رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

788

اللبنانيون يتطلعون إلى صناديق الاقتراع للخروج من أزمتهم المعيشية والاقتصادية

09 مايو 2022 , 02:17م
alsharq
بيروت - قنا

يترقب اللبنانيون نتائج الانتخابات النيابية التي ستجرى في 15 من شهر مايو الجاري، في ظل أزمة مالية، اقتصادية، واجتماعية غير مسبوقة في تاريخ لبنان القديم والحديث، ووسط تساؤلات حول إمكانية تشكيل الانتخابات المرتقبة فرصة لخروج لبنان من أزماته الحادة بعد أن طال الفقر حوالي /82/ بالمئة من سكانه، بحسب إحصاءات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).

ولا يخفى على أحد القلق الذي يعيشه المواطن اللبناني بسبب تردي الأوضاع المعيشية التي بدأت تتفاقم منذ أكثر من عامين وبعد اندلاع مظاهرات أكتوبر 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار العملة المحلية أمام الدولار ولاحقا بسبب تداعيات فيروس كورونا وصولا إلى المخاوف الناتجة عن عوامل خارجية بسبب الأزمة الأوكرانية، حيث صنف البنك الدولي الأزمة اللبنانية من بين عشر أسوأ أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ عالميا منذ القرن التاسع عشر.

وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والنفطية لتتخطى قدرة آلاف العائلات اللبنانية على تلبية احتياجاتها الأساسيّة، إما بسبب الغلاء الفاحش أو بسبب النقص الحاد واحتكار بعض المواد الغذائية وأبرزها الطحين والزيوت.

وقد بات اللبناني مهددا برغيف الخبز بعد أن شهدنا مؤخراً "طوابير" أمام الأفران اللبنانية خاصة بفعل توقف تصدير القمح من روسيا وأوكرانيا إلى لبنان، إلى جانب دمار "إهراءات القمح" في انفجار مرفأ بيروت شهر أغسطس من العام 2020 مما عثر توفير مخزون استراتيجي من هذه السلعة الأساسية.

وتشير الإحصاءات إلى أن لبنان كان يشتري 600 ألف طن من القمح سنويا أي ما يعادل 50 ألف طن بالشهر بمعدل الثلثين منها من أوكرانيا والربع من روسيا والباقي من رومانيا، إلا أنه بسبب الأزمة لم يعد لبنان يستورد من أوكرانيا وروسيا.. في حين يشهد لبنان أزمة في مجال توفر مخزون استراتيجي من القمح حيث إنه كان يتم سابقا تخزين 120 ألف طن في الإهراءات التي تعرضت للدمار بعد انفجار مرفأ بيروت، إلى جانب تخزين 60 ألف طن في المطاحن وهو ما كان يؤمن مخزونا من القمح يكفي لستة شهور، وعليه أصبح مخزون لبنان من القمح حاليا يساوي صفر والكمية الموجودة من القمح في المطاحن يتم شراؤها بوتيرة شهرية وأحيانا أسبوعية.

وفي هذا المشهد القاتم، أكد مواطنون لبنانيون لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن ما يهمهم من نتائج الانتخابات ومن البرلمان الجديد هو محاسبة كل من أوصلهم إلى هذا الحال نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وإيجاد حلول جذرية لأزماتهم بعد عجز معظم الأسر عن تأمين احتياجاتها الأساسية ومنها الغذاء والدواء والطبابة، مطالبين بإعادة ودائع الناس المحجوزة في المصارف من أجل العيش بكرامة.

وتقول السيدة انطوانيت وهي في العقد السادس " تعبنا من الظروف السائدة مع انقطاع دائم للتيار الكهربائي وبعد أن ألغينا اشتراك المولد الكهربائي الخاص الذي تتجاوز قيمة فاتورته دخلنا الشهري"، وأضافت "لا يهم من سيصل إلى مجلس النواب إنما مطلبنا الأساسي والوحيد هو العيش بكرامة في بلدنا".

من جانبه، قال الشاب إبراهيم النابلسي وهو في العقد الثالث من العمر "نخاف على مستقبلنا في لبنان بسبب هذا الوضع ولا نحلم بسكن خاص أو بزواج، الراتب لا يكفي ، ولا أرى مستقبلا ولا أفق للاستمرار في العيش بهذا البلد".

وحال إبراهيم هو حال آلاف الشباب اللبنانيين الذين تعبوا من واقع الحال في ظل عدم قدرتهم على تأمين مسكن للزواج أو العيش برفاهية بسبب تدني قيمة رواتبهم تحت وطأة ارتفاع الدولار مقابل الليرة اللبنانية ومع استشراء الغلاء في السلع والخدمات.

وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة، يؤكد مراقبون أن لبنان غير قادر على الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية بمعزل عن التوصل إلى اتفاق إنقاذي مع صندوق النقد الدولي يتم بموجبه إقرار برامج مساعدات مالية للبنان.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت في 7 أبريل الماضي عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي على برنامج تصحيح اقتصادي ومالي تحت مسمى "التسهيل الائتماني الممدد" بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدة البلاد على الخروج من أزمة اقتصادية هائلة.

