رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في ضوء حرب لبنان الثالثة التي أشعلتها إسرائيل عبر قصف عنيف غير مسبوق على جنوب لبنان، وبعض الأماكن المتفرقة في لبنان. قد أصبح أهم سؤال مطروح على الإطلاق:هل تخلت إيران عن حزب الله؟
والواقع أن هذا السؤال قد تم طرحة مبكراً منذ اغتيال فؤاد شكر مرورا بتفجيرات البيجر؛ لكن باتت الإجابة عليه مسألة في غاية الإلحاح إثر التعثر الواضح الذي يواجه الحزب في حربه أمام إسرائيل؛ وقد كانت أخطر مظاهر ذلك اغتيال حسن نصر الله إثر قصف مدو على مقر قيادة الحزب.
لا يمثل حزب الله تنظيم مقاومة مسلحة عادي لإيران، إذ تعتبره درة حركات المقاومة، والتجربة الأكثر إلهاماً لباقي حركات المقاومة. هذا إلى جانب اعتبارات أخرى عقائدية وتاريخية وتنظيمية، إذ بحسب بعض الخبراء الإيرانيين توازي قوة حزب الله قوة الحرس الثوري الإيراني.
والحقيقة إن كل تلك المعطيات السابقة تضع جميع المحللين في حيرة عظيمة، وهي لماذا لم تتدخل إيران بصورة مباشرة عاجلة لإنقاذ الحزب. بل ربما هناك هالة من الغموض تتعلق بأوامر إيرانية للحزب بعدم استخدام ما بحوزته من أسلحة وصواريخ ثقيلة دقيقة ضد إسرائيل.
بلا أدنى شك أو مواربة تواجه إيران، أو فرض عليها وضع شائك شديد التعقيد وربما غير مسبوق. إذ تواجه تحديداً خطة إسرائيلية محكمة معدة سلفا-ناجحة حتى الآن- منذ طوفان الأقصى لدفع إيران دفعاً لحرب مفتوحة معها، ومدخل هذه الحرب هو بالتأكيد حزب الله، وإذا فشلت ورقة حزب الله لن يكون هناك مدخل آخر حيث توجيه دفعة الحرب مباشرة تجاه إيران.
واختصاراً، في تقديرنا المتواضع، منطلق حسابات إيران حاليا يتمحور حول «إما خسارة كل شيء أو التضحية ببعض الأشياء». بجمل أكثر وضوحا، تفطن إيران جيداً أن التدخل المباشر لإنقاذ حزب الله سيترجم مباشرة لتدخل الولايات المتحدة. ومن ثم، فعلى اقل تقدير سيكون ذلك كارثيا على النظام الإيراني وربما يؤدى إلى انهياره مع تحويل الدولة إلى أشلاء، ما لم تكن المنشآت النووية محل استهداف عنيف وهو أكثر ما تخشى منه إيران، بل هو عينه «خسارة كل شيء».
والتضحية ببعض الأشياء والمقصود بالطبع «حزب الله»، لا يعني تخلي إيران بصورة كاملة عن الحزب. بل العمل على وقف استنزافه جنبا إلى جنب عرقلة مخطط إسرائيل الأوسع. ويتبدى ذلك بجلاء من مستويات وطبيعة التحركات الإيرانية منذ بدء ضرب إسرائيل جنوب لبنان.
ففي اليوم الأول لبدء ضرب الجنوب، بل فور ضرب الجنوب، أعلنت إيران أنها لا تعادي أحدا في المنطقة، ولا تريد الحرب مع أي طرف، ولا تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية. وبالتوازي مع ذلك، أُعطي ضوء أخضر واضح لما تسمى جبهات إسناد المقاومة في العراق واليمن للهجوم على إسرائيل من أجل التخفيف عن الحزب. فضلا عن تسريبات تشير إلى انتقال عناصر من تلك الجبهات وعناصر من الحرس الثوري إلى جنوب لبنان لمساندة حزب الله.
وناهيك عما سبق، قد اتضحت الصورة كاملة من خلال تصريحات الرئيس الإيراني الإصلاحي «بزشكيان» إبان حضوره اجتماعات الجمعية العامة وقبلها، والتي قال فيها تصريحات مثيرة للجدل، حيث وصف الأمريكان كأخوة وإيران تسعى للتقارب مع واشنطن، وأعلن استعداد إيران لإبرام صفقة سريعة بشأن البرنامج النووي، وعدم رغبة إيران مطلقا في الحرب الشاملة في المنطقة.
ويشير ذلك وهو مربط الفرس صراحة إلى تركيز الجهد الإيراني على ترتيب اتفاق مع واشنطن تقوم بموجبه الأخيرة بالضغط على إسرائيل لثنيها عن مخططها الأوسع، على اعتبار أن لا حل غير ذلك. وربما المقابل هو إحراز تقدم في الاتفاق النووي، والتعهد بتحييد حركات المقاومة ضد إسرائيل بما في ذلك حزب الله.
وتعول طهران على تحرك أمريكي مدعوم غربيا خاصة من جانب فرنسا، من منطلق وعيها التام أن تدمير إيران ليس في مصلحة واشنطن بالمقابل. فإيران هي الذريعة الرئيسية للتواجد الأمريكي العسكري في المنطقة، وإبرام صفقات تسليح مع الخليج تناهز المليارات.
ملخص القول، إن إيران في وضع لا تحسد عليه، قد جعل حساباتها تتمحور في خيار إما خسارة كل شيء أو التضحية ببعض الأشياء. إذ من الواضح أنها على استعداد لقبول وضع ضعيف لحزب الله في جنوب لبنان، مقابل بقاء النظام وعدم المساس مطلقا بالحلم النووي.
(تكلمنا فألجمناهم) هذا أقل ما يمكن أن توصف به كلمة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني... اقرأ المزيد
186
| 28 سبتمبر 2025
خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، من على منبر الأمم المتحدة، ليس... اقرأ المزيد
168
| 28 سبتمبر 2025
في 23 سبتمبر 2025، ألقى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، كلمة قوية... اقرأ المزيد
171
| 28 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
3108
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2727
| 25 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2385
| 22 سبتمبر 2025