رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1549

"شاهد على الجريمة".. صور حية توثق جرائم العدوان

09 يونيو 2021 , 07:00ص
alsharq
صور ومشاهد من جناح المصور سند
غزة - حنان مطير

صور تصطفّ بجوار بعضها البعض تبوح بجرم الاعتداء وقهر الأبرياء، تملؤها الانفجارات وألسنة اللهب ومشاعر الألم والفاجعة، ومن فوق كل مجموعةٍ من الصور يظهر اسم صاحب الصورةِ الذي حمَل روحَه على كفّه من أجل أن يكشف الحقيقة التي لولاه لظلّت مطويةً في غزة المحاصرة.

إنها الحقيقة البشعة للاحتلال الصهيوني، الذي يسعى دوما لإظهار نفسه مظهر المُدافِع عن نفسِه، في الوقت الذي يتجبّر فيه ويستخدم أجرم ما لديه من أسلحة مطوّرة لإبادة كل ما يزعجه، وأكثر ما يزعجه هو كشف حقائق إجرامه.

في معرضٍ نظمته وزارة الإعلام بغزّة ظهرت الصور لتكون شاهدا على الجريمة وظهر المصوّرون كلّ يشرح تفاصيل الصورةِ التي التقطها من وسط الحِمَم والصواريخ.

"لا إله إلا الله" كانت أكثر الكلمات التي تلفظ بها المصور علي جاد الله أمام مشاهد القصف، خاصة الذي استهدف الأبراج، يقول لـ"الشرق":" لمّا كنا نرى البرج ينهار ويتفتت كقطعة من البسكويت كنت أعجز عن النطق بأي كلمة غير تلك".

صراع صعب

ويضيف: "العدوان الأخير على غزّة كان صعبا للغاية عليّ كصحفيّ، وليس كالاعتداءات السابقة، خاصة وأنني أصبحت أبا لطفلين، فصراع كبير كان يعتريني ما بين أن أكون في مكان الحدث وخطورته والتقاط الحقيقة بالصورة الثابتة والمتحركة وما بين أن أكون بين أطفالي أحميهم وأخفف عنهم، خاصة أن بيتي يقع قريبا جدا من مكان مجزرة شارع الوحدة التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيدا غير المصابين".

ويتابع: "اتّصل عليّ صغيري حسن يبكي ويقول لي مذعورا:" الألعاب النارية بتخوفش، لكن النار والإضاءة الحمراء بتخوف كثيرا، اعترتني الكثير من المشاعر تجاه طفلي ورغم ذلك لم أعد للبيت وتكفّلت والدته بالأمر فهي تعلم أهمية عملي".

وكان علي قبل ذلك أخبر طفله حسن أن كل الأصوات التي يمكن أن يسمعها هي ألعاب نارية من أجل طمأنته، لكنه لم يخبره بأن الألعاب النارية يصحبها اشتعال عظيم للنيران، وإضاءة حمراء مرعبة هي بالأصل لضربة صاروخ غادرة، تنعكس على الجدران، ورائحة بارود سامّة تغلّف المكان.

ويوضح علي أن اللحظة الإجرامية التي تمرّ على العالم مرور الكرام، تظلّ موثقةً بالصورة ليحفظها التاريخ على مرّ الأزمان، لكن انتهاء العدوان لم ينته من مخيلة علي الذي كان يشعر بالغثيان طيلة فترة العدوان، ولم يعد يتناول اللحوم لكثرة ما شاهد الأشلاء.

أما المصور حسام سالم فقد قضى ثلاث سنواتٍ في تركيا، حيث سافر إليها بعد أن عمل تحت الخطر في تصوير مسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزّة، في تركيا قضى حسام أجمل أيام حياته، وحين جاء لغزّة قبل عيد الفطر بأيامٍ ليقضي العيد مع أهلِه ابتدأ العدوان.

