رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

2169

الصويّان لـ "الشرق": ما أحوجنا لإحياء فنوننا الشعبية وتقديمها للعالم بأسلوب عصري

11 أكتوبر 2016 , 08:41م
alsharq
أجرى الحوار د. ربيعة بن صباح الكواري

لسنا أحسن ولا أسوأ من الغرب وليس لديهم ما لدينا من كم وعمق تاريخي

يجب الانتباه للتراث كمصدر إلهام لنا من قبل المسرحيين والفنانين والأدباء

العلم لا يستهجن دراسة أي ظاهرة إنسانية أو طبيعية

الشعر الشعبي مستودع معرفي مستوحى من الشعر الفصيح

نريد أن نكسب تعاطف الآخر عبر التواصل وعدم الانقطاع لأن الثقافات تتشابه

لابد من تشابك الثقافات بشكل سلمي وليس بشكل تدميري كتشابك الجيوش والحروب.

الحوار مع الأستاذ الدكتور سعد العبدالله الصويان آل زهير الصخري الطائي أستاذ الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع المملكة العربية السعودية حديث ذو شجون، فهو من الباحثين والدارسين الاوائل الذين تبنوا الادب والتراث الشعبي، بجانب دفاعه عن الحياة البدوية في الجزيرة العربية التي عاشها في حياته ومثلت شخصيته الثقافية والعلمية غدت منطلقا لاهتماماته واتجاهاته المستقبلية. وهو صاحب العديد من الدراسات المهمة في هذا المجال، وحاصل على الكثير من الجوائز العربية والاقليمية، وله مساهمات عديدة في المؤتمرات والمنتديات الاقليمية والعالمية في مجال الادب الشعبي، وكرمه مؤخرا الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم امارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة على هامش الملتقى الدولي السادس عشر للراوي. وقد اجرينا معه الحوار الثري.

تحديات تواجه الأدب الشعبي

كيف تنظر اليوم للأدب الشعبي في الخليج والمنطقة العربية رغم التحديات؟

تحدثت عن هذا الموضوع المهم في افتتاح ملتقى الراوي الدولي الذي عقد في امارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة في سبتمبر 2016 م، وأكدت على انه ما أحوجنا إلى إحياء فنوننا الشعبية وصقلها وتقديمها للعالم بأسلوب عصري، حيث إنها مظهر من مظاهر القوة الناعمة التي لو أحسنّا توظيفها لتحولت إلى أداة بالغة التأثير من أدوات الصراع الحضاري، وان أدوات القوة الناعمة أدوات بناءة غير مدمرة، فهي جزء من التراث الإنساني المشترك الذي يشكل جسراً للتواصل والتفاهم بين الشعوب، والذي يسهل تقبله من الآخر لأنه يثري حياته ولا يهدد وجوده.

الارتقاء بالأدب الشعبي

بما أنك متخصص في الأدب الشعبي فكيف نرتقي بهذا الأدب الذي هو جزء من ثقافتنا وهويتنا؟

نرتقي بالادب الشعبي عن طريق الاهتمام بالبحث العلمي من خلال اقتناع الجامعات والمؤسسات الاكاديمية بأهمية هذا المجال والبحث فيه، فنحن لسنا احسن ولا أسوأ من الدول الاوروبية والامريكية وجميع دول العالم التي تولي اهتماما خاصا بهذا المجال، علما بأنه ليس لديها ما لدينا من حيث الكم ولا العمق التاريخي. وأيضا نهتم بالتراث من خلال الرواة والمقدمين والمهتمين بهذا التراث عبر اقامة الندوات سواء الفكرية او الادائية، وكذلك العمل على تشجيع المسرحيين والفنانين في مختلف مجالات الفن بأن يستلهموا هذا التراث كالفن الغنائي والفن التشكيلي والتصوير والرسم بشتى انواعه وما إلى ذلك، وكذلك تشجيع الصناعات والفنون التقليدية كمصدر دخل لبعض الاسر لتصبح اسرا منتجة خصوصا ان مسألة تنويع الدخل اصبحت ضرورة ملحة لدول الخليج بعد كساد سوق البترول. ولابد من تدريس مادة الادب الشعبي في الجامعات والمؤسسات الاكاديمية واهتمامها بهذا المجال وهو ضرورة ملحة، كما يجب عقد عدة محاضرات وندوات من خلال اقتناص كافة المناسبات للاختفاء بهذا الموروث من خلال تجلياته المختلفة، مثل التجليات المادية والتجليات القولية والتجليات الفنية والتجليات المعنوية وغيرها، فهو جزء من ثقافتنا، وهو يمكن ان يثري هذه الثقافة لو لقي الاهتمام المطلوب واللازم وتم تقديمه بالصورة اللائقة.

