رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

356

غزة.. مرضى يبيعون أدويتهم لمواجهة المجاعة

10 أغسطس 2025 , 07:00ص
alsharq
❖ غزة - محمـد الرنتيسي

دفعت المجاعة المستشرية، مرضى في قطاع غزة، إلى بيع أدويتهم التي بالكاد يحصلون عليها، من عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» كي يتمكنوا من تدبير شؤون حياتهم، مع استمرار حرب الإبادة والتجويع، والتي تقفل على شهرها الثاني والعشرين، ولا تلوح في الأفق المنظور نهاية لها.

«ما الذي يدفعك للمر غير الذي أمرّ منه»، قال النازح من مخيم جباليا حسونة الترامسي، مبيناً أنه ومرضى آخرين، شرعوا ببيع أدويتهم، كي يعتاشوا وعائلاتهم من ثمنها، رغم موجة الغلاء التي تضرب قطاع غزة، وندرة السلع الغذائية والأساسية في الأسواق التي عبثت بها القذائف الإسرائيلية كذلك. يقف الترامسي أمام إحدى الصيدليات، لبيع أدوية للضغط وأمراض مزمنة أخرى كالسكر والقلب، صرفت له للتو من وكالة الغوث، مبيناً أنه لا يملك شيئاً في خيمته يسد به وأد أولاده، ولا يستطيع الذهاب إلى مراكز توزيع المساعدات، لخطورة الأوضاع حولها، ونظراً لوضعه الصحي الذي لا يسمح له القيام بهذه المهمة.

يشرح لـ»الشرق»: أضطر لبيع أدويتي، رغم معرفتي بمخاطر عدم تناول الدواء وتأثير ذلك على صحتي، لكن الحصول على بضعة شواقل، أنفق بها على عائلتي، هو ما يدفعني لبيعها، و»الله الشافي». 

الحال نفسه يتكرر مع إبراهيم العطاونة، الذي أخذ يتحامل على نفسه في مواجهة الربو وضيق التنفس، واعتاد منذ تفشي المجاعة في قطاع غزة، على بيع أدويته، في سبيل الحصول على القليل من المال، لشراء ما تيسر وإطعام عائلته، مبيناً أن الصيدليات ترفض في الغالب شراء الأدوية منه، بموجب قرار نقابة الصيادلة التي تمنع ذلك، فيضطر لبيعها وإن بثمن أقل لمرضى آخرين.

يوضح العطاونة: في الليل تنتابني نوبات ضيق تنفس، وأشعر وكأنني أختنق، وأعلم أنه لا يمكن السيطرة على وضع كهذا دون علاج منتظم، لكني أرفض تناول أي حبة دواء، كي أستفيد من بيعها.. أولادي صغار، ولا يوجد معيل للعائلة، وأبيع الدواء كي نعيش. وتابع: حاول أولادي ثنيي عن هذا العمل، لمعرفتهم بوضعي الصحي، لكني آثرت التضحية بصحتي كي أطعمهم، منوهاً إلى أنهم قضوا عدة أيام دون طعام، وما يوفره لهم من وراء بيع الأدوية، لا يخرج عن البقوليات وبعض المعلبات.

ويروي مواطنون من مناطق مختلفة في قطاع غزة، أن ظاهرة بيع الأدوية من قبل المرضى، آخذة في الانتشار، ولا يكاد يمر يوم دون أن تقابل في الأسواق من يعرض أدويته للبيع، وتبدو على هؤلاء علامات الحاجة والعوز، واللهفة لبيع ما تحصلوا عليه من أدوية، لتدبير أوضاع عائلاتهم.

وفي ظل المجاعة التي تضرب هذه الأيام بقسوة مضاعفة في سائر أرجاء قطاع غزة، يسود نظام بيع جديد، نظراَ لقلة المال، وعدم قدرة غالبية المواطنين على الشراء، ويتمثل في نظام البيع بالقطعة، ويشمل هذا الخضار والفواكه، بينما تباع بعض السلع كالملح والسكر بالغرام الواحد، وتبدو الأسعار «فلكية» كما يصفها مواطنون.

ولعل ضغط الحاجة، هو ما دفع الترامسي والعطاونة ومرضى آخرين، لبيع العقاقير الطبية خاصتهم، فالحرب أدخلت أهالي غزة في حقبة غير مسبوقة، وطقوس وعادات غير معهودة، ويرى مواطنون أنه طالما استمرت الحرب، فظاهرة بيع اللوازم الشخصية ومنها الأدوية لن تتراجع.

مساحة إعلانية