رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي alsharq
جرحى الحرب في سوريا.. معاناة لا تنتهي

خلفت الحرب السورية أعداداً كبيرة من الجرحى والمصابين بإعاقات دائمة، يواجهون مصيرهم لوحدهم دون أن يجدوا مَن يخفف آلامهم، ويضمّد جراحهم، جراء ضعف الدعم المادي والنفسي لهذه الفئة المهمشة، وتدهور القطاع الطبي الذي يحرم الكثيرين من العلاج ويفاقم سوء حالهم. كل رفقاتي بيركضوا وبيلعبوا إلا أنا بهذه الكلمات اختصر الطفل أحمد أحلامه، وهو يواجه أوجاع الإعاقة التي سرقت خطواته وهو في مقتبل العمر. الطفل أحمد الصباغ (10 سنوات) هو أحد ضحايا الحرب السورية، نزح مع أسرته من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيم عشوائي على الحدود السورية التركية، وقد تعرض لبتر قدمه جراء شظية قذيفة سقطت بجانبه أثناء عودته من المدرسة منذ سنتين، وعن ذلك تتحدث والدته لـ الشرق: بعد وفاة زوجي اكتملت المعاناة بتعرض ولدي الأكبر أحمد لبتر قدمه اليمنى، وأصبح بعد ذلك يستخدم عكازين في التنقل والحركة. تؤكد أم أحمد أن ولدها لم تشفع له طفولته البريئة، ليختبر ويلات الحرب، وآلام الإصابة، وحتى المدرسة لم يعد قادراً على ارتيادها بسبب الإعاقة وتعرضه للتنمر من قبل بعض زملائه، وكل ما تتمناه هو حصول ولدها على طرف صناعي، يعيد إليه جزءاً من الحياة التي سلبت منه، ويمكنه من إعانة نفسه وعيش حياته بشكل شبه طبيعي. تبين أم أحمد أن ولدها حصل على طرف صناعي من إحدى الجمعيات الخيرية المحلية، لكنه لم يكن مناسباً لحالة البتر، الأمر الذي عرض الطفل لصعوبة كبيرة في المشي، والشعور بآلام شديدة. ويعاني جرحى الحرب في الشمال السوري من نقص الرعاية الصحية، وغلاء أسعار الأدوية، وقلة مراكز تركيب الأطراف الصناعية مقارنة بالأعداد المتزايدة، ما يفرض موتاً بطيئاً على كل مريض ومُصاب، فيضطر الكثيرون للسفر إلى تركيا للبحث عن علاج يُعيد إليهم القدرة على الحركة، وفرصة الشفاء من أوجاعهم، ليجدوا أنفسهم في دوامة الغربة والبعد عن الأهل. إبراهيم الطعمة (33 عاماً) من مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، أب لثلاثة أطفال، اخترقت شظية من برميل متفجر عموده الفقري، فأصيب بالشلل، وبات عاجزاً عن الحركة والعمل، وعن معاناته يقول: إصابة المعيل هي بمثابة شلل لكل الأسرة، حيث فقدت قدرتي على العمل والإنتاج، وأعيش مع أولادي ضحية الفقر والعوز. يؤكد الطعمة أنه خضع لرحلة علاج طويلة استمرت أكثر من عام، ودخل إلى تركيا لمتابعة علاجه، لكن التأخر ساهم في عجزه مدى الحياة، حيث أخبره الأطباء باستحالة قدرته على المشي مجدداً. رغم آلام الإعاقة تسلح الكثير من المصابين بالإرادة ورفضوا الاستسلام لواقعهم، وتابعوا حياتهم بصبر وثبات، منهم وليد البكار (39 عاماً) من مدينة سراقب شمال غرب سوريا الذي تحدى إصابته بالعمل والإنتاج، وعن ذلك يقول: تعرضت لبتر قدمي نتيجة انفجار قنبلة عنقودية بجانبي، ولكنني لم أفقد كرامتي يوماً، ومثابرتي على السعي لتحصيل رزق أبنائي الأربعة.يبين البكار أنه يبيع علب المناديل في السوق، وعن ذلك يقول: أجني من عملي ربحاً بسيطاً يكفي لشراء مادة الخبز وحدها، ولكن ذلك خير من الجلوس في المنزل وانتظار المساعدات والصدقات. الطبيب كمال شرف الدين (44 عاماً) من مدينة إدلب يقول لـ الشرق: المصابون والجرحى هم الفئة الأكثر تضرراً في الحرب السوري، يعيشون أوجاعهم وهم على قيد الحياة، وتتنوع حالاتهم بين الإصابات الخفيفة وصولاً لبتر الأطراف والإعاقات الدائمة، وعن احتياجات هذه الفئة يضيف: يحتاج مصابو الحرب لمراكز طبية مجهّزة، فكثيراً ما يضطر الأطباء لبتر أطراف بعض المصابين لعدم توافر المعدات اللازمة لعلاجهم، والنقص الحاد في الأدوية والرعاية الطبية، إلى جانب القصف المستمر للمشافي الميدانية، الأمر الذي أدى لتحول الإصابات الطفيفة إلى كوارث يدفع فيها المصاب جزءاً من جسده. ويؤكد الطبيب أن تكلفة تركيب الطرف الصناعي تتراوح بين 800 وحتى 1500 دولار حسب جودته وتلاؤمه مع الإصابة، وهو سعر خيالي بالنسبة للسوريين الذين يعانون من تردي الواقع المعيشي جراء الفقر والغلاء وشح فرص العمل، مما دفع ببعض العاملين في هذا المجال لصناعة أطراف محلية، نظراً لتكلفتها القليلة نسبياً مقارنة بالأطراف المستوردة. كما يقع الكثير من الجرحى والمصابين فريسة للضغوطات والأمراض النفسية، ويجدون أنفسهم غير قادرين على التأقلم مع حياة الإعاقة. المرشدة النفسية رانية الدياب (31 عاماً) من مدينة إدلب تتحدث عن الأثر النفسي للإعاقة بقولها: الكثير من المصابين لا يمكنهم التأقلم مع الحياة مجدداً بسهولة، بسبب قلة الوعي المجتمعي وغياب ثقافة الاعتراف بالشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوقه، فنظرة المجتمع الشرقي للمصاب على أنه عاجز، وعدم تركه يمارس حياته الطبيعية، هو بحد ذاته قتل للروح قبل الجسد، مما يفرض على المصابين العزلة والانطواء والاكتئاب، ويؤخر تعافيهم من الصدمة النفسية التي يمرون بها بعد الإصابة. وتشير الدياب إلى أن المصابين يحتاجون إلى دعم نفسي لإعادة الثقة بأنفسهم، والتخلص من شعورهم بالنقص، ومحاولة تأمين فرص عمل تلائم إمكانياتهم، وتمكّنهم من تقبل ذاتهم، وممارسة دورهم في المجتمع. من نجا من الموت لم يسلم من الإصابة بشظايا قذيفة أو صاروخ أو برميل متفجر، أمطر بها النظام السوري المدن والقرى المعارضة لحكمه، حيث ساهمت العمليات العسكرية والقصف الممنهج على الأحياء السكنية في ازدياد أعداد مصابي الحرب، لتكتمل معاناتهم مع ضعف مقومات العلاج والدعم النفسي الذي يمكنهم من العودة لحياتهم الطبيعية، وينهي معاناتهم ويمنحهم أملاً جديداً بالحياة.