يروي لـ"الشرق": "لقد نسيت كل شيء جميل في تركيا وكل وقتٍ رائع قضيته هناك، فالعدوان الإسرائيلي المجرم كفيل بهدم كل الذكريات الجميلة والأيام الحلوة، جئت لقضاء وقت جميل فقضيت وقتا دمويا مليئا بالحزن والقهر".

من أصعب المشاهد التي التقطها حسام مشهد ابن الشهيد ذي العشر سنوات الذي كان يركض في جنازة والده وأخيه الصغير المحمولين على الأكتاف ويصرخ "أبوي.. أبوي"، وعدتني نروح على الجنة كلنا مع بعض، ليش أخدت أخوي وتركتني".

شابات في الميدان

ليس الرجال فقط هم من حملوا أرواحهم على الأكفّ من أجل فضح الاحتلال، فقد شاركت الشابات في ذلك، ومنهنّ فاطمة شبير، التي درست 3 أعوام في كلية التجارة ولشدة عشقها للتصوير انتقلت لدراسة الإعلام.

لقد قضت شبير كل أيام العدوان خارج بيتها، فيما لم يتوقف أهلها عن التواصل معها للاطمئنان عليها، فرغم قلقهم إلا أنهم لم يمنعوها فالخطر في غزّة في ظل العدوان يحوم حول الجميع سواء كان في بيته أو في عمله، الكل معرض للاستشهاد بأي لحظة - وفق حديثها لـ"الشرق".

وتقول:" لقد تيبَّس الدمع في عيني، لكن قلبي كان يحترق على المشاهد التي رأيتها وكل داخلي ينوح ويصرخ لهذا الإجرام الصهيوني بحق أهلنا والأطفال الأبرياء".

والمصور ياسر فتحي شارك في تغطية إجرام المحتل في مسيرات العودة هو الآخر، وقد أصيب خلال تغطيتها عام 2018، وتوقف عن العمل عاما ونصف العام كانت هي فترة سفره للعلاج إلى القدس ومصر وتركيا وما زال يتعالج من آثار إصابته الخطيرة في البطن، لكن ذلك لم يوقفه عن مواصلة عمله وتغطية العدوان الرابع على قطاع غزّة. يقول لـ الشرق: "عين الحقيقة هي سلاحي، وهي شرفي وعيني وقلمي ولساني، إنني لا أتركها مهما كان الخطر".

فيما المصور سند لطيفة يقول لـ"الشرق": "لم نكن ننام، وكان صوت الصاروخ هو "المنبه" لإيقاظنا، لكن المنبهات الصاروخية لم تتوقف أبدا، فإن غفونا لعشر دقائق فقط لشدة التعب والسهر والعمل، نستيقظ على ضربة الصاروخ، فيما ما تزال الكاميرا في أحضاننا كطفلنا المدلل".

زغاريد الحياة

بعد انتهاء العدوان وعاد سند لوالدته حيا استقبلته والدته الحنون بالزغاريد والأحضان ودموع الفرح فإن يعود حيا وقد كان يلاحق الصواريخ كي يوثق إجرامَها أمر يستحق منها أن تقابله ذلك الاستقبال.

يعلق سَنَد: "كانت والدتي ترن على هاتفي كل وقتٍ قصير للغاية، وتكون قلقةً مذعورة، وكان ذلك يربكني وقد يضرّ بي، خاصة أن طائرات الاحتلال تقصف بلا تفرقة بين مدني أو عسكري أو بيت أو بيارة أو من رنّ هاتفه أو من ألقى صاروخا".

ويكمل: "طلبت منها ألا ترن، ووعدتها أنني سأرن عليها في الوقت المناسب، فكنت نادرا ما أتمكن من ذلك، وإن طلبتُها ردت بلهفةٍ وذعر، وقالت كلماتها ووصاياها المعتادة: "البس الدرع/ ودير بالك على حالك وعلى زملائك وكُل جيدا فأضحك لأطمئنها وأخبرها أنني أتناول الكثير من الطعام، في حين أنني كنت أحيانا لا أتذوقه طوال اليوم".

مساحة إعلانية