شكّل موضوع إدارة الموارد المائية التقليدية والجديدة محور أوراق العمل التي قُدمت في الجزء الثالث من المسار الثاني المتعلق بالأمن المائي والغذائي بالمؤتمر العربي الثاني للمياه، في الدوحة، والذي تنظّمه المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء)، بالتعاون مع المجلس الوزاري العربي للمياه بجامعة الدول العربية. وفي هذا الإطار، أكد السيد قائد حسن الجمرة ممثل اليمن في المؤتمر خلال مداخلته التي ترأسها أحمد عبد الباسط رجوب الخبير الأردني في إدارة المياه، أن العاصمة اليمنية صنعاء تعاني من عدة مشاكل وتحديات تراكمت وتفاقمت على مدار العقود الماضية، ومن أبرز هذه المشاكل التي تعاني منها مشكلة مياه الصرف الصحي التي أصبحت تهدد بيئتها الحضرية ومحيطها الريفي، بل وتهدد استدامة الحياة فيها. وأوضح أن هذه التحديات ناتجة عن عدة أسباب سمحت بتبلور وتراكم المشكلة وتفاقمها عبر مدى من الزمن، ومن أبرز هذه الأسباب التزايد في العدد السكاني والتوسع العمراني، مما سمح بخلق تحديات كبيرة، في توصيل شبكة مياه الصرف الصحي، خاصة في الأحياء الجديدة والامتدادات العمرانية. وقال انه من أسباب تسيب وتفاقم مشكلة الصرف الصحي وأثرها البيئي هو تعدد المؤسسات الرسمية ذات العلاقة وتداخل اختصاصاتها إذ يبلغ عددها أكثر من عشر جهات معنية، فضلاً عن الخلل القائم في كيان الحكومة وفي التشريعات المنظمة لتحديد الاختصاص والواجبات، مؤكداً أن هذه الأزمة حرمت اليمن من موارد مائية هامة كان بالإمكان استغلالها في تحقيق التنمية الزراعية. وتطرق الدكتور التهامي التهامي الأستاذ الباحث بالجامعة المغربية إلى أن إدارة الموارد المائية لا يتعلق فقط بندرة هذه الثروة بل أيضاً الإدارة تتعلق بالفائض لهذه الموارد الثمينة، خاصة أن عدم التحكم فيها يثير العديد من المشاكل على غرار إتلاف المحاصيل وتديمر البنى التحتية في حال الفيضان وهو ما يحد من إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي في صورة تواصل هدر هذه الامكانيات. وقال إن الأمن الغذائي يعتبر من التحديات الرئيسية لكل بلد من بلدان المعمورة بما في ذلك الوطن العربي.... والفلاحة العربية لم تحقق بعد الزيادة المنشودة في الانتاج لمواجهة الطلب على الأغذية. مما أدى إلى توسيع الفجوة الغذائية، والتي تجاوزت 12.4% ، مما زاد من حدة مشكلة الفقر، والتي أصبح يعاني منها حوالي 63% من العرب. وأضاف: ونتيجة لذلك فقد فاتجهت الدول العربية إلى استيراد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسة، فارتفعت نسبة المبادلات التجارية العربية مع أوروبا مثلاً إلى 75% الشيئ الذي ازداد استفحالاً مع الأزمة الغذائية الحادة، والتي بلغت ذروتها سنة 2008، وتمثلت في ارتفاع بل مضاعفة أسعار المواد الغذائية الرئيسة في الأسواق العالمية، وبالتالي تقلص الواردات منها.

