رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

4612

عبدالعزيز بن عبد الرحمن الملا لمجلس الشرق: أهالي روضة راشد أهدونا التيوس والضببة والفقع امتنانا لتعليم أبنائهم

23 فبراير 2023 , 07:00ص
alsharq
حوار: محمد علي المهندي

ضيف مجلس الشرق اليوم، الخبير التربوي الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الملا من جيل الزمن الجميل، ولد في منطقة سوق واقف قلب الدوحة النابض والذي يحمل عبق التاريخ وتفوح منه رائحة الماضي الجميل، منطقة كان يسكنها أغلب أهالي قطر وكذلك التجار، وكانت تعج بالحركة والنشاط منذ الصباح الباكر وحتى آذان المغرب الذي تتوقف فيه الحركة التجارية، بسبب عدم وجود كهرباء، بل كانت توضع (فناره) فوانيس تتعلق على مداخل السوق وفي ممرات السوق الداخلي، وكانت هناك مناوبة حراسة على السوق من قبل الحراس القطريين الذين يطلق عليهم تسمية (نواطير) مزودين بالسلاح.

مجلس الشرق أبحر في ذاكرته المليئة بمخزون معلوماتي يخص تلك الفترة وغصنا في أعماقها واستخرجنا منها ذكريات تلك الفترة الجميلة من تاريخ قطر..

ولد عبدالعزيز بن عبدالرحمن الملا عام 1951 في بيت العائلة الكريمة الكبير في منطقة سوق واقف والذي يضم جميع أفراد عائلة الملا، وقال: وعشت طفولتي في ذلك البيت الكبير في قلب سوق واقف، وأذكر أنه كان على يميننا مطعم بسم الله الذي مازال قائماً بعد التطوير، وفريج البراحة من ناحية الجنوب، وفريج البحارنة ناحية الشرق، وشارع النجادة من ناحية الغرب، كان الجميع متكاتفين ومتعاونين. وقد بدأت دراستي في الكتاتيب لحفظ القرآن الكريم عند المطاوعة، وأذكر أنه كانت المطوّعة آمنة هي التي درستني.

 

تنقلت بين عدة مدارس

بعد توجهي للدراسة النظامية كنت سعيداً جداً، والتحقت بروضة الوسط التمهيدية والتي كانت تقع عند مصلى العيد القديم وصيدلية بهزاد في الجسرة، لم أستمر طويلاً ثم نقلوني الى مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية في البدع واستمررنا حوالي شهرين، ثم حولونا إلى مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية القديمة التي بجوار مشيرب عند حوطة كان يلعب فيها فريق السلام، ودرست الصف الأول والثاني، ثم نقلوني الى مدرسة صلاح الدين الأيوبي الابتدائية التي كان مديرها فضيلة الشيخ عبدالله الأنصاري وأذكر انه كان الطالب حمد عبدالله المري رئيس نادي الريان سابقاً هو الذي كان يؤذن في المدرسة في أوائل الستينيات وكان صوته جميلا، وكانت الوزارة تعطينا وجبة الفطور والغداء، ثم نقلوني إلى مدرسة أبوبكر الصديق ودرست فيها الصف الثالث وكان المدير صالح الخليفي، ولم أستمر فيها طويلا سوى سنة واحدة ثم حولوني الى مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية بجوار قسم التغذية والملاصقة للقسم الداخلي وهو سكن للطلبة القاطنين خارج الدوحة وكذلك القادمين من خارج قطر من الدول العربية والاسلامية، ودرست فيها الصف الرابع والخامس والسادس أعوام 62- 63 – 1964، ثم نلت الشهادة الابتدائية وحضرت احتفال يوم العلم وكرّمت فيه وفرحت عندما وجدت اسمي ضمن الطلاب في كتيب يوم العلم.

في الإعدادية تغيّرت الأمور

في المرحلة الاعدادية كانت هناك نقلة نوعية في مسيرتي التعليمية وتحولت لمدرسة قطر الاعدادية التي تقع بالقرب من مستشفى الولادة القديم، كانت مرحلة مهمة في حياتنا وتوسعت مداركنا وكنا نقبل بشغف على قراءة الكتب من المكتبة والاطلاع على الصحف والمجلات.

لقد أبهرني تصميم المدرسة الوحيد في الدوحة في تلك الحقبة الجميلة من التعليم وكانت تحتوي على طابقين بها عدة صفوف ومرسم ومكتبة ومختبرات ومكاتب ادارة وغرف للمعلمين، وكانت تميّزها خارطة الوطن العربي التي رسمها اساتذة المادة الاجتماعية وتقع في باحة المدرسة، كما كانت هناك حديقة مميزة غناء بها الورود والأزهار الجميلة المتنوّعة والأشجار الباسقة ونافورة ماء، وكان الطلاب يتواجدون فيها أثناء الفسحة للاستراحة، وهناك ملاعب تحتية تضم كرة السلة والطائرة واليد ولها مدرجات خاصة تقام عليها منافسات دوري المدارس القوي، كما يوجد به ملعب كرة قدم وتقام عليه المباريات وتدريبات الأندية القطرية في حقبة الستينيات،وأذكر أنه وضع له شبك من الاسلاك الحديدية بارتفاع كبير حتى لا تذهب الكرة الى الشارع الذي يقع أسفل المدرسة، وأذكر أنه زارها الملك سعود بن عبدالعزيز في الستينيات بتاريخ 6/‏فبراير/‏1961 م، وأقيم له احتفال خاص بمناسبة هذه الزيارة وعلقت الأعلام السعودية والقطرية على أقواس المدرسة، وألقيت الخطب الترحيبية والأشعار، وحضرها كشافة المدرسة وجمهور غفير من الطلاب وأولياء الأمور.

