رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منى الجهني

[email protected] 

مساحة إعلانية

مقالات

315

منى الجهني

في حضرة الملل.. شعور ترف أم عرض؟

30 يوليو 2025 , 01:44ص

بالرغم من أننا نعيش أكثر الأوقات سرعة هل ما زلنا نشعر بالملل؟ هل السأم هو حالة نفسية؟ أم هو حالة مؤقتة وطارئة؟ في زمن الخيارات المتعددة ورغم امتلاء يومنا بالشاشات الصغيرة التي نتابع عن طريقها الصور والاحداث في كل وقت وحين. ولماذا يطارد الملل البعض منا رغم وفرة كل شيء؟ لماذا مللنا كل شيء؟ ما علاقة الملل بالمزاج والعلاقات والعمل؟

الملل ذلك الشعور الذي يُبهت كل الصور. حين لا يكفي كل شيء. وأيضا هو عدم الرغبة في عمل شيء رغم تعدد الخيارات، إنه شعور داخلي يقول لا جدوى مما تفعله.

من جانب آخر هو في علم النفس حالة انفعالية تتسم بفقدان التحفيز وترافقها صعوبة التركيز. كما تشير الدراسات أن الأشخاص الذين ليس لهم أهداف يكونون أكثر عرضة للإصابة بالملل من غيرهم. حين يغيب الهدف يغيب الشغف، فالأهداف هي التي تمنح طاقة الاستمرار. بالإضافة لذلك الخوف من التغيير هو سبب رئيسي للملل وتراه جيدا في الوظائف واختيار التخصص الجامعي.

أحد أسباب التي تعمق الشعور بالملل هو المزاج السيئ الذي يسبب التفكير المفرط والأفكار السلبية. 

في زحام الوفرة في العالم الرقمي، التكنولوجيا ليست السبب الحقيقي، ولكننا جعلناها شماعة نعلّق عليها عجزنا عن التركيز، وكسلنا عن مواجهة أنفسنا. إن الهاتف النقال لا يتعدى كونه وسيلة اتصال، لكنه يتحول الى حصن نختبئ خلفه من مواجهة أفكارنا ومخاوفنا. 

المفارقة العجيبة أن الملل أصبح رائجا جدا في زمن وفرة الخيارات. نملك الوقت، والفرص لتحقيق الكثير، نملك الكثير من الكتب حولنا، ونمتلك سهولة الوصول لكل شيء. فيفضل العقل الهروب من ذلك كله بكلمة واحدة.

اكتشاف اهتمامات جديدة في الحياة، تغيير الروتين وتعزيز العلاقات الاجتماعية تعلم مهارات جديدة ممارسة أشياء تحبها فالعقل البشري بلا شك يحب الاثارة. 

ممارسة الرياضة لها دور كبير في تغيير الحالة المزاجية، وبالتأكيد لن تشعر بالملل عند ممارسة رياضات لأول مرة سواء كانت فردية أو جماعية، رياضات تزيد المتعة والتنافس والتحدي رياضات جديدة ما يساهم في تحفيز الدماغ لا فراز الاندروفين.

الملل هو مؤشر يجبرنا على إعادة حساباتنا مع أنفسنا أولا ومع محيطنا. ولكن نحن بشر لا ندعي الكمال قد نعيش ظروفا متغيرة وما نعتبره رفاهية لدينا فهو حلم الكثيرين. نعيش بالمقابل على هذه الأرض من يشتكي من رفاهية الرفاهية، بينما هناك من يتمنى مجرد فرصة للعيش الآمن أو لقمة تسد الجوع.

وفي السياق نفسه فالسأم في هذه الحالة لا يصبح شعورا عابرا يمر كبقية الانفعالات، إنما يتسلّل إلى التفاصيل الصغيرة ويُفسد نكهتها. هذا ما يجعل البعض يهمس يهمس: «الحياة جميلة»، وهو ينقذ اطفاله من بين الأنقاض.

إن إدراك نعمة الحياة لا يكون الا بالتوقف عن الشكوى والامتنان لنعم الله عزوجل.

فالكمال الحقيقي ليس أن تملك كل شيء، بل أن ترى ما لديك بعين العدل، وتمنح غيرك شيئًا من هذا الضوء.

في نهاية المطاف، الملل هو جرس إنذار ان هناك شيئا لا يسير كما ينبغي. هو مرآة صامتة تعكس ما في دواخلنا من مشاعر نفتقدها، كالدهشة، الشغف، ومتعة السعادة باللحظة. ربما يكون دعوة لرؤية الذات الحقيقية، لا للهروب منها، وعقد هدنة مع الحياة. وكيف نحوله الى بداية جديدة؟ فالملل ليس نهاية الطريق، بل قد يكون البداية في لحظة صدق. لا وقت للملل، انما هناك وقت للبقاء، للصلاة، للنجاة والحياة. كل هذا وبيني وبينكم.

مساحة إعلانية