشمسية وبعض الآلات الميكانيكية. ولكن كحال غيره من اللاجئين ،فرَّت عائلته للنجاة من ظروف الحرب الصعبة ، وفاتته بذلك سنوات من التحصيل الدراسي.

لاحظت خلال مروري بجانبه، نموذجاً مصغرا لمنزل، ولما سألته عنه ذهلت بجوابه المفعم بالأمل واليقين التام ، قائلا: "هذا هو المنزل الذي سأبنيه يوما ما لأسرتي".

فبالرغم مما قاساه من تحديات صعبة، بات الآن بمقدوره أن يعيش ويحلم ويبتكر ويخطط لمستقبل لم يكن ليحظى به في مكان آخر. ولا شك بأن للتعليم دوراً في ذلك.

ولعل أبرز خلاصات تجربتي، خلال عشرين عاماً قضيتها في الدفاع عن التعليم، هي قدرة التعليم على تغيير وتنوير حياة أناس أمثال صلاح، أو شباب آخرين متميزين.

وإنها لحقيقة محزنة أنْ يعجز ملايين الأطفال عن تحقيق طموحاتهم الذاتية، بسبب الحروب، حيث إن ربع مجموع الأطفال في سن الدراسة في العالم، والذين يُقدر عددهم بحوالي 462 مليون طفل، يعيشون في بلدان تفتك بها الصراعات .

وقد أفادت منظمة اليونيسيف الشهر الماضي بأن واحداً من بين خمسة أطفال في سن الدراسة يعيش في مناطق تعاني من الصراعات وغير ملتحق بالمدرسة.

وفي معظم هذه المناطق ، يتعرض الأساتذة والتلاميذ والمدارس للاعتداء المستهدف. وقد طال الاعتداء مدارسَ كثيرة في واحد وعشرين بلداً تشهد صراعات مسلحة منذ عام 2013، بدءاً من أفغانستان، مروراً بكولومبيا والفلبين وجنوب السودان، وسوريا، وأوكرانيا واليمن. كما تتعرض المرافق التعليمية للقصف والحرق والتدمير؛ ويتم الاستيلاء على المدارس واستخدامها كقواعد عسكرية، يُجند فيها الأطفال للقتال، ويُقَتَّلون فيها التلاميذ والأساتذة.

وأنا قلقة للغاية من المستويات التي بلغتها الصراعات والأزمات الإنسانية في العالم، والتي لم تعد تهدد الأهداف الإنمائية الكونية للأمم المتحدة فقط، بل أيضاً تشكك في مصداقية النظام الدولي الذي تُمثله الأمم المتحدة.

فمجلس الأمن وهو الهيئة المسؤولة عن ضمان السلم والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة، يقف عاجزاً عن القيام بمسؤولياته في أكثر الظروف حاجة إليه، ويتردد في محاسبة أولئك الذين يرتكبون فظائع جماعية وينتهكون القانون الدولي.

ومن أزمة إلى أخرى، لا نرى استخداماً عادلاً لحق النقض (الفيتو) من قبل الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، كما لا يُحاسبُ الجناة ، مما يُضيع فرص إيقاف النزاعات وإحلال السلام.

ولنأخذ مثالاً على ذلك الاعتداء الذي تعرضت له مدرسة في مدينة إدلب بسوريا في أكتوبر من العام الماضي، وراح ضحيته 21 طفلاً، وأُصيب آخرون، نتيجة قصف مجمع تربوي يضم دور حضانة، ومدرسة ابتدائية، ومدرستين إعداديتين، وأخرى ثانوية. جريمةُ حرب محتملة كما وصفها مسؤول أممي رفيع المستوى. إلاَّ أن مجلس الأمن أخفق في الإجماع على إدانة هذا العمل الوحشي، وهذا يعني عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

فالعالم ينظر من نوافذ مُهشمة، بينما اللاعبون الكبار غارقون في لعبة الموت، يقامرون غير آبهين بحياة الآخرين، يغيرون قواعد اللعبة تارة ، وتارة أخرى يَقلبون أوراقهم أو يخلطوها لتتناسب ومصالحهم الإستراتيجية، في تجاهل واضح للحرب المستعرة.

لكن هذا الأمر ليس لعبة بالنسبة للآباء والأمهات في إدلب. ولا للفتيات اللاتي تحتجزهن جماعة بوكو حرام في نيجيريا؛ ولا لملايين الأطفال حول العالم في مخيمات اللجوء، الذين سُلبت منهم فرص التعلُّم.

وإذا لم تُحاسب الجماعات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على اعتدائها على المدارس، فلن يتوقف العنف ولا الانتهاكات تتوقف.

وإذا اجتمعت الإرادات لضمان توفير الأمن للأطفال أثناء تعلُّمهم ينبغي على جميع الدول أن تلتزم بالقوانين والقرارات الدولية الخاصة بحماية التعليم وحقوق الأطفال، فليس بمقدور العدالة والأمن وحدهما توفير التعليم لملايين الأطفال الذين يحتاجونه.

وقد بات معلوماً أن التعليم النوعي يعزز الاقتصادات ويحسن نتائج الصحة، ويسهم إسهاما كبيرا في منع الصراعات وتعافي المجتمعات منها بعد انتهاء النزاعات.

وينبغي على الذين يقدمون موازنات للمساعدات الإنمائية في العالم أن يدركوا القيمة طويلة الأمد للاستثمار في التعليم النوعي والآمن، وأن يعوا إمكانية التعليم في منع الصراعات والتعافي من آثارها وبسط الوئام داخل المجتمعات.

وها نحن اليوم في معهد لاهاي للعدالة الكونية نُشكّل توليفة من القادة الدوليين والناشطين الشعبيين للإعراب عن التزامنا بحماية الأطفال وبناء نظام حوكمة كونية قوي.

لعلّها تكون خطوة أولية في خريطة طريق تهدف إلى تعزيز القانون الدولي ومحاسبة المسؤولين عن الاعتداء على الأطفال والمدارس والأساتذة.

آملين أن تكون قمة مجموعة العشرين التي ستُعقد في مايو ويوليو العام الجاري، فرصة لقادة العالم للتحلي بالقيادة الجريئة وإيلاء التعليم اهتماماً أكبر لكسر حلقة العنف.كما ندعو الأمم العظمى لترميَ أوراقها على الطاولة وتُنهي لعبتها المميتة.

مساحة إعلانية