 

دار المعلمين نقطة تحوّل في حياتي

بعد المرحلة الاعدادية وبعد تفكير عميق اتجهت للدراسة في دار المعلمين الثانوية وذلك لكي أساهم في تطوّر النهضة التعليمية في بلادي الغالي قطر، ولي فيها ذكريات جميلة، وتعتبر نقطة تحوّل في حياتي، وهي انطلاقتي إلى آفاق أرحب وأوسع ولاستعداد لخوض غمار المشاركة في التعليم، وفي دار المعلمين تعلّمت كيفية التدريس عملي في المدارس تحت اشراف مدرسين ذوي خبرة وكانت تجربة رائعة استفدنا منها كثيراً، وكذلك كنا ندرس منهجا نظريا في المعهد وكان متخصصاً في طريقة التدريس بالإضافة الى المواد التي تدرس في المدارس الثانوية، وكان خريج دار المعلمين أفضل بكثير من خريجي بعض الجامعات في التدريس.

مسرحية صقر قريش قدمت على المسرح

أذكر أنه وبتشجيع من مدير دار المعلمين محمد بن عبدالله الأنصاري، قدم المخرج اللبناني عبداللطيف سمهون مسرحية (صقر قريش ) على مسرح دار المعلمين الذي خصص لتقديم هذه المسرحية، وقام الطلبة وبعض المدرسين بتمثيل المشاهد وتم استخدام أصوات عصافير حقيقية وكذلك صوت خرير الماء والاضاءة، وكان التمثيل والاخراج رائعاً، وقد استمتع الجميع بهذا العرض الرائع.

 

 

تخرجت من دار المعلمين

بعد تخرجي من دار المعلمين عام 1970، احتفلت بنا وزارة المعارف بإقامة احتفال ( يوم العلم ) حيث يكرّم جميع الخريجين من الطلاب الحاصلين على الشهادات الابتدائية والاعدادية ومدرسة الصناعة الاعدادية الثانوية، والمدرسة الثانوية، والمعهد الديني الاعدادي والثانوية ودار المعلمين، والطلبة خريجو الجامعات العالمية والعربية، وتتم توزيع الشهادات عليهم، ويحضر أولياء أمور الطلبة والمدرسون وكبار الشخصيات في وزارة المعارف في تلك الفترة.

درّست في روضة راشد

بعد التخرج من دار المعلمين عينتني وزارة المعارف مدرساً في روضة راشد، مع مجموعة من المدرسين أذكر منهم أحمد حجر وسعيد عباد وجاسم البوعينين وكان مدير المدرسة فهمي الحلاق بالإضافة الى الاستاذ أحمد منيف، واجتهدنا في تعليم الطلبة رغم بعض الصعوبات، خصصت لنا الوزارة سيارة أجرة تنقلنا يومياً من الدوحة إلى روضة راشد، وكنا نعاني من بُعد مسافة الطريق، وخطورة الشارع وخاصة في الصباح الباكر عندما يكون الجوّ مكسواً بالضباب الكثيف، أو عندما تهطل الأمطار بغزارة، أذكر معنا الاستاذ علي القحطاني مدرس علوم شرعية وقد ظل فترة طويلة يقوم بالتدريس هناك، وأحد أبنائه الدكتور فهد علي القحطاني طبيب العيون المعروف.كان أهالي المنطقة أناسا طيبين وبسطاء، وكان الطلاب طيبين ويقبلون على التعليم بشغف، والطريف أن الأهالي كرماء وكانوا يقومون بإهدائنا الخرفان والصخلة والتيوس، و( الفقع ) والضببة أيضاً.

 

حفظنا ألف بيت شعر

من الأمور التي لن أنساها وقد استفدت منها هي حفظ أبيات من الشعر العربي، وقد اقترح علينا الاستاذ المصري أحمد منيب أن يعطينا كل يوم بيت شعر نحفظه عن ظهر قلب، ونسجله في مذكرة، وانشغلنا بحفظ الشعر يومياً ونحن ذاهبون لروضة راشد بالسيارة، وقد وسع مداركنا وتفتحت عيوننا وقلوبنا على الشعر وأصبحنا نحبه ونحفظه ونتداوله مع أصدقائنا، وقد حفظنا من الشعر (1000) بيت شعر.

