رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

3940

محمد طاهر: الإسلام دين لا يموت مهما تكالب عليه الأعداء

11 يوليو 2014 , 10:42م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

قال فضيلة الشيخ محمد يحيى طاهر خطيب جامع الأخوين إن الإسلام يسمو بالإنسان روحًا وجسدًا عقلًا وقلبًا، فلم يضع في عنقه غلًّا ولا في رجله قيدًا، ولم يحرّم عليه طيبًا ولم يبح له خبيثًا، كما أنه لم يدعه كالكرة تتخطفها مضارب اللاعبين بها فتتهادى في كل اتجاه، بل خاطبه ربه خطابًا صريحًا قائلًا: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ" وقال أيضاً: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ"

وذكر في خطبة الجمعة أن الله اختص الإنسان من بين خلقه بأن كرّمه وفضله وشرفه وأنزل إليه كتبه وأرسله وأرسل إليه ، فلا يحسبن الإنسان أن يُترك سدى وأنه إلى الله لا يرجع ، ومن كان ظنه أنه إنما خلق عبثًا فإنه سيعيش لنفسه ومتاع الدنيا.

وقال إن الأحمق من بني الإنسان يعيش ليأكل والعاقل يأكل ليعيش .. والمحصلة واحدة، ومن كان اعتقاده أنه إنما خُلق لله ولعبادته ودينه ونصرته والدعوة إليه فهذا هو المؤمن الموحد القائل بلسان حاله ومقاله: "... مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"

وأضاف: هذا هو الفرق بين المسلم والكافر والموحد والمشرك، وامتاز المؤمنون الموحدون في هذا المضمار بوحدة المصدر ووحدة الهدف ووحدة المعهود قبل ذلك: "قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ" "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"

وقال إن من يستشعر هذا فلن يكون له منطلقٌ إلا الإسلام، ولا ريب أن أصحاب الإسلام أصحابُ دين لا يموت ولا ينبغي له أن يموت مهما هبت الأعاصير وادلهمت الخطوب، ومهما بدا على أهله الإعياء والشيخوخة .. فإن الإسلام لا يعرف الشيخوخة ولا الهرم .. فهو كالشمس في قِدمها وضوئها وجدتها ، وعندما يشرئب أعداؤه إلى أن تشيع جنازته فإنهم سيرجعون البصر لينقلب إليهم بصرهم خاسئًا وهو حسير لما يرون من بزوغ شمس الإسلام من جديد "كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"

وذكر أن المسلمين في العصور المتأخرة هم أكثر الناس آلامًا وأوسعهم جراحا، ولعل أرضهم وديارهم وأموالهم وصياصيهم قد استأسد بها الحمر .. يزج بهم في كل مضيق من أجل أن يتجرعوا الحقائق المقلوبة على مضضٍ وشظف، ولا يكادون يصيبونها إلى أن يعترفوا كرهًا بأن حقهم باطلٌ وباطلُ غيرهم حق لينطق لسانهم بالرسم المغلوط والفهم المقلوب ولسان حالهم يقول لقاهرهم: إذا مرضنا أتيناكم نعودكم وتخطئون فنأتيكم ونعتذر.

وأوضح أن المؤمن الصادق لا يمل كثرة الحديث عن مآسي المسلمين وانتهاك حقوقهم وحرماتهم وسلب أراضيهم لأن الكأس تفيض عند امتلائها، ولتسمع نفثة المصدور لا بد للمصدور أن ينفث ولا بد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع لك .

لنسلِّ النفس عن الأحزان بالتأسي .. وإننا من خلال هذا الحديث لسنا ننقر عن نائحةٍ مستأجرة تسمعنا نحيبها ولا عن طيرٍ عاليةٍ تودع قضايانا قرائبها لأن البكاء لا يحيي الميت والأسف لا يرد الغائب .. ولكن العمل مفتاح النجاح، وإن رأس العمل في ذلك هو الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ثم إلى وحدة وإخاء يخرجان من أمتنا حب الأخوة الإسلامية والتناصح والتناصر من أجلها إحقاقًا للحق وإبطالًا للباطل وأن تلامس تلك النصرة أسماعهم كما لامست نخوة المعتصم قبل ذلك .

إن المتأمل في هزائم المسلمين عباد الله وفي ضعفهم الحثيث واستكانتهم المستحوذة عليهم ليجد أنها لم تكن بدعا من الأمر ولا هي قطرة دون مقدمات، وإنما هي ثمرة خلل وفتور وتقصير ملحوظ في قيام المسلمين بواجباتهم في ميدان التمسك بالدين والأخوة والتناصر حتى لاقت الأمة من أعدائها صور اللين في حال المكر وصور البطش في حال القسوة، وهم في لينهم يدسون السم في العسل وفي بطشهم يأتلفون الهمجية والجبروت والتلويح بالقوة.

أيها الناس .. ما مضى ذكره إنما خلجات صدر فائضة تأخذ بتلابيب الغيور على أمته وبني ملته إلى الحديث عن ثالث المسجدين ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فلسطين الأبية وغزة البراءة والصمود والذكرى.

إن هذه الأرض الطاهرة المباركة كانت ولا تزال محطاً للمقارنة بين السلوك الحربي لجيوش المسلمين وغزاتهم وبين سلوك غير المسلمين من النصارى والصهاينة .. ومنهم بعض جيوش الحضارة المعاصرة .

مساحة إعلانية