رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

4168

الفنانة فاطمة الشيباني لـ الشرق: البخانق يعيدني إلى الماضي برؤية فنية

14 أبريل 2019 , 06:00ص
alsharq
مجسمات عمل البخانق
حوار: طه عبدالرحمن

بدأت المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) عرض العمل الفني المعنون"البخانق" للفنانة التشكيلية فاطمة الشيباني عند مبنى 15، بالشكل الذي يعكس قيمة هذه المجسمات، والارتقاء بالذائقة البصرية للزوار في الوقت نفسه.

وللوقوف حول طبيعة هذا العمل، وأهم ما يميزه.التقت الشرق الفنانة التشكيلية فاطمة الشيباني، للحديث عن خصوصيته ، وغيره من الأعمال التشكيلية التي أنجزتها، وما إذا كان ذلك تحولاً في مسيرتها الفنية، بإنجاز مثل هذه الأعمال الضخمة، إلى غير ذلك من محاور طرحت نفسها على النحو التالي:

*ما هي الفكرة التي حاولت إيصالها للمتلقي من خلال عمل "البخانق"، الذي تعرضه كتارا حالياً؟

**قصدت بالفكرة السفر عبر الزمن وعودتي للماضي برؤية فنية جديدة ومتطورة من خلال طرح وعرض هذا العمل ورؤيتي المستقبلية للتراث بطريقة حداثوية من خلال "عصرّنه الماضي والموروث". ولهذا تناولتهما من منظوري باستخدام خامات صعبة عن المألوف والمتكدس لدينا في الساحة الفنية.

*ما هي المدة التي استغرقتِها في إنجاز العمل؟

** العمل استغرق مني ٣ أشهر ونصفا فقد كانت مجرد فكرة تقدح برأسي ببداية عام ٢٠١٥ وتم تنفيذها في تلك الفترة وتم عرضها سنة ٢٠١٦ في معارض مختلفة بكتارا ولندن ونيويورك وجدة وبيروت.

*تبدو المرأة حاضرة في العديد من مجسماتك، مثل "البطولة" و"البخانق"، فهل هذا انحياز من جانبك للمرأة؟

**أنا لا أنحاز للمرأة في أعمالي دون علم بمكانتها وتأثيرها في الحياة والمجتمع، فهي ملهمتي في أغلب أعمالي الفنية، ويكفي أننا ننتمي لبني جنسها ومن يؤمنون بإطلاق سراح روحها في هذه الحياة.

المرأة منذ الأزل وقديم الزمان كانت منذ نشوء الحضارات هي محور صراع على السلطة ومحفز للثراء والدافع لتحقيق الانتصارات وهي السبيل في تذوق الجمال وملهمة الشعراء والثقافة والأدب . لذلك كانت لها مكانتها عند السومريين والبابليين والآشوريين، فهي عشتار وإيزيس وداعية الحب والجمال والشمس، وهي الخير والنماء عندما كان يرمز لها أهل بابل بالمياه المتدفقة. لذلك كله أنحاز لها كثيراً، لأنني أرى فيها نفسي، كينونتي وقوتي ووجودي بهذا الكون المليء بالكثير.

* لكِ مشاركات خارجية ، فكيف ترصدين انطباعات المتلقي الغربي تجاه مثل هذه الأعمال، ومنها "البطولة" الذي شاركت به في معرض بلندن؟

**شاركت بـ"البطولة" في معرض "آرت فير" في أبوظبي سنة 2013، ثم معرض "آرت فير" لندن ٢٠١٥، علاوة على مشاركاتي الخارجية، التي تجعلني أكثر تفاعلاً مع الجمهور الغربي وإعطاء واجهة ثقافية وحضارية للفن الخليجي.

فلقد أبهرنا العالم الأجنبي، على نحو ما ظهر من تفاعله وثقافته مع الفنون الأخرى، إلى جانب تذوقه للفن الخليجي وانبهاره بالمسؤولية والمستوى الذي وصل إلية الفنان القطري.

تحول فني

*هل ترين أن مثل هذه المجسمات تجسد لمرحلة تحول فني جديد في مسيرتك التشكيلية؟

** هذا شيء مؤكد، فقد مررت بالعديد من أنواع وبحور الفن التشكيلي، ولكني في النهاية آثرت بحر التجريد والأعمال المجسمة بخامات مختلفة، لأنني أجد نفسي في هذه الأعمال، ولأن هذا البحر بحر صعب جداً وعليك مواصلة التجديف فيه وعدم الخوف من أعماقه!!

وهذا ما جعلني أواصل البحث عن ماهية الفن ومحاربة التلوث البصري والأمية البصرية في أعمالي التي تضعني دائماً في مواجهه مع نفسي ومع المتلقي.