بداية الكهرباء كانت من مشيرب

أذكر أنه كانت بداية دخول الكهرباء لقطر في 1953، وكانت موقع محطة توليد الكهرباء بمنطقة مشيرب وكانت مجانية لجميع المواطنين، وكانت عبارة عن (شبرة) مخزن وبه ماكينة واحدة، وتشتغل في أوقات معينة، وقد وضعت في البداية ماكينة ثم تبعتها بإضافة ماكينة أخرى، وكانت التمديدات بدائية وتوصل عن طريق أسطح المنازل وكانت التمديدات واضحة للعيان، وفي البداية استخدمت الاضاءة والثلاجات والمراوح، ولم تستخدم المكيفات بل تأخرت، وتم التمديد للمدارس والمباني الحكومية والمهمة ثم السوق التجاري، ومن ثم باقي البيوت.

بعد فترة تم بناء مبنى خاص للإدارة، وتحولت الى ادارة الكهرباء ثم إلى وزارة، وقد سميّ شارع الكهرباء بالدوحة عليها وأصبح مشهوراً يرتاده الزوار والمواطنون والقاطنون في قطر.

 

الكهرباء دخلت سوق واقف 1953

أول دخول للكهرباء في قطر كان في عام 1953 م في الفريج في مطعم وفندق بسم الله هوتيل، الذي كان يملكه رجل هندي اسمه ( حمزة)، وخصص الطابق الأول للفندق ويضم ست غرف أو سبع غرف، أما المبنى الأرضي فهو مطعم يقدم الأكلات الهندية مثل البرياني والكيمة والسبجية والسمبوسة والكليجة وغيرها من الأكلات الهندية وكذلك كان يصنع الايسكريم اللذيذ، وكان الاقبال على المطعم كبيراً، وكان بعض زوار قطر يسكنون في الفندق.

والدي تاجر علف وشعير

كان والدي تاجرا معروفا، وكان يستورد العلف والشعير من استراليا، وأذكر أنه زار قطر في تلك الفترة تاجر علف استرالي، وقد حجز له الوالد غرفة في فندق بسم الله، ثم جاءنا تاجر مشهور في الخليج اسمه مهدي منديل من الهند، وقد أنزله الوالد في نفس الفندق لأنه الوحيد الموجود في تلك الفترة، كما أن والدي كان يملك عمارة كبيرة وهي عبارة عن ساحة تستخدم كمخازن لتخزين البضائع فيها ويزود المحامل التي تذهب للغوص بالمؤن والمواد الغذائية وغيرها من احتياجات أهل الغوص، وتعتبر ثاني عمارة بعد عمارة (الخال) في الدوحة، وفي مدخل العمارة تجد المكتب وكراسي طويلة يجلس عليها رواد العمارة من كبار السن ويأتون من الساعة الثامنة صباحاً ويجلسون حتى وقت صلاة الظهر يتناقشون في أمور الدنيا، وعندما توفي جدي علي الملا وجدنا دفترا واحدا ذاكرا فيه الديون التي كانت على العملاء، وباقي الدفاتر ضاعت ويقولون تم رميها، وكان هناك (سوق الباكر) المزدهر بالحركة والنشاط، وكان موجوداً به صيدلية ومحلا تباع فيه أدوات الكهرباء وغيرها من الأمور وكان المانع وكيل ماركة فيليبس.

 

إدارة السوق منحتني محلا تجاريا

منحتني ادارة سوق واقف محلا تجاريا اسميته ( الملا بلازا ) وفي أحد الأيام مر عليّ رئيس الوزراء الاسترالي في الدكان، واستوقفته وأخبرته بأن والدي كان تاجرا ويتعامل مع استراليا في استيراد العلف والشعير منذ عام 1950 م، فقال هل كانت علاقتنا مع قطر منذ تلك الفترة، وقد أوضحت له قبل ذلك، وقال لي هذه المعلومة جديدة تهمني كثيراً لأول مرة أسمع بها، وبدأت علامة السرور والفرح عليه، وشكرني على المعلومة.

كنت أشاهد الأفلام السينمائية في الأندية

في تلك الحقبة الجميلة في أوائل الستينيات كانت وسائل الترفيه قليلة جداً، فقد كنت أتابع الأفلام السينمائية إما في نادي الوحدة وندفع رسوم الدخول، أو نادي النصر الذي كان الدخول فيه بالمجان، ويعتبر من أقوى وأفضل الأندية فهو تأسس منذ أوائل الخمسينيات واغلق في عام 1964 ولم يشارك في الدوري بل فاز بعدة كؤوس وكان خير سفير للرياضة في تلك الفترة، فقد زار لبنان وسوريا ودول الخليج وكان لديه مجموعة مميّزة من اللاعبين المحترفين والقادمين من عدة دول، ويدعمه الشيخ عبدالعزيز بن أحمد آل ثاني، وكنا نشاهد الافلام السينمائية كذلك في بيت الشيخ فالح آل ثاني أو بيت عبدالله خليفة المطاوعة الذي كان يحضر الأفلام من بيت الحاكم فكان أهل الفريج يحضرون ويستمتعون بمشاهدة الأفلام، فكانت هذه الوسيلة الوحيدة للترفيه في تلك الفترة.

مجلس "الشرق" سيتابع الجزء الثاني من لقاء الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الملا الأسبوع المقبل.

 

مساحة إعلانية