رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1448

الحمادي: آن الأوان لإنشاء برنامج وطني لمرضى التوحد في قطر

12 أبريل 2015 , 10:05م
alsharq
محمد صلاح

احتفل العالم في الثاني من أبريل الجاري باليوم العالمي للتوحد، ويشهد العالم فعاليات متعددة للتوعية بمرض التوحد، ما تلبث أن تخفت وتنتهي حتى موعد الاحتفال، مع أن المرض يمثل ظاهرة عالمية تهدد الكثير من الأسر.

وسعت منظمة التوحد العالمية التي انطلقت (WAO) رسمياً في 21 نوفمبر 1998 في لوكسمبرج، لتحسين جودة الحياة للأشخاص المصابين بالتوحد وعائلاتهم في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك تظل معاناة مرضى التوحد مستمرة في الكثير من بلدان العالم، خصوصا بلدان الجنوب أو ما يطلق عليها العالم الثالث، سواء كانت غنية أم فقيرة.

ويعرف التوحد على أنه اضطراب النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وبأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. ويتم تشخيص المرض عندما تصبح الأعراض واضحة، وغالبا ما تكون كذلك قبل أن يبلغ الطفل من العمر 3 سنوات.

ويؤثر التوحد على عملية معالجة البيانات في المخ، وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها؛ ولم يفهم جيدًا كيف يحدث هذا الأمر. ويعتبر أحد ثلاثة اضطرابات تندرج تحت مرض طيف التوحد (ASDs)، ويكوِّن الاضطرابان الثاني والثالث معًا متلازمة أسبرجر، التي تفتقر إلى التأخر في النمو المعرفي وفي اللغة، وما يعرف باضطراب النمو المتفشي.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور أحمد حسن الحمادي - استشاري ورئيس قسم الأطفال العامة، زميل الكلية الملكية الكندية في طب الأطفال، زيادة عدد المصابين بمرض التوحد بين الأطفال في السنوات الأخيرة، مرجعا ذلك إلى تطبيق برنامج الكشف المبكر عن التوحد، والذي يخضع له الأطفال.

وأضاف "ويوفر برنامج الكشف المبكر عن مرض التوحد لدى الأطفال، فرصة لاكتشاف الحالات مبكرا، حيث يخضع الطفل لعدد من الفحوصات، عند سن عام ونصف وسن 3 سنوات لجميع الأطفال في قطر".

ولفت الحمادي في تصريحات خاصة لـ "الشرق" إلى أن أعراض التوحد تتدرج من البسيطة حتى الشديدة، موضحا أنها تظهر خلال الـ 3 سنوات الأولى من عمر الطفل وتتركز حول ضعف التواصل الاجتماعي، مضيفا "وتتضمن الأعراض ضعف التواصل الاجتماعي والميل للعزلة والبقاء منفردا، و يقضي الطفل وقتاً أقل مع أسرته، ولا يُظهِر فرحًا عندما يرى أمه او أباه، كما لا ينظر إلى الشخص الذي يكلمه، ويبدي اهتماماً أقل بتكوين صداقات مع الآخرين".

وأردف قائلا "وتكون استجابة الطفل أقل للإشارات الاجتماعية مثل الابتسامة أو النظر للعيون، ولا يدرك الطفل أيضا مشاعر الآخرين، فلا يكترث عندما يرى أمه تبكي أو حزينة، ولا يتفاعل معها بصورة طبيعية".

وأوضح أن الأعراض تتضمن أيضا ضعفا في التواصل اللغوي، حيث يكون تطور اللغة لدى الطفل ضعيفا، وقد لا تتطور بتاتاً، وهو ما يعطي انطباعا أن الطفل يعاني الصمم، مبينا أن الطفل المتوحد يعاني صعوبة فى الاتصال الشفهي، حيث لا يبدأ الطفل الحوار ولا يكمله، مع تكرار كلمات معيّنة أو إعادة آخر كلمة من الجملة التي سمعها.

واستطرد قائلا "كما يلحظ على الطفل المتوحد أيضا أن نشاطه واهتماماته وألعابه متكررة ومحدودة في نطاق ضيق، حيث يقوم الطفل بأداء حركات مكررة ونمطية بالأيدي أو الأصابع أو باستخدام الأشياء، مثل: اللعب بنفس اللعبة بشكل متكرر ومقاومة أي تغيير في الروتين الذي اعتاد عليه، كأن ينتقل من مكان إلى آخر أو تغيير ملابسه أو تغيير نوع الوجبة الغذائية المعتاد عليها".

