رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
وقّع نحو 16 حزباً يمنياً مغموراً على وثيقة تفويض لزعيم جماعة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي باتخاذ كل التدابير اللازمة ومنها "استخدام الخيارات الإستراتيجية" التي هدد بها في أحد خطاباته للتصدي للقصف المكثف الذي تشنه طائرات دول التحالف بقيادة السعودية ليلا ونهارا منذ انطلاق عاصفة الحزم في شهر مارس الماضي على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح وما نتج عنه من خسائر كبيرة جدا في صفوفهم وتدمير جزء كبير من ترسانتهم العسكرية الأمر الذي أوصل الكثير من مقاتلي هذه الميليشيات إلى قناعة أن الاستمرار في الحرب خيار مؤكد للانتحار الجماعي، بل إن فريقا من المؤيدين للرئيس المخلوع يرى أن إيران ورطت الحليفين في مغامرة غير محسوبة العواقب كانت أقوى من قدراتهم بعد أن أغرتهم بتقديم الدعم المالي السخي والأسلحة الفتاكة في حال السيطرة بالقوة على الحكم وقلب الموازين في الإقليم لصالح نفوذ طهران لكنها أخفقت في تقدير حجم رد الفعل السعودي الذي أوصد بقوته الحديثة كل منافذ الجو والبحر والبر وجعل حلفاءها في اليمن يواجهون مصيرهم.
ينظر إلى تحالف الحوثيين الجديد مع هذه الأحزاب الهامشية بأنه يعكس رد فعل غاضباً على تفاقم حدة الخلاف مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قد ينتهي بفك الارتباط ولو سياسيا بعد سعي وفد من حزب المؤتمر الشعبي العام في القاهرة إلى البحث عن تسوية مع أطراف إقليمية ودولية بعيدا عن جماعة الحوثي، وذلك بعد بروز مؤشرات قوية عقب طرد الحوثيين وحلفائهم من مدينة عدن أن الكفة تميل الآن في أكثر من موقع لصالح المقاومة الشعبية والجيش الوطني المؤيد لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته. لكن لماذا لجأ الحوثيون إلى مثل هذه الخطوة خاصة وأنها حيلة قديمة غير مجدية استند إليها صالح إبان جبروته عندما أسس ما عرف "بالتحالف الوطني" المكون من هذه الأحزاب المجهرية نفسها لمواجهة تكتل معارض من أحزاب قوية ساهمت في الثورة على نظام حكمه ؟ إلى أي مدى ستمكن هذه الخطوة الحوثيين من حشد التأييد لمشروعهم بعد أن فقد بريقه أم ستؤدي إلى مزيد من التفكك والانهيار ؟ كيف سيحافظ الحوثيون على موقعهم في سدة السلطة دون الاستناد إلى نفوذ صالح وقوته العسكرية ؟ ما هي خيارات الرئيس المخلوع إذا ما قرر الحوثيون التخلص منه خاصة وأن في رقبته دماء عدد من إخوان الحوثي وعائلته ؟ كيف سيكون مستقبل اليمن في حال اصطدام سفينتي الحوثي وصالح وغرقهما بمن عليهما ؟
قبل الإجابة عن كل هذه الأسئلة لابد من الإشارة إلى طبيعة الخيارات الإستراتيجية التي يهدد بها الحوثي من حين لآخر والتي حاول الآن من خلال هذا التحالف الجديد مع 16 حزبا إعطاء اللجوء إليها دعما شعبيا وسياسيا، وحسب تصريحات من قيادات حوثية أو شخصيات مقربة منهم فإن هذه الخيارات "الإستراتيجية" ستكون على محورين الأول سياسي والثاني عسكري، أما المحور السياسي فسيتمثل في تشكيل مجلس رئاسي ومجلس عسكري وحكومة تملأ الفراغ الدستوري الذي يكتم أنفاس صنعاء ويعزلها عن العام منذ وضع الرئيس الشرعي وأعضاء حكومته تحت الإقامة الجبرية قبل أن يتمكن من الوصول إلى عدن ثم الرياض.. لكن هذا الخيار سيظل كخيار الإعلان الدستوري الذي لم تعترف به وبالسلطات الناتجة عنه سوى إيران، أما المحور العسكري فهناك سعي حوثي لحشد قوات وصواريخ بالقرب من مضيق باب المندب لشل حركة الملاحة الدولية، لجعل المجتمع الدولي يتحرك سريعا باتجاه البحث عن حل سياسي يستجيب لبعض شروط الحوثيين ومنها بقاؤهم عنصراً مهماً في أي عملية سياسية، لكن وفي حال اللجوء إلى خيار كهذا فإنهم سيكونون كمن يحفر قبره بيده.
جماعة الحوثي تحارب الآن على ثلاث جبهات، جبهة المقاومة الشعبية والجيش الوطني الموالي للرئيس هادي وما تحققه من تقدم يومي في جبهات القتال، وجبهة الرفض الشعبي للمشروع الحوثي وما خلفه من مآس وتبدل قناعات كثير من الضباط والجنود الذين يقاتلون في صفوف ميليشيا الرئيس المخلوع الأمر الذي جعلهم يرفضون الأوامر العسكرية ومنهم قيادات فضلت الهرب وترك مواقعها ومعسكراتها في مأرب وتعز والضالع وحتى صنعاء، أما الجبهة الأخرى وهي الأشد إيلاماً فتتمثل في صرامة قوات التحالف والقرار الدولي 2216 الذي تتمسك به حكومة الرئيس هادي ولا ترى أي حل سياسي إلا عبره ومن خلال المبادرة الخليجية وإعلان مؤتمر الرياض، وهنا يبدو الحوثي والرئيس المخلوع في موقف صعب سواء على صعيد تربص كل منهما بالآخر وانتظار اللحظة المناسبة للفتك والانقضاض أو على صعيد عدم جدوى أي خيار "إستراتيجي" معلن في ظل كثافة عمليات قوات التحالف وانضمام وحدات عسكرية مدربة تدريبا جيداً إلى صفوف الجيش الموالي للشرعية والمقاومة الشعبية حيث تعهدت الأخيرة مراراً بجعل حلم الحوثيين بالعودة إلى معقلهم صعدة بعيد المنال، وهنا يبدو الحل الذي يحفظ ماء وجه الجميع قبل الوصول إلى مرحلة المواجهة وحرب الميليشيات المتناحرة في شوارع صنعاء هو تطبيق القرار 2216 والتخلي عن روح المكابرة والعناد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6540
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6423
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3138
| 23 أكتوبر 2025