رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

1512

في خطبة الجمعة.. المريخي: ترك شؤون الغير الخاصة دليل على صحة الإيمان

12 فبراير 2016 , 07:13م
alsharq
الدوحة — الشرق

دعا الشيخ د. محمد بن حسن المريخي الى التحلي بالأدب والخٌلُق الكريم، وأوضح في خطبة الجمعة أمس، بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أنه خير ما تحلى به المرء المسلم بعد دينه القويم وعقيدته الإسلامية السمحة.

وأوضح ان الأدب يسمو بالمسلم إلى علياء الأمور وسماء المعالي ورفيع المنازل، ويُزينه ويُحليه ويمنعه عن الحرام ويرده عن ما هو منقصة ومعيب ويحفظه عما هو معدود من سفاسف الأمور. ويهذب خلقه ويحسن منطوقه ويضبط مشيته وحبسته وكلمته ويزيده وقاراً وجمالا.

وبيَّن أن الأدب هو استعمال ما يحمد من الأقوال والأفعال، وهو الأخذ بمكارم الأخلاق والوقوف على ما هو جميل وحسن. والأدب: تعظيم مَنْ فوقك والرفق بمن دونك. وهو الورع وصيانة النفس وهو استعمال الكلام الجميل والمعاملة الحسنة والمنطق الحُلوِ والإحسان إلى عُبَّاد الله وكل ما خلق الله. واستدل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.".

أصول الأدب

وروى قول الحافظ ابن رجب رحمه الله: هذا الحديث أصلٌ عظيم من أصول الأدب. وقول محمد بن أبي زيد: جماع آداب الخير وأزمَّتُهُ تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". وقوله: "لا تغضب". وقوله: "المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وقوله: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

وأوضح المريخي أن معنى هذا الحديث: أن مَنْ حَسُنَ إسلامه وصح إيمانه تَرَكَ ما لا يعنيه من قول وفعل، وتوجَّه إلى ما يخصه ويعينه من الأقوال والأفعال. وقال صلى الله عليه وسلم: المسلم مَنْ سلِّم المسلمون من لسانه ويده. رواه البخاري ومسلم. وقد سأله أبوموسى الأشعري رضى الله عنه: يا رسول الله أىُّ المسلمين أفضل؟ فأجابه بالحديث (من سلم المسلمون من لسانه ويده).

ولفت إلى ما جاء في صحف ابراهيم عليه السلام: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صُنع الله تعالى، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب، وعلى العاقل أن لا يكون ساعياً إلا لثلاث: تزودٍ لمعاذ، أو حرفةٍ لمعاش، أو لذةٍ في غير محرّم.

المؤدب سعيد

وقال د. المريخي إن أدب الإنسان عُنوان سعادته وفلاحه وقلة أدبه عنوان شقاوته وهلاكه. وإنه ما استجلب خيرُ الدنيا والآخرة إلا بالأدب الجمِّ ولا استجلب حرمانها إلا بقلة الأدب وذهابه.

وذكر د. المريخي أن المرء إذا تحلى بالأدب حسنت أخلاقه، وكثر محبوه،وقلّ معادوه، فتسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت له القلوب الغِضاب، وكان سهلَ المعاملة، ليِّنَ الجانب، سلساً مطاوعاً منقاداً، قليل الخلاف والنفور، طلق الوجه، طيب الكلمة، ذَا صدر منشرح كبير يسع جميع الناس. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى". رواه البخاري.

الأدب مع الله والوالدين

وطالب المريخي جموع المسلمين بأن يتأدبوا مع الله تعالى بتعظيمه وإجلاله. بتعظيم أمره ونهيه وأن يقِفوا عند حدوده ويهتموا بدينه وشريعته ولتكن هي الموجهة لهم في هذه الحياة الدنيا وهي المقدَّمة قبل كل شيء والحاكمة التي تحكم بصحة الأمر أو بطلانه، ونصحهم بأن يتأدبوا مع رسول الله بتصديقه والتسليم له فيما أخبر وما وجه إليه وحذر منه..

ودعاهم لأن يتأدبوا مع الوالدين فهمًا أكبر من أحسن إليكم بعد الله تعالى وتأدبوا مع الأرحام وولاة الأمر وأحسنوا إلى الناس والضعاف والمساكين وعباد الله المسلمين وأروا الله من أنفسكم خيراً. وطالبهم بأن يروا غير المسلمين أدب الإسلام وسماحته ورحمته خاصة في هذه الازمان التي أفسد فيها المفسدون وظلموا وخربوا باسم الإسلام زوراً وبهتاناً.

ونصحهم بأن يتأدبوا مع الناس في محادثاتهم ومحاولاتهم حتى مع المخالف وأن يقولوا للناس حسناً ويدعو الله لأنفسهم ولهم بالهداية.

أكبر المنح الربانية

وذكر قول ابن القيم رحمه الله: "أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبوادره" ولهذا كان الأدب من أولويات السلف الصالح في عنايتهم بأبنائهم وذرياتهم، كانوا يرون التحلي به من أكبر المنن الربانية أن يتحلى أبناؤهم بالأدب، فكانوا يأتون بمؤدبين يأدبون أبناءهم، يعلمونهم الأدب مع الله تعالى ورسوله والشريعة والوالدين وولاة الأمر والأرحام والناس آجمعين، يعلمونهم الأدب مع المخالف والمحاور والمُجالِس والكبير والضيف وما يجوز التكلم به وما لا يجوز..

ويهتمون بذلك تمام الاهتمام. ويتبعونهم حتى نشأت أجيالهم التي حملت الدين الحنيف بعقيدته الصافية وعباداته وأحكامه، وحملت الأخلاق المرويات والشيم والمعارف والمعالي وسمو الصفات ورفيع العادات..

وكان عبدالله بن عمر رضى الله عنهما جالساً مع أبيه عمر في حضرة رسول الله وكبار الصحابة، فقال رسول الله: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي..

قال عبدالله بن عمر: ووقع في نفسي، أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ فقال: هي النخلة. قال عبدالله بن عمر: لأبيه عمر بعد ذلك، أنه كان يعرفها ولكنه استحيا أن يتكلم في حضرة رسول الله وأكابر الصحابة، فقال له عمر: لأن تكون قلت هي النخلة، أحب إليَّ من كذا وكذا، يعني لو قلت الجواب لشرفتني عند رسول الله. رواه البخاري ومسلم.

والشاهد من الحديث: أنه رضى الله عنه من حيائه وأدبه استحيا أن يتكلم وهو يعرف الجواب لصغر سنه تأدباً مع رسول الله وكبار الصحابة.

مساحة إعلانية