في لقطة عفوية حملت الكثير من الدلالات، نشرت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، عبر...
رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في قلب الأرض المعطاءة النابضة بالحياة، تقف أشجار النخيل شامخة كحارسات للزمن، تروي حكايات الأرض وساكنيها، تضرب جذورها عميقا في أحشاء التربة، تمتص الحياة من جوف اليابسة، ويمتد سعفها نحو السماء كأذرع مرفوعة في دعاء متواصل.
وترمز النخلة للعطاء والصبر والشموخ، فهي ليست مجرد شجرة، بل هي قصيدة الأرض التي كتبتها الطبيعة، وأنشودة الحياة التي نظمت قوافيها رياح الصحراء.
أما ثمار النخيل فهي جواهر ذهبية تتدلى، لترمز للعطاء والسخاء والبركة، حاملة في طياتها قصص الأجيال، فقد كانت وما زالت مصدر رزق وسلوى للإنسان في الصحراء، تقيه حر الشمس وقلة الزاد، وتمنحه الطاقة والعون لمواصلة رحلته في دروب الحياة.
تحكي كل مرحلة من مراحل نضج ثمرة النخيل، قصة صبر النخلة وتحملها لتغيرات الزمن، هذه الثمار، بألوانها المتباينة من الأخضر إلى الأصفر فالأسود، هي لوحة فنية طبيعة، تجمع بين الجمال والفائدة في تناغم نادر. ولا تقتصر عطايا النخلة على ثمارها فحسب، بل تمتد إلى كل جزء منها، فمن نوى التمر تصنع بعض أنواع القهوة، ومن عصيره يستخلص الدبس الذي يزين الموائد ويحلي الوجبات، ومن أوراق النخلة وسعفها ينسج الحصير والسلال، في حين تستخدم جذوعها في بناء العرائش والمأوى.
وتوصف شجرة النخيل، بأنها "شجرة الحياة"، التي تعطي دون مقابل، وتعتبر كنزا من العجائب والغرائب، كونها شجرة ثنائية النوع فمنها الذكر والأنثى، ولا يتم الإثمار إلا بعد أن يقوم المزارع بعملية "التلقيح"، حيث يأخذ غبار الطلع من النخلة الذكر ويضعه في قلب النخلة الأنثى، وفي كثير من الأحيان لا تعطي النخلة ثمارها بدون هذا التدخل البشري، أما رأس النخلة فهو سر حياتها وبقائها، وعلى عكس معظم الأشجار، فإذا قطع رأس النخلة، والذي يعرف بـ"الجمار" أو "قلب النخلة"، فإنها تموت بالكامل، لأن هذا الجزء هو المسؤول عن نموها، وفقدانه يعني نهاية حياتها، الأمر الذي يضفي عليها تفردا في عالم النبات.
والنخلة جزء غال وعزيز لا يتجزأ من التراث العربي الخالد فهي رمز للشموخ والتحدي والعزة والكرم، وهي عربية أصيلة، تكثر زراعتها وانتشارها في مختلف الأقطار العربية، وللعرب عشق شديد لها وولع كبير بها، ويروى أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا: أما بعد فإن رسلي خبرتني أن قبلكم شجرة تخرج مثل آذان الفيلة ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض ثم تخضر فتكون كقطع الزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت، ثم تنضج فتكون كأطيب الفالوذج أكل، ثم تينع وتيبس فتكون قوتا للحاضر وزادا للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنة.
تبدأ قصة النخلة في قطر من فسيلة صغيرة لا يتجاوز طولها بضع سنتيمترات، وتنتهي بشجرة باسقة يصل ارتفاعها إلى عشرين مترا أو أكثر، تنتج مئات الكيلوغرامات من التمور سنويا لعقود طويلة قد تمتد إلى أكثر من قرن من الزمان.