حفظ التراث من الاندثار

كيف نقدم التراث أو الادب الشعبي لأجيال اليوم للحفاظ عليه من الاندثار؟

لابد من الانتباه لهذا التراث كمصدر إلهام لنا بالنسبة للكتاب المسرحيين والمؤلفين والادباء ومختلف الفنون، ولكن في نفس الوقت لابد للمسؤولين والشخصيات الرسمية في دولنا ان يكون لها وجود لدعم هذا المجال من خلال تواجدها في هذه المناسبات لتعطي دعمها المعنوي، وكذلك من خلال تشجيع الابحاث والباحثين وتقديم التراث كمادة استهلاكية بمعنى ان يقدم في المسرح والمناسبات الوطنية والاحتفالات والمهرجانات المحلية والخارجية، ليكون حاضرا في هذه المناسبات وبخاصة الرسمية منها.

الشعر الشعبي والشعر الفصيح

كيف ترد على من يهاجم التراث والموروث الشعبي بأنه ينتقص من قيمة اللغة العربية وأن الاهتمام به مثلا يأتي على حساب الشعر الفصيح؟

أولا ينبغي ان ندرس هذا الموروث ونفهمه لكي نستطيع ان نرد، اما ان نتحدث ونقول عنه بأنه مجرد ظن فإن بعض الظن اثم، هذه واحدة، وثانيا انه حينما نهتم بالموروث الشعبي لا نريد أن نجمد انفسنا هنا عند المرحلة التاريخية، فنحن نريدها كمرتكز ونقطة انطلاق للمستقبل، كما لا نريد ان نثبت انفسنا عند مرحلة ثقافية معينة، لكن بنفس الوقت يجب تجديدها واعادة صياغتها، وهنا دعني اسأل: لماذا لا نستفيد من الثقافات الاخرى؟ فهي كذلك مواد شعبية إلى حد ما، بينما ما نملكه وما عندنا لا نشجعه عن طريق استهلاكه محليا ولا نصدره للعالم الآخر، فقد آن الاوان ان تتفاعل ثقافتنا مع الثقافات الاخرى.

وتابع : أما موضوع تأثير الشعر الشعبي على الشعر الفصيح فنستطيع القول إن العلم لا يستهجن دراسة أي ظاهرة انسانية او طبيعية، فلا يوجد في العلم أي شيء محرم او مهضوم، لأن العلم يغطي كل شيء، ثم لابد ان تكون طريقة التناول طريقة علمية، فهو مصدر "اثنوجرافي"، بمعنى انه يمكننا ان نتعرف على الموروث الشعبي من خلال ثقافة وتاريخ الماضي كتاريخ القبائل والمناطق والمواقع الجغرافية والبيئة الصحراوية وغيرها، فالثقافة العربية "الكلاسيكية" قامت كلها على دراسة الشعر الجاهلي، ومن هنا نستطيع ان نطبق نفس المنهج على الشعر النبطي، بمعنى ان ننظر إليه كمستودع معرفي و"نستحلبه" لكن نحتاج إلى منهج صحيح، وأطر نظرية سليمة، كما نحتاج إلى دراسات لغوية ودراسات مقارنة، فنقارن ما عندنا بما عند الشعوب الاخرى، وكيف ترتحل "البوت يفات والثيمات" من ثقافة إلى اخرى؟، ثم ان هنالك قضايا شائكة في الشعر الجاهلي لا نستطيع ان نتعرف عليها ونجد لها الحلول إلا عن طريق مقارنتها بما يحدث في الشعر الجاهلي، لأني دائما ما اقول إن الشعر النبطي هو السليل المباشر والمثال الحي المباشر للشعر الجاهلي، فمثلا قضايا الانتحال وما شابهها من هذا القبيل نستطيع ان نصل إلى الحل. والمشكلة او الطامة الكبرى ان القطاع الاكاديمي نفض يده من هذا الموضوع، وتركوه بلا رعاية او اهتمام، فهم لا يعطون الصورة الصحيحة عن الواقع النظري العلمي للموضوع، فهم بذلوا بعض الجهود لكنهم قصروا في جانب الادب الشعبي ولم يفسحوا المجال له للانتشار. ومن المؤسف ان الادب الشعبي اصبح يحارب من بعض هؤلاء، ولا يتعاطون معه بالشكل المطلوب، ويضعون عليه بصمة كوصفه بأنه "متخلف أو رجعي" او انه ضد الفصحى او ضد القومية العربية او انه يحارب الاسلام، فمن يجرؤ اليوم على تناول الادب الشعبي في ظل الاجواء المسمومة.

