رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

620

غزة تتسحر على القذائف وتفطر على الجوع

14 مارس 2024 , 07:00ص
alsharq
هكذا أفطر الغزيون على أطلال منازلهم المدمرة
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

يطل شهر رمضان المبارك على غزة، وسط ويلات حرب دموية اقتلاعية، وأهوال عدوان همجي محموم، ووسط أكبر معاناة إنسانية وحرب تجويعية في تاريخ البشرية، فتتسحر على الصواريخ والقذائف، وتفطر على الجوع والحزن على وداع الشهداء، غير أنها تبدو شامخة عزيزة، تقهر الموت، ولا ترفع الراية. فبعد أكثر من خمسة أشهر من القتل والحصار والتدمير والتهجير غيرت معالم غزة، لكنها لم تنل من عزيمة ومعنويات أهلها، حل شهر رمضان حزيناً على غير عادته، حيث لا مساجد تغص بالمصلين، ولا أسواق تعج بالمتسوقين، ولا لمة عائلية ولا موائد رحمانية، كتلك التي دأب عليها أهل غزة منذ قرون.

وبدا مشهد القصف والقتل والتدمير بالقدر الذي يطغى على أجواء وعادات وطقوس الشهر الفضيل، فحلت أصوات الطائرات الحربية عوضاً عن صوت الآذان وقرع طبول المسحراتي، ونابت القذائف المدفعية عن مدفع رمضان، دمرت المنازل، وسوت المساجد بالأرض، واستشهد أكثر من 31 ألفاً، وأصيب أضعاف أضعافهم، وناحت غزة على أكثر من مليوني فلسطيني يتربص بهم الجوع، ونزح أكثر من 90 في المائة من أهالي غزة، لكنهم نزحوا من الوطن وإلى الوطن، رافضين مخطط التهجير، متمسكين بأرضهم وحجارة منازلهم، حتى لو غدت أكواماً من الركام.

ولم توقف دولة الاحتلال حربها المجنونة ولو لبرهة، حتى يتناول أهل إفطارهم أو سحورهم، فالقدائف لا زالت تنهال على رؤوسهم، حاصدة المزيد من الأرواح والضحايا، دون أي اعتبار لخصوصية وحرمة الشهر الفضيل، أو احترام لمناسك الصيام والصلاة، لتظل غزة تكابد الجراح والآلام.

«الناس يتضورون جوعاً، ولا يجدون ما يفطرون عليه، يبحثون عن الخبز، ويأكلون الخبيزة، وبعد طعام الحيوانات، اتجهنا للأعشاب البرية، التي باتت وجبتنا الرئيسية» قالت المواطنة أماني المصري، مبينة أنها فرّت بأبنائها من المجاعة شمال قطاع غزة، وتوجهت إلى جنوب القطاع لتجد الأوضاع أكثر صعوبة.

وبينت المصري أنها تخرج كل يوم مع أطفالها إلى الشوارع، للبحث عما تسد به رمقهم، لكنها لا تعود إلى بالشيء القليل، مفضلة الجوع على ذهاب أبنائها إلى مناطق إسقاط المساعدات الإغاثية، خوفاً من استهدافهم، كما دأب الاحتلال أخيراً في مسلسل إجرامه.

ويقدم أهالي غزة نماذج حية على التشبث بالحياة، وصناعة الأمل من المستحيل، بتطلعات أن يعودوا لسماع صوت المسحراتي وهو يجوب الشوارع وينادي بصوته المخملي، كي تستيقظ غزة، وتنهض من غبار الحرب وآثار الدمار، وينطلق مدفع رمضان ايذاناً بالنصر المؤزر.

مساحة إعلانية