رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1234

أزمة اقتحام البنوك تهز الوضع الأمني الهش في لبنان

17 سبتمبر 2022 , 07:00ص
alsharq
بيروت - الشرق ووكالات

 

هزت سلسلة من الاقتحامات للبنوك في لبنان نفذها مودعون مسلحون يدفعهم الإحباط من تجميد مدخراتهم في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، الوضع الأمني الهش في البلاد، مما حدا بوزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، امس، الى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي في العاصمة بيروت، مؤكدا أن القوى الأمنية ستبدأ باتخاذ إجراءات مشددة لحفظ الأمن بالبلاد، على خلفية أزمة اقتحام البنوك.

وقال مولوي في مؤتمر صحفي عقب اجتماع مجلس الامن المركزي: "القوى الأمنية بالتنسيق مع الجيش ستتخذ إجراءات أمنية مشددة بهدف الحفاظ على الأمن والنظام في البلاد"، لافتا أن "الهدف من الاجتماع هو حماية كافة المودعين وليس المصارف".

والجمعة، جرت 8 عمليات اقتحام لمصارف في لبنان من قبل مودعين، وفق ما أعلنته "جمعية المودعين اللبنانيين"، جراء رفض المصارف منذ فترة طويلة منح المودعين أموالهم بالدولار.

وتوجه مولوي إلى المودعين قائلا: "أنتم أصحاب حق لكن لا يمكن أن تستردوا حقوقكم بهذه الطريقة (يقصد بقوة السلاح)". واستطرد قائلا: "ما حصل يهدم النظام ويؤدي إلى خسارة حقوق باقي المودعين أموالهم". وقال الوزير: "نخشى أن يهتز الأمن في البلاد لذلك سنتشدد بتطبيق القانون وندعو الناس أن تتفهم بأن هذه الإجراءات هي لحمايتهم. الهدف هو حماية البلد والنظام وليس المصارف". ولم يكشف مولوي عن تفاصيل حول الإجراءات التي ستتخذ، لكنه أفاد بأنها "ستطبق وفقاً للقانون وبناء لتوجيهات القضاء".

* اقتحامات مسلحة

وخلال يوم الجمعة، تكررت 8 عمليات اقتحام جديدة لفروع مصرفية في مختلف المناطق اللبنانية، غالبيتها في بيروت، وفق بيانات رسمية. واستطاع لبناني مسلح من الحصول على مبلغ 19 ألفا و200 دولار من وديعته عقب اقتحام مصرف في منطقة "العازية" جنوبي البلاد، ليسلم نفسه بعدها إلى القوى الأمنية.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، بأن "المواطن م.ق دخل برفقة شخص آخر، إلى فرع أحد المصارف في الغازية، قضاء صيدا، مطالبا باسترداد وديعته". وأضافت أن "المواطن عمد إلى تهديد الموظفين بسلاح حربي وهدد بحرق الفرع في حال لم يتم إعطاؤه وديعته". وأوضحت أنه لاحقا سلم "المسلح نفسه إلى القوى الأمنية التي حضرت إلى المكان". من جانبها، ذكرت قناة "الجديد" اللبنانية، أن المواطن تمكن من الحصول على مبلغ 19 ألفا و200 دولار من وديعته وتسليمها لأحد الأشخاص الذي كان ينتظره خارجا.

وفي صباح الجمعة، أيضا، دخل رجل تم تعريفه باسم عبد الرحمن سوبرة بنك لبنان والمهجر (بلوم) في منطقة الطريق الجديدة في بيروت للمطالبة بمدخراته. وما زال متحصنا داخل فرع البنك بعد مرور ساعات، وأبلغ رويترز عبر الهاتف بأنه سلم مسدسه إلى قوات الأمن ويرغب فقط في الحصول على أمواله. وقال لرويترز "أنا دخلت للبنك لأخذ مصرياتي ومعتصم داخل البنك، قاعد ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام أو شهر". وأضاف أنه رفض عرضا من البنك للحصول على جزء من مدخراته التي تبلغ 300 ألف دولار بالعملة اللبنانية المنهارة. وتابع "أنا قاعد ما رح أتحرك ابدا حتى استعيد وديعتي".

وتعالت الهتافات المساندة لسوبرة من جانب حشد كبير خارج البنك، ومن بينهم بسام الشيخ حسين الذي نفذ أول اقتحام لبنك في لبنان في أغسطس ليحصل على مدخراته من مصرفه، الذي أسقط الاتهامات ضده. وقال حسين، الذي حصل على حوالي 30 ألف دولار من مدخراته التي تبلغ 200 ألف دولار، إن هذه الحوادث ستتكرر طالما كانت هناك أموال في الداخل، مضيفا أن الناس ليس لديها أي حل آخر.

وفي حادث آخر، دخل مسلح بمسدس خرطوش أحد فروع بنك لبنان والخليج في منطقة الرملة البيضاء في بيروت لاستعادة مدخرات تقدر بنحو 50 ألف دولار، حسبما قال موظف في البنك. وبعد ذلك، قال محمد إسماعيل الموسوي عبر الهاتف إنه اقتحم البنك اللبناني الفرنسي بمسدس مزيف ونجح في الحصول على 20 ألف دولار نقدا من حسابه. وأبلغ رويترز "النظام المصرفي يللي عم يضحك علينا هو وصرمايتي سوا" مضيفا أنه سيختبأ. وقال البنك اللبناني الفرنسي لرويترز إن الواقعة استغرقت خمس دقائق ولم يصب أي من الموظفين بأذى.

وفي واقعة جرت بعد ظهر الجمعة، قال مصدر في قطاع البنوك لرويترز إن رجلا أطلق النار في أحد فروع بنك ميد بينما كان يسعى للوصول إلى مدخراته. وأوضح المصدر أن الرجل هو أحد أفراد قوات الأمن اللبنانية ولم يكن هناك أي بلاغات عن إصابات.

* إغلاق البنوك

من جهتها، أعلنت جمعية مصارف لبنان، أمس، إغلاق أبواب المصارف كافة في البلاد لمدة 3 أيام اعتبارا من بعد غد الإثنين، "استنكاراً للاعتداءات وللمطالبة باتخاذ تدابير تنظيمية". وحثت جمعية مصارف لبنان السلطات الخميس على محاسبة المتورطين في اعتداءات لفظية وجسدية على البنوك وقالت إن البنوك نفسها لن تتساهل.

*جمعيات المودعين

من جانب آخر، دعت جمعيات ممثلة للمودعين إلى رد الحقوق كاملة إليهم، متهمة المصارف بالمسؤولية عن هذه الأزمة وتهريب الأموال خارج لبنان. وقال المتحدث باسم جمعية المودعين اللبنانيين إن ما حصل هو البداية وستستمر حتى استعادة كافة الحقوق. وذكرت الجمعية عبر صفحتها في فيسبوك أن المودعين سيطروا امس على 8 مصارف، وقالت إن "حرب استعادة الودائع قد بدأت ولن يطفئ غضب المودعين إلا استعادة حقوقهم كاملة". من جهتها، قالت جمعية "صرخة المودعين" إنها تعلن "الحرب الشاملة على المصارف حتى تحرير أموال المودعين". ورأت الجمعية أن ما يحصل في المصارف ليس سطوا، وإنما دخول "لاستعادة الوديعة المسروقة وهي حق مقدس للمودع". ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية عن منسق جمعية "صرخة المودعين" قوله "سنهاجم بيوت أصحاب المصارف إذا أغلقت أبوابها".

في السياق نفسه، قالت رابطة المودعين في بيان إن ما يحصل اليوم هو "انتفاضة المودعين لحقوقهم كردة فعل طبيعية ومحقة على عدوان المصارف بالسطو على مدخراتهم وودائعهم". وأضافت الرابطة أن المصارف رفضت الحلول المالية التي تحقق الحد الأدنى من العدالة بتوزيع الخسائر، كما اتهمتها بالتلاعب بأموال المودعين لتمويل ما سماه شبكات الفساد.

واقترحت الرابطة خيارين للخروج من الأزمة إما إعلان إفلاس المصارف وتصفيه أملاكها لرد الودائع ضمن خطة مالية عادلة، أو الفوضى وتحرير الودائع بالقوة على اعتبار أن المصارف تحتجز أموال المودعين.

ومنذ نحو 3 أعوام تفرض مصارف لبنان قيوداً على أموال المودعين بالعملة الأجنبية لا سيما الدولار، كما تضع سقوفاً قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية. ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019 أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى.

وكانت السلطات بطيئة في تمرير الإصلاحات التي قد تمكنها من الوصول إلى ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لتخفيف الأزمة.

ومن بين القوانين المنتظرة قانون ضوابط رأس المال، الذي ما زال قيد المناقشة من قبل البرلمان. وفي غيابه، فرضت البنوك قيودا أحادية على معظم المودعين، وسمحت لهم باسترداد مبالغ محدودة كل أسبوع بالدولار الأمريكي أو الليرة اللبنانية.

وتقل قيمة السحوبات بالليرة اللبنانية، إذ فقدت العملة المحلية أكثر من 95 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019، واقتربت من مستوى منخفض جديد عند حوالي 38 ألفا مقابل الدولار هذا الأسبوع.

وتقول البنوك إنها تسمح بعمليات سحب استثنائية للحالات الإنسانية بما في ذلك مدفوعات الرعاية الصحية لكن المودعين يقولون إن البنوك لم تلتزم بذلك.

مساحة إعلانية