رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

1079

البحراني: أول رمضان لي في الدوحة له خصوصية في ذاكرتي

14 يونيو 2017 , 11:46ص
alsharq
هاجر بوغانمي

وأنا أتحدث الى النحات العراقي المقيم في الدوحة أحمد البحراني، تذكرت بيتا للجواهري يقول فيه:

سَهِرْتُ وَطَالَ شَوْقي لِلْعَـراقِ وَهَـلْ يَدْنُـو بعيدٌ بِـاشْتِيَــاقِ

يسرد البحراني ذكريات رمضان في العراق باحساس عميق، وقدرة فائقة على استحضار أدق التفاصيل رغم الفارق في التوقيت بين الزمنين. يحمل العراق في قلبه، ويعيشه في لحظات معينة، لعل أبرزها لحظة اذان المغرب في رمضان.. حنين باذخ للتربة الأولى يؤكد أصالة الفنان وتجذره في بيئته وثقافته.. وتزداد هذه الأصالة انكشافا عندما يتحدث عن إقامته في قطر وعلاقته بالدوحة، وهي علاقة يميزها التداخل الوشيج بين كائنين احداهما مبدع والآخر ملهم.

(رمضانيات الشرق) التقته في زاوية من المشهد الرمضاني.. فكان الحوار التالي:

ماذا يعني رمضان بالنسبة إليك، وكيف تعيش ذكرياته؟

أنا أحب رمضان كثيرا، وأثر ذكرياته يتزايد يوما بعد آخر، ومخطىء من يعتقد أن الحنين يتلاشى كلما مرت السنوات، ولكن عزاءنا الوحيد أننا نعيش في دولة عربية وفرت لنا الكثير من الأشياء، وخففت الإحساس بالغربة والحنين الى الوطن، فأجواء رمضان، عائليا، في قطر، تكاد تكون مختلفة تماما عن الأجواء في العراق. فلكل دولة ثقافتها، إضافة الى طقوسها المختلفة، ولكن بشكل عام أنا لا أشعر بالغربة في هذا البلد، ولكني أفتقد الى بعض التفاصيل الدقيقة مثل أمي واخوتي وإحساسي بالعائلة والأقرباء، وهو إحساس طبيعي.

أنا من منطقة شعبية في العراق. كنا ونحن أطفال، ثم في مرحلة الشباب، نمارس بعض الطقوس قبل رمضان والتي أفتقدها اليوم وأحتاجها، لكن، ماذا عسانا نفعل وهذه الغربة فُرضت علينا؟

كيف عشت تلك الطقوس، وما الذي تتذكره منها اليوم؟

رمضان كان بالنسبة إلينا بمثابة العيد قبل العيد. كنا نستقبله بفرحة كبيرة جدا. كان هناك إحساس عميق جدا بالألفة، وإحساس بالروحانيات، وبقرب العائلة من بعضها، وقرب الناس الذين يسكنون في المنطقة التي كنا نعيش فيها. الجدران كانت كلها تُهدم في رمضان، حيث الجميع يتساوون. كان كل جار يتفانى في تقديم ما يمكن تقديمه الى الآخر، وإن اختلف مستواه الاجتماعي. فالفقراء يقدمون ما أعطاهم الله سبحانه وتعالى، وكذلك يفعل ميسورو الحال، وتتحول المنطقة كلها الى عائلة واحدة. كانت أبواب بيوتنا مفتوحة ليل نهار طوال الشهر الكريم، وكنت إذا لم يعجبني الفطور أو السحور في بيتنا، أذهب الى بيت عمي أو خالي أو بيت جارنا فاختار من الطعام أشهاه دون حرج. كنا في اليومين الأخيرين من الشهر نحزن لأننا سنودعه، وكأننا نودع عزيزا. رغم فرحة العيد في اليوم الذي يليه.

ما أبرز الأكلات التي تحبذها في رمضان؟

التمر واللبن من أساسيات المائدة الرمضانية في العراق، أضف الى ذلك شوربة العدس، والأرز والمرق، و"تشريب" اللحم أو الدجاج، والدومة العراقية، والكفتة أو ما نسميها في المطبخ العراقي بالكباب. أما الحلويات فكانت بشكل يومي ومنها البقلاوة والزلابية..

متى كان أول رمضان لك في الدوحة. وكيف عشته؟

بداية إقامتي في الدوحة كانت عام 1999، وأول رمضان كنت بدون العائلة. أذكر أنني كنت في ضيافة أصدقائي الفنانين القطريين الذين التقيتهم في مركز شباب الدوحة. لم أشعر بأنني وحيد، وكان من شهور رمضان الذي له خصوصية في ذاكرتي، لأنني كنت في ضيافة بيوت قطرية كريمة وتربطني بهم علاقة إنسانية لاتزال قائمة.

بعد ذلك استقدمت العائلة، وصار البيت عراقيا في قطر، وصرنا جزءا من هذا المجتمع الكريم. والمميز في هذا البلد أن الناس يتدافعون بكل حب لفعل الخير، وهناك أياد بيضاء كثيرة ممدودة للخير، وتعلمنا هنا بعض الطقوس القطرية مثل الغبقة، والمجالس، وهي طقوس مميزة جدا.

بماذا تحيل اليك هذه المجالس؟

المجلس أساسي في البيت القطري. وقد لاحظت أن المجالس تلعب دورا كبيرا في تداول الأخبار العامة، والأخبار السياسية والثقافية، وشخصيا تربطني علاقات طيبة جدا مع بعض الأخوة أصحاب مجالس مميزة بالفكر والأدب والفن، أضافت لي كثيرا، وتعرفت فيها على شخصيات ثقافية وفنية واجتماعية. أعتقد أن ثقافة المجلس ثقافة مهمة جدا وجزء من الحياة القطرية التقليدية.

ماذا عن طقوسك الرمضانية؟

طقوسي في رمضان تختلف عن الأيام العادية من حيث وقت ذهابي الى المرسم. عادة أذهب الى المرسم مبكرا، لكن بحكم السهر مع العائلة والأصدقاء في رمضان فإنني أذهب الى المرسم في حدود الساعة العاشرة صباحا، ويستمر الى بعد الظهر، ثم أعود الى البيت.

لدي نظام في الأكل ولذلك أحرص على أن يكون الفطور في البيت، وخلال هذه السنوات التي تناهز ثماني عشرة سنة تعلمنا طقوس الغبقة والعشاء، وأحاول أن أكبح جماح الشهية حتى لا يزداد وزني. وبعد الإفطار يكون التواصل مع الأصدقاء.

ما اللحظة التي يعود فيها أحمد البحراني الى التربة الأولى؟

لا أبالغ إذا قلت إنني أعيش العراق، ويعيش في. ليس هناك لحظة معينة أحن فيها الى العراق، وأعتقد أن شبكة التواصل الاجتماعي قربت المسافات وساهمت في التخفيف من وطأة الحنين، لكن تبقى هناك أشياء محسوسة لا يمكن أن يوفرها لك الهاتف الجوال أو الكمبيوتر. فمثلا لحظات سماع الأذان في أول يوم من رمضان له نكهته الخاصة. أتذكر كيف كنا نخرج الى الشارع نهتف ونهلل بقدوم الشهر الكريم. ومن خلال حنيني للعراق أنتج وأعمل.

ما مشاريعك القادمة؟

سيكون لي معرض شخصي في بداية العام القادم بإحدى قاعات قطر، وهناك بعض الأعمال في الساحات العامة سيتم الإعلان عنها قريبا.

مساحة إعلانية