أدبنا ليس خرافات وأساطير فقط

وكيف ترد أيضا على من يقول بأن الأدب الشعبي ما هو إلا أساطير وخرافات؟

الخرافة اعظم مجال من مجالات الدراسة، والمشكلة الكبرى ان البعض — مثلا — يقول بأقوال " ليبي شتراوس" ويدعي انه فاهم لأنه قرأ احد كتبه او استمع إلى ما قاله، ولا يعلم هؤلاء ان "ليبي شتراوس" وما جاء في دراساته ونظرياته تقوم على الاساطير والخرافات، ومن هنا فلماذا لا يقتدي هؤلاء بهذا وامثاله الذين هم اصلا تشكل لهم الاساطير والخرافات المنبع الاساسي لما يطرحونه من افكار.

تحبيب أدبنا الشعبي للأطفال

كيف نطرح الأدب الشعبي للأجيال المعاصرة لتحبيبه لأبنائنا؟

في اعتقادي ان هناك عدة مجالات، ولابد من أن تتضافر جهود الفنان مع جهود الباحث وجهود الجهة الرسمية ومؤسسات الدولة، فبدون المادة لا تستطيع ان تحرك أي شيء، وكما يقول المثل الشعبي الخليجي الشائع "الدراهم كالمراهم"، فهي التي تسير الامور وبدونها يتوقف كل شيء، ويكون ذلك من خلال انشاء بنى ومؤسسات وهياكل صحيحة للتعاطي مع هذا المجال.

التراث قوة ناعمة

تحدثت في إحدى المناسبات عن التراث بأنه قوة ناعمة فماذا قصدت من هذا التعبير والمصطلح المعاصر؟

المقصود انك تريد ان تكسب تعاطف الآخر عن طريق تقديم مادة فلمية ليس فيها عنف ولا مواجهة من اجل التواصل مع الاخر وعدم الانقطاع، وان الثقافات حينما تتشابه مع بعضها، فإن تشابكها يكون بشكل سلمي وليس بشكل تدميري كتشابك الجيوش والحروب والصراعات التي تسود العالم في هذه الايام، ومن هنا فينبغي ان نقلب الطاولة على كل هذا التشنج، ليصبح عصرنا عصر عطاء.

أطفالنا والهوية

هل الطفل نال حقه في مجتمعاتنا اليوم عبر التوجيه والرعاية بهدف الحفاظ على الهوية؟

لاشك ان البدايات كلما كانت مبكرة وانغرست، انغرس معها المقترب والصحيح لتناول هذه المادة التراثية، فهي ليست للمفاخرة والقبلية والطبقية والمناطقية وليست لتكريس السلوكيات التي تتعامل مع المرأة او مع الفئات الاجتماعية بشكل دوني، وانما من خلال ابراز الجوانب الايجابية وهي كثيرة في ثقافتنا.

المراكز البحثية والعناية بالتراث

ما نصيب المراكز البحثية من الاهتمام بالتراث والموروث الشعبي؟

يجب ألا ننسى ان المد العروبي والمد الاصولي الاسلامي عملا الكثير ضد موضوع التراث وتشويه صورته، فلم يعد الفكر الحر الموضوعي المحايد له مكان في بيئتنا العربية مع كل اسف، ولهذا لابد ان تكون لك التزامات ايديولوجية وليس من خلال التوجه العلمي، فنحن ضحينا بالتوجهات الفكرية والعلمية على حساب ثقافتنا وهويتنا الوطنية.

جوانب من السيرة الذاتية

في الختام هل لك أن تحدثنا عن سيرتكم الذاتية وبخاصة عن دراساتكم العلمية في التراث؟

أنا حاصل على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة شمال الينوي الامريكية سنة 1971م، ودرجة الماجستير في الانثروبولوجيا من الجامعة نفسها سنة 1974م وكان عنوان الرسالة "مكانة الجن من منظر الفكر العربي"، ودرجة الدكتوراة في الانثروبولوجيا والفولكلور والدراسات الشرقية من جامعة كاليفورنيا في بيركلي الامريكية وكان عنوان الرسالة "الشعر النبطي" في سنة 1982م ونشرتها دار النشر في جامعة كاليفورنيا الامريكية سنة 1985م. وبعد حصولي على درجة الدكتوراة عينت بدرجة استاذ مساعد في جامعة الملك سعود السعودية سنة 1982م، ثم عينت في الفترة نفسها وحتى سنة 1984م المشرف على متحف التراث الشعبي في كلية الاداب ثم رئيسا لقسم الدراسات الاجتماعية من سنة 1984م وحتى 1988م، ورقيت بعد ذلك إلى رتبة أستاذ في سنة 2003 م. وعملت في العديد من المشروعات الثقافية منها:

(1) القائم بمشروع جمع الشعر النبطي من مصادره الشفهية في الفترة ما بين 1983 — 1990م.