ونوه الدكتور الحمادي إلى أن أعراض التوحد تتضمن أيضا اعتياد الطفل القيام بحركات غريبة مثل رفرفة اليدين وهز الجسم بشكل متكرر، و الارتباط غير الطبيعي بالأشياء، كأن يصرّ على الاحتفاظ بدمية معينة، أو التفكير في فكرة بعينها، أو الارتباط بشخص واحد بعينه، لافتا إلى أن الطفل المتوحد قد يكون أكثر نشاطاً أو أقل من المعتاد، مع وجود نوبات من السلوك غير السوي، كأن يضرب رأسه بالحائط، أو يعضّ دون سبب واضح.

وأضاف قائلا "وقد يعاني المصابون بالتوحد من إعاقة أو اضطرابات أخرى تؤثر في عمل الدماغ، مثل: الصرع أو التخلف العقلي او الاكتئاب، خاصة في سن المراهقة".

وأشار إلى أن الأعراض توحي بعدة ملامح عامة للطفل المصاب بمرض التوحد، تتلخص في أنه ليس لديه أصدقاء لا يتفاعل مع محيطه الاجتماعي، منطوٍ، منوها إلى أن نسبة الإصابة في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 68 طفلا لكل 1000 طفل، في حين تصل نسبة الإصابة عالميا إلى 8 - 12%.

وأكد عدم وجود إحصاءات حول نسبة الإصابة بالتوحد في قطر، موضحا أن نسب الإصابة لن تختلف عن النسب العالمية، داعيا الجهات المعنية إلى إجراء مسوحات وطنية لمعرفة حجم الإصابة في قطر بشكل دقيق.

وحذر من عدم تشخيص المرض والتعامل مع الطفل على أنه متمرد أو عنيف ولديه فرط في الحركة، وعليه يتم التعامل معه بعنف من الأسرة من قبيل تربية الطفل، كأن يضرب الطفل نتيجة مثل هذه الأفعال، موضحا أن ذلك له عواقب وخيمة على حالة الطفل.

طرق التشخيص

وبين الدكتور الحمادي أن التخصصات الطبية المعنية بتشخيص حالات التوحد لدى الأطفال، هي: طبيب الأطفال العام، وطبيب أطفال متخصص في التطور والنمو، وطبيب أطفال متخصص في الجانب النفسي والسلوكي، أو طبيب أطفال متخصص في الأعصاب، مضيفا "فضلا عن طبيب الأسرة الذي يمكنه تشخيص حالات التوحد طبقا لعدد من الأسئلة التي يوجهها للأسرة، وفي حالة ثبوت الإصابة يتم تحويل الحالات إلى "حمد الطبية" لاستكمال التشخيص ووصف العلاج المناسب".

وحول طرق تشخيص مرض التوحد، بين عدم وجود اختبارات طبية معينة لتشخيص حالات التوحد، مضيفا "ويعتمد التشخيص الدقيق الوحيد على الملاحظة المباشرة لسلوك الطفل وعلاقاته بالآخرين ومعدلات نموه، فإذا اكتشف الوالدان أنه لا يستطيع نطق بعض العبارات مثل: ما- ما- با- با، ولا ينظر الطفل في عين الآخرين ولا يبتسم لأحد نتيجة عبارات المداعبة ولا يستجيب عند سماع اسمه، ويرتبط ارتباطا شديداً بلعبة واحدة ولا يستطيع نطق كلمتين حتى سن عامين، فهناك احتمال أنه مصاب بالتوحد".

ولفت إلى أن 90% من أسباب الإصابة بالتوحد تعد مجهولة، في حين تتشارك عدة أسباب في نسبة 10 % المتبيقة تتضمن الأسباب الوراثية والجينية والبيئية والاجتماعية والتلوث، مشددا على أن الأبحاث حول التوحد مازالت في بدايتها.

ونفى أن يكون التطعيم في عمر عام ونصف سببا في إصابة الطفل بمرض التوحد، مشددا على أن تلك إشاعات ليس لها أي اساس من الصحة، داعيا الأسر إلى استقاء المعلومات الصحية من مصاردها الموثوقة، ومشيرا إلى أن ملايين الأطفال خضعوا للتطعيم ولم يصابوا بأي أذى.