أجمع الخبراء والباحثون في الجلسة المتعلقة بالأمن المائي والغذائي للمؤتمر العربي الثاني للمياه، بالدوحة، والذي تنظمه مؤسسة "كهرماء"، بالتعاون مع المجلس الوزاري العربي للمياه بجامعة الدول العربية على أهمية الموارد المائية في تحقيق الأمن الغذائي و النمو الاقتصادي، واعتبر الخبراء أن ترشيد الثروة المائية وتنويع مصادرها هي المفتاح لاستدامة النشاط الزراعي. وأكدت الدكتورة حنان عثمان علي، ممثلة البرنامج القطري للأمن الغذائي في مداخلتها خلال الجلسة التي ترأسها الدكتور حازم القبلاوي، على ارتباط القطاع الزراعي الوثيق بالمياه الجوفية، مشيرة إلى التحديات التي يواجهها القطاع في ظل تراجع المخزون، قائلة: "إن الزراعة في قطر تعد المستهلك الأول للمياه الجوفية بنسبة تصل 60 % في العام 2005 وهي في ارتفاع من عام إلى آخر". وأشارت حنان عثمان علي إلى أن التوجه نحو مصادر أخرى من المياه سيكون رافداً لتحقيق الأهداف الوطنية في المجال الزراعي خاصةً أن معدل التساقطات في قطر لا يتعدى 77 ملي في السنة، مؤكدة أن "التكنولوجيا الجديدة ستمكننا من استعمال المياه المستعملة والمياه المحلاة في القطاع الزراعي". ولفتت إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتي في قطر تبلغ نحو 10 % في السنة الحالية ومن المرشح أن تبلغ 70 % في العام 2020 وهو ما يستجوب اعتماد حلولا وتقنيات جديدة لتوسيع المساحات وهو ما تتطلب طلباً اضافياً على المياه . ودعت في ذات السياق إلى ترشيد استهلاك الموارد المائية و استعمال المياه المحلاة والمستعملة من أجل ضمان استدامة النشاط الزراعي في الدولة ، قائلة : "إن الموارد المائية المستعملة المعاد استعملها في القطاع تستجيب لأرقى المواصفات العالمية في المجال ". من جهتها قدمت الدكتورة نهى احمد محمد من السودان دراسة أجريت في وادي أم شهيماء الذي يقع في سهل الطين من منطقة جبل ارشكول في ولاية النيل الأبيض حيث كان يمارس الزراعة البعلية في منطقة البناء باستخدام الحواجز الأرض التقليدية (turus). وأشارت إلى أنه أجريت التجارب على مستوى المزرعة خلال الفترة من 2005 -2008، حيث كانت المحاصيل تواجه عادة نقص حاد في المياه أو فيضانات شديدة بسبب عدم انتظام هطول الأمطار. وكانت أهداف هذه الدراسة تقدير القيمة المحتملة من المياه التي يمكن الحصول عليها من هطول الأمطار وجريان المياه من المجرى وزيادة الترشيح المياه في حقول المزارعين من خلال إدخال تقنيات حصاد المياه أكثر كفاءة ( WHT ) لزيادة الغلة، حيث أوصت الدراسة بإدخال تقنيات WHT لزيادة غلة المحاصيل في المنطقة. من جهته قال الدكتور سيد أحمد حاج عيسى أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير جامعة البليدة أن تحلية المياه من شأنها أن تشكل حلاً ناجحا واستراتيجيا خاصة للبلدان المتعرضة لندرة الموارد المائية أو ضغط المياه. ففي الجزائر كان الهدف من ذلك هو تحسين خدمة توزيع المياه عن طريق تعديل الأسعار وتقليص التسربات على مستوى الشبكة المقدرة بـ 40% وكذا تعبئة الموارد ومشاركة المتعاملين الخواص في مجال تسيير شبكات التزويد بالمياه العذبة. وقال إن استعمال تقنيات تحلية مياه البحر سيصبح حلا مميزا في بلد تبلغ مساحة شريطه الساحلي 1200 كلم2. كما يعتزم البرنامج الذي انطلق في 2001 إنشاء 43 محطة لتحلية المياه إلى غاية سنة 2019 باستثمار إجمالي يقدر بـ 14 مليار دولار، لقد أعطت الجزائر الأولوية لتكنولوجيا تحلية المياه. وأضاف: إذ أن الاقتصاد الجزائري يشهد حاليا تطوراً مستمراً وذلك بفضل ارتفاع أسعار البترول والغاز في الأسواق العالمية خلال السنوات الأخيرة والطلبات الكثيفة في هذه القطاعات وبذلك انطلقت الجزائر في تطوير المنشآت القاعدية بفضل الوسائل المالية الكفيلة بإعادة تسيير البلد وهي الطرق السريعة والسدود ومصانع توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر.