*وهل ترين أن الفنان ينبغي له الالتزام بلون فني معين، أم أن التنوع يثريه؟

** التنوع يثريه ويقويه ، وعليه أن يجد المرسى الذي ترسو عليه سفينته أو النوع الذي يميزه بين جميع الفنانين.

*في هذا السياق، ما تفسيرك لعزوف كثير من الفنانين عن أعمال النحت، والاقتصار على الرسومات التشكيلية؟

**الفن التشكيلي والرسم أسهل وأقل كلفة. أما النحت والمجسمات فتحتاج إلى فنان مغامر يحب المغامرة "ومقامر" لا يخاف من التكاليف ولا العواقب ولا الخسائر رغم مرارتها!!

هذه الأعمال تحتاج من الوقت والمكان والتخزين الكثير والتكاليف المادية ومن التنازلات والتضحيات الأكثر، توقعاً لعدم بيعها أو عدم اقتنائها، رغم المجهود المبذول فيها، عكس اللوحة التشكيلية التي لا تحتاج من الفنان سوى قطعة قماش وألوان. وأعتقد أن الفنان البخيل مع نفسه لا يستطيع أن يكون كريماً مع عمله الفني !

عراقة التراث

*كيف تحافظين في أعمالك على تحقيق التوازن بين أصالة الماضي، وروح العصر، أو ما يطلق عليه "عصرنة الماضي"؟

**من خلال التواصل الحي مع التراث، باعتباره رغم كل بساطته، منجزا تاريخيا تراكميا، من منجزات البلد وحضارتها.

ومن خلال الحفاظ على ملامح الموروث التراثي، في نفس الوقت الذي يجاري فيه الشباب تقليعات التكيف الواعي مع ايجابيات العصرنة ، والانخراط مع منجزاتها ثقافيا، والاستفادة من معطياتها سلوكيا، دون خسارة الموروث الإيجابي من التراث، فهذه الأعمال هي هويتنا وهي تراثنا الذي يقدره كل العالم ويسعى للحصول عليه.

لذلك أقوم بما يسمى بـ «عصرنة» المنتج الفني مهما كان نوعه وشكله أي أنني أقوم بتطويره كي أرضي الذوق العام، وأصل لعقول الشباب، دون المساس بهوية هذا العمل أو خدشه.

وأحافظ على أعمالي من خلال مخاطبة هذا الجمهور من النوع الخاص جداً والجيل الواعي الجديد والمثقف جداً لما أقدمه وأطرحه، ومن خلال إدخال وسائط فنية بالعمل تساعد أحيانا كالصوت والصورة "كفن مفاهيمي" يتفاعل معه الجمهور أو إضافة وكتابة الفكرة من العمل ليستوعب الجميع الفكرة وكيفية إيصالها.

نقد الإبداع

* يُقال إنه داخل كل مبدع ناقد مضمر، فهل تمارسين نقد أعمالك بغية الحرص الدائم على تجويدها؟

**لابد من ذلك، وأنا ناقدة قاسية جداً على نفسي، ولولا النقد لما تقدمت، ‏فدائما لا أبحث عن المديح، ولكني أبحث عن النقد، فالنقد مثل المطر ينبغي أن يكون ‏يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الإنسان، دون أن يدمر جذوره ...!!، أو كما يقول ‏"فرانك كلارك".

*ما تقييمك لحركة النقد بالدولة، وهل تواكب ما يتم إنتاجه من زخم تشكيلي؟

**رغم الزخم التشكيلي الذي تشهده الدولة ويتم إنتاجه إلا أن الفن التشكيلي لم يحظ إلى وقتنا بالاهتمام الذي يسمح له بتحقيق قاعدة جماهيرية طويلة عريضة.

نعم الساحة مكتظة أكثر مما كانت عليه في السابق، غير أن هذا التراكم الكمي لا يحظى بالمواكبة الإعلامية والنقدية بشكل حثيث ومتوازن.

وما تعرفه الساحة والزخم التشكيلي من ازدهار لا يحتاج إلى المزيد من الشواهد، وعلى نحو خاص ما يتصل بحجم ونوعية المعارض، الفردية والجماعية، غير أن ذلك بحاجة إلى غربلة واختيار الأفضل، ما يستدعي وجود مستشارين فنيين من جهات مختلفة ومحايدة، ولديهم من الخبرة والإدارة ما يكفي للنجاح. ولسنا بحاجة إلى أطفال يديرون الساحة الفنية، دون خبرة أو إدارة.

*في ظل حالة الثراء بمجال الفن التشكيلي في الدولة، ما تقييمك لهذه الحركة؟

**نستبشر خيراً من خلال رؤية قطر، للارتقاء بالفنون التشكيلية في شتى مجالاتها ومسايرة العصر وكل ما هو حديث بمجال الفنون التشكيلية المعاصرة وخلق كل ما هو جديد من ناحية تفاعلية متجددة للفكر الفني مع نمو الحياة وتطورها .

إن امتلاك أفراد مجتمعنا لثقافة فنية عالية تجعل له قدرة تذوقية متميزة تجاه الفنون المعاصرة كما تساعده كذلك في الحكم العام والفني والعملي للموضات الفنية والقدرة على تذوق فنون ما بعد الحداثة (المعاصرة).

مساحة إعلانية