ونبه إلى أهمية ملاحظات الأبوين عن الطفل في تشخيص مرض التوحد، منوها بأن الأسرة هي الملاصق للطفل منذ ميلاده، خصوصا الأم التي ترعى صغيرها بشكل مستمر، ومن ثم تلاحظ أي تغير قد يطرأ عليه.

علامات التوحد الأولى

ونوه بأن الطفل ومع التقدم في العمل تطرأ عليه علامات التواصل مع محيطه وتفاعله مع المحيطين به بشكل واضح، مشيرا إلى أن الطفل المصاب بالتوحد بعيد كل البعد عن ذلك، حيث لا تظهر عليه أي علامات للتفاعل.

وتابع قائلا "وفي الشهور الأولى بعد الميلاد لا تظهر أي علامات للتوحد على الطفل المصاب، بل تكون الأمور اعتيادية، ولكن مع وصول الطفل إلى عمر 6 أشهر تبدأ العلامات في الظهور رويدا رويدا حتى سن 12 شهرا تتضح العلامات بشكل جلي".

وحول الخدمات العلاجية المتوافرة حاليا وتوزيعها بين عدد من الجهات، أشار إلى أن الخدمات العلاجية الموجودة حاليا لا تغطي جميع الحالات، وجميع المراكز المعنية حاليا تعاني من قوائم الانتظار.

وذكر أن التوحد لا يوجد له علاج طبي دوائي واضح له على مستوى العالم حتى الآن، وهو ما يجعل مهمة تلك المراكز من الصعوبة بمكان، مشيرا إلى أن العلاج المتوافر حاليا سلوكي ووظائفي مثل علاج التخاطب والبلع.

ولفت إلى أن مريض التوحد يستجيب لبرامج العلاج طبقا لحالته، منوها بأن برامج العلاج تعتمد على توفير برامج توعية للأسر لبيان طريقة التعامل مع أطفالهم، مضيفا "فقد ذكرنا سابقا أن أبرز الأعراض تتمثل في عدم التواصل، وهذا يمثل إشكالية كبرى للأسرة، حيث لا يتحدث الطفل مع أحد، كما لا يطلب احتياجاته كما يفعل الأطفال الآخرون".

وشدد الدكتور الحمادي على أن الجهود المبذولة حاليا في مجال التوحد تعد متواضعة وتحتاج إلى كثير من التطوير لتواكب الزيادة المستمرة في أعداد المصابين، مضيفا "فالأسر يعانون بشدة من غياب الدعم لهم، نتيجة لغياب الخدمات العلاجية التي تستوعب جميع الحالات التي تم تشخيصها، فضلا عن عدم قبول المدارس لهذه الفئة من الأطفال؛ نظرا لعدم وجود كوادر مؤهلة للتعامل معهم في المدارس، ما يساهم في مزيد من عزلتهم عن محيطهم".

برنامج وطني للتوحد

وطالب الجهات المعنية بإنشاء برنامج وطني لمرضى التوحد، يمثل مظلة وطنية لجميع الخدمات الموجهة لمرضى التوحد في قطر، ويهتم بـ 3 أمور رئيسية، هي: التشخيص، العلاج، الأبحاث.

وأضاف قائلا "وهذا البرنامج يعمل على توفير خدمات التشخيص والعلاج تحت سقف واحد لينهي معاناة الأسر في البحث عن الخدمات العلاجية، وتوفير برامج التوعية للأسرة والمجتمع".

وحول تأثيرات الوصم الاجتماعي في علاج مرضى التوحد، أكد أن الوصم الاجتماعي حاليا يعد من أبرز معوقات علاج حالات التوحد، حيث ينكر الكثير من الأسر إصابة أبنائهم بهذا المرض الذي لا يختلف عن أي مرض عضوي.

وألمح إلى أن مريض التوحد يمتلك مواهب يمكن تنميتها والاستفادة منها، مشيرا إلى أن العديد من مرضى التوحد في العالم تحدوا مرضهم وأصبحوا من المبدعين في مجالات عدة.

وأضاف قائلا "وفي هذا السياق يجب دعوة الأسر إلى مراجعة طبيب الأطفال عند ملاحظة أي تغيرات على الطفل، كأن يكون منطويا على نفسه، أو أن يعاني من فرط الحركة. كما أود من الجهات المعنية عن التربية والتعليم توعية المدرسين حول أبرز أعراض التوحد؛ لكي يمكنهم التعرف على الحالات وتسهيل تحويلها إلى الطبيب بالسرعة المطلوبة".

