رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

3922

د. القره داغي: دفع القيمة في الزكاة وارد من السلف وقوي الحجة

08 يوليو 2015 , 01:10م
alsharq
الدوحة - بوابة الشرق

أكد فضيلة الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ان جواز دفع قيمة (الرقبة) في جميع الكفارات هو أن دفع القيمة حتى في الزكاة بجميع أنواعها وارد من السلف، وقوي الحجة والبرهان، فإذا كان الأمر كذلك فيها فيكون دفع القيمة في الكفارات أقوى وأولى والله أعلم، بالاضافة إلى أن دفع القيمة في الكفارات قول لبعض أهل العلم.


ثانياً — دفع القيمة في الكفارات والصدقات
حيث ذهب جمع من العلماء سلفاً، وجمهور المعاصرين إلى جواز دفع صدقة الفطر وبقية أنواع الزكاة، والكفارات بالقيمة — على تفصيل فيما بينهم —، فذهب الحنفية، والبخاري، وأشهب من المالكية، (وهو مروي عن عمر بن عبدالعزيز، والحسن البصري، وسفيان الثوري) إلى جواز دفع قيمة الزكاة الواجبة مطلقاً إلى المستحقين، ويكون الدفع بها أفضل إذا كانت القيمة تحقق مصالح الفقراء أكثر من العين، وهذا رأي شيخ الاسلام ابن تيمية، وكذلك رجحه ابن رشد، وقال بعد ذكر الخلاف داخل المذهب المالكي: (الإجزاء أظهر) وصوبه ابن يونس أيضاً في شرح الرسالة لابن ناجي قولاً لأشهب وابن القاسم وقال: إن إخراج القيمة مطلقاً جائز، وقيل بعكسه، وهناك رواية عن أحمد بجواز دفع القيمة في الزكوات ما عدا الفطرة.


التكييف الفقهي للزكاة
ويعود هذا الخلاف إلى التكييف الفقهي للزكاة هل هي عبادة محضة أم أنها حق مالي فرضه الله تعالى على العباد لسدّ خلة المستحقين؟.
فالذين أجازوا دفع القيمة قالوا: إنها — مع كونها عبادة — حق مالي معقول المعنى، وبالتالي ينظر إلى علته ومقاصده.
وهو الراجح لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) حيث بيّن الله تعالى العلة والحكمة منها وهي تطهير قلوب الأغنياء من الجشع ونحوه، وقلوب الفقراء من الحقد ونحوه، وتزكيتهم أي تنميتهم وسد حاجتهم، والارتقاء بهم، بالاضافة إلى أن القيمة النقدية لا تخرج عن دائرة (الأموال) التي أمر الله تعالى بدفع نسبة منها إلى المستحقين، وهذا ما فهمه الصحابة، حيث أخذ معاذ في اليمن الألبسة التي كان أهل المدينة بحاجة إليها مكان صدقتهم، فقال: (ائتوني بخميس، أو لبيس آخذه منكم مكان الصدقة، فإنه أهون عليكم، وخير للمهاجرين بالمدينة)، لذلك رجح هذا القول البخاري وغيره من المحدثين، حتى قال ابن رشد: (وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، ولكن قاده إلى ذلك الدليل).
وقصدي من سرد هذه الأقوال والأدلة بإيجاز هو أن دفع القيمة حتى في الزكاة بجميع أنواعها وارد من السلف، وقوي الحجة والبرهان، فإذا كان الأمر كذلك فيها فيكون دفع القيمة في الكفارات أقوى وأولى والله أعلم، بالاضافة إلى أن دفع القيمة في الكفارات قول لبعض أهل العلم.
ثالثاً — ويدل على جواز دفع القيمة في صدقة الفطر ما ورد في أحاديث صحيحة أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوّموا صاعاً من تمر أو شعير المنصوصين فيها بنصف صاع من القمح، منها:
أ‌ — ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما بسندهم عن ابن عمر قال: (فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر — أو قال: رمضان — على الذكر والأنثى والحرّ والمملوك: صاعاً من تمر، أو شعير، فَعدلَ الناس به نصف صاع من بُرّ...) ورواه الترمذي بلفظ: (فعدل الناس إلى نصف صاع من بُرّ) وقال: (حسن صحيح) وراه مسلم بلفظ: (قال ابن عمر: فجعل الناس عدله — أي عدل الصاع من تمر أو شعير —: مُدّين من حنطة) قال الطحاوي: (إنما يريد عبدالله بن عمر من قوله: (جعل الناس عدله) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جوز تعديلهم في مثل هذا الأمر، ويجب الوقوف عند قولهم لعلمهم موارد النصوص ووقوفهم على المراد) وهذه الآثار الصحيحة تدل على إجماع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على تقويم صاع من تمر، أو شعير بنصف صاع من القمح، وما ذلك إلاّ من اعتبار القيمة وعدها معياراً لهذه المعادلة.