أشار الدكتور قصي فضل السهلي من العراق في ورقة عمله التي قدمها خلال الفترة الأولى من الجلسة الصباحية لبرنامج المؤتمر العربي الثاني للمياه تحت عنوان "التقنيات الحديثة وتطبيقاتها في قطاع المياه"، اليوم الأربعاء، إلى أن ما بين 1 و2.5% من المياه في العالم صالح للاستهلاك البشري وهو متواجد في الانهار والخزانات الجوفية وهو ما يؤكد بأن العالم يواجه شحاًً في المياه. وأوضح د.السهلي بأن ثلث العالم يعيش في بلدان تشكو نقصاً حاداً في مياه الشهر وأن هذه النسبة سترتفع إلى الثلثين في أفق عام 2025. وعلى المستوى العربي أشار د.السهلي الى أن هناك 13 دولة تعاني من شح المياه، وأن معظم الدول العربية تقع على البحار والمحيطات لذلك وجب البحث في التقنيات المناسبة لتحلية المياه المالحة. من جهته، تطرق الدكتور المنصف الحبيب رقاية من تونس في أوراق العمل التي قدمها إلى أن موضوع تنمية الموارد المائية عبر تطبيقات تقنيات التغذية الاصطناعية للخزانات المائية الجوفية بالبلاد التونسية، تمت تجربتها لمدة عشرين عاماً في تونس بين السنوات 1970 و1990 ليتم بعد ذلك تعميم هذه التجربة في جميع أنحاء الدولة التونسية. وأشار "رقاية" إلى أن حصة المواطن التونسي من المياه الصالحة للشراب لا تتعدى الـ400 متر مكعب في العام، وأنه من المتوقع أن تتراجع هذه الحصة الى 300 متر مكعب في 2025 وقال: "من المنتظر أن تواجه تونس خلال السنوات القادمة فقراَ حاداَ في الموارد المائية". وأوضح أن 13% فقط من مياه الأمطار تساهم في تغذية مخزون تونس من المياه بالطبقات الجوفية والسدود والبحيرات الجبلية، كما أن الآبار قليلة العمق قد تم استغلالها بشكل مكثف ما أدى إلى استنزاف نسبة كبيرة من الخزانات الجوفية للمياه غير العميقة.. وقد دفع ذلك الجهات المعنية في تونس للبحث في مختلف الطرق لإعادة تغذية الخزانات الجوفية عبر الاستغلال الأمثل لمياه الأمطار، حيث تم انشاء آبار أنبوبية في في الأنهار لتساعد على رشح المياه وتسعيل امتصاصها نحو الخزانات الجوفية، بالاضافة إلى تحويل مياه الأمطار عبر مسارات مخصصة نحو الآبار السطحية. وأكد الخبير التونسي بأن هذه التجربة لاقت استحسان المزارعين، حتى أنهم أصبحوا عناصر مشاركة في هذا البرنامج لأنه يوفر مصدراً هاماَ لمياه الري في مواسم الجفاف وبتكلفة منخفضة.

تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، تستضيف دولة قطر النسخة الثانية من المؤتمر العربي للمياه وذلك خلال الفترة من 27 وحتى 29 مايو الجاري، والذي سيعمل على تعزيز كفاءة إدارة المياه في العالم العربي والبحث عن حلول خلاقة ومستدامة للتعامل مع التحديات التي تواجهها المنطقة في الوقت الراهن. وتستضيف المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء "كهرماء" النسخة الثانية من المؤتمر العربي للمياه بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس الوزاري العربي للمياه التابع لجامعة الدول العربية، حيث يهدف المؤتمر إلى تعزيز الإدارة الرشيدة لقطاع المياه في الدول العربية من خلال حلول خلاقة ومستدامة لمواجهة التحديات المتزايدة. وخلال مؤتمر صحفي عقد اليوم، قال المهندس ناصر علي المهندي رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر العربي للمياه ومدير شؤون الخدمات المشتركة بـ/كهرماء/ إن "المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء تعتز باستضافة المؤتمر العربي الثاني للمياه، إذ يعزز هذا المؤتمر الدور الريادي الذي تلعبه قطر في العالم العربي بصفتها من الداعمين الرئيسيين للاستدامة في مجتمعاتنا، والمساندة القيمة التي نلقاها من أشقائنا العرب، والذين عبروا بدورهم عن التزامهم التام بتطبيق مبادئ الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية كل في مجتمعه، إضافة إلى الحث على تبني وتطوير التقنيات والوسائل الحديثة لضمان الأمن المائي في بلداننا". وأضاف أن المؤتمر سيغطي الجوانب الرئيسية الخاصة بالمياه وستكون هناك اجتماعات تفصيلية رفيعة المستوى تحضيرا للمؤتمر تبدأ من يوم السبت المقبل حيث سيكون عبارة عن جلسات مغلقة تتضمن لقاءات استشارية وفنية تعقد على مستوى الوزراء أو وكلاء الوزراء أو المستويات المشابهة، معربا عن تطلعه أن يتم من خلال المؤتمر العربي الثاني للمياه بلورة مستقبل إيجابي قائم على التطور المستمر لصالح هذا القطاع بمختلف مستوياته، بهدف تحقيق المنفعة المشتركة لبلداننا وللمنطقة ككل. ويهدف المؤتمر العربي للمياه إلى التنسيق بين الدول العربية وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المتعلقة بالمياه لحماية الحقوق المائية العربية، كما سيشكل المؤتمر منبرا لتبادل الخبرات حول المنهجيات والتقنيات الحديثة المستخدمة في التخطيط وإعداد الاستراتيجيات الوطنية المتوسطة وطويلة الأمد في مجالات إدارة المياه.

أعلن سعادة المهندس عيسى بن هلال الكواري رئيس المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء عن إستضافة " كهرماء " للنسخة الثانية من المؤتمر العربي للمياه في الدوحة من 27 إلى 29 مايو 2014 تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. وقال المهندس عيسى الكواري أن المؤتمر يحمل عنوان " نحو إدارة رشيدة لقطاع المياه في الدول العربية من خلال حلول خلاقة ومستدامة لمواجهة التحديات " وسوف يقام في فندق ومنتج شيراتون الدوحة ، جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر أمس للإعلان عن تفاصيل إنعقاد المؤتمر العربي للمياه . الوزاري العربي وقال رئيس "كهرماء" أنه بعد إطلاع المكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للمياه على توصية الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه قرر المجلس الوزاري العربي للمياه في دورته الخامسة والتي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بعقد المؤتمر العربي الثاني للمياه في الدوحة. وأشار المهندس الكواري خلال المؤتمر الصحفي إن دولة قطر ممثلة في المؤسسة العامة للكهرباء والماء " كهرماء " يسعدها استضافة النسخة الثانية من المؤتمر العربي للمياه لأنه يهدف إلى تعزيز الإدارة الرشيدة لقطاع المياه في الدول العربية من خلال حلول خلاقة ومستدامة لمواجهة التحديات المتزايدة وأن هذه المؤتمرات تعد واحدة من الآليات لتحقيق التنمية المستدامة حيث أنها توفر منصة للحضور لتبادل الخبرات حول المنهجيات والتقنيات الحديثة المستخدمة في التخطيط وإعداد الاستراتيجيات الوطنية المتوسطة والطويلة الأمد في مجالات إدارة المياه . وأكد أن المؤتمر الذي سوف يمتد على ثلاثة أيام سوف يوفر فرصة ممتازة للتنسيق بين البلدان الأعضاء المشاركة وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المتعلقة بالمياه لحماية الحقوق المائية العربية ، كما سيتم مناقشة كيفية تعزيز مفهوم الأمن المائي بين الدول العربية من أجل تلبية متطلبات التنمية المستدامة التي تشهدها المنطقة وتحقيق رفاهية المواطن العربي .