(2) والرئيس والمدير العام للمشروع الوثائقي للملك عبدالعزيز بن سعود: سيرته وفترة حكمه في الوثائق الاجنبية وكان ذلك في الفترة ما بين 1991 — 2001 م ويقع في 700 صفحة ويضم 50000 وثيقة جلبت ارشيفاتها من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية.

(3) المشروع العلمي ورئيس التحرير للمشروع الوثائقي للثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية، وصدر في 500 صفحة واشتمل على الطب الشعبي والعطارة والالعاب الشعبية والعمارة التقليدية والملاحة والحرف البدوية والابل والقنص والصيد وغيرها.

اما مؤلفاتي العلمية فهي بمثابة موسوعات بحثية وشاملة، تحاكي الماضي بشكل كبير وانعكاساته على الحاضر وحل كثير من اشكالاتها من خلال الاستناد على منهج البحث العلمي الصحيح وادوات العلوم الانسانية والاجتماعية مع التركيز على الموروث الثقافي وشواهده واستنتاجاته في الجزيرة العربية. ومن هذه المؤلفات:

جمع المأثورات الشعبية (1985)، ملحمة التطور البشري (2013)، الصحراء العربية: ثقافتها وشعرها عبر العصور — قراءة انثروبولوجية (2010)، أيام العرب الاواخر: اساطير ومرويات شفهية في التاريخ والادب من شمال الجزيرة العربية مع شرات مختارة من قبيلة آل مرة وسبيع، وبدأ بجمع المادة العلمية للكتاب سنة 1982م، الشعر النبطي: ذائقة الشعوب وبساطة النص (2008)، فهرست الشعر النبطي، ويقع الكتاب في 668 صفحة، الشعر النبطي وصدر باللغة الانجليزية، الرواية التاريخية الشفهية في شكلها العربي ويقع في ثلاثة أجزاء.

ولي العديد من المقالات والرسائل العلمية كتبت في ما بين 1983 — 2007 مثل:

1983: مع أبن جنيدل وشعراء العالية العرب. س 17، ج ج 11 — 12.

1983: مع أبن جنيدل وشعراء العالية العرب. س 18، ج ج 1 — 2.

1984: في دراسة اللهجات الحديثة العرب. س 18، ج ج 11 — 12.

1985: الشعر النبطي: جمعه ودراسته على ضوء النظريات والمناهج المعاصرة كتابات. س 10، ع21.

1985: الدراسات الشعبية في أوروبا في القرن التاسع عشر مجلة كلية الآداب. جامعة الملك سعود، م 12، ع1.

1986: مع د. عبدالله العتيبي ودراسات في الشعر الشعبي الكويتي مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية. س 12، ع 45.

1987: المعاناة والإبداع في نظم القصيدة النبطية الدارة. س 13، ع1.

1987: الفن والحياة البيان (مجلة فكرية شهرية تصدرها رابطة الأدباء بالكويت). ع250.

1991: ثقافة العصر الحجري القديم مجلة العصور. م6، ج1.

1993: اللغة الإنسانية: طبيعتها وخصائصها مجلة العصور. م8، ج1.

2001: النظرية اللغوية عند فردينان دي سوسير مجلة الدراسات اللغوية. م3، ع2.

2001: الإنسان والبيئة من منظور أنثروبولوجي رسائل جغرافية. 248، الجمعية الجغرافية الكويتية، جامعة الكويت.

2002: بدايات الزراعة في منطقة الهلال الخصيب المجلة العربية للعلوم الإنسانية. جامعة الكويت، س20، ع80.

2003: الشعر البدوي في مقدمة ابن خلدون الدرعية. س5، ع ع 18 — 19.

2003: البداوة والحضارة: نموذج بديل مجلة العلوم الإنسانية. جامعة البحرين، ع6.

2006: ظهور المدينة ونشوء الدولة في بلاد الرافدين المجلة العربية للعلوم الإنسانية. جامعة الكويت.

2006: نحو تحديد مفهوم عربي للمأثور الشعبي الخطاب الثقافي. جمعية اللهجات والتراث الشعبي في جامعة الملك سعود، الرياض.

2007: الشفاهي والكتابي في اللغة والأدب حقول 4. النادي الأدبي، الرياض.

مساحة إعلانية