وفي قطر الحديثة، احتفظت النخلة بمكانتها الرمزية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية. فعلى العملة القطرية، وفي الشعارات الرسمية، وفي التصاميم المعمارية للمباني الحكومية، تظهر النخلة كرمز للأصالة والتراث. وفي رؤية قطر الوطنية 2030، تحتل الزراعة المستدامة وإنتاج التمور مكانة مهمة ضمن استراتيجية الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
ويتربع رطب النخيل في قطر على عرش التمور كجوهرة زراعية، وقصة حياة تتجسد في مزارع قطر وأسواقها، فهو زينة المزارع بجماله الطبيعي، وزينة الأسواق بحضوره الأنيق، وزينة المجتمع بقيمته الثقافية والاقتصادية، ويعتبر موسم الرطب في قطر، الذي يمتد من يونيو إلى أكتوبر، كل عام أكثر من موسم زراعي، فهو احتفال اجتماعي وثقافي يجمع العائلات والأصدقاء في أجواء من الفرح والمشاركة، وفي هذا الموسم، تتحول مزارع النخيل إلى ملتقيات اجتماعية، حيث يجتمع الناس لقطف هذه الفاكهة المباركة، وتبادل الأحاديث والذكريات، وحيث تنتقل المعرفة والخبرة من جيل إلى آخر.
والحديث عن الرطب في قطر ليس مجرد سرد لأرقام إنتاج أو إحصائيات اقتصادية، بل هو رحلة عبر الزمن تمتد من جذور التاريخ العربي الأصيل إلى آفاق المستقبل المشرق، عبر قصة حب بين الإنسان والأرض، قصة صبر وعطاء، قصة تحد وإنجاز، ففي كل حبة تمر قطرية، تكمن حكاية مزارع قضى عمره يرعى النخيل، وفي كل عذق رطب، تتجسد أحلام جيل كامل آمن بأن الأرض قادرة على العطاء مهما كانت قسوة الظروف والطبيعة.
وتقام فعاليات سنوية مثل مهرجان الرطب المحلي في سوق واقف، حيث تعرض أنواع الرطب المختلفة، ويتم تنظيم مسابقات لاختيار أفضل سلة رطب، وتساهم هذه المهرجانات في تعزيز الوعي بأهمية الرطب ودوره في الثقافة القطرية، بالإضافة إلى دعم المزارعين المحليين. ويتنافس المزارعون المشاركون في المهرجان في عرض أجود منتجاتهم، ويتبارون في تقديم أصناف مميزة مثل الخلاص، الشيشي، البرحي، الزهدي، الخضري، الصفاوي، الصفري، الخنيزي، السكري، وأخرى نادرة مثل نبوت سيف، التي تتميز بشكلها المستطيل وطعمها الفريد، وتمور "السلج" التي تشتهر بحجمها الكبير ولونها الأحمر الداكن. كما يشهد المهرجان فعاليات ثقافية متنوعة، من عروض الشعر الشعبي التي تتغنى بجمال النخيل، إلى ورش تعليمية تعرف الزوار بطرق زراعة النخيل ورعايته، إلى مسابقات لأفضل أنواع التمور وأجمل عروض التمور.
وقد اختتمت بنجاح فعاليات مهرجان الرطب المحلي العاشر، الذي نظمته وزارة البلدية بالشراكة مع إدارة سوق واقف، خلال الفترة من 24 يوليو الماضي إلى 7 أغسطس 2025، حيث شهد إقبالا جماهيريا لافتا بلغ أكثر من 90,600 زائر. وقد ضم المهرجان منتجات 114 مزرعة محلية من مختلف أنحاء الدولة، إلى جانب سلسلة من المسابقات التفاعلية للجمهور والمزارعين، مما ساهم في تعزيز روح المنافسة وإثراء تجربة الزوار. بلغ إجمالي مبيعات الرطب في هذا المهرجان أكثر من مائة وسبعين ألف كيلو غرام، وأشاد المنظمون بالنجاح الكبير للمهرجان، مؤكدين أنه حقق أهدافه في تعزيز المنتج المحلي وتحفيز المزارعين على تطوير زراعة النخيل ورفع جودة الإنتاج. كما أكدوا أن المهرجان، الذي أصبح من الفعاليات الزراعية البارزة في الدولة، يبرز جهود الوزارة في تعزيز الاستدامة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، إلى جانب إحياء التراث الزراعي والتعريف بقيمة الرطب في الهوية الثقافية.