جوابان للإمام الطحاوي
ثم إنه لا يضر هذا الاجماع ما روى أن أبا سعيد الخدري لم يوافق معاوية في تعديل صاع من تمر أو شعير بنصف صاع من البُرّ، وذلك لأن الإمام الطحاوي أجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن أبا سعيد قد روى عنه من رأيه ما يوافق ذلك.
الجواب الثاني: أن اعتراضه على (المُقوَّم) — بفتح الواو المشددة — ليس على القيمة حيث قال الطحاوي في رواية عياض عنه: (تلك قيمة معاوية لا أقبلها، ولا أعمل بها، لأنه في ذلك لم ينكر القيمة، وإنما أنكر المقوم).
ثم إن حديث معاوية صحيح في هذا التعديل دليل على أن علماء الصحابة ونحوهم قد رضوا به، ما عدا أبا سعيد الذي اعترض على المقوّم، وليس القيمة.
ب‌ — ما روي عن عمر وعلي أنهما قاما بعدل نصف صاع من البُرّ بصاع من تمر، أو شعير، قال الطحاوي: (فإنه قد روي عن عمر مثل ذلك، حيث عدل نصف صاع من بُرّ بصاع من شعير في كفارة اليمين) ثم قال: (وروى مثله عن علي) فقد روى أبو داود بسنده عن ابن عمر قال: (كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير...الخ قال: فلما كان عمر رضي الله عنه وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة، مكان صاع من تلك الأشياء).


عدم الاستطاعة
رابعاً — ومن جانب آخر فإن جميع النصوص الشرعية التي ذكرت انتقال الشخص الذي وجب عليه تحرير رقبة في الكفارات إلى الصيام قيدت هذا الانتقال بعدم استطاعته المالية، ففي كفارة القتل الخطأ يقول تعالى بعد ذكر الحكم الأصلي وهو تحرير رقبة: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً )، وفي كفارة الأيمان يقول تعالى: (فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وفي كفارة الظهار يقول تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وكذلك الحديث الصحيح في كفارة مَنْ واقع زوجته في نهار رمضان.
وبناءً على هذه النصوص الواضحات فإن الانتقال إلى قيمة الرقبة وهي محددة بالإجماع بخمسة جمال أولى وأوضح وأقوى من الانتقال إلى الصيام ؛ لأنه انتقال إلى البدل المباشر.


بناء على كل ما أمكن ذكره:
وبناء على كل ما أمكن ذكره هنا من الأدلة في هذه الفتوى فقد ظهر لي ظهوراً بيّناً: جواز دفع قيمة (الرقبة) في جميع الكفارات، وهي كفارة القتل الخطأ (بالإجماع، والعمد على خلاف)، وكفارة الظّهار، وكفارة المعاشرة الجنسية في نهار رمضان، ونحوها من الكفارات التي يجب فيها تحرير رقبة.
وأن تحديد قيمة العبد قد تم بالإجماع في قتل الجنين بخمسة جمال متوسطة الحال، أو بنصف عشر الدية الكاملة وهي من الإبل أيضاً خمس، ومن الذهب خمسون مثقالاً أي 215 غراماً ونصف غرام من الذهب، ومن الفضة ستمائة درهم وتعادل 1785 غراماً من الفضة.
فتلك هي الأصول للديات، لكن معظم العلماء على أن الأصل الذي يرجع إليه هو الإبل، لأنها من السلع المهمة الضرورية، أو الحاجية، وبناءً على ذلك نُقدّر بها، وهي خمسة جمال متوسطة، وقيمتها في حدود عشرة آلاف ريـال قطري أو سعودي، وحتى لو قدّرنا الدية بالنقود اليوم، فأكثر الديات المعتمدة لا تزيد على مائتي ألف ريـال، وأن نصف عشرها هي عشرة آلاف ريـال، وهي تعادل 2740 دولاراً، ولمن أراد الاحتياط فليدفع أكثر.
فنحن هنا اعتمدنا على خمسة جمال واعتبرناها الأصل — كما هو رأي الجمهور — وبالتالي فمن أراد أن يدفعها في هذه الكفارات فقد برئت ذمته — بإذن الله تعالى — ومن أراد أن يدفع قيمتها فهو كذلك مع ملاحظة أن القيمة النقدية التي ذكرتها هي السائدة في دول الخليج ومعظم الدول العربية، ولو وجبت كفارة على شخص في بلد تكون الجمال الخمسة أقل — كما في استراليا وأفغانستان — أو أكثر فإن الواجب الشرعي هو أداء تلك القيمة إلاّ لمن أراد الزيادة (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ).
هذا ما أردت بيانه تيسيراً على الناس ورفعاً للحرج، ودفعاً للتحايل، وتحقيقاً للمقاصد مع رعاية الأدلة الجزئية، وإحساساً مني بحاجة الناس إلى مثل هذه الفتوى.
راجياً أن يكرمني ربي بالأجرين، وان يعصمني من الخطأ والخطيئة في العقيدة والقول والعمل.

اقرأ المزيد

alsharq رئيس الوزراء: نرحب ببيان مجلس الأمن الذي أدان الهجوم الإسرائيلي الغادر

رحب معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ببيان مجلس الأمن... اقرأ المزيد

104

| 12 سبتمبر 2025

alsharq الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن.. تضامن عربي وإسلامي مع دولة قطر في وجه العدوان الاسرائيلي الغاشم

أكدت دول العربية واسلامية تضامنها الكامل مع دولة قطر في وجه العدوان الاسرائيلي الغاشم الذي تعرضت له الدوحة... اقرأ المزيد

194

| 12 سبتمبر 2025

alsharq مواطنون لـ "الشرق": اعتماد البطاقة الشخصية في المراكز الصحية نقلة نوعية في مسار تطوير الخدمات الصحية

أشاد مواطنون بقرار اعتماد البطاقة الشخصية القطرية للمواطنين القطريين بدلاً عن البطاقة الصحية للحصول على الخدمات الصحية في... اقرأ المزيد

570

| 12 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية