رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يكثر في هذه الأيام ذكر سويسرا، والحديث عن مبادرتها المسماة بخارطة الطريق، للخروج من حالة المراوحة في المكان، حيث يبدو أن كل شيء تعاقدنا عليه كفلسطينيين غير قابل للتصديق أو التطبيق، فلا حكومة أنجزت ما كُلفت به، ولا تبدو أنها معنية بذلك، ولا إعمار موعودا ظهرت له معالم وآثار في غزة المدمرة، والحصار ما زال ضارباً أطنابه في كل أنحاء القطاع، والناس تسأل هل إلى خروج من سبيل؟.
إن خارطة الطريق السويسرية (Roadmap) تبدو لجمهور الشارع الفلسطيني – اليوم - أنها طوق النجاة الوحيد المتاح لاستنقاذ الحالة الفلسطينية من الغرق. لذا، فالكل يسأل هل تمَّ التراضي والاتفاق بين جميع مكونات الحالة السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أم لا تزال هناك عقبات وتحفظات لهذا الفريق أو ذاك؟.
إن هذا السؤال المشروع هو في الحقيقة "مربط الفرس" وبيت القصيد في كل نقاشاتنا السياسية، حيث تظهر دائماً اعتراضات أو تمنعات هنا أو هناك، فالكل يظن أن السياسة هي طريق الوصول إلى تحقيق الغايات، وما تتطلع له الفصائل والأحزاب من مكاسب وامتيازات، وليس الاتفاق في الوصول إلى أرضية مشتركة، حيث يقدم كل طرف من خلالها بعضاً من التنازلات، بهدف بلوغ نقطة اللقاء والارتقاء وتعانق الخطوات.
إن ما يحاول السويسريون – مشكورين - الوصول إليه من خلال خارطة الطريق هو هذه النقطة من التوافق واللقاء، والتي هي – ربما - خارج توقعات الجميع، ولكنها تخرجهم جميعاً من حالة التخبط والمراوحة في المكان (still stand)، وتسهم في لحلحة الأمور إيجابياً، والابتعاد عن مربع الأزمة الخانق إلى مساحات جديدة يستطيع فيها كل طرف بناء لبنة من الثقة بالآخر.
إن خارطة الطريق السويسرية هي محاولة من طرف مشهود له بصدقية مواقفه، ونزاهة سياساته تجاه الحالة الفلسطينية، وبالحيادية الإيجابية التي هي علامة عالمية مميزة لهذا البلد العريق بمواقفه وواقعية مبادراته السياسية، ودرجة الجدارة في الإنجاز.
اليوم، هناك من يحاول تفريغ المبادرة من محتواها، والدخول في تفاصيل ليست في وارد من وضعوها، وهي في الحقيقة لم تخرج عن اجتهادات طرف محايد ونزيه، حاول التشاور مع الجميع، واستكمل ملامح الرؤية للخروج من نفق الأزمة الطويل، ليأخذ بأيدينا جميعاً إلى بر الأمان، وذلك عبر إيجاد حلّ عملي لمشكلة الموظفين العالقين لأسباب مختلفة، وإن كان ظاهرها فنياً وإدارياً، ولكن العارفين ببواطن الأمور يدركون أنها سياسية بامتياز.
في اللقاء الأخير، والذي تمَّ مع قيادة الحركة ومع فصائل العمل الوطني والإسلامي، جرت هناك أحاديث مستفيضة ومداولات مطولة كنت شاهداً على بعضٍ منها، استدعت أن يبقى باب الأمل مفتوحاً، بهدف البحث عن مخارج وحلول للنقاط العالقة، والتي كانت هناك ملاحظات جوهرية، ونقاط لحركة حماس تحفُّظ عليها، والخاصة بالسلامة الأمنية.
إن الورقة من حيث ما تضمنته من مبادئ وأفكار وأسس توزعت بين نصوصها وفي سياق ديباجتها هي محل إجماع الكل الوطني والإسلامي، ولا اعتراض من أي جهة عليها، وحتى البند المتعلق بموضوع "التشيك الأمني" فمن السهولة تجاوزه من خلال تسريح البعض على قوائم المتقاعدين، دون التوقف أمام دواعي وأبعاد هذه المغادرة الطوعية للسلك الوظيفي.
لا شك أن الكثير من المماحكات والاعتراضات على المبادرة السويسرية لم تأت من أطراف دولية، ولكن – للأسف – جاءت من جهات محلية لتعقيد مخارج الرؤية والحل، وإبقاء الجرح الفلسطيني نازفاً - بدون تضميد - حتى تقع الكارثة، وتنكسر شوكة الجهاد والمقاومة، وتنحني غزة ظهر البطولات والعزة، ويفرغ القطاع من معاني الصمود والنخوة.. نقول: نعم هناك تحفظات، ولكن أيضاً هناك تصورات لتجاوز الأزمة إذا ما توفرت الإرادة السياسية، فالقضية ليست بمنطق أن تقبل هذا الكل - كما هو - أو تتخلى عنه.. لا، هناك مجالٌ للمراجعات وإمكانات التوافق، حتى نتجاوز عنق الزجاجة، ونصل إلى فضاء الرحمة والتغافر، لاستنقاذ شعبنا، والأخذ بيديه بعيداً عن الفاقة ومهاوي الردى.
نحن في غزة نرحب بكل من يمد لنا يد العون والمساعدة، وعلى استعداد للتعاطي مع كل من يجلب الخير لساحتنا، ويأتي بمقترحات للتخفيف عن معاناتنا، حيث إن الأزمات المستشرية أخذت بتلابيب كرامتنا، وجعلت "الكابونة" عنواناً لأحاديثنا الوطنية، وتقدم منسوب اهتمامنا بذكرها والسؤال عنها على كل جوانب حياتنا، حتى المقدسات والمصالح الوطنية العليا تقزَّمت في مساحات التنافس للحصول عليها.
إن من المحزن القول: إننا كلما اقتربنا لتفكيك أزمة من الأزمات تعالت الاتهامات بأن غزة تفكر في الانفصال والدولة، وكلما جاء من أبناء أمتنا من يحاول التفكير معنا أخذه البعض بألسنة حداد، فلا يبقوا له ستراً، وانهالوا عليه باتهامات الخيانة والتآمر.!!
وآسفاه، لا أحد منهم تتحرك فيه النخوة أو تشده المروءة، فيما غزة العزة تئن وتتوجع، وتتعرض للموت البطيء وبمنهجية مدبرة، بل إن بعضهم يريد خرابها، لأنها صبرت وتعالت على الجراح، وأحرجت كل من تواطأ عليها أو راهن على أنها سوف تأتيهم صاغرة.. انتظروا إسرائيل وأسطورة جيشها أن تحقق لهم عودة ظافرة، إلا أن هزيمة المحتل الغاصب خذلتهم، وكانت عاقبة أمره خسرى، والآن يريدون من زعماء العرب أن يأتوا لهم بغزة برأسها مطأطأة!!.
واحسرتاه على تلك النداءات البائسة، والتحريض الممجوج، والتشويه الذي لا يليق بقطاعنا الحبيب، الذي أعاد للأمة جزءاً من كبريائها السليب.
لقد تنازلت حركة حماس عن الحكومة، وهيأت لكم الأجواء لكي يستعيد الوطن وحدته، وتصفو سماؤه من الكدر، ويلتئم شمل الجميع، ونقطع الطريق أمام مؤامرات الاحتلال لتأبيد الانقسام، تعالوا ابسطوا أيديكم على سهولها وشواطئها وبيوتها المهدمة، وافتحوا أبواب رحماتكم لتتنزل عليها، ومدوا أيديكم للمستغيثين من أهلها..
لا نريدكم إلا أهلاً لنا، أبناء جلدتنا، نبني معاً هذا الوطن حجراً فوق حجر، ونغرسه زيتوناً وجنات غنَّاء من نخيل وأعناب، تليق بقداسة هذه الأرض التي جعلها الله مباركة للعالمين.. نريد أن نتجاوز حالة "نزغ الشيطان" بيني وبين إخوتي، وأن نزرع المحبة والفخر بأن "هذا أخي"، وأن العدو الإسرائيلي هناك في الجوار يتربص بنا وبمقدساتنا الدوائر، فاعتبروا يا أولي الألباب.
إن أي مواقف أو حلول يمكن أن تبني على ما أوردته المبادرة السويسرية من نقاط اتفاق وتوافق اختصاراً للوقت، وأن اللجنة التي شكلتها الحكومة بإمكانها اعتماد هذه المبادرة كإحدى مرجعياتها التي حظيت بتفاهمات حول العديد من جوانبها، مما يجعل اللجنة الحكومية قادرة في فترة وجيزة - قد لا تتجاوز الشهر – على التوصل للاتفاق الذي ينهي كل الخلافات القائمة بيننا.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13758
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1341
| 25 نوفمبر 2025