وتساءل عن كيفية التعامل مع المرضى المصابين بالمرض ولم يتم تشخيصهم، نظرا لأن برنامج الكشف المبكر بدأ قبل عامين فقط، مبينا أن إنشاء برنامج وطني لمرض التوحد سيساهم في اكتشاف الحالات التي لم تشخص من خلال المراكز الصحية والمستشفيات المختلفة في قطر، مشيرا إلى أهمية ذلك في إجراء أبحاث دقيقة توضح حجم الإصابات في قطر.

ذوي الاحتياجات المتعددة

وحول عيادة الأطفال ذوي الاحتياجات المتعددة، أوضح أن العيادة تعمل منذ إنشائها قبل عامين في تقديم خدمات نوعية للأطفال المرضى، مشيرا إلى توفير جميع التخصصات الطبية التي يحتاج إليها المرضى في مكان واحد.

وأردف قائلا "إن العيادة تستقبل حالات الإعاقة الذهنية نتيجة الشلل الدماغي والإعاقات الحركية التي تعاني مشاكل في التنفس ويحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي، وأيضا تعاني من مشاكل في التغذية، حيث يتغذون عن طريق الأنبوب، مع تشنجات، وهذه الحالات تحتاج إلى أكثر من تخصص لمتابعتهم".

ولفت إلى نقل التجربة الكندية في مجال التعامل مع الأطفال ذوي الحالات الحرجة، مشيراً إلى التعاون القائم بين مؤسسة حمد الطبية ومستشفى "سيك كيدز" الكندية.

ونوه إلى أن العيادة التي تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط قد تضاعف عدد الحالات التي تستقبلها خلال العامين الماضيين، مبيناً أن العيادة تستقبل 75 حالة حاليا، مشيراً إلى أن المريض اليوم يحتاج إلى زيارة واحدة للعيادة يتلقى خلالها الرعاية الطبية المناسبة لحالته.

وتابع قائلاً "وتوفر العيادة التخصصات الطبية التي يحتاج إليها هؤلاء الأطفال مثل أمراض الصدر والجهاز العصبي والهضمي والقلب والتغذية العلاجية والعلاج الوظائفي والصيدلة، إضافة إلى أي تخصص طبي تحتاج إليه الحالات التي تراجع العيادة".

وبين الدكتور الحمادي أن العيادة يتم توفيرها يوم الثلاثاء من كل أسبوع، مشيراً إلى استقبال التحويلات من قسم الأطفال بـ"حمد الطبية"، إضافة إلى المراكز الصحية، داعياً الأطباء بالمراكز الصحية إلى التواصل مع العيادة للتعرف على الفئة المستهدفة بخدماتها للتسهيل على الأسر وتقديم خدمة عالية الجودة للأطفال المرضى.

وحول خطط تطوير العيادة، دعا إلى وضع خطة للتوسع في خدمات العيادة بهدف مضاعفة قدرة العيادة على استقبال الحالات، مطالبا الجهات المعنية بتوفير دعم أكبر لهذه العيادة بهدف توفير الأجهزة الطبية للمرضى بالسرعة المطلوبة.

وبين أن كوادر العيادة تقوم بالتواصل مع المرضى في المنازل بهدف متابعة الحالات عن كثب وتقديم المشورة الطبية المناسبة عند اللزوم، مشيراً إلى تذليل العقبات كافة أمام الأسر، للوصول إلى العيادة في الوقت المناسب.

وفيما يتعلق ببرامج التدريب، أفاد بأن تدريب الكوادر العاملة بالعيادة يتم بالتعاون مع مستشفى "سيك كيدز" الكندي بناء على الشراكة القائمة بين حمد الطبية، مشيراً إلى أن الكوادر الحالية تم تدريبها على أيدي فريق طبي متخصص حضر إلى الدوحة من تورنتو لهذا الغرض.

ونبه إلى أن المدارس ترفض استقبال هذه الحالات؛ نظرا وجود بيئة تعليمية مناسبة أو كوادر مؤهلة للتعامل معه هذه الحالات، داعيا الجهات المعنية إلى توفير البيئة التعليمية المناسبة، نتيجة تزايد هذه الفئة من الأطفال.

مساحة إعلانية