3750

| 23 مارس 2021

عربي ودولي alsharq
إشادة يمنية بدعم "راف" لعلاج جرحى الحرب

دشنت المرحلة الثانية من عمليات الجراحة للمصابين في تعز بتمويل وإشراف مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية (راف)، دشنت مؤسسة سبل الخيرية بمستشفى التعاون في مدينة تعز وسط اليمن، اليوم، المرحلة الثانية من مشروع جراحة العظام والمفاصل لمصابي وجرحى الحرب في تعز التي تعيش أوضاعا كارثية جراء الحرب والحصار المفروض عليها منذ أكثر من عام من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية. وأكدت الدكتورة أنيسة دائل مديرة مركز العظام، أن تدشين المرحلة الثانية جاء بعد النجاح الكبير الذي حققته المرحلة الأولى، وتم فيها تنفيذ 150 عملية جراحية، بتمويل قطري، وجميعها تكللت بالنجاح. وأوضحت أن المرحلة الثانية ستستهدف أيضًا إجراء150 عملية جراحية، مشيدة بالدعم القطري المقدم لهذا المشروع لعلاج جرحى الحرب في تعز والتقليل من نسبة المضاعفات والإعاقة والعجز للمصابين. بدوره، وجه رئيس اللجنة الطبية العليا الدكتور فارس العبسي، شكره لدولة قطر ومؤسساتها الداعمة لمشروع مركز جراحة العظام في مستشفى التعاون، الذي تبنى إجراء العمليات وهو يحقق نجاحا كبيرًا في ذلك، مؤكدًا أن مشروع علاج جرحى الحرب يأتي في ظل المعاناة الكبيرة التي تمر بها مدينة تعز ومستشفياتها في ظل ازدياد حالات الإصابة نتيجة للحرب المستمرة. وافتتح مركز جراحة العظام في مستشفى التعاون بتمويل ودعم قطري، في مطلع أبريل الماضي، نظرا لتزايد أعداد الجرحى الذين يسقطون يوميا جراء الحرب المستمرة على مدينة تعز وسط اليمن، كما مول صندوق قطر للتنمية عبر الهلال الأحمر القطري افتتاح وتمويل تشغيل مركز الطوارئ الجراحي في مستشفى الثورة بتعز، في سبتمبر 2015م، والذي أجرى آلاف العمليات الجراحية وقدم الخدمات العلاجية والطبية المجانية للجرحى والمصابين في تعز خلال مرحلتين، في إطار الدعم القطري الإغاثي للشعب اليمني في الظروف الصعبة التي يواجهها جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

1617

| 01 يونيو 2016