ويلعب الرطب القطري دورا محوريا في دعم الاقتصاد المحلي، حيث يساهم في توفير فرص عمل للمزارعين وأصحاب الأعمال الصغيرة، وتتنوع استعمالات الرطب فهو ليس مجرد فاكهة، بل مكون أساسي في المأكولات التقليدية، ويستخدم في تحضير الحلويات المبتكرة التي تجمع بين التراث والإبداع، كما أن الأسواق تشهد تنافسا إبداعيا بين التجار في تقديم الرطب بطرق جذابة، سواء في تغليفه الفاخر أو تقديمه مع القهوة العربية كجزء من تجربة ثقافية متكاملة.
وعلى الرغم من تألق الرطب القطري في مختلف المناسبات، تواجه زراعة أشجاره تحديات عديدة مثل التغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية، ومع ذلك، فإن الابتكارات في الزراعة المستدامة، مثل استخدام الطاقة الشمسية في الري وتطوير أصناف مقاومة للجفاف، تفتح أمام النخيل آفاقا واعدة.
وهكذا فإن أشجار النخيل في قطر ليست مجرد شجرة تثمر تمرا، بل هي رمز حضاري يحكي قصة شعب عاش وترعرع في أحضان الصحراء، وتغلب على تحدياتها، ولم تعد هذه الأشجار مجرد حارسة من الماضي، بل أصبحت أيضا بوابة للمستقبل، ولا ينظر إليها كمساحات خضراء في قلب الصحراء فقط، بل هي رموز للإرادة والعزيمة، وشواهد على قدرة الإنسان على تحدي الطبيعة والانتصار عليها مهما بلغت التحديات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في لقطة عفوية حملت الكثير من الدلالات، نشرت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، عبر...
140524
| 22 نوفمبر 2025
أقدم أحد الأشخاص، يحمل الجنسية الخليجية، على قتل مصري داخل منزله بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية المصرية. ووفق موقع مصراوي المحلي، ففقد قام الخليجي...
13668
| 22 نوفمبر 2025
تبدأ الليلة أول ليالي نجم الزبانا في قطر وعدد أيامه 13 يوماً ووقت طلوعه24 نوفمبر 2025، وفيه تزداد البرودة ليلاً مع اعتدال الحرارة...
7208
| 23 نوفمبر 2025
تصل منتخبات عمان والسودان والبحرين واليمن ولبنان والصومال إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم الأحد استعدادا لخوض مبارياتها في الملحق المؤهل لدور المجموعات ببطولة...
5642
| 23 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أبرمت أريد قطر، إحدى الشركات التابعة لمجموعة أريد Ooredoo (شركة مساهمة عامة قطرية)، اتفاقية استراتيجية مع شركة أوراكل للبدء في تشغيل منصة Oracle...
98
| 24 نوفمبر 2025
دعت شركة ودام الغذائية الجمعية العامة غير العادية للانعقاد يوم 14 ديسمبر 2025 القادم لعرض تقرير المدقق الخارجي المتعلق بالخسائر المتراكمة. وستشهد الجمعية...
1110
| 24 نوفمبر 2025
أعلنت وكالة ترويج الاستثمار في قطر، والوكالة البولندية للاستثمار والتجارة، عن توقيع شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين دولة قطر وجمهورية بولندا....
74
| 24 نوفمبر 2025
انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر الثاني للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والذي يعقد بالتعاون بين غرفة قطر ومؤسسة حوكمة انترناشونال ومعهد الاستدامة ومحترفي البيئة بالمملكة...
110
| 24 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل




مع اقتراب اليوم الوطني لدولة قطر، تحتفل أكاديمية الإجارة لتعليم القيادة بهذه المناسبة الغالية من خلال تقديم عروض وخصومات مميزة تشمل جميع الدورات...
5382
| 23 نوفمبر 2025
في إطار متابعة واحدة من أكبر قضايا تزوير ملفات الجنسية في الكويت، كشفت مصادر صحفية عن اكتشاف 999 شخصًا حصلوا على الجنسية عبر...
2926
| 22 نوفمبر 2025
ردت وزارة الصحة والسكان المصرية عن الأنباء التي تم تداولها حول انتشار فيروسات مجهولة أو سلالات خطيرة في البلاد. وقال الدكتور حسام عبد...
2560
| 22 نوفمبر 2025