وبحسب البيان الصادر عن مكتب الإعلام برئاسة الحكومة اللبنانية، أُعد هذا البرنامج من قبل الجانب اللبناني بمساعدة صندوق النقد الدولي وهو يهدف إلى تحفيز النمو وتوفير فرص عمل ووضع لبنان على سكة التعافي والنهوض بعد أن انكمش الاقتصاد بأكثر من 60% خلال السنتين الماضيتين وانهار سعر صرف الليرة ووصل التضخم إلى مستويات عالية جداً ووصل مستوى الفقر إلى حد لم يشهد لبنان له مثيلاً في تاريخه الحديث.

ويعتمد هذا البرنامج على الركائز التالية وهي توفير بيئة مؤاتيه للنشاط الاقتصادي عبر إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو وتأمين فرص عمل. كما يعتمد البرنامج على إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من استعادة دوره في تمويل الاقتصاد.

ويطالب برنامج صندوق النقد الدولي الحكومة اللبنانية بتحسين المالية العامة لتأمين استدامة الدين مع زيادة النفقات على القطاعات الاجتماعية والبنى التحتية، إلى جانب إصلاح القطاع العام ومؤسساته وخاصة قطاع الكهرباء لتأمين تغذية أفضل مما يساعد في تخفيف الأعباء على المواطنين وإنعاش الحركة الاقتصادية، في إشارة إلى أن قطاع الكهرباء كلف الدولة عجزا بقيمة تفوق 40 مليار دولار رغم أن ساعات التغذية اليومية لا تتجاوز 3 ساعات، في حين تبلغ فواتير اشتراك المولدات الخاصة لتأمين الطاقة الكهربائية ملايين الليرات وتتجاوز قدرة المواطنين اللبنانيين على تحمل هذا العبء المادي مما دفع آلاف الأسر إلى قطع اشتراك المولدات والاستعاضة عنها بالطاقة الشمسية للميسورين أو بوسائل الإنارة التقليدية (الشمع) للأسر الفقيرة.

ويرتكز برنامج الصندوق على ضرورة توحيد سعر الصرف لإزالة التشوهات في الاقتصاد، إلى جانب تحسين الحوكمة ومحاربة الفساد بمساعدة فنية من صندوق النقد الدولي.

والحكومة اللبنانية مطالبة وبإلحاح بالقيام بورشة عمل حقيقية لتنفيذ الإصلاحات الضرورية، إلى جانب حاجة لبنان إلى دعم الصندوق والمجتمع الدولي وخاصة إلى تمويل إضافي من أصدقاء لبنان على شكل منح أو قروض ميسرة من أجل الخروج من أزمته الاقتصادية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أنيس أبو ذياب الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الناخب اللبناني يتطلع إلى كيفية تحرير أمواله من القطاع المصرفي وبالتالي سيلجأ من خلال صناديق الاقتراع إما إلى التصويت عقابيا لمن أوصله إلى هذا الحال أو إلى انتخاب قوى تغييرية تحاول الإصلاح.

ولفت إلى أن ما يهم الناخب اللبناني في الوضع الحالي المتأزم، هو استعادة قدرته الشرائية بعد انهيار العملة الوطنية (الليرة اللبنانية) وفقدانها 90 بالمائة من قيمتها.. مبينا أن الناخب يتطلع إلى تحسين الخدمات والبنى التحتية وخاصة الكهرباء والاتصالات وأيضا البنى الفوقية ومنها القطاع التربوي والتعليمي والقطاعات الثقافية الأخرى.

وأشار أبو ذياب إلى أن اللبنانيين يتطلعون للوصول إلى بر الأمان من الناحية الاقتصادية، لافتا إلى أنه لا سبيل لذلك حاليا إلا من خلال صياغة الحكومة اللبنانية برنامجا مع صندوق النقد الدولي يعيد للبنان الثقة من قبل شعبه بالقطاعات المختلفة ومنها القطاع المالي والمصرفي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ضمن قوانين مرعية الإجراء كان قد طلبها صندوق النقد.. مشيرا إلى أن اللبناني يتطلع إلى كيفية استعادة الثقة مع الخارج لإعادة استقطاب الاستثمارات الأجنبية والعربية.

وعن احتمال حصول تغييرات جذرية في الانتخابات النيابية بما يحقق طموحات الناس، قال أبو ذياب إن التغيير الجذري يحتاج إلى وقت ومسار طويل، إضافة إلى أنه يحتاج مؤسسات وأحزابا تغييرية، لافتا إلى وجود حملات تغييرية داخل الأحزاب التقليدية اللبنانية تسعى إلى تجديد خطابها وممارساتها.

ورأى أن التغيير يتحقق في حال التوافق الوطني العام حول إعلاء شأن الدولة وأن تكون هي الأساس، مشددا على أهمية تشكيل حكومة بسرعة بعد الانتخابات النيابية مباشرة على أن تتمتع بصلاحيات استثنائية تواكب المرحلة الدقيقة.

ويبقى السؤال هل سيحاسب اللبناني من يعتبره مسؤولا عن أزمته الاقتصادية في صناديق الاقتراع وهل ستغير الانتخابات اللبنانية مجرى الأمور في لبنان بعد أن بات أغلبية اللبنانيين يرزحون تحت وطأة الفقر والجوع وسط مصير غامض لودائعهم في البنوك.

مساحة إعلانية