رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

596

قطر تُطعم 500 ألف نازح سوري في شمال لبنان خلال الشهر الفضيل

04 يوليو 2015 , 12:37م
alsharq
بيروت ـ بوابة الشرق

كعادتهم في الشهر الفضيل، وعلى مدار السنين الخوالي، يلتمس الصائمون مكارم سمو الأمير التي تنزل عليهم قطراتٍ، روَّت ظمأهم الى روح الإنسانية الرؤوم، التي مثّلها سمو الأمير، والتي دثّرت ليالي غربتهم وترحالهم في خيم اللجوء في لبنان. وليس من المستغرب أن يكون سمو الأمير ودولة قطر، من الطلائعيين في مدّ يد المساعدة؛ فهذه خاصيّة وسمة أميريّة، يعرفها القاصي والداني، ألا وهي التفاني في عمل الخير والإقدام عليه كفارس يسعى الى هيجاء الخير والعطاء، دون تردّدٍ وارتياب، عملاً بقول الشاعر طرفة بن العبد:

إذا القومُ قالوا مَن فَتًى؟ خِلتُ أنّني عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ

حملة رمضان تروي كلّ محتاجٍ وعطشان

ليست هذه الحملة الرمضانيّة بالأولى، فهي الخامسة في السجل الأميري منذ بدء الحرب السوريّة، وتفاعل أزمة اللاجئين. فلقد واكبت هذه العطاءات معاناة اللاجئين، وبلسمت جراحاتهم، فاستعاضوا من خلالها، عن ترميم بعض ما فقدوه من لا مبالاةٍ وتهميشٍ، وتردٍّ لحالتهم الإنسانيّة والنفسيّة.. إنها بالفعل قطراتُ حياةٍ لسائحين في ديار الحرمان والتشرّد. يفتقرون الى أدنى مقوّمات العيش، لا سقفَ يحميهم من برد الشتاء وحر الصيف ولهيب الصوم، إلاّ ما تمتد به أيادي العطاء، والقلوب السمحاء، وفي مقدّمتها حضرة سمو الأمير ومآثره التي لا تحصى ولا تعدّ في هذا المجال.. ومن خلال جولةٍ ميدانيّة قمنا بها على خيم النازحين في الشمال، لتقويم واقع الحال والوقوف عليها عن درايةٍ، فيما خصّ نتائج المرحلة الأولى من تقديم المساعدات والتي شارفت على انتهائها مع اقتراب نهاية النصف الأول من الشهر الفضيل، حيث تمّ من خلالها توزيع ما يقارب الخمسمائة ألف حصة غذائيّة.

أمام هذا العدد الضخم من المساعدات، كانت لنا وقفات مع عيّناتٍ من النازحين توزّعوا على فئاتٍ عمريّة محتلفة، فأثنَوا جميعهم على المكرمات الأميريّة، وأشادوا بآلية العمل في توزيع المساعدات والشفافيّة والعدل في التعاطي، والترفّع عن المحسوبيات والتمايز.. يقول حسّان زعنب من لاجئي الشمال السوري: صحيح أننا تركنا وطننا، وخسرنا أرضنا، وهِمنا على وجوهنا في التغرّب والترحال، إلاّ اننا لم نفتقد للحظةٍ واحدة شعور الانتماء، بعد ما صادفناه من رعوية إنسانيّة، تمثّلت بشخص سمو أمير قطر، ودولته الكريمة، في خلق حضنٍ دافئٍ يأوي اليه كل مكلوم ومتألّم.

المساعدات الإنسانية القطرية

أهميّة التنظيم

تقول مريم الحموي: إنّ ما يميّز المساعدات القطريّة، إضافةً الى محتواها القيّم، هو سهولة الحصول عليها، جرّاء عمليّة التنظيم الدقيقة وفريق العمل المتخصّص، والذي لا نجد أيّ صعوبة في التعامل معه، أو الاضطرار الى الانتظار مطوّلاً، في صفوفٍ طويلة، ومردّ ذلك الى التنسيق الدقيق والمهنية العالية التي يتمتع بها فريق العمل الموكل إليه تقديم المساعدات القطريّة.

التنسيق مع الجهات اللبنانية

وما لفت انتباهنا إشارةُ أكثر من نازحٍ، إلى أهميّة التعاون القائم بين فريق العمل النشيط بتقديم المساعدات القطريّة، والهيئات البلديّة والاختياريّة في البلدات والقرى اللبنانية، التي تؤوي نازحين سوريين.. في هذا الاتجاه يوضح بدر جمعة (نازح من سهل الغاب في منطقة حماه السوريّة): أننا ما عدنا نواجه صعوباتٍ تذكر من ناحية تقديم لوائح الأسماء، والمصادقة عليها، والأخطاء التي كانت تشكّل في الماضي الكثير من المعوقات والمشاكل، والتي واجهنا الكثير منها مع جهاتٍ أخرى، افتقدت الى الكادر المهني العالي، الذي يتمتع به الفريق القطري.

خلال توزيع المساعدات القطرية

قطر هي المطر

سمعناها كثيرًا، جملة تتردد على شفاهٍ تزيّنت بالشكر المفعم لسمو الأمير. يردّد محمود إدريس هذه العبارة "كما تشتاق الصحارى إلى انسكاب المطر، ينتظر اللاجئون مكرمات قطر". عبارة تختصر واقع الحال، وتشير بوضوح الى الأثر الإيجابي، والنفح الإنساني الذي تتركه المساعدات عند اللاجئين. مع التمني الدائم بالمحافظة على هذه الالتفاتة الإنسانيّة من قبل سمو الأمير، الذي ما اعتدنا الاّ على ابوّته الشاملة، وحسّه الإنساني المرهف.

ما هدمته الحرب يعيد بناءه سمو الأمير

ياسر ياسين (نازح من دوما، وربّ عائلةٍ مؤلّفة من سبعة أشخاص). بادرنا بهذه المقولة، واعتبر أنّ سمو الأمير بدأ مسيرة الإعمار قبل العودة، وقال: إنّ المحافظة على ما تبقّى، وإيجاد فسحات أملٍ من خلال ضخّ روح الحياة والأمل، والتحرّر من شعور الترك بالنسبة لنا، قد بدأ فعليًّا مع سموّه الذي بدأ بمسيرة إعمار النفوس، وبناء البشر قبل الحجر.

دولة قامت مقام دول

من البعيد وأثناء إجراء المقابلة هتفت نازحة سوريّة: رغم غياب الكثير من الدول العربيّة وبالأخص جامعة الدول العربيّة، عن لعب الدور الرئيس في إمداد اللاجئين بالمعونات اللازمة، لعبت قطر الدور الإنساني الأفعل، على هذا الصعيد. وقالت: انظروا (وهي تحمل بعض المساعدات الموسومة بشعار قطر) إنّها الأخوة الصادقة في الزمن الأسود، والليالي الدهماء، شكرًا لله، وأطال الله عمر الأمير، صانع الرحمة والخير.

النازحين أثنَوا على المكرمات الأميريّة وأشادوا بآلية العمل في توزيع المساعدات

إشادة بالحقل الطبّي

وما لفت انتباهنا في هذه الجولة أيضاً، تشديدُ كلِّ مَن التقيناه على أهمية الحقل الطبّي، ومساعداته المتنوعة الكثيرة. يقول محمد القيسي من مخيّمات وادي خالد: لعلّ الميزة الأبرز للمساعدات القطريّة هي التقديمات الطبيّة، المتمثّلة بقطاع الدواء والاستشفاء، "صحّة أطفالنا فوق كل اعتبار"، وشتاء قارص كالشتاء الفائت والتقلبات المناخية وما صاحبها من أمراضٍ وأوبئة، ما كنّا لنعبر هذا الكأس المر، لولا وجود مراكز الاستشفاء، التى وفّرت لنا كلّ الخدمات الطبية المناسبة، والتي كنّا حتى نفتقد بعضها حتى في الوطن الأم. وتشير السيّدة عائشة فرج إلى أن الشكر الجزيل إنما هو لدولة قطر على توفيرها المضادات الحيويّة، ولقاحات الفيروسات لأطفالنا، وأردفت قائلة: هذا ما جعلني أنام قريرة العين، مطمئنّة على صحّة أطفالي المستقبلية.

وليست هذه التقدمات بنهاية الطريق، فأعمال الخير الأميريّة تنتظر، وما بدّلت تبديلاً. وقطر ليست من الدول العابرة أو المراقبة. فهي لا تكفّ يدها عند انتهاء مصالحها، كما يفعل آخرون. بل إن سمة العطاء هي شعارها الأول، ومجانيّته خاصيّتها، الثانية، وشموله مبدأها الثالث. وهناك خطّة واضحة المعالم لتغطية حاجات اللاجئين على مدار الشهر الفضيل. والسياسة الحكيمة وإرادة الخير التي تميّز سمو الأمير، والتي لا تسعى للتبجّح الإعلامي، وحب الظهور، يبقى شعارها الأول والأخير: نعم للعطاء ونِعم العطاء. مع الإشارة الى أن الحملة الكريمة تطول كافة النازحين، في قرى وبلدات الشمال، بدءًا من مدينة طرابلس لتلج كافة البلدات الحدودية، علّها تطفئ ظمأ عطشان، وتجفّف دمعة طفل يقبع على قارعة مخيّم.

مساحة إعلانية