شهدت قطر على مدار العقد المنصرم تغييرات واسعة النطاق استعدادًا لاستضافة أكبر بطولة عالمية لكرة القدم، مثل تطوير وتحسين شبكة الطرق، والبنية التحتية، والاتصال بالإنترنت، وربما الأهم من ذلك تعزيز الوصول الميّسر. إن دولة قطر قطعت وعدًا بأن يكون مونديال قطر 2022 النسخة الأكثر شمولًا والأفضل من حيث سهولة الوصول في تاريخ بطولات كأس العالم، وقد شكل هذا الأمر تحديًا، إلا أنه كان موضع ترحيب كبير مثل كثيرين غيري، أن هذا الحدث الرياضي الضخم سيمهد الطريق نحو تعزيز سهولة الوصول في هذه الدولة، وأن ذوي الاحتياجات الخاصة سيكونون أكبر المستفيدين من إرث هذا الحدث. وفي هذا السياق قالت الدكتورة جوزيليا نيفيس، الأستاذ والعميد المشارك لشؤون التيسير والمشاركة الاجتماعية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، علينا في البداية أن نفهم ماهية سهولة الوصول. أولًا، وقبل كل شيء، سهولة الوصول هي حق أساسي من حقوق الإنسان يضمن أن يكون بين يدي جميع الأفراد، وبغض النظر عن قدراتهم، وسائل تمكنهم من استكشاف العالم من حولهم والتفاعل معه بشكل عادل. لا يقتصر تنظيم بطولة تتسم بسهولة الوصول على تخصيص مقاعد يمكن الوصول إليها بسهولة في الملاعب فقط، بل يتعلق الأمر بضمان أن تكون رحلة الشخص بأكملها ميسّرة، من لحظة نزوله من الطائرة إلى لحظة صعوده على متنها مجددًا في رحلة العودة. ويتطلب تحقيق ذلك الاستجابة لمتطلبات وتفضيلات جميع الأشخاص، بغض النظر إن كانوا من ذوي الإعاقة أم لا، إتاحة تنقلهم في الفضاء المادي والرقمي والمعلوماتي بأقل قدر ممكن من العوائق. وكرّست فرق عديدة وقتها وخبرتها لتفقد المنشآت والوجهات ومراجعتها، وتنفيذ الحلول التي ستسمح لجميع المشجعين بالجلوس جنبًا إلى جنب ضمن ظروف مناسبة. وشمل ذلك رحلة المشجعين من محطات التنقل إلى الملاعب والعودة منها، واجتازت وسائل النقل العام الاختبارات، وأخذت أماكن الضيافة والترفيه والأماكن الثقافية في حسبانها تلبية احتياجات الزوار الخاصة أيضًا. التعليق الوصفي السمعي وقالت د. جوزيليا، عمل طلابنا وأعضاء هيئة التدريس في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، باستمرار من أجل تعزيز الشمول وسهولة الوصول في قطر، فعلى مدار السنوات الثماني الماضية، دربنا مقدمي خدمات التواصل التي تشمل الجميع، وعملنا مع شركاء مثل اللجنة العليا للمشاريع والإرث، ومتاحف قطر، ومكتبة قطر الوطنية، ومؤسسة الدوحة للأفلام؛ بهدف تدقيق ومراجعة منشآتهم وتدريب الموظفين وتطوير استراتيجيات اتصال متعددة الأشكال، بالإضافة إلى تقديم خدمات التعليق الوصفي السمعي لمن يعانون من تحديات بصرية، وتوفير اللافتات التوضيحية بلغات متعددة لذوي التحديات السمعية. وستضم ثلاثة من ملاعب كأس العالم الثمانية في قطر، بما في ذلك استاد المدينة التعليمية، غرف مساعدة حسية لذوي الصعوبات الإدراكية، وتجسد إضافة هذه الغرف التزام قطر باستضافة النسخة الأكثر شمولًا والأفضل من حيث سهولة الوصول في تاريخ بطولات كأس العالم. ومن المأمول أن تُرسي هذه الغرف الحسية معيارًا جديدًا بعد انتهاء بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™، وأن يجري إنشاء مساحات مماثلة في أماكن أخرى، مثل مراكز التسوق، والجهات الثقافية، والمستشفيات، والمدارس. وأوضحت د. جوزيليا دور ذوي الإعاقة لن يقتصر على الجلوس في مقاعد المتفرجين، بل سيشاركون بفاعلية في البطولة كمتطوعين. تمكين الأفراد من ذوي الإعاقة فيه احترام وتحفيز لمن يستحقون أن يعاملوا على قدم المساواة في الحقوق والفرص، وقد يفتح ذلك الأبواب أمامهم ليحصلوا على فرص عمل توفر لهم سبل عيش أفضل ودورًا نشطًا في المجتمع بعد أن يراهم الناس وهم يقدمون المساعدة للآخرين. وبالعموم، من الواضح أن إرث كأس العالم قطر سيكون هائلًا، سواء بالنسبة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أو لغيرهم، ولن يكون ما بعد مونديال قطر كما قبله.