رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

608

فلسطيني يعود للمشي بعد سنوات من المعاناة

16 مايو 2022 , 07:00ص
alsharq
غزة - حنان مطير

يقود الشاب الفلسطيني أحمد النجار - 30 عامًا - دراجته الناريّة وقد وضع خلفها صندوقًا يحمل وجبات غذائية للزبائن، يجوب شوارع رفح جنوب قطاع غزّة بتوازن وثقة ليسلم الطلبيّة في وقتها المُحدّد بابتسامةٍ عريضة.

أحمد يروي لـ الشرق أنه لم يكن بتلك الحركة والروح والنفسية الحلوة لولا حصوله على طرفٍ صناعيّ من مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزّة والممول من صندوق قطر للتنمية والذي دعمته بالطرفِ ذي الجودة العالية والعالمية.

ويقول: "دربني الأطباء في مستشفى حمد على تركيبه والمشي به في كل نواحي المستشفى حتى انطلقت خارج المستشفى كالطير حرًا أسير بأريحية وأذهب حيث أشاء".

ويضيف: "حضرت افتتاح المستشفى عام 2019 وكنت على أملٍ كبير بأنني سأحظى بخدمةٍ متميزة، وأنني سأعود للمشي من جديد من سنواتٍ من المعاناة التي عشتها منذ إصابتي وقبل تركيب طرفي".

وكان أحمد فَقَدَ طرفه السفلي من فوق الركبة وإحدى عينيه، وعانى من مشاكل في الصدر واليدين بعد أن أصاب صاروخ صهيوني مباشر سيارته التي كان يقودها برفقة صديقيه وآخرِين في عدوان عام 2014 على قطاع غزة، حينها دكّ الاحتلال قطاع غزّة بصواريخه الجوية وقاذفاته الناريّة، واخترق الهدنة.

حكاية الإصابة

وحول هذا يحكي مسترجعًا ذاكرته لذلك العام الحزين: "كنت شابًا في بداية العشرينيات لديَّ الكثير من الآمال والأحلام وكنت أعمل سائق سيارة أجرة، لكن الاحتلال حرق أحلامي في لحظة، ففي ذلك اليوم اتصل بي صديقا طفولتي العزيزان ساهر وشريف وطلبا مني أن نذهب معًا لنقلّ عائلة أخواله بسيارتي حيث كانوا في منطقة خطيرة غير آمنة، ففعلت، وأحضرناهم وفي طريق عودتنا ضرب صاروخ الاحتلال الجوي السيارة بشكل مباشر".

ويواصل: "استيقظت لأجد نفسي في المستشفى، ولم أكن أعلم أن أهلي فتحوا لي بيت عزاء ليومين وكلّ ظنهم أنني استُشهدت برفقة صديقيّ اللذين أصبحا أشلاء، فيما نجت العائلة التي نقلتها بسيارتي".

تواصل المستشفى مع والد أحمد وأخبرته أنه حي فانقلب العزاء لتكبير وسقطت دموع الفرح بنجاته من الموت وإن كان الحزن علي صديقيه ما زال مخيمًا، وإن كان أحمد قد فقد طرفه وعينَه وكان يعاني من مشاكل صحية أخرى.

ويوضح: "بعد رحلة العلاج أمضيت 4 سنوات على عكازين لم أشعر بطعم للحياة ولا للأحلام، غالبية وقتي أقضيه على سرير نومي، لا طعم لزيارة أهلٍ ولا أحبة، ولا للوقوف في شارع أو فوق سطح حتى علمت بإنشاء مستشفى قطري في غزة خاص بالتأهيل والأطراف فدبّ الأمل في قلبي وذهبت".

أصبحتُ حرًا

منذ ذلك الحين تغيّرت حياة أحمد حيث كان من أوائل المستفيدين من المستشفى "لشدة فرحتي لم أرتح ساعةً، أمضيت يومها أسير حرًا وأنا أرتدي طرفي الجديد، شعرت حقًا بأنني أُولَد من جديد وأنني سأمارس حياتي بشكل طبيعي، انتهيت من التدرّب بمساعدة ومتابعة أطباء المستشفى الذين لم يتركوني لحظة حتى هذا اليوم، وذهبت لبيتي في رفح، زرت أخواتي المتزوجات وعماتي مشيًا بلا مساعدة أحد ولأول مرة بلا عكازين، وأكملت السير فزرت رفاقي وأصدقائي، وأريتهم كيف أن باستطاعتي أن أمشي لوحدي وأن أضع رجلًا فوق رجل وأن أجلس متربعا أيضًا، جميعهم استقبلوني بسعادة وباركوا لي بحب، لقد كان يومًا رائعاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

تغيرت نفسية أحمد، نسي النوم والسرير فبدأ يبحث عن عمل، حتى حظي بفرصة العمل سائق "دليفاري" على دراجة نارية، بدأ بالتدرب على ركوب الدراجة بطرفه الصناعي فأتقن سياقتها ثم بدأ بالعمل كأي شخص لم يُعانِ من أي مشاكل صحية، وبات يحصل على دخلٍ بسيط.

تزوّج أحمد وكون أسرة جميلة وأنجب طفلين أسماهما سعيد ومهند، في وقت عمله ينقل في صندوق دراجته الوجبات للزبائن وفي وقت فراغه يلاعب طفليه ويحملهما على دراجته تارة، ويتمشى برفقتهما تارة أخرى، يساعد زوجته في أعمال البيت ويجلب لها كل احتياجات المنزل "ممتن لقطر ولمستشفى حمد فهي من غيرت حياتي".

